نشرت وزارة الإقتصاد على موقعها الإلكتروني مسودة مشروع قانون المنافسة داعيةً الرأي العام والهيئات المختصة إرسال ملاحظاتها عليه. وهذه المسودة هي نسخة منقحة عن مشروع سابق كان أعده وزير الإقتصاد السابق منصور بطيش. وتعود أول الطروحات الجدّية لإقرار قانون ينظم المنافسة في لبنان إلى منتصف التسعينيات في إثر حثّ الإتحاد الأوروبي للسلطات اللبنانية آنذاك على وضع إطار تشريعي في هذا المجال، كشرط لتوقيع اتفاقات الشراكة الأورو-متوسطية. وفيما تم توقيع اتفاق الشراكة الأورو-متوسطية في عام 2001، ما تزال الدولة اللبنانية متقاعسة عن وضع تشريع يحمي المنافسة، بفعل قوّة المصالح المناهضة له.
في عام 2007، أحالت حكومة فؤاد السنيورة مشروع قانون المنافسة إلى البرلمان في ظل الإنقسام السياسي الحادّ ورفض مشروعية هذه الحكومة. وقد عاد النائب علي بزي وقدّم اقتراح قانون بهذا الشأن عام 2007 تجاوزا لهذا الإشكال.
وإذ قبع الإقتراح في أدراج المجلس النيابي منذ ذلك الحين، عاد وزير الإقتصاد السابق منصور بطيش ليحركه بدءاً من أيار 2019. وقد عمد إلى وضع مسودة قانون جديدة على ضوء مساعدة تقنية وخبرات UNCTAD والبنك الدولي والاتحاد الأوروبي. وقد اعتمدت المسودة بشكل كبير على التشريع الفرنسي في هذا المجال. وإذ أرسل الوزير بطيش مسودة المشروع إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء. عاد وزير الإقتصاد الحالي رؤول نعمه ليستردها. وبعد وضع بعض التعديلات عليها، نشرت المسودة الجديدة لمشروع قانون المنافسة على موقع الوزارة الإلكتروني مع دعوة الرأي العام والهيئات المختصة إلى إرسال ملاحظاتها عليه.
وسارعت “الهيئات الإقتصادية” (كما تسمي نفسها) إلى رفض مسودة مشروع القانون على أساس أنه “يتضمّن بنوداً تتناقض مع مبادئ الاقتصاد الحرّ” وهي الحجة الشعبوية التي لا طالما استخدمتها ولا تزال مجموعات المصالح المستفيدة من المنظومة الإقتصادية والتي ترى في أي تدخل للدولة كناظم للمصالح ضرباً للإقتصاد الحرّ، مع العلم أن رأس الاقتصاد الحرّ وهي الولايات المتحدة الأميركية أقرّت أول تشريع يحمي المنافسة في عام 1890 كإحدى الركائز الأساسية لهذا الاقتصاد.
من جهتها، عمدت “المفكّرة” إلى تدوين ملاحظاتها على المشروع، من باب حرصها على الدفاع عن مصالح المجتمع والاقتصاد بوجه مجموعات المصالح، وهي الملاحظات التي ننشرها مرفقة هنا.
ومن أهم الملاحظات أن من شأن التعديلات التي وضعها الوزير رؤول نعمه على النسخة الأساسية أن تناقض التوجه لتقليص الإمتياز القانوني المعطى لأصحاب الوكالات الحصرية. كما تشير الملاحظات إلى عدم استقلالية هيئة المنافسة التي وضعت تحت إشراف الوزير وغياب العقوبات الرادعة للممارسات المخلة بالمنافسة.
يبقى أن نضيف أن هذه الملاحظات أعدّتها كل من د. ميريم مهنا (محامية ومحاضرة في القانون المدني في كلية الحقوق في الجامعة اليسوعية، وباحثة من فريق المفكرة) ود. ألين طانليان فاضل (محامية ومحاضرة في القانون التجاري في كلية الحقوق في الجامعة اليسوعية)، وأن “المفكّرة” في صدد الإعداد لعدد حول الإحتكارات ومجموعات المصالح في لبنان وتأثيرها على النظام الإقتصادي والسياسي منذ تأسيس لبنان الكبير (المحرر).
This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.
Strictly Necessary Cookies
Strictly Necessary Cookie should be enabled at all times so that we can save your preferences for cookie settings.
If you disable this cookie, we will not be able to save your preferences. This means that every time you visit this website you will need to enable or disable cookies again.