إضراب الوكالة الوطنيّة مستمر والموظفون يرفضون مقرّرات الجمعيّة العموميّة


2022-07-15    |   

إضراب الوكالة الوطنيّة مستمر والموظفون يرفضون مقرّرات الجمعيّة العموميّة

انضمّت الوكالة الوطنية للإعلام إلى الإضراب الذي دعت إليه رابطة موظفي القطاع العام في 13 حزيران الماضي، وتوقّف موظفوها عن نشر الأخبار على موقعها الإلكتروني أمس الخميس 14 تموز اعتراضاً على الحال الذي وصلوا إليه مع فقدان قيمة رواتبهم وعدم تقاضيهم بدل النّقل مما جعلهم عاجزين عن الاستمرار، فضلاً عن غياب أبسط المقوّمات المطلوبة في أي مكان عمل، كتوافر الكهرباء والمياه.

ولم ينشر موقع الوكالة لليوم الثاني على التوالي أيّ أخبار (باستثناء خبر واحد صباح أمس وخبر الإضراب) في خطوة غير مسبوقة تعكس حجم انهيار القطاع العام في لبنان، فموظفو هذه الوكالة والذين لم يتوقّفوا يوماً عن العمل في أصعب الظروف بدءاً من الحرب الأهليّة مروراً بالاعتداءات الإسرائليّة على لبنان وصولاً إلى قطع الطرقات خلال انتفاضة 17 تشرين وانفجار الرابع من آب وأزمات المازوت والبنزين، وجدوا أنفسهم غير قادرين على الاستمرار “الأزمة الاقتصادية والماليّة وعدم اكتراث الدولة بنا أشدّ وطأة من كلّ ما مرّ علينا” يقول أحد الموظفين. 

  

الجمعية العمومية تخالف الموظفين: الإضراب تحذيري

ما أن توقّف موظفو الوكالة الوطنيّة عن العمل، حتى تداعت الجمعية العمومية للعاملين في وزارة الإعلام إلى اجتماع عاجل عُقد أمس، أعلنت بعده وخلافاً لرغبة معظم الموظفين أنّ هذا الإضراب هو إضراب تحذيري عن العمل يستمرّ يومين (حتى مساء اليوم الجمعة) إفساحاً في المجال أمام مساعي وزير الإعلام زياد المكاري الذي كان حاضراً في الاجتماع، وخلص الاجتماع إلى إعطاء الوزير حتى مساء الخميس المقبل لتحقيق المطالب وإلّا إعلان الإضراب المفتوح في كلّ إدارات وزارة الإعلام اعتباراً من صباح الجمعة في 22 تموز. فما كان من الموظّفين الذين امتنع معظمهم عن حضور الجمعيّة العموميّة، إلّا أن أعلنوا أنّ لا عودة إلى العمل نهار السبت وأنّ الإضراب إضرابا مفتوحا حتى تحقيق المطالب.

وأصدر موظفو الوكالة الوطنية للإعلام (محرّرون، مندوبون وتقنيون) بياناً جاء فيه أنّه و”لتفادي تكرار سياسة التمييع المعهودة التي طالما أدت إلى عدم انصاف الموظّفين “تقرّر الاستمرار بالإضراب المفتوح الذي سبق وتمّ الاتفاق على تنفيذه بدءاً من صباح أمس، استجابة، ولو متأخرة، لدعوة رابطة موظفي الإدارة العامة”، مؤكّدين أنّ “فكّ الإضراب يرتبط بقرار الرابطة، على أمل أن يستعيد الموظف كرامته في دولة الحرية والكرامة”.

بيان الموظفين جاء رداً على بيان أصدرته الجمعيّة العموميّة وأعلنت فيه الاتفاق على تشكيل لجنة برئاسة مدير “الوكالة الوطنية للإعلام” زياد حرفوش وعضوية مديرة البرامج في “إذاعة لبنان” ريتا نجيم ورئيسة دائرة الأنباء العامة رنا شهاب الدين رئيس دائرة الأنباء الإذاعية خليل حمدان، رئيس دائرة الشؤون المالية فادي عليان، رئيس الفريق التقني في الإذاعة علي جباوي لمتابعة المطالب مع المعنيين.

وفي هذا الإطار قال وزير الإعلام زياد المكاري في تصريح لـ “المفكرة القانونية” إنّه بناء على ما تمّ الاتفاق عليه في اجتماع الجمعيّة العموميّة، سيبدأ العمل مع اللجنة التي تمّ الاتفاق على تشكيلها لإيجاد حلول وتأمين ما يمكن من المطالب المحقّة لموظفي الوكالة الوطنيّة من خلال التواصل مع المعنيين ولا سيّما وزارة الماليّة ورئاسة الحكومة مع التذكير بأنّ الأوضاع التي يمرّ فيها لبنان صعبة جداً وأنّ الحكومة حكومة تصريف أعمال.

وفي حين لفت المكاري إلى أنّ الأوضاع ضاغطة على كلّ موظفي القطاع العام، اعتبر أنّ قرار احتساب رواتب القضاة على أساس 8000 للدولار أثار حفيظة الموظفين الآخرين وحثّهم أكثر على التحرّك.

وكان البيان الذي صدر بعد اجتماع الجمعيّة العموميّة حدّد عدداً من المطالب منها تحويل الراتب على أساس سعر صرف 8000 ليرة أسوة برواتب القضاة، وإعطاء ما يكفي من بدلات نقل تمكّن الموظفين من الوصول إلى العمل، وإعادة السير باقتراح قانون إفادة متعاقدي وزارة الإعلام من شرعة التقاعد الذي عرض أمام الهيئة العامة لمجلس النواب سنة 2015، بعدما أقرّته اللجان النيابية المشتركة حينها، بالإضافة إلى إفادة الإعلاميين في الوزارة من بطاقات هاتفية مجّانية تصدر عن وزارة الاتصالات تسهيلاً لعملهم المتواصل على مدار الأسبوع، كما كان معمولاً به وفق القانون الخاص بامتيازات المحررين هذا بالإضافة إلى إقرار تعديل مرسوم بدل الانتقال عن كل مهمة تغطية لمندوبي الوكالة الوطنية للإعلام والذي أرسله وزير الإعلام إلى وزارة المالية بما يتماشى مع تغيّر سعر الصرف، أو تزويدهم بقسائم محروقات ضرورية لإتمامهم المهام المطلوبة منهم، وإقرار إفادة المتعاقدين مع الوزارة من الدرجات الثلاث التي نص عليها قانون سلسلة الرتب والرواتب سنة 2017 ولم تحرّر حتى اليوم.

الموظفون: إضرابنا مفتوح واللجنة لا تمثّلنا

ولكن كان ملفتاً نشر موقع الوكالة الوطنيّة أمس ورغم الإضراب، خبر اجتماع الجمعيّة العموميّة وما نتج عنها من مقرّرات من دون العودة إلى الموظفين أنفسهم أو حتى نشر بيانهم الذي أصدروه، رافضين فيه اعتبار الإضراب تحذيرياً، “كأنّ هناك من يريد إخفاء صوتنا، أو الضغط علينا” تقول إحدى الموظفات تعليقاً على الأمر، مضيفة “نحن مستمرّون بالإضراب ولن نعود غداً ولكن نحن نعرف أنّ خرقاً ما قد يحصل إذ يكفي وجود موظفين غير ملتزمين بالإضراب لإظهار الوكالة كأنها عادت إلى العمل، ولكنّنا سنرفع الصوت”.

وليس بعيداً يستغرب عدد من الموظفين أن تكون اللجنة التي تمّ الاتفاق على تشكيلها مؤلّفة فقط من من رؤساء دوائر ومديرين، “كان يجب أنّ تضم اللجنة ممثلاً عن الموظفين يكون منهم، لإيصال صوتنا وعدم تمييع مطالبنا” يقول أحد الموظفين، مضيفاً: “تماماً كما وافقوا على إعلان الإضراب تحذيرياً من دون الرجوع إلينا قد يرتضون بالقليل من دون موافقتنا”. 

من جهة أخرى، اعتبر بعض الموظفين أنّ المطالب التي حدّدت غير واضحة منها مثلاً الحديث عن “ما يكفي من بدلات تنقل تمكّن الموظفين من الوصول إلى العمل” متسائلين من يحدّد ما يكفي على سبيل المثال.

نعمل في ظروف لا إنسانيّة

يتحدّث موظفو الوكالة الوطنيّة الذين تواصلت معهم “المفكّرة” عن ظروف غير إنسانيّة، عن عدم توافر المياه في الحمّامات، عن اضطرارهم إلى إشعال ضوء هواتفهم النقّالة لكتابة الخبر، “الكمبيوترات تعمل على اليو بي آس، ولكن لا كهرباء للإنارة، نكتب الأخبار على العتمة” يقول أحد الموظفين، نخاف صعود السلالم ونزولها ليلاً حيث تكون العتمة حالكة” تقول موظفة أخرى فيما يسأل موظف ثالث “هل باستطاعة أي إنسان العمل لسبع ساعات في مكان لا يمكن فيه دخول الحمّام، بسبب عدم توافر مياه الخدمة”.

ويروي موظفو الوكالة الوطنيّة كيف تركوا لأشهر بعد انفجار المرفأ بلا واجهة زجاجيّة، ويقول أحد المحرّرين في الوكالة “في الشتاء كان المطر يصل إلى بعض الموظفين، عدا عن انخفاض درجات الحرارة، في غياب التدفئة. أما  في الصيف فنعمل من دون مكيّفات، هذا فضلاً عن صوت مولّد الكهرباء ورائحة المازوت، وكلّ هذا في وقت لم يكن هناك أيّ شباك نقفله”.

كلّ هذه الأمور لم تدفع موظفي الوكالة إلى الإضراب في السابق، فكانوا يحضرون إلى مكان عملهم تماماً كما أيّام الانتفاضة وإقفال الطرقات، وكما في فترة الإقفال المتعلقة بإجراءات كورونا كما يقول أحد المندوبين مضيفاً في حديث مع “المفكرة” أنّ الأمور وصلت إلى حدّ غير محمول، لم نقبض بدل النّقل منذ أربعة أشهر، كما أنّ المساعدة الاجتماعية التي أُقرّت بمرسوم لا تدفع بأوقاتها، والراتب لا يساوي 3 تنكات بنزين، وإن لم يؤت الإضراب نفعاً أقلّه نكون قد توقّفنا عن العمل بالسخرة”.

ويشير هذا المندوب إلى أنّ هناك خصوصية لموظفي الوكالة فهم لا يستطيعون المجيء يومين أو يوم في الأسبوع لتوفير بدل النّقل كما حال وزارات أخرى،  فلا طبيعة العمل ولا عددهم يسمح بذلك.

وهنا لا بدّ من الإشارة إلى أنّ عدد الموظفين في إدارات وزارة الإعلام يبلغ حوالي 430 موظفاً بينهم ما يقارب 200 موظف في الوكالة الوطنيّة.

صحيح أنّ هذه العوامل كانت السبب المباشر لإعلان الموظفين الإضراب إلّا أنّ لموظفي الوكالة مطالب لا ترتبط بالأزمة الاقتصاديّة بل بالمحاصصة الطائفيّة التي حرمت عدداً كبيراً منهم من المعاش التقاعدي عبر عدم تثبيتهم، ومن ترفيعات يستحقونها.

وفي هذا الإطار يقول أحد الموظفين إنّ “98% من موظفي وزارة الإعلام منهم موظفو الوكالة، موظفون وفق عقد مع مجلس الخدمة المدنية، أي هم بحكم المثبتين وليسوا مثبتين، وهذا يعني عدم وجود معاش تقاعدي وإن كان فقد قيمته حالياً، شكلنا لجان التقت برؤساء حكومات متعاقبين وبكتل نيابية، ولم نصل إلى نتيجة لأسباب سياسية، أغلب الأوقات وعندما كان بند تثبيتنا يوضع على جدول أعمال جلسات مجلس النواب ترفع الجلسة، أو يطلب رئيس الحكومة أو وزير الإعلام سحب هذا البند من جدول الأعمال لإعادة دراسته، والسبب الحقيقي هو غياب التوازن الطائفي في حال تثبيت هؤلاء الموظفين”.

ويشير موظف آخر إلى مطلب أساسي وهو تصحيح الأخطاء التي اعترت قرار الترفيع الذي اتخذ أيّام الوزير غازي العريضي، والذي كان يجب على أساسه ترفيع عدد من الموظفين في الفئة الرابعة إلى الفئة ثالثة بشرط أن يكونوا  من حملة الإجازات ومرّ على عملهم  10 سنوات في إدارات الوزارة ومن أصحاب الكفاءة، إلّا أنّ المحسوبيات السياسية والطائفية حرمت عدداً كبيراً من المستحقين، من الترفيع، ولجأ هؤلاء إلى مجلس شورى الدولة الذي جاء قراره غير منصف أيضاً”، على حد تعبير الموظف.

انشر المقال

متوفر من خلال:

مؤسسات عامة ، مؤسسات إعلامية ، حركات اجتماعية ، لبنان ، مقالات ، حقوق العمال والنقابات



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني