اقتراح لتعديل آلية تحويل إيرادات شركات الخليوي: العودة إلى الهدر؟

اقتراح لتعديل آلية تحويل إيرادات شركات الخليوي: العودة إلى الهدر؟

من أهم البنود الواردة على جدول أعمال الجلسة التشريعية المزمع عقدها في 28 تشرين الأول 2021 هو الاقتراح الذي تقدّم به نواب من 4 كتل مختلفة هم: أنور جمعة، عماد واكيم، نقولا صحناوي وحسين الحاج حسن الذي يقضي بإلزام شركتيْ الخليوي بتحويل صافي إيراداتهما شهريًا إلى حساب الخزينة لدى مصرف لبنان. ويأتي هذا الاقتراح لتعديل المادة 36 من قانون الموازنة العامة للعام 2020 التي كانت قد اعتُبرت عند إقرارها على أنّها عمل إصلاحي كبير، حيث أجبرت حينها شركتي الخليوي على تحويل كامل إيراداتهما عند كل يوم اثنين وخميس، مع حسم ما تُنفقه الشركتان على الرواتب فقط. وقد تمّ ذلك بعدما ثبت تراجع كبير في مداخيل الشركتين المحوّلة إلى خزينة الدولة خلال الفترة الممتدة بين 2010 و2018 رغم تزايد مداخيلها الإجمالية. وذلك تبعا لتمكينهما من صرف مبالغ هائلة تحت غطاء “المصاريف التشغيلية” من دون أي رقابة فعلية. وقد سجّلنا تراجع مداخيل شركة (تاتش) المحوّلة إلى خزينة الدولة خلال هذه الفترة من 79% إلى 57% من مجموع إيراداتها بعدما ارتفع مجموع مصاريفها التشغيلية والاستثمارية المقتطعة من قبل الشركة قبل إجراء التحويل من 289 مليون د.أ إلى 661 مليون د.أ سنويا أي ما يزيد عن الضعف. وهي أرقام تنذر بحصول هدر كبير بفعل تحويل النفقات التشغيلية والاستثمارية إلى مزراب للمحاصصة والهدر بخاصة لناحية التوظيف والمشاريع الكبرى.

وإذ من شأن إقرار هذا الاقتراح أن يعيد للشركتين إمكانية حسم مصاريفها التشغيلية، فقد سعى واضعوه إلى الحدّ من التعسف في المجال من خلال اشتراط أن يتم تسديد هذه النفقات بعد موافقة وزير الاتصالات وأن تخضع حسابات الشركتين لرقابة ديوان المحاسبة المؤخرة. وتبدو الضمانة الأولى غير كافية ولا سيما أن الهدر الأكبر في العقد الأخير حصل بإرادة الوزير وأحيانا بالتواطؤ معه ولصالحه. كما أن رقابة ديوان المحاسبة المتأخرة والمتعثرة أساسًا، ستبقى ذات مفعول محدود. ولقد كان من الأجدى وضع نظام عام مرفقا آلية للرقابة المسبقة على النفقات التشغيلية وكيفية عقدها أو صرفها. 

ولا بد أخيرا في هذا المجال من لفت النظر إلى أمرين: 

الأول، أن الشركتين قد أخلّتا بتغطية من وزيري الاتصالات والمالية بالمادة 36 المقترح تعديلها بمعنى أنهما عمدتا إلى حسم مصاريفهما التشغيلية في مخالفة واضحة وصريحة لمضمونها من دون أن يستتبع ذلك أي محاسبة لإدارتهما أو لوزيري الاتصالات والمالية المخالفين بداهة للقانون. بل على العكس، يأتي الموقعون على هذا الاقتراح والذين يمثلون 4 كتلا نيابية ليشرّعوا المخالفة بدل أن يطالبوا بمحاسبة الارتكاب، 

الثاني، أن هذا الاقتراح يأتي بمثابة تدخل في القضاء وذلك بهدف إجهاض المراجعة المقامة أمام مجلس شورى الدولة ضد آلية الدفع المقررة من وزيري المالية والاتصالات بهذا الشأن والمخالفة للمادة 36 والتي دفعت هذا الأخير إلى إصدار قراره الإعدادي بوقف تنفيذ هذه الآلية وهذا ما نقرأه بوضوح كلي في الأسباب الموجبة للاقتراح والتي نصت على “تمّ الطعن بهذه الآلية المذكورة (الصادرة بقرار مشترك بين وزير الاتصالات والمالية) في مجلس شورى الدولة الذي أصدر قرارا إعداديا بوقف العمل بها، الأمر الذي يعرض قطاع الاتصالات برمّته لمخاطر كبيرة”.   

اقتراح القانون

انشر المقال

متوفر من خلال:

المرصد البرلماني ، سياسات عامة ، البرلمان ، أحزاب سياسية ، إقتراح قانون ، لبنان ، دولة القانون والمحاسبة ومكافحة الفساد ، اقتصاد وصناعة وزراعة



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني