نقابة المعلمين تلوح بالاضراب في الأردن


2014-08-04    |   

نقابة المعلمين تلوح بالاضراب في الأردن

بتاريخ 31-7-2014، عادت من جديد سياسة التلويح بالاضراب من قبل نقابة المعلمين لحين الاستجابة الى مطالبهم، حسبما جاء في الحديث الصحفي لنائب نقيب المعلمين غالب المشاقبة [1]. وهذا الإعلان انما ينبئ بمواجهة حامية بين ممثلي الهيئة التعليمية ووزير التربية والتعليم محمد الذنيبات المعروف بصلابته، والذي ما زال يجني ثمار نجاحه في ضبط امتحان الثانوية العامة، واعادة الهيبة للامتحان بفعل تشديده لاجراءات المراقبة وتغليظ العقوبات على الطلبة الذين تم ضبطهم متلبسين بالغش[2].

مطالب المعلمين المعيشية والوظيفية

منذ تأسيس النقابة قبل اكثر من عامين – والتي جاءت بفعل الحراك العظيم للمعلمين في الميدان- وهي تحاول أن تجمع وترصد وتحلل وتوازن وتطالب بالعديد من الملفات الحقوقية للمعلمين. إلا أنها في الآونة الأخيرة، وجدت أن الحكومات المتعاقبة ما زالت مصرة على نفس النهج الإقصائي والتهميشي لدور النقابة وحقوق المعلمين. وعليه، قدمت نقابة المعلمين نبذة مبسطة عن أخطر الملفات التي تطالب النقابة بحلولها الجذرية لا السطحية، وبمعالجة أصل الأمراض لا شكل الأعراض، أملا بأن تصل الى رؤية موحدة في آليات استرداد الحقوق بما يكفل حماية الوطن من أيدي الفاسدين. وأبرز هذه الملفات كما تم طرحها في اجتماع اللجنة المركزية لنقابة المعلمين بتاريخ 11 / 5 / 2014 هي[3]: –
 
اولا: نظام الخدمة المدنية:

فقد شكل اصدار نظام الخدمة المدنية الاخير رقم 82 لسنة 2013 والذي بدأ العمل به مطلع عام 2014 صدمة لقطاع المعلمين والذي يشكل ما نسبته 54% من الموظفين العموميين الخاضعين لهذا النظام. وقد طالبت نقابة المعلمين بتعديل ما يقارب 15 مادة من مواد هذا النظام منها ما يتعلق بعلاوات المعلمين او اجازاتهم او تعبيرهم عن رأيهم او الترفيع او احالتهم على الاستيداع او التقاعد .. الخ.
 
ثانيا: ملف أمن وحماية المعلم:

والمقصود هنا الأمن في الوظيفة، الذي تبنته نقابة المعلمين الأردنيين – ومنذ تأسيسها – ضمن برنامج محدد واضح بني على ضرورة تعديل التشريعات والاجراءات بما يحفظ هيبة المعلم والتعليم. ومن هنا، كان تواصل النقابة مع كل الجهات المعنية التشريعية والتنفيذية والقضائية لتحقيق أمن وحماية المعلم. وقد استند هذا البرنامج على المرتكزات التالية:
 
o       تغليظ عقوبة الاعتداء على المعلمين ، و ذلك باستحداث تشريعات خاصة.
o       منع توقيف المعلم – في القضايا التربوية – إلا بقرار قضائي قطعي.
o       مراعاة خصوصية المهنة عند الجلب والإحضار والتوقيف.
o       تفعيل وتحديث التشريعات الخاصة بالاعتداء على الموظف الحكومي.
o       التشدد في إصدار التقارير الطبية والتي تستخدم كأداة كيدية في حق المعلم المعتدى عليه.
o       الابتعاد عن الاعتقالات المبنية على الرؤى السياسية وحرية التعبير المكفولة بالدستور.
 
ثالثا: التأمين الصحي الحكومي:

  يعاني الموظفون عامة والمعلمون خاصة من ضعف الخدمات الصحية المقدمة من خلال التأمين الصحي الحكومي بجوانبها المتعددة (الاختصاصات، الأدوية، المواعيد وغيرها). وبالرغم من إلزامية هذا التأمين لجميع العاملين في القطاع الحكومي وذويهم، الا ان شريحة كبيرة منهم لم تستفد منه لضعف الخدمة. وقد اندفع العديد منهم تاليا للبحث عن مظلات تأمين اخرى .. لذا فإن نقابة المعلمين الأردنيين تطالب ما يلي :
o       الغاء ازدواجية الاقتطاع،
o       تجويد الخدمات الصحية وتوفير الأدوية في كافة المستشفيات والمراكز،
o       اعتماد الاجازات المرضية من كافة المستشفيات والمراكز الطبية التابعة للجامعات أو التابعة للخدمات الطبية الملكية وغيرها.
 
رابعا: – صندوق ضمان التربية:

وهو من أهم الملفات التي فتحتها نقابة المعلمين الأردنيين، إذ أنه يقتات على رواتب المعلمين بمقدار 6% من اجمالي الراتب ، علما بأنه تأسس في 16/9/1978 دون جدوى حقيقية تذكر. وبعد تشكيل لجان مختصة لتدقيق اعمال هذا الصندوق، فإن نقابة المعلمين الأردنيين تطالب بـ:

o       تحويل ملف صندوق ضمان التربية إلى هيئة مكافحة الفساد، للكشف عن طبيعة الفساد المالي و الإداري الذي مورس طيلة الفترة السابقة.
o       التحقيق في إتلاف جميع الوثائق الخاصة بالصندوق، والتي كانت ستبين حجم الفساد في هذا الصندوق.
o       تعديل نظام صندوق ضمان التربية بما يضمن وصول إدارة كفؤة مختارة من هيئته العامة.
o       أن يصبح الاشتراك بهذا الصندوق اختياريا، لكي يعطي الحرية الكافية للمعلمين باختيار المظلة الأنسب لهم اجتماعيا وماليا، والأكثر بعدا عن أيدي الفساد والمفسدين.
 
خامسا: علاقة النقابة بالوزارة:

ترى نقابة المعلمين أن علاقتها بوزارة التربية والتعليم اصبحت فاترة بسبب التسويف والمماطلة في قضايا المعلمين، وأن النقابة حاولت ايصال مطالبها بكافة الطرق الا أنها لم تجد الا آذانا صماء من الوزارة بشكل خاص ومن الحكومة بشكل عام.
 
شرعية الاضراب وموقف الحكومة من الموظفين المضربين:

وفقا لاحكام نظام الخدمة المدنية الاردني الحالي رقم (82) لسنة 2013 فإنه يحظر على الموظف العام الاضراب تحت طائلة المسؤلية التأديبية[4]. وعليه، يشكل الاضراب مخالفة تأديبية تستوجب ايقاع عقوبة تأديبية بحق من يلجأ للاضراب من الموظفين العموميين، الا انه في ضوء تجارب سابقة لم تلجأ جهات الادارة العامة الى معاقبة الموظفين المضربين سواء في وزارة التربية والتعليم أو غيرها من الوزارات، وذلك خشية التصعيد من قبل الموظفين او المعلمين وبالتالي تفاقم الازمة وخروجها عن السيطرة. لذلك تعمد الجهات الرسمية عادة الى محاولة شق صف المعلمين المضربين لافشال مسعاهم بالاضراب؛ فإن لم تنج في ذلك لجأت الى المفاوضات مع المعلمين المضربين والوعد بالاستجابة لمطالبهم. وهذا ما حصل عندما اضرب المعلمون عن العمل لعدة ايام وربما اسابيع قبل عامين تقريبا. وقد دفع ذلك الجهات الرسمية في نهاية المطاف الى الاستجابة لمطالبهم بإنشاء نقابة للمعلمين .
 
 
محاولات بائسة للسلطة التشريعية للدخول على خط المفاوضات مع النقابة

التقى رئيس مجلس الاعيان السيد عبد الرؤوف الروابدة باعضاء مجلس نقابة المعلمين بتاريخ 29-1-2014 على اثر احتجاجات المعلمين على نظام الخدمة المدنية الصادر حديثا آنذاك. الا ان هذا اللقاء الذي عقد في مقر مجلس الاعيان لم يسفر عن شيء يذكر. لا بل وتر العلاقة مع نقابة المعلمين واعطى انطباعا سلبيا عن موقف مجلس الاعيان من مطالب المعلمين. وعلى اثر هذا اللقاء، شن أعضاء مجلس نقابة المعلمين هجوما لاذعا على رئيس مجلس الأعيان، ووصف عضو مجلس نقابة المعلمين باسل الحروب، اللقاء بأنه (كان سلطة وتعبير عن مرض نفسي .. كان لقاء غريبا ولا اغرب منه)،واضافأن اللقاء كان للحديث عن "وثيقة امن وحماية المعلم – التعليم الاضافي – تعديلات الخدمة المدنية – تعديلات قانون وزارة التربية". واشار الحروب الى أن الروابدة قاطع أعضاء مجلس النقابة خلال حديثهم غير مرة، وكان يتطرق الى مواضيع مختلفة عدا عن مطالبته أعضاء المجلس بالدخول في القضايا بسرعة.وبحسب اعضاء مجلس النقابة،كان الروابدة يردد خلال اللقاء (انا صريحي[5] والصريحي بتعرفوا). واقحمنا بالحديث عن الاضرابات وترك الحديث عن حق المعلم.وأشاروا الى أن الروابدة أكد خلال اللقاء أنه لم يطّلع على تعديلات نظام الخدمة المدنية الذي يمس كافة موظفي القطاع العام. وهو ما أصاب أعضاء مجلس النقابة بالدهشة. ونقل الحروب عن الروابدة قوله (انتم عندي واستقبلتكم يجب ان تحترموا مجلسي انتم تتحدثون مع عبدالرؤوف الروابدة. اللي ما بيعرفني رح يعرفني).[6]

وفي لقاء تم عقده نهاية العام الماضي مع رئيس مجلس النواب السيد عاطف الطراونة، تسلم الطراونة مطالب النقابة والتي أشرنا الى غابلها أعلاه. كما طالب المجلس إطلاعه على أي تعديلات تتعلق بالقوانين والتشريعات الناظمة للتربية والتعليم.وقد وعد رئيس مجلس النواب بمتابعة تنفيذ هذه المطالب [7]. الا أن هذه المطالب لم تجد طريقها للتنفيذ على ارض الواقع لغاية تاريخه وربما هذا ما دفع نقابة المعلمين الى التهديد بالاضراب مع بداية العام الدراسي. وبانتظار ذلك الموعد قد تتجدد الوساطات والمفاوضات لثني نقابة المعلمين عن قرارها بخصوص الاضراب. ولكن المسألة ليست بهذه البساطة: فالاستجابة لمطالب المعلمين رغم كلفتها المالية الباهضة، قد تفتح شهية قطاعات اخرى من موظفي القطاع العام للتلويح بالاضراب للحصول على مكتسبات وظيفية اسوة بالمعلمين. وهذا ما يصعب مهمة الحكومة في التعامل مع هذا الملف الملتهب الذي لا تجدي معه صلابة الوزير وحدته شيئا، بل قد يؤدي التعنت من قبل الحكومة الى تفاقم الامور وخروجها عن السيطرة.
 



[1]– المعلمون يهددون بالاضراب ، http://www.maqar./?id=62107com&&headline   31-7-2014.
[3]-الهيئة المركزية للنقابة تقر مطالب المعلمين ، و الإضراب مطلع السنة الدراسية القادمةhttp://www.almadenahnews.com/mobile/article/293805-، 11 / 5 / 214 .
[4]– نصت المادة ( 68 / ج ) من نظام الخدمة المدنية رقم 82 لسنة 2013 على مايلي " يحظر على الموظف وتحت طائلة المسؤولية التأديبية الإقدام على أي من الأعمال التالية:-ج-استغلال وظيفته لخدمة أغراض أو أهداف أو مصالح حزبية أو القيام أو الاشتراك في أي مظاهرة أو إضراب أو اعتصام أو التحريض عليها أو أي عمل يمس بأمن الدولة ومصالحها، أو يضر أو يعطل مصالح المواطنين والمجتمع والدولة ".
 
[5]نسبة الى بلدة صريح في الأردن.
انشر المقال

متوفر من خلال:

مقالات ، الأردن



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني