كليات القانون ترفض زجّها في نقض دستور 2014


2022-05-25    |   

كليات القانون ترفض زجّها في نقض دستور 2014

بتاريخ 24-05-2022، أصدر مجلس عمداء كليات الحقوق بتونس بيانا رفضوا فيه المشاركة في اللجنة الاستشارية القانونية ولجنة الحوار الوطني المنبثقتين عن “الهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة” التي استحدثها الرئيس قيس سعيد بموجب مرسومه عدد 30 لسنة 2022[1]. وقد علّلوا موقفهم ذاك بالتزامهم بالحريات الأكاديمية كما أطرها الفصل 15 من دستور البلاد وحرصهم على النأي بالمسؤولين الجامعيين عن اتخاذ مواقف سياسية تخرجهم عن تحفظهم وتجرّهم لاتخاذ مواقف من البرامج السياسية.

وكان أكثر من سبعين من أساتذة القانون العام بالجامعات التونسية أكدوا في بيان صدر عنهم بتاريخ 23-05-2022[2] رفضهم لمقتضيات المرسوم عدد 30 والأسلوب المسقط الذي اعتمد في تعيين أعضاء لجانه “بغاية إضفاء شرعية وهمية ومضللة” على مشروع سياسي وتمسكوا “برفض الزجّ بالجامعيين والجامعيات” في ذاك المنزلق ودعوا عمداء كليات الحقوق إلى “عدم قبول الانخراط” في هذا المسار و”لتوحيد كلمتهن /كلمتهم لرفض مثل هذا التحيّل على المؤسسات العلمية والزجّ بالجامعة في المشاريع السياسية”. ويبدو أن موقفهم هذا شكل دعما معنويا هاما للعمداء لاتخاذ موقفهم في اليوم اللاحق.   

ويعمّق هذا الموقف أزمة المشروع السياسي للرئيس سعيد، لكون نصّ المرسوم المنظّم له لم يفترض حصوله.

إصابة في مقتل لمرسوم مشروع الرئيس

ترك الرئيس قيس سعيّد لشخصه امتياز تحرير الدستور مقرّرا أن يعرضه على الاستفتاء يوم 25-07-2022. لكنّه وبموازاة ذلك، وفيما بدا محاولة منه لاحتواء الضغوط الداخلية والخارجية التي تطالبه باعتماد التشاركية في الإصلاح السياسي، استحدث بموجب المرسوم عدد30 هيئة أوكل لها تحرير مقترح دستور يرفع له ويكتب انطلاقا من الأمر عدد 117 لسنة 2021 الذي صاغه. كما كلّف سعيّد الهيئة بصناعة توافقات اجتماعية حول الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية التي يطالبه بها صندوق النقد الدولي ويفرضها شرطا لمنحه القروض اللازمة لتمويل موازنة الدولة.

وفي هذا الإطار، استحدث صلب الهيئة المنشأة منه لجنتيْن أولهما “اللجنة الاستشارية للشؤون القانونية” التي أوكل لها كتابة مسودة النص الدستوري الاستشاريّ وعين عمداء كليات الحقوق ليكونوا أعضاءها الحكميين. وثانيهما لجنة الحوار الوطني التي  كلفها بصياغة مقترحات الإصلاحات الاقتصادية وأسند رئاستها لعميد المحامين واختار لعضويتها ممثلين عما يصطلح على تسميته بالمنظّمات الوطنية الكبرى أي الاتحاد العام التونسي للشغل (الهيكل النقابي العمالي الأهمّ) واتّحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية (نقابة أصحاب العمل) والاتحاد التونسي للفلاحة والصّيد البحري (نقابة المزارعين) والاتحاد الوطني للمرأة التونسية (الجمعية النسوية الأعرق) والرابطة التونسية لحقوق الإنسان (أول جمعية حقوقية أسست بتونس). وحسب ذات النص، فإنّ الحوار الوطني الذي وعد به صاحبه سيشارك فيه أعضاء اللجنتين الذين سيرفعون له تقريرا في مخرجاته.

في هذا الإطار، توقّع سعيّد ألّا يتحمّس أطراف من ممثّلي المجتمع المدنيّ لمشروعه، فضمّن مرسومه بندا ينصّ على كون عمل هيئته يستقيم بمن حضر ومن دون حاجة لنصاب قانوني. ولكنه لم يتصور أن يرفض كلّ العمداء المشاركة في لجنته القانونية فلم يفترض طريقا بديلا عن مسارهم في سبيله لإرساء مشروعه وهو ما تحقق وفرض عليه أزمة يصعب عليه اختيار مخرجها.

مأزق الرئيس والاختيارات المكلفة

بنتيجة المقاطعة، لن يتمكن سعيّد من إرساء اللجنة القانونية. ومن شأن ذلك أن يدفعه إما للتراجع عن نزوعه للتفرد بالرأي واعلانه عن القبول بحوار وطني يسمح بإيجاد حلول تنهي الأزمة السياسية وإما إلى خرق مرسومه في اتجاه عرض دستوره على الاستفتاء دون بحث عن رسم تشاركي له.  وانتهاج هذا الخيار سينتهي لإثبات طبيعة حكمه الفردي ويعزز بالتالي موقف معارضيه ممّن يصفون ما قام به يوم 25 جويلية 2021 بالانقلاب، مما يهدد بإطالة الأزمة السياسية. فلنرَ.


[1] المرسوم عدد 30 المؤرخ في 19 ماي 2022 والمتعلق بإحداث الهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة

[2]  ورد في بيان الجامعيين الذي حمل عنوان لا للزج بالجامعة في المشاريع السياسية “إن الاساتذة الجامعيين والجامعيات المنتمين/ات لكليات الحقوق والعلوم القانونية، وبعد صدور المرسوم عدد 30 المؤرخ في 19 ماي 2022 والمتعلق بإحداث الهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة وإذ يستنكرن/ون هذا الاسلوب المسقط في اختيار أعضاء اللجنة بعيدا عن كل تشاور وتحاور وطني واسع وحقيقي، ينددن/ ون بهذا التعامل الفوقي مع المؤسسات العلمية الاكاديمية، ويستهجنون الزج بالجامعيين والجامعيات في هذه المشاريع السياسية وهو ما من شأنه إضفاء شرعية وهمية ومضللة على هذه المشاريع،

ويذكرن/ون بأن عمداء وعميدات كليات الحقوق والعلوم القانونية هم وهن من الاساتذة الذين واللاتي تم انتخابهن وانتخابهم لما لهم ولهن من قيمة أكاديمية لإدارة الشأن العلمي داخل الكليات وليس لتوريطهم /هن في المشاركة في الأعمال السياسية،

ولذا فإن الجامعيين والجامعيات الممضين و الممضيات أسفله يطالبون العمداء والعميدات بعدم قبول الانخراط في هذه اللجنة و بتوحيد كلمتهن /كلمتهم لرفض مثل هذا التحيل على المؤسسات العلمية و الزج بالجامعة في المشاريع السياسية.”

انشر المقال

متوفر من خلال:

منظمات دولية ، لبنان ، مقالات ، تونس ، دستور وانتخابات ، دولة القانون والمحاسبة ومكافحة الفساد ، اقتصاد وصناعة وزراعة ، المهن القانونية



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني