أهالي ضحايا تفجير 4 آب يطيّرون جلسة العار


2021-08-12    |   

أهالي ضحايا تفجير 4 آب يطيّرون جلسة العار
الأهالي خلال الاعتصام

انتصار جديد حقّقه أهالي ضحايا تفجير مرفأ بيروت اليوم الخميس، بعدما تمّ تأجيل الجلسة النيابية التي عقدت في قصر اليونيسكو بسبب عدم اكتمال النصاب، وكان رئيس مجلس النواب نبيه بري قد دعا إلى عقد جلسةٍ استثنائية للبحث في الطلب المقدّم من عدد من النوّاب ضد الوزراء الحالييين أو السابقين الذين أعلن المحقق العدلي نيّته الاستماع إليهم كمدّعى عليهم. وتبعاً لهذا الإعلان، طالب أهالي ضحايا تفجير مرفأ بيروت جميع الكتل النيابية والنوّاب المستقلين بمقاطعة الجلسة وإلّا اعتبروا مشاركين في قتل ضحاياهم.

وقد لبّى العشرات من اللبنايين نداء الأهالي الذين دعوا إلتجمّع عند الساعة التاسعة من صباح اليوم في محاولةٍ لإقفال جميع المنافذ المؤدّية إلى قصر اليونيسكو بهدف منع النوّاب من الوصول للمشاركة في الجلسة. وكان الأهالي تعرّضوا أمس لهجوم شرس من أشخاص بلباس أسود أتوا من ناحية قصر عين التينة بينما كان الأهالي يعتصمون عند العاشرة مساءً في فردان. وقد أمعن هؤلاء فيهم ضرباً مستخدمين العصي والهراوات وأعقاب الأسلحة، ما أسفر عن إصابة وجرح عدد من أهالي الضحايا الذين نقلوا إلى المستشفيات للمعالجة عرف منهم إبراهيم حطيط، محي الدين اللاذقاني، وشقيقي الشهيد محمد علاء الدين الذين أصيبا بكسورٍ في الأنف، بالإضافة إلى إصابة ثلاثة من المصوّرين الصحّافيين بجروحٍ وكسور.

هجوم وحشي على الأهالي

تروي زوجة حطيط التي كانت مشاركة في ليلة التظاهر أنّهم وبينما كانوا في الشارع فوجئوا بعدد من الرجال بلباس أسود ومكشوفي الوجوه آتين من ناحية قصر عين التينة ويحملون العصي والهراوات وبدأوا نعتهم بالكلاب. وقام أحدهم برمي حطيط أرضاً وهمّ برفسه على وجهه، فما كان من زوجته إلّا أن حملت حجراً كبيراً في وجه المعتدي الذي فرّ هارباً. إلّا أنّ الاعتداء على حطيط لم ينته هنا فبينما كانوا يحاولون الخروج من المنطقة المعتمة قطع أحدهم الطريق عليه محاولاً ضربه بكعب السلاح إلّا أن محي الدين اللاذقاني ابن أحد الضحايا حاول حمايته فتلقّى ضربة على رأسه بينما فتك خمسة رجال بحطيط وأبرحوه ضرباً على كافة أنحاء جسده، لينقل بعدها إلى المستشفى التي لم يخرج منها إلاّ في ساعات الصباح الأولى.

“مشهد أربعة آب ارجعنا عشناه مبارح من خوفنا على أخواتنا”، تروي شقيقة محمد علاء الدين التي أصيب شقيقاها في الاعتداء ما عايشته عائلتها ليلة أمس، فقد مشى شقيقها الذي أصيب في رأسه وأنفه ووجهه سيراً على الأقدام إلى مستشفى الجامعة الأميركية. ومن هناك تمّ تحويل جميع المصابين من أهالي الضحايا إلى مستشفى الوردية نظراً لارتفاع كلفة العلاج في الأميركية.

وقد طلب نقيب المحامين من جميع الجرحى الحصول على تقريرٍ من طبيب شرعي عيّنته النقابة للكشف عليهم.

طوق أمني في محيط القصر

اعتداء الليل لم يثن الأهالي عن الحضور إلى اعتصام النهار ولو تأخّروا قليلاً، وساهمت في ذلك أيضاً التدابير التي اتّخذتها القوى الأمنية منذ ساعات الصباح الأولى حيث أقفلت جميع المنافذ المؤدّية إلى محيط قصر اليونيسكو بدءاً من فردان وخط كورنيش المزرعة وبالقرب من وزارة التربية، ما عرقل وصول المعتصمين وأهالي الضحايا.

فعند الثامنة والنصف صباحاً كان قصر اليونيسكو بعيد المنال تطوّقها الفواصل الحديدية والأسلاك الشائكة. لذلك فإنّ قلّة من المتظاهرين تمكّنوا من الوصول إلى تقاطع فردان حيث حاولوا إقفال الطريق أمام السيارات إلّا أنّ القوى الأمنية منعتهم في البداية، ولكن مع تكاثر أعداد المتظاهرين لم يعد بإمكان السيارات المرور وتقدّم المتظاهرون باتّجاه السياج الفاصل مردّدين شعارات تندّد بالوضع المعيشي المتردّي وتطالب برفع الحصانات، “ما منخاف ما منطاطي نوّاب المجلس على صباطي”، “يا للعار يا للعار باعوا البلد بالدولار”. وعند حوالي الساعة العاشرة وصل وفد من أهالي شهداء مرفأ بيروت.

لافتة كتب عليها “تسقط جميع الحصانات”

أهالي الشهداء حضروا رغم اعتداء الليل

تأبّطت والدة الشهيد دجو نون ذراع ابنها ويليام، وهي تحمل صورة ولدها الشهيد باليد الثانية، في حين تغطّي الدموع وجنتيها، هي التي كانت خائفة ممّا حدث للأهالي ليلة أمس اعتبرت أنه على الرغم من الترهيب الذي يتعرّض له الأهالي إلّا أنّم لا يستسلمون. ويليام بدوره رأى أنّ الدولة اللبنانية سوف تبنى على دماء الرابع من آب لا محالة،  وتوجّه عبر “المفكرة القانونية” مخاطباً اللبنانيين قائلاً: لسنا نحن الوحيدين ضحايا الرابع من آب، فجميع اللبنانيين هم ضحايا هذا التفجير بشكل أو بآخر، لذلك ما يحدث اليوم من صعوبة في تحصيل لقمة العيش هو الذلّ بعينه”، داعياً الجميع للانتفاض لكرامتهم بغض النظر عمّا حدث في الرابع من آب. “أنا حاطط خيّي شقف بالتابوت مش رح اقعد بالبيت لو بيشقفوني جماعة برّي أو كلّ الأحزاب، للزعران بقول خلصت إيّامكم، هيدي البلد إلنا بدنا نعيش فيها غصب عنهم”. وكال الشتائم لجميع النواب الذين حضروا الجلسة المنعقدة في قصر اليونيسكو معتبراً أنّهم بفعلتهم هذه يقتلون الشهداء للمرة الثانية، داعياً الشعب اللبناني لمحاسبة النوّاب على أفعالهم. وبرر ويليام عدم حضور حشود كبيرة دعماً لقضيتهم قائلاً ” بفهم تخوّفهم، نحن واقفين بعين التينة والكلّ بيعرف شو يعني عين التينة”.

ومع تقدّم الوقت، بدأ أهالي الضحايا الذين لم يصابوا بأي أذى ليلة أمس بالوصول تباعاً إلى مكان الإعتصام، ريما الزاهد شقيقة الشهيد أمين الزاهد وصفت رحلة الوصول إلى مكان الاعتصام بشبه المستحيلة بسبب إقفال جميع المنافذ “صرلي ساعة عم إبرم بالمنطقة لحتى وصلت، هني بدهم يصوّروا إنّه العالم مش عم تنزل تدعمنا وهيدا كذب”، مؤكدةً أنّ الجميع يحاول الوصول “روحوا شوفوا العالم عالشوارع برّا كيف منتشرين”. ووصفت الهجوم الذي تعرّض له الأهالي بأنّه وصمة عار على جبين رجال السلطة وكلّ من له يد بذلك، “نحن بمزرعة مش بدولة”، واصفةً حضور النوّاب للجلسة بقمّة العار.

والدة الشهيدة غايا فضوليان اعتبرت أنّ ما حدث للأهالي ليلة الاعتداء كان متوقّعاً من قبل خفافيش الليل، واصفةً رجال السلطة برجال الحرب الأهلية الذين لم ولن يشبعوا من الدماء، “استفردوا بالأهلي قبل نص الليل كرمال يفشّلوا اعتصام اليوم بس فشروا رح نضل ننزل لحد آخر روح فينا”.

بقي الأهالي والمتظاهرون صامدين في أماكنهم على الرغم من الشمس الحارقة، إلى حين وصول خبر تطيير الجلسة لعدم اكتمال النصاب وهو ما أعاد إنعاش أرواحهم. واعتبر ويليام نون ما حدث انتصاراً على السلطة واعداً بأن تتكرّر الانتصارات تباعاً طالما الشعب اللبناني سيكون موّحداً.

انشر المقال

متوفر من خلال:

فئات مهمشة ، حريات ، لبنان ، أطراف معنية ، مقالات ، أجهزة أمنية ، حراكات اجتماعية ، البرلمان ، مجزرة المرفأ ، أحزاب سياسية ، حركات اجتماعية ، أنواع القرار ، قرارات قضائية ، تشريعات وقوانين ، عدالة انتقالية



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني