“
ليس سهلا على أي قاض أن يتولى النظر في القضايا الحساسة في بلد تختل فيه الموازين بين سلطات الدولة، ويتجه إلى إضعاف القضاة والتطبيع مع ممارسة التدخل في أعماله. وما نقوله بشأن أي دعوى حساسة، يصح من باب أولى في قضية ملكية أسهم المؤسسة اللبنانية للإرسال LBCI حيث يتواجه شخصان جدّ نافذين أمام القاضية المنفردة الجزائية في بيروت فاطمة جوني، وهما تباعا رئيس حزب القوات اللبنانية السيد سمير جعجع والثاني في الإعلام وهو رئيس مجلس إدارة المؤسسة اللبنانية للإرسال السيد بيار الضاهر. فبمعزل عن قيام أي من الطرفين أو نيته بالقيام بتدخلات (وليس لدينا أي معلومات في هذا الخصوص)، تبقى رهبة الدعوى قائمة في ظل الممارسات التي باتت تطبع العمل القضائي برمته وتترك أثرا عميقا لدى أي قاض، مهما سمت أخلاقياته أو بلغت منعته الداخلية. من هذه الزاوية، تولي المفكرة اهتماما كبيرا لمتابعة قضية LBCI في أدق تفاصيلها، آملة أن تنجح القاضية الناظرة فيها في جعلها نموذجا ناجحا لإثبات استقلالية القضاء وتجرده وكفاءته، مما يمكنه من استعادة مكانته ودوره الأساسي في حسم النزاعات، مهما بلغ نفوذ الفرقاء فيها وصعوبتها. ويسجل هنا أن القاضية جوني كانت سجلت نقطة هامة في ترسيخ دور القضاء في هذا المجال، حين ردّت بقرار معلل طلبا سابقا لجعجع بنقل المحاكمة إلى معراب لدواع أمنية، فشكل مثول طرفيها أمامها في قصر العدل بداية نجاح في هذا المضمار (المحرر).
وقف الرئيس التنفيذي لحزب القوات اللبنانية سمير جعجع في قاعة المحكمة منتظراً بدء المحاكمة في قضية النزاع على ملكية المؤسسة اللبنانية للإرسال ضد الشيخ بيار الضاهر. الرجل محاط بمجموعة من عناصر الأمن الخاص به في قاعة زودت استثنائياً بمراوح كهربائية ومكيفات تبريد نقالة. بدا الرجل الذي تغيب عن حضور جلسة الاستماع السابقة بسبب الأوضاع الأمنية، هادئاً وباسماً، على عكس التعزيزات الأمنية التي ملأت قصر العدل ومحيطه ومن طائرات هليكوبتر تحلق فوقه، كله لأجل ضمانة سلامة مرور الجلسة.
وقد كان الوصول إلى قاعة المحكمة يتطلب المرور بثلاثة معابر تفتيش، المدخل الرئيسي، ومدخل باحة قصر العدل، كما مدخل قاعة المحكمة حيث تجمع زمرة من عناصر الأمن، يفتشون ويطلبون إبقاء الهواتف الخليوية خارج القاعة من كافة الداخلين إليها بتعليمات من رئيسة المحكمة القاضية جوني.
أما التعليمات في القاعة فقرأتها القاضية جوني على الحاضرين لحظة جلوسها على القوس: ممنوع بشكل جدي الخروج من القاعة أثناء انتظار الشاهد كريم بقرادوني في الخارج، تحسباً من تسريب الأسئلة إليه. فبقرادوني لن يمثل أمام المحكمة قبل الانتهاء من الاستماع إلى شهادتي الضاهر وجعجع. لذا انتظر بقرادوني لنحو أربع ساعات خارجاً، وتم خلال هذه المدة تسطير محضر بحق رجل قرر الخروج من القاعة قبل دخول الشاهد، إثباتا لحزم المحكمة في هذا الخصوص.
عند نحو الساعة الحادية عشرة صباحاً، بدأت القاضية جوني الاستماع إلى جعجع الذي حضر من دون بطاقة هوية، فغضت النظر عن ذلك لكونه ذات وجه معروف. ثم استمعت إلى الضاهر ثم بقرادوني. وقد استمرت الجلسة حتى الساعة الخامسة عصراً. ودأبت القاضية طوال الجلسة على التأكد من الإفادة التي يدلي بها الأفرقاء بتجرد، وحثهم على توضيح أجوبتهم بالشكل الدقيق. فكانت كل مرة تسأل عما يريد المستجوب تدوبنه في المحضر، بشكل يعكس توجس المحكمة إزاء تدوين أية معلومة خاطئة.
إذن خلال 6 ساعات استماع بحضور نحو 10 صحافيين ومحامين وقضاة آخرين مهتمين بالجلسة التي طال انتظارها، توقفت القاضية جوني بأسئلتها عند محطات هامة في مرحلة حرب 19775-1990 وما أعقبها. بدءاً من نشأة القوات اللبنانية على يد الرئيس الراحل بشير الجميل، مروراً بإنشاء المؤسسة اللبنانية للإرسال، واندلاع انتفاضات القوات اللبنانية، وتأسيس الحزب، وصولاً إلى حرب التحرير وإتفاق الطائف، ودخول جعجع إلى السجن. ويلحظ أن هذه المحطات هي بعض من أطراف الخيوط الرئيسية التي تستخدمها القاضية جوني لأجل حياكة قناعتها في تحديد حصول واقعة بيع أسهم الـ LBC من عدمه، والتي يتمسك الضاهر بحصولها وينكرها جعجع. وذلك، دون الولوج إلى التفاصيل السياسية فحصرت أسئلتها في الشق التقني.
واللافت أن القاضية جوني وجدت ذاتها في سياق الاستجواب مضطرة على التشديد بشكل غير اعتيادي على أن لا هدف ولا مصلحة لها للنظر في هذا الملف. وإذ ذكرت الفريقين أن (الصلح سيد الأحكام) داعية إياهما إلى إيجاد سبيل إليه، فإنها أكدت في الوقت نفسه حزمها على المضي في هذه القضية حتى خواتيمها من خلال تأكيدها على أن (الحكم بهيك ملف حلو). اتخذت القاضية جوني متسعا من الوقت لتفسر وجهة نظرها من إمكانية حصول صلح في هذه القضية. لفتت إلى أن جعجع ينادي الضاهر بإسم “بيارو”، ما اعتبرته إشارة لعدم وجود أي خلاف شخصي بين الطرفين. ثم تنبهت إلى أن قناة الـ LBCI تغطي إخبارياً كافة نشاطات جعجع، وتستقبله في برامجها السياسية. فتساءلت القاضية جوني عما يقف حاجزاً أمام عقد صلح في هذه القضية. تمنى جعجع على القاضية جوني أن تسمح له بالكلام، فوافقت، فأجابها أن الموضوع ليس خلافاً شخصياً، إنما هو مؤتمن على أملاك حزب القوات اللبنانية، والتي أوضح أنه ما زال يعمل على استردادها، مشيراً إلى أنه ليس منذ وقت طويل استعاد عقاراً كان الجيش اللبناني قد وضع يده عليه.
كان جعجع يصغي بدقة إلى مجريات الجلسة. يجيب على كافة الأسئلة ويعير الاهتمام لأدق التفاصيل. على العكس من ذلك، كان وكيله النائب جورج عدوان، يكثر من اعتراضاته على أقوال الضاهر ووكيله المحامي نعوم فرح. حتى أن القاضية جوني علقت على كلامه ممازحة: “ليتنا نكثر من هذه المواقف الاعتراضية في مجلس النواب”. كما كان لافتاً إصرار عدوان على استخدام كلمة “أٌدخل السجن” بدلاً من دخل السجن تصحيحاً للقاضية جوني عن ظروف دخول جعجع إلى السجن في 1994. كما أنه حيناً آخر راح يستخدم كلمة “اعتقال” بدلاً من السجن. وقد استخدم القاضية هذه العبارة لدى تدوين إفادة جعجع.
يشار أيضا إلى أنه على هامش الاستجواب، سجل جعجع كلاما لطيفا في اتجاه القاضية. ففيما صرحت القاضية جوني عند بدء الاستجواب عن مرحلة الحرب، بأنها كانت صغيرة وليست بشاهدة عليها، رد عليها جعجع “وما زلت تبدين صغيرة يا ريسة”.
رواية جعجع: إنها أموال الصندوق الوطني
بعدما قرأت القاضية جوني على جعجع إفادته الاستنطاقية، وأشارت إلى أن هذه الإفادة مطعون فيها من قبل الجهة المدعى عليها. راح جعجع يجيب على أسئلة القاضية تباعاً.
في هذا السياق، أدلى جعجع بأن القوات اللبنانية بعد العام 1985 كانت قد أصبحت حزبا منفصلا عن الكتائب اللبنانية، لكن لم يجر العمل على تسجيل علم وخبر إلا بعد انتهاء الحرب اللبنانية. وذلك بسبب ظروف الحرب التي ساهمت بأن تفرض القوات اللبنانية نفسها بحكم الأمر الواقع، وفقاُ لإفادته. وأضاف، في حينه، كانت القوات اللبنانية تمول نفسها من إيرادات الصندوق الوطني، الذي كان الممول الرئيسي لتلفزيون الـ LBC. أما إيرادات الصندوق، فكانت تُرصد من الجباية، ومن موارد خاصة، ومن موارد مؤسسات وشركات يملكها الحزب، التي كانت مسجلة بأسماء مستعارة، حيث كانت لديه حصص في لوازم البحر، وحصص في شركات النقل وغيره.
وأشار جعجع إلى أن التلفزيون كان على علاقة عضوية بالصندوق الوطني، وأن كافة أموره المالية كانت تخضع لإشرافه. وأشار إلى أنه خلال فترة وجوده في السجن كان يعتبر أن التلفزيون في أيدي أمينة. وأكد أنه كان يعتبر أن كافة المؤسسات والممتلكات التي سُجلت تحت أسماء مستعارة هي ملك للقوات اللبنانية. عندها طلبت القاضية أن يوضح لها إن كان انعدام الأمل من الخروج من السجن، قد يدفعه إلى بيع ممتلكات الحزب؟ ولمحت إلى الوجود السوري آنذاك واستطردت مسجلة موقفاً أمامه قائلة: “كنا جميعنا نحلم بخروج الجيش السوري ويستقل البلد”. أجاب جعجع أنه عند دخوله السجن وحل حزب القوات اللبنانية، لم يكن لديه فكرة عن المدة التي ستستغرقها فترة سجنه، واصفاً الأمر بأنه كان يعتقد أنها ستكون مجرد “شمطة دينه” أي أنه سجنه لن يدوم طويلاً. لذلك، لم يفكر جعجع إطلاقاً في بيع مؤسسات القوات اللبنانية، والتي من أهمها التلفزيون. واعتبر أن لا هو ولا الضاهر يملكان الـ LBC وأنها من الأملاك المقدسة لحزب القوات، إذ أن أي حزب يطمح بأن يكون له مؤسسة إعلامية، بحسب تعبيره.
واعتبر جعجع أن كل عنصر من القوات اللبنانية ساهم في إنشاء التلفزيون، وهي ما زالت تعني الكثير بالنسبة للمنتسبين إليه. حتى أنه في كل اجتماع يجمع المحازبين، يتم سؤاله أين أصبحت قضية LBC.
رداً على أسئلة القاضية جوني حول فرضية حدوث عملية بيع، أشار جعجع إلى أنه يعتبر أنه لا يوجد عقد بيع، وأن عملية التفرغ التي حصلت بين بيار الضاهر والمحامي سامي توما هي من “المعاملات الداخلية”. ورأى أنه لم يطلع على تلك العملية بحكم أنه يعتبر أن الضاهر يقوم بالترتيبات اللازمة للحفاظ على LBC. وأضاف “ما أعرفه ومتأكد منه أن LBC ملك للقوات اللبنانية”. كما أن كل الأمور المالية كانت تحكمها العلاقة بين الضاهر والصندوق الوطني للقوات الذي يشرف على مالية التلفزيون. وبمعزل عما أدلى به شهود أمام قاضي التحقيق بحصول عملية بيع وشراء بين الضاهر وجعجع قبل دخول الأخير إلى السجن، قال جعجع “لا صحة لذلك إطلاقاً”.
وأدلى أنه لدى خروجه من السجن، التقى الضاهر مرات عديدة وأن الأخير لم يُشر لا من قريب أو من بعيد أنه يملك LBC. وقد بدأت الشكوك لديه عندما شعر بأن الضاهر يتهرب من الحديث عن مسألة التلفزيون. لذا، وكّل جعجع حينها المحامي النائب جورج عدوان لأجل التفاوض مع الضاهر لاستعادة التلفزيون، فتم إرسال عدة إنذارات تطالبه باستعادته.
ورداُ على كلام الضاهر الذي شدد على أن القوات اللبنانية مرت بمرحلة انهيار مالي بين عامي 1992 و1993 ما استدعى منها أن تبيع الأسلحة وبعض المؤسسات، نكر جعجع وأدلى بأن حزب القوات اللبنانية مر بمرحلة ازدهار مالي في تلك الفترة. وشرح بأنه بعد انتهاء الحرب انخفضت نفقات القوات إلى نحو 3%، وبقيت تعتمد على الموارد التي تحصلها من الشركات التي يملكها بما في ذلك الـ LBC، وشرح بأنه باع السلاح للخارج، كما عقد صفقة بيع سلاح مع الجيش اللبناني بالاتفاق مع الرئيس الشهيد رفيق الحريري وحقق الحزب مبالغ ضخمة بلغت عشرات الملايين.
وكان السؤال نفسه قد وجهته القاضية جوني لاحقاً إلى الشاهد بقرادوني الذي أجاب على خلاف ذلك، بأن القوات مرت بظروف عجز مالي.
رواية الضاهر: أنشئت LBCI بطلب من جعجع
في استجواب الضاهر، أشار إلى لم يكن منتسباً لحزب القوات اللبنانية، وأنه استلم إدارة التلفزيون عام 1985 وكان يتقاضى راتب 1500 دولار اميركي. ولاحقاً نشأت بينه وبين جعجع خلافات على تحديد الهوية السياسية للتلفزيون. ففيما أراده جعجع تلفزيونا حزبيا محليا، رفض الضاهر الأمر معتبراً أنه يريده تلفزيوناً وطنياً. فترك التلفزيون وقرر أن يفتتح عمله الخاص في دولة الإمارات العربية المتحدة. لكن في العام 89 ومع استقالة رئيس مجلس إدارة التلفزيون ابراهيم اليازجي عند بداية حرب التحرير، أعاد جعجع الطلب منه أن يعود ليستلم الإدارة، فوافق الضاهر علماً أنه لم يتوقع تأزم الأوضاع في لبنان التي استمرت لعام ونصف فعمد إلى تجميد المشروع الذي ينوي أن يقيمه في الإمارات. أضاف الضاهر: “لاحقاً، انخفضت مداخيل التلفزيون، بعد إبرام اتفاق الطائف، وبسبب تضييق السلطة على القوات. وإذ كان جعجع يعطي موضوع تأمين رخصة للتلفزيون أولوية، تم التواصل مع وزارة الإعلام ومع الرئيس الأسبق الياس الهراوي الذي أشار إلى الاستحصال على رخصة مشروطة، أي من دون وجود حزبي في التلفزيون. فأشار إليه جعجع بأن يؤسس شركة جديدة أي LBCI والقيام بالترتيبات التي يريدها لشراء الموجودات، شرط تسديد ثمنها للصندوق الوطني. كان الضاهر يُشكل مالكاً صورياً لتلفزيون الـ LBC. وعند شرائه لموجوداته، قام بتسليم أوراق الضد إلى القوات اللبنانية، بحسب إفادته. وأضاف، أخذت التلفزيون من القوات بعدما واجهت تضييقاً عليها من السلطة، وعلى أثر تراجع الوضع المالي للحزب. وأفاد الضاهر بأنه لم يحصل أي عقد بيع خطي بينه وبين جعجع لإنتفاء صفة جعجع عن ذلك. وعليه قام الضاهر بتسديد مبلغ خمسة ملايين دولار أميركي على دفعات إلى الصندوق الوطني للقوات، واستحصل على المبالغ من عدة موارد كأمواله الخاصة وواردات التلفزيون كما تلقى مساعدات من أنطون شويري. وأكد الضاهر أنه يمتلك المستندات التي تثبت عملية الدفع. من ضمن التسديدات أيضاً دفع مبلغ 900 الف دولار أميركي لقاء العقار الذي تتواجد عليه حاليا LBC في أدما. وهذا العقار اشتراه الضاهر من رئيس الصندوق الوطني جورج أنطون بعد مداهمة مبنى التلفزين القديم من قبل الجيش اللبناني. وقد قام بعد انتقاله إليه بإبرام عقد بيع وشراء مع أنطون. لذا، أشار الضاهر أنه سلم المستندات التي تثبت حصول البيع إلى جعجع بعد خروجه من السجن.
تكمن الوقائع التي يتمسك بها جعجع في إطار التمسك بملكية القوات للتلفزيون عبر سرد أحداث حصلت بهدف تثبيت دور القوات اللبنانية في إدارة التلفزيون. ومن هذه الأحداث التي تناولتها القاضية جوني، اجتماع حصل بين وجعجع والرئيس الشهيد رفيق الحريري في منزل الأخير لأجل مناقشة اقتراح إنشاء محطة بث فضائية مشتركة. يقول الضاهر أن الحريري اجتمع بجعجع بهدف الوساطة مع الضاهر، أما جعجع فيقول أنه اجتمع معه بصفته رئيس حزب القوات التي تملك التلفزيون. أيضاً، لفتت القاضية جوني إلى اتفاقية حصلت في العام 1994 مع رجل أعمال كويتي لأجل بيع مكتبة الأفلام التابعة للتلفزيون، وصار ذلك بحضور جورج أنطون المنتسب لحزب القوات اللبنانية، وفي معرض سؤالها عن تبرير وجود أنطون خلال الاتفاق، أجاب بأن وجود أنطون كان فقط بحكم الوساطة، إذ أنه على علاقة مقربة من شخص يعمل ك “سمسار” كما وصفه، والأخير طلب من أنطون أن يجمعه بالضاهر لتعريفه على الرجل الكويتي.
شهادة بقرادوني: الكتائب نالت حصتها أيضا
الشاهد كريم بقرادوني، الذي ابتعد عن القوات اللبنانية في أواخر الثمانينات، أدلى بأن في تلك الفترة كانت جميع أموال القوات توضع بأسماء مستعارة. وعن سبب عدم نقل الملكية في أوائل التسعينات بعد الحرب إلى إسم القوات، لفت إلى أن وزير الإعلام آنذاك أليبر منصور كان يحضر لمشروع قانون المرئي والمسموع، وقد علمنا أنه سيتم وضع شروط تمنع امتلاك الأحزاب للمؤسسات الإعلامية. من جهة أخرى، استبعد بقرادوني أن يتم تأسيس شركة LBCI وبنقل موجودات الـ LBC إليها، دون علم جعجع. وأدلى بأنه تردد مرات عديدة على زيارة جعجع في السجن، ولم يحصل أن صرح له الأخير بأي عملية بيع حصلت. وأضاف، أنه لم يعد يعلم طبيعة العلاقة بين جعجع والضاهر بعد التسعينيات، وإن ما يدلي به يستمده من المعلومات التي تداولت حينها وبعض استنتاجاته.
استطردت القاضية جوني بسؤال أعطته أهمية كبرى، يتعلق بإدعاء الكتائب على الضاهر في قضية ملكية التلفزيون في العام 1995. أجاب بقرادوني بأنه في ذلك الحين، وردت معلومات تفيد بأن الضاهر سدد مبالغ مالية للقوات مقابل التلفزيون، فاجتمع المكتب السياسي للكتائب واتفقوا على المطالبة بحصة للكتائب من التلفزيون، لأن الحزب هو المؤسس الأول له على يد الرئيس أمين الجميل. عندها خسر الضاهر الدعوى ودفع إلى الكتائب مبلغ 500 ألف دولار أميركي. وأكد الضاهر على هذا الكلام.
من جهته، عرض وكيل جعجع النائب عدوان على بقرادوني كتاباً موقعاً باسم هذا الأخير كان قد أرسله في تاريخ 12 تموز 1995 إلى الضاهر يوجه إليه عتاباً على ادعائه أمام المجلس العدلي بامتلاكه الـ LBC، إذ جاء فيه “…أذكرك أن LBC ليست ملكاً لأفراد ولم تؤسس بمشروع تجاري، بل بمشروع سياسي”. سأل عدوان بقرادوني عما إذا ما كان يؤمن بالقضية التي أُنشئت لأجلها LBC، فرد بالإيجاب.
سجل الضاهر اعتراضاً وأشار إلى أن كتاب بقرادوني ذاك انطوى على عبارات وجهها الأخير إلى الضاهر ترمي إلى الكلام عن الكتائب اللبنانية وليس القوات.
حددت القاضية جوني نهار 8 تشرين الأول للترافع، وطلبت من الجهة المدعية إبراز العقد التأسيسي لحزب القوات، فيما طلب وكيل الضاهر المحامي نعوم فرح إعادة الاستماع إلى الشاهدين جورج أنطون وحبيب حاتم، فضمت القاضية الطلب إلى أساس الدعوى، وأمهلته للتعليق.
“