اقتراح لمعالجة أحد مزاريب الفساد بصورة مجتزأة: تنظيم الأعمال الاستشاريّة في الإدارات والمؤسسات العامة


2022-11-09    |   

اقتراح لمعالجة أحد مزاريب الفساد بصورة مجتزأة:  تنظيم الأعمال الاستشاريّة في الإدارات والمؤسسات العامة
رسم من العدد 65 من مجلة المفكرة القانونية | لبنان |: القضاء الإداري: من يحمي الدولة ومن يدافع عنها؟

قدّم النائب بلال عبدالله اقتراحا يرمي إلى تنظيم الأعمال الاستشارية في الإدارات والمؤسسات العامة، بتاريخ 19/7/2022 وأحيل إلى لجنتيْ المال والموازنة، والإدارة والعدل. يهدف الاقتراح إلى منع الوزراء من التعاقد مع مستشارين دائمين مهما كانت المبالغ التي يتلقونها وتحت أي مسمى. أما إذا كانت الإدارات أو المؤسسات العامة تحتاج إلى دراسة معينة، فإن الاقتراح يخولها التعاقد مع مؤسسات متخصصة لتقديمها، على أن يتمّ التعاقد معها عبر إدارة المناقصات العمومية حصراً. وقد أسند عبدالله اقتراحه وفق ما جاء في أسبابه الموجبة إلى 4 اعتبارات: (1) أن التعاقد مع المستشارين من قبل الوزراء يتمّ بالفاتورة لتجاوز الاعتمادات المخصصة لهم لهذه الغاية، (2) أن التعاقد يتم مع أشخاص لا يملكون الخبرة الكافية، (3) أن دور المستشارين يقتصر على التدخل في شؤون الإدارة وممارسة الضغط على الموظفين لتمرير قرارات مخالفة للقانون، مما يسيئ للعمل الإداري (4) أن المستشارين المذكورين لا يتحملون أي مسؤولية.  

هذا الاقتراح يستدعي الملاحظات الآتية: 

1.اقتراح يهدف إلى معالجة تسييس الإدارة 

إن الاقتراح يضع الأصبع على إحدى الآليات المستخدمة لتسييس الإدارة العامة وتقويض حياديتها، وهي الآلية التي تتمثل في تعيين مستشارين للوزراء محسوبين على القوى السياسية التي عينتهم، مع تمكينهم من التحكّم في العمل الإداري. فإذا تمّ ذلك، يعمد الاقتراح إلى منع هذه الممارسة بصورة تامة، ليفرض على الإدارات التعاقد بصورة شفافة (من خلال إدارة المناقصات وفق ما جاء فيه) مع مؤسسات متخصصة للحصول على الاستشارات أو الدراسات التي تحتاج إليها. 

2.اقتراح يعالج ضمنا إشكالية تكليف القضاة بمهام استشارية في الإدارات العامة خلافا لمبدأ فصل السلطات

ركز الاقتراح على اللجوء إلى تعيينات لمستشارين في الوزارات تمكينا للقوى السياسية من التحكّم في الإدارة العامة. وفي حين لم يذكر صراحة لا في الأسباب الموجبة ولا في النص المقترح المهام الاستشارية التي دأب القضاة، وبخاصة القضاة الإداريين، على تأديتها، فإن النص ينطبق في عموميته عليهم. وهو من هذه الزاوية يشكل إلغاء ضمنيا للمادة 15 من نظام مجلس شورى الدولة التي تتيح للقضاة تأدية خدمات استشارية في الإدارات العامة مقابل بدل. وتجدر الإشارة هنا إلى أن المفكرة القانونية كانت طالبت مرارا بإلغاء هذه الممارسة التي تشكل بحد ذاتها مسا خطيرا بمبدأ فصل السلطات، فضلا عما تتيحه من ممارسات تمييزية بين القضاة أنفسهم. كما كانت ضمّنت اقتراح القانون حول استقلالية القضاء الإداري وشفافيته التي أعدّته إلغاء لهذه المادة. 

3.اقتراح لا يأخذ بعين الاعتبار نفاذ قانون الشراء العامّ  

بقي أن نشير إلى أن الاقتراح لا يأخذ بعين الاعتبار صدور قانون الشراء العام ونفاذه ابتداء من 29 تموز 2022. وقد بدا ذلك واضحا من خلال إحالته إلى ضرورة إجراء المناقصات أمام إدارة المناقصات التي تمّ إلغاؤها بدمج ملاكها في ملاك هيئة الشراء العام المنشأة بموجب هذا القانون. 

ومن المفيد بمكان في هذا المحلّ التوفيق بين غايات هذا الاقتراح وتنظيم الخدمات الاستشارية لدى الإدارات أو المؤسسات العامة كما ورد في هذا القانون، وبخاصة المواد 45 (شروط استخدام طلب الاقتراحات للخدمات الاستشارية)، و59 (إجراءات طلب الاقتراحات للخدمات الاستشارية)، و47 (شروط الشراء بالفاتورة)، و60 و61 (إجراءات الشراء بالفاتورة).

يمكنكم الاطلاع على نص الاقتراح كاملا عبر الضغط هنا

انشر المقال



متوفر من خلال:

المرصد البرلماني ، لبنان ، مقالات ، دولة القانون والمحاسبة ومكافحة الفساد



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني