“
أثار ضرب أحد عناصر الجيش اللبناني لسيدة من بين المتظاهرين في مدينة صيدا سخط الناس واستنكارهم. ففي قلب الكرّ والفرّ بين ناشطي وناشطات المدينة حاول الجيش اللبناني بالعصي والضرب منع ثوار وثائرات صيدا من إقفال الطريق واستعادة ساحة أيليا كمركز للإعتصام. وعلى إثر التقاط ألمصور راتب الصفدي صورة شاب هو ابن السيدة المضروبة يبكي من أجلها حتى أثار الموضوع ضجة على وسائل التواصل الإجتماعي خصوصا بعدما نشرت إحدى قريبات الشاب المتألم لما أصاب والدته القصة الحزينة لهذه العائلة. وكتبت الناشطة على صفحتها الخاصة تقول:
“…عفيف خسر والده بال2018 بسبب خطأ طبي..وطبعا الحكيم لهلق ما تحاسب ولا المستشفى لأننا عايشين ببلد فاسد..وما في قيمة للإنسان!
واليوم بعد سنتين تقريبا والدته مريضة سرطان..
الشاب من أول الثورة بالشارع وبينده بالشعارات كرمال يطالب بحقه كمواطن وحق والده اللي مات شاباً وكرمال ما يضطر يعيش مذلول على أبواب السياسيين والعالم ليحكم والدته..
كتير عيب اللي صار.. ومزبوط الظالم كبير بس الله أكبر!“.
على خط مواز، ما زال كثر من ناشطي وناشطات منطقة صيدا وجوارها متمسكون بالثورة وبـساحة “إيليا” كمركز اعتصام. لا ينفك هؤلاء عن محاولة استرجاعها يومياً.يعودون مع انتصاف الليل إلى بيوتهم “محبطين”، ربما، لكن في جعبتهم الكثير من الخطط أيضاً لاعتصام اليوم اللاحق.
محاولة استرجاع “ساحة إيليا”
أمس وبعد ظهر الجمعة الأول من تشرين الثاني 2019، عاد المتظاهرون إلى “ساحة إيليا”، بعد مسيرةٍ جالت في المدينة إثر الإنتهاء من “صلاة الجمعة”. حاولوا إقفال الطريق أمام السيارات بأجسادهم من أجل استرجاع الساحة، فتصدّى عناصر الجيش لمحاولتهم بالعصي والضّرب، ما أدى إلى وقوع حوالي 6 إصابات.
ودامت التظاهرة على صغر حجمها، مقارنةً مع أيام الثورة الأولى، حتى منتصف الليل، حين عاد الثوار إلى بيوتهم دون أن يحققوا أمنيتهم باسترجاع باحة “إيليا”.
الثوار يناشدون أهالي صيدا
واأطلق الناشطون من الساحة، وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، وطوال ساعات التظاهرة نداءات متكررة مطالبين أهالي صيدا بالعودة إلى الطريق “فالثورة لم تنته بعد وأياً من مطالبنا الفعلية لم تُنفذ. لم تتشكل حكومة جديدة حتى الآن، على الرغم من انقضاء الساعات ال 48، ولم يحاسب أياً من الفاسدين”، تقول إحدى المعتصمات لـ”المفكرة”.
وكانت اعداد المتظاهرين قد تراجعت منذ استقالة الحكومة، وهو ما أضفى جواً من “الإحباط” بين الناشطين. في المقلب الآخر، انسحب العديد من الذين اعتادوا الإعتصام في الساحة بسبب إحباطهم إذ “أن إزالة الخيم وفتح الطريق كانت نقطة إفشال الثورة في صيدا”، وفق إحدى المترددات في المشاركة في التظاهرة.
وبين الإحباطين، ازداد عدد المتظاهرين عند حوالي الساعة الثامنة والنصف مساءاً بشكل ملحوظ خصوصاً مع انضمام مجموعة كبيرة من المعتصمين من “دوار القناية” حاملين العلم، بطول 20 متر، مرة أخرى، إلى الساحة.
تظاهرة اتسمت بالكر والفر
في مقابل إصرار المتظاهرين على إقفال الطريق واستعادة الساحة، وقف عناصر الجيش مسلحين بأوامر صارمة بدت واضحة للجميع: “ممنوع تسكير الطريق”.
لذلك، ساد جو من الكر والفر بين الطرفين بلغ ذروته بعد أول “هجوم”، والذي اعتبره العديد من الشبان “غير عادل وغير مبرر”، وفق أحدهم. ويضيف: “إنهم يضيقون الخناق علينا بإصرارهم على فتح الطريق ولا منع لديهم على ما يبدو من ضرب النساء والرجال في هجومهم علينا”.
لكلٍّ أسلوبه
تكرر هجوم العناصر مراراً خلال تظاهرة الأمس لكن ساد ايضاً في التظاهرة جو من النقاش بين المعتصمين وعناصر الجيش. بينما كان يتحدث بعض الناشطين مع بعض عناصر الجيش، فضّل آخرون تشتيت انتباه العناصر عن المعتصمين فأشعلوا بعض الإطارات في الجانب الشمالي من المدينة، وفق ما قال أحدهم، مؤكدأً انه يعرف” أن ما قمت به سيء لكنهم يضيّقون الخناق علينا”.
في النتيجة، عاد المعتصمون إلى بيوتهم عند انتصاف الليل كما جرت العادة في الأيام الماضية. أما اليوم، فاستيقظت المدينة على أصوات أبواق الباصات والسيارات التي تقل بعض تلامذة المدينة وخصوصاً تلامذة صفوف الشهادات الرسمية إلى مدارسهم.
“