كامل نتائج جلسة 19/10/2021: قانون الانتخابات على عجل، والطعون على نار حامية

كامل نتائج جلسة 19/10/2021: قانون الانتخابات على عجل، والطعون على نار حامية

افتتح المجلس النيابي عقده السنوي الثاني بجلستين في 19/10/2021. الجلسة الأولى مرّت بهدوء وسط توافق من جميع الكتل على الإبقاء على اللجان وأمناء السر والمفوّضين على حالهم، أمّا الثانية فكانت أكثر حماوة وخُصّصت لمناقشة قانون الانتخابات. وفي حين سرَتْ معلومات صحفية عن إمكانية مناقشة اقتراح قانون معجل مكرر لإنشاء هيئة اتّهامية استثنائية مهمّتها النظر بقرارات المحقق العدلي في جريمة المرفأ، لم يأتِ أحد على ذكر هذا الاقتراح ولم يطرحه رئيس المجلس النيابي، في ما يتبدّى وكأنّه لم يتم تقديمه أصلًا لعدم حصول توافق سياسي حوله.

وفي حين كان يُتوقع أن تشهد الجلسة بعض التوتّرات تبعًا لأحداث الخميس في الطيونة، كانت أجواء الجلسة معاكسة تمامًا. وفي حين اعتاد المجلس النيابي وقوف دقيقة صمت عند حصول وفيات متعلّقة بأعضاء المجلس أو بأحداث هامة في البلاد كالوقوف دقيقة صمت على ضحايا التليل في جلسة الثقة، لم يحصل ذلك في حالة ضحايا الطيونة. وقد انسحب ذلك على أجواء الجلسة أيضًا إذ كان هناك تجاهل تامّ لأحداث الطيونة الذي لم يأتِ أحد على ذكرها، لا بل على العكس كان التناغم بين كتلتي الجمهورية القوية والتنمية والتحرير في أوجّه في أغلب المواقف. كان لافتًا أيضًا في الجلسة حضور النائب علي حسن خليل رغم صدور مذكرة توقيف غيابية بحقّه.

وفي حين كانت أبرز نتائج الجلسة التشريعية تقريب موعد الانتخابات إلى 27 آذار 2022 وإقرار انتخاب المغتربين في الدول التي يتواجدون فيها تبعاً لأماكن قيدهم، بدا جلياً أنّ بعض الكتل وعلى رأسها لبنان القوي تتّجه للطعن بالقانون، وهو ما قد يعطّل تنفيذه ويهدّد إمكانية إجراء الانتخابات في نهاية آذار.

انتخاب الأمينين والمفوضين وأعضاء اللجان

افتتحت جلسة انتخاب أعضاء اللجان والمفوّضين والأمينين بموجب المادة 19 من النظام الداخلي لمجلس النواب في تمام الساعة 11 من صباح 19/10/2021 بقراءة رئيس المجلس نبيه بري أسماء النواب المتغيبين بعذر وهم النواب فريد البستاني، أسامة سعد وتيمور جنبلاط.

صدّق برفع الأيدي على الإبقاء على الأمينيْن السابقيْن في منصبِهما بعد توجيه رئيس مجلس النواب نبيه بري سؤالا للنواب حول إذا ما كان هناك من يريد الترشح لهذا المنصب دون مبادرة أي نائب لذلك. تكرّر الأمر كذلك بالنسبة للمفوّضين.

أما بالنسبة للجان، فقد صدّق على الإبقاء على عضوية  النواب ذاتهم في اللجان بناء على اقتراح رئيس مجلس النواب نبيه بري بحجة أنه جرت العادة على ذلك طالبا من النواب المعترضين في حال توفروا الاعتراض دون أن يقوم أي من النواب بذلك. إلا أنه اقترح ترشيح النائب قيصر معلوف لعضوية لجنة الإدارة والعدل ليحلّ محل النائب المتوفّي مصطفى الحسيني. وعند سؤال النائبة رلى الطبش حول إمكانية الترشح لعضوية لجنة الإدارة والعدل، أجابها رئيس المجلس أن سيزار ترشح لينتهي الحوار بينهما ويتمّ التصديق على عضوية النائب قيصر معلوف. كذلك اقترح رئيس المجلس نبيه بري استبدال عضوية النائب محمد خواجة بالنائب  فادي علامة كما استبدال النائبة ديما جمالي بالنائب سامي فتفت في لجنة تكنولوجيا المعلومات دون أن يلقى اقتراحه أي اعتراض ويصدّق.

تجدر الاشارة إلى أن المادة 19 من النظام الداخلي تفرض إجراء الانتخاب بطريقة الاقتراع السري عملا بالمادتين 11 و12 من النظام الداخلي. إلا أنه جرى التصويت برفع الأيدي تحت حجّة عدم وجود حصول انتخاب نظرا لفوز الأسماء نفسها والبديلة المقترحة بالتزكية.

 

موعد الانتخابات

صدّق المجلس النيابي ما سبق أن أوصتْ به اللجان المشتركة لجهة تحديد تاريخ الانتخابات في 27 آذار 2022. وتبعًا لذلك، عدّل المجلس عددًا من التواريخ الملزمة لوضع القوائم وتعديلها والواردة في المواد 11-28-29-30-32 من قانون الانتخابات رقم 44/2017، على أن تكون هذه التعديلات لمرّة واحدة فقط.

وإذ يتبدّى أنّ القوى السياسية باستثناء كتلة لبنان القوي كانت متوافقة على تعديل موعد الانتخابات وتاليًا على تعديل بعض التواريخ، تولّى النائب علي حسن خليل مهمّة ذكر المهل التي تمّ تعديلها في المواد المذكورة في جوّ من الاستعجال يعكس توافقًا مسبقًا بين الكتل عليها. إزاء ذلك، طلب رئيس مجلس النواب نبيه بري من النائب علي حسن خليل تزويده بورقة التعديلات التي بحوزته حتى يتمّ تعديل المواد على أساسها، وصدّقت التعديلات وموعد الانتخابات برفع الأيدي دون اطّلاع واضح من قبل النواب على هذه التعديلات.

في ظلّ هذه الأجواء، كانت كتلة لبنان القوي معترضةً على تعديل الموعد. فقد عبّرت على لسان نائبها آلان عون عن رفضها لموعد 27 آذار لعدّة أسباب أبرزها وقوعها في زمن الصوم لدى الطوائف المسيحية والظروف المناخية في تلك الفترة والتي يُتوقّع أن تكون عاصفة في المناطق الجبلية وانعكاس ذلك على المشاركة والتنقل والتدفئة والحاجة إلى المازوت. وقد اعتبر عون أنّ ذلك يعرّض العملية الانتخابية للخطر في حين أنّه لدينا إمكانية القيام بها في شهر أيار، وهو ما يعطي وزارة الداخلية مجالًا أوسعًا للتحضير.

ردّ رئيس المجلس النيابي نبيه بري على عون معتبرًا أنّ هذا التعديل هو لمرّة واحدة فقط، وأنّ صيام المسيحيين ينتهي عند الظهر وبالإمكان القيام بالأعمال من بعدها.

تدخّل النائب جميل السيد في النقاش سائلًا رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إذا ما كان بإمكانه التأكيد على جهوزية الحكومة لإجراء الانتخابات في آذار. فالكهرباء والمحروقات والتدفئة وكلفة النقل واستمرارية الإنترنت للربط بين المراكز ووزارة الداخلية أمور مهمّة، فهل يضمن رئيس الحكومة توفر جميع المتطلّبات في آذار؟ ردّ رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي معتبرًا أنّ هذه الهواجس موجودة في كلّ وقت سواء في آذار أو في أيّار، وأنّ الحكومة ستقوم بالجهود والاتّصالات اللازمة حتى تكون جاهزة.

وبعد تصديق عدد من تعديلات على التواريخ (برفع الأيدي ودون وضوح، وفقًا لورقة علي حسن خليل التي لم يتم تلاوتها بمجملها)، وصل رئيس كتلة لبنان القوي جبران باسيل إلى الجلسة ليعيد فتح موضوع موعد الانتخابات. فقال أنّهم أخبروه أنّه حصل تصويت على موضوع تقريب موعد الانتخابات والمهل، مع الإشارة إلى أنّ موعد الانتخابات يصدر بمرسوم. ثمّ أخرج باسيل ورقة قال أنّها جدول للطقس في آذار حصل عليه من مصلحة الأرصاد الجوية يُظهر بأن عواصف عديدة تحصل في آذار، وبخاصة في السنة الماضية حصلت عاصفة كبيرة بين 24 و26 آذار. واستغرب باسيل تقريب الموعد أيضًا لجهة تعطيل الحملات الانتخابية بخاصة في المناطق الجبلية والتي ستقام في كانون الثاني وشباط وبداية آذار أي في فصل الشتاء. أمّا لجهة الصوم، فقد اعتبر باسيل أنّ في شهر أيار لا يوجد صوم لدى أي طائفة، وأنّه من الأشخاص الذين يصومون صيامًا قاسيًا كما كثيرين سواه. وأكّد باسيل اعتراضه على تقريب المواعيد. تدخل رئيس مجلس النواب عندها وأكّد أنّ زميله آلان عون أثار المواضيع نفسها تمامًا “وصار تصويت وخلصنا”.

وكان النائب هادي أبو الحسن قد اعتبر في مداخلة لاحقة أنّ أي محاولة لتعديل تاريخ الانتخابات ستؤجل الانتخابات حكمًا، ملوّحًا لإمكانية الطعن بالقانون أمام المجلس الدستوري وتعليق العمل به في حال حصل هذا التعديل.

إذ ذاك، تمّ تقريب موعد الانتخابات إلى 27 آذار دون أي حجة أو سبب واضح من مؤيدي هذا التاريخ ومع ما قد يستتبع ذلك من ضيق في الوقت للتحضير من قبل وزارة الداخلية، وبخاصة في حال حصول طعون في دستورية القانون وما قد يستتبعه من إجراءات. ومن شأن هذا الأمر أن يطرح اسئلة حول وجود نوايا لتطيير الانتخابات برمّتها.

الإنفاق والحملات الانتخابية

تمّت المصادقة على تعديل المادة 45 من قانون الانتخاب حيث تمّ رفع رسم الترشيح من 8 ملايين إلى 30 مليون ليرة. أمّا لجهة سقف الإنفاق الانتخابي فقد تمّت المصادقة على تعديل المادة 61 لزيادة القسم الثابت منه من 150 مليون للمرشح إلى 750 مليون ليرة. أمّا القسم المتحرّك منه فقد تمّت زيادته من 5 آلاف إلى 50 ألف ليرة عن كل ناخب في الدائرة الانتخابية الكبرى المرشح عنها. أمّا سقف إنفاق اللائحة، فقد تمّت زيادته أيضًا من 150 مليون إلى 750 مليون ليرة.

في هذا الصدد، كان لنائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي مداخلة حادّة، فقد اعتبر أنّ مسألة تحديد سقف الإنفاق تدعو لطرح سؤال كبير حول ما إذا كان هذا هو الواقع فعليًا وهل يتم الالتزام به. وإذ ردّ رئيس المجلس النيابي بالنفي، توجه الفرزلي إلى ميقاتي بسؤال اعتبر أنّه على ضوئه يجب ألّا يكون هناك سقف. وقد اعتبر الفرزلي أنّ هناك قوى تقول أنّها جلبت علنًا 30 مليون دولار ليرة على أساس fundraising، وكأن إذا قيلت باللغة الأجنبية تصبح مبرّرة. وسأل الفرزلي ميقاتي هل ستقوم الحكومة بكل ما أوتيت من قوة بجهود لمنع تجاوز هذا السقف؟ إذا لا، فلا داعٍ للسقف. ردّ رئيس الحكومة معتبرًا أنّ هذا من صلاحية هيئة الإشراف وهي من تشرف على الإنفاق، إلا أن التجارب الماضية في الحقيقة برهنتْ أنّه لا يوجد رقابة، ولكن هذا عمل هيئة الإشراف.

تلا رد رئيس الحكومة مداخلة من النائب فؤاد مخزومي، اعتبر فيها أنّه في انتخابات العام 2018 كان السقف 150 ألف، إلّا أنّ وزير الداخلية في حينها (نهاد المشنوق) قال أنّ الذي يريد أن يطل تلفزيونيًا يدفع 250 مليون. فهل ستحدد وزارة الداخلية المبالغ المحددة للظهور الإعلامي؟ إلّا أنّ برّي تخطّى الموضوع ولم يوجه السؤال لوزير الداخلية ليردّ عليه وأعطى الحديث للنائب هادي حبيش. حبيش اعتبر أنّ القانون يجب أن يلحظ الأموال في المصارف حيث يتم فرض سقف معيّن على السحوبات بالليرة اللبنانية، فعلينا أن نعالج هذا الموضوع في القانون وأن نجد حلًا. 

إلّا أنّ اقتراح حبيش أيضًا لم يتم إعارته اهتمام من رئيس المجلس وتمّ التصويت على الزيادات كما ذُكرت أعلاه.

اقتراع المغتربين

بالنسبة لاقتراع المغتربين، تقرّر أن ينتخب هؤلاء من بلدان الاغتراب كلّ بحسب الدائرة التي يُنتخب فيها في لبنان، أي تمّ التخلّي عمّا نصّ عليه القانون 44/2017 عن تخصيص دائرة بستة مقاعد للمغتربين في انتخابات العام 2022، وسط معارضة كبيرة من كتلة لبنان القوي.

افتتح النقاش حول اقتراع المغتربين النائب جورج عدوان، الذي اعتبر أنّه من الأفضل العودة لنفس سيناريو انتخابات العام 2018. فإذا أراد السير بدائرة واحدة من ستة مقاعد للمغتربين فهناك ثلاث أسئلة يجب أن تُسأل وهي 1) كيف سيتم تقسيم المقاعد الستّة؟ 2) كيف سينظّم وزيرا الخارجية والداخلية العملية الانتخابية لهم؟ 3) كيف ستراقب هيئة الإشراف العملية في الخارج؟ أمام هذه الأسئلة اعتبر عدوان أنّه من الأفضل إعادة تجربة العام 2018.

أمّا إيلي الفرزلي، فقد اعتبر أنّ هناك سؤالا مركزيا حول انتخاب المغتربين. “فماذا نبغي من وراء إشراك المغتربين؟” إذا كانت الغاية إشراكهم في رسم مستقبل لبنان عندها يختلف النقاش. إنّ انتخاب الاغتراب في ال15 دائرة يعني نقل كل الأمراض الانتخابية لدينا للمغتربين، من صراعات مذهبية وطائفية تُستحضر جميعها علنًا أو سرًا مع المغتربين. واعتبر الفرزلي أنّ في الانتخابات الماضية انتخب 47 ألف صوت لكن “الآن لا أدري ما هو مخبّأ لغاية في نفس يعقوب”. واعتبر الفرزلي أنّه علينا أن نطلب من الاغتراب قيادة نفسه وإنتاج نوابه، وعندها “قادة الطوائف” في كل قارة يديرون العملية ويجولون على القارات. بذلك، توافق الفرزلي مع كتلة لبنان القوي على تخصيص دائرة من 6 نواب للمغتربين.

من جهته، اعتبر النائب هادي أبو الحسن أنّ اقتراع المغتربين هو حق لهؤلاء وواجب على الدولة. ووافق أبو الحسن على أسئلة عدوان معتبرًا أنّ السير بالمقاعد الستة سيؤدي إلى مشاكل عديدة. كما ذكّر أنّ كتلته تقدّمت باقتراح لتخفيض سنّ الاقتراع إلى ثمانية عشر عامًا وهذا حق، معتبرًا أنّ الأحزاب تخشى الشباب والاغتراب. 

وبدوره، اعتبر النائب أنور الخليل أنّ للمغتربين حق بانتخاب النواب جميعهم دون حصرهم بستة مقاعد. كما سجل اعتراضه على حصر النقاش ببعض التعديلات على القانون 44/2017 وتجاهل اقتراحه المقدّم حول اعتبار لبنان دائرة واحدة على أساس النسبية. أمّا النائب فؤاد مخزومي فقد تساءل عن توزيع القارات بحسب الطوائف، متسائلًا عن القارة التي ستحظى بها الطائفة السنية. بالنسبة للنائب سامي فتفت ممثلًا كتلة المستقبل اعتبر أنّه مع انتخاب المغتربين ويحبّذ أن يكون كما كان في انتخابات 2018.

وقد أيّد نواب كتلة الجمهورية القوية أيضًا انتخاب المغتربين تبعًا لمكان قيدهم في لبنان. فاعتبر النائب فادي سعد أنّه لا يُمكن تقزيم أصوات المغتربين الذين هم بالملايين في الخارج إلى 6 مقاعد فقط، وأنّ هؤلاء يصوّتون بحرّية بعيدًا عن الزبائنية والضغوطات. أمّا النائب بيار بو عاصي فقد تساءل إذا ما تم تحديد ستة نواب للاغتراب عن راتب هؤلاء، فراتب النائب حاليًا حوالي 600$ وهذا لا يكفي للتنقلات العديدة المتوقعة لهؤلاء بين لبنان والقارات التي ترشحوا لتمثيلها، إلّا إذا أردناهم ناديًا للأغنياء أصحاب الطائرات الخاصة. وقد ردّ النائب سيمون أبي رميا على هذه النقطة معتبرًا أنّ المنتشرين الفرنسيين لديهم نواب ورواتبهم 7 آلاف يورو وهذه ليست مشكلة.

وقد بدا النائب جبران باسيل ممثلًا كتلة لبنان القوي من أشدّ المؤيدين للإبقاء على المقاعد الستة للاغتراب. وبعدما ذكر أنه تمّ التصويت على ذلك في العام 2017، وكان اتّفاقا اعتبرناه تاريخيا وفي حينها اتفقنا على ثلاث مراحل وهي 1) التصويت في الخراج مثل العام 2018، 2) إعطاء الاغتراب 6 مقاعد في العام 2022، 3) تقليص عدد النواب في الداخل ليصبح المجموع العام مع الاغتراب 128. واعتبر باسيل أنّ لا شيء يمنع في حالة الموافقة على المقاعد الستة أن يقرر المغترب المجيئ إلى لبنان والانتخاب في دائرة قيده، فله الحق في الاختيار بين الانتخاب للمقاعد الستة الاغترابية أو الانتخاب في لبنان. وأضاف باسيل أنّه لا يُمكن التراجع عن حقّ دستوريّ تم إعطاؤه من قبل، مستذكرًا مبدأ effet cliquet والذي أكّد عليه المجلس الدستوري اللبناني، معتبرًا أنّ المجلس الدستوري لن يدع هذا الموضوع يمرّ، بما يوحي بتوجه لكتلته نحو الطعن بهذه المادة. أمّا بخصوص الآلية، فقد اعتبر باسيل أنّها من مهمة وزارتيْ الداخلية والخارجية وليست مهمة المجلس النيابي، واعتبر أنّ الأمور لتقسيم القارات على الطوائف ليست معقدة: ففي أستراليا مثلًا الأغلبية مارونية وفي أفريقيا شيعية، وهذا أمر سهل تقديره لكون المغتربون يتسجّلون للانتخاب ويحدّدون طائفتهم. إلى ذلك، اعتبر باسيل أنّ وجود هؤلاء النواب الستة يعطي دينامية في عمل المجلس النيابي، مذكرًا أنّ فرنسا لديها نواب للمغتربين. وقد ختم باسيل معتبرًا أنّه “لو ما المغتربين البلد هَر”، فلماذا نتعاطى معهم كجسم غريب؟ وقد وافق النائب جهاد الصمد على ذلك معتبرًا أن المجلس يُعدّل في حق مكتسب في ال2017، “شو عدا ما بدا؟”

من جهته، اعتبر النائب حسن فضل الله أنّ كتلته وكتلة التنمية والتحرير سجّلتا ملاحظات ولكنّها وافقت من أجل المصلحة الوطنية رغم أنّ مصلحتها الخاصة تناقض ذلك لكونهما لا يمكنهما الترشح والقيام بالحملات الانتخابية في الخارج بسبب العقوبات. واعتبر فضل الله أنّه في العام 2017 كان اقتراع المغتربين مطلبا أساسيا لكتلتيْن مسيحيتيْن وتمّ تصويره كإنجاز كبير. وتساءل فضل الله حول سبب تغير موقف من صوّر الموضوع كإنجاز في العام 2018 أي القوات اللبنانية، فأكد أنّ الذي تغيّر هو المصلحة الحزبية. إزاء ذلك، قال فضل الله أنّه إذا حصل تعديل (أي عدم حصر المغتربين ب 6 مقاعد) سيتم الطعن بهذا الموضوع دون أن يوضح إذا ما كانت كتلة الوفاء للمقاومة ستقوم بذلك. إزاء ذلك، انتفض رئيس مجلس النواب قائلًا “ما تهددني يا حسن”. عاد فضل الله داعيًا للسير باقتراح الستة نواب على أن تُخبرنا الحكومة إذا ما كانت قادرة على السير به، وإلّا نعدّله.

أمّا النائب وائل أبو فاعور فقد ذكّر رئيس المجلس باتّصال حصل بينهما في العام 2017 أنّ انتخاب المغتربين لنوابه ليس سوى “دعاية سخيفة للتيار الحاكم”. وذكر أبو فاعور حينها أنّهم كلقاء ديمقراطي لم يكونوا مع هذا القانون وأسموه “القانون المسخ”. إزاء ذلك، اعتبر أبو فاعور أنّ التهديد باللجوء للمجلس الدستوري من قبل بعض الكتل واضح، وأنّ هناك كمائن تُنصب هنا ويبدو بأننا نصول على قانون لا انتخابات وليس قانون انتخابات. ردّ النائب سيزار أبي خليل على أبو فاعور معتبرًا أنّ هناك نائبين فقط اعترضوا في العام 2017 وهما سامي الجميل وبطرس حرب، وأنّ أبو فاعور كان أمين سر الجلسة ولم يعترض. كما أكد أبي خليل أنّه لا يُمكن في دولة قانون أن يعيب أحد على الآخر اللجوء إلى المحاكم كالمجلس الدستوري.

أمام هذه الأسئلة، توجه رئيس المجلس النيابي نبيه بري إلى وزير الداخلية بسام المولوي بسؤال حول المغتربين والمقاعد الستة. أكد المولوي أنّ الحكومة تلتزم بتطبيق القانون أيًا يكن، وأنّه تشكّل لجنة بين وزارتي الداخلية والخارجية لوضع آلية الانتخاب، ونتيجة هذه الاجتماعات سيتم رفعها للتصويت عليها بمرسوم بأكثرية الثلثين في مجلس الوزراء. وأضاف وزير الداخلية أنّ هناك بعض المشاكل في توزيع المقاعد، فلا يُمكن أن تستوي الأمور إلّا أذا تمّ قسمة كل قارة على طائفة أو قسمة المقاعد على الطوائف لا القارّات.

وقد تم تصديق موضوع انتخاب المغتربين في الدول المتواجدين كل بحسب دائرة قيده بعد التصويت عليه برفع الأيدي. إلّا أنّه من الواضح وبخاصة بعد مداخلة النائب جبران باسيل خلال الجلسة وتصريحه للإعلام من بعدها، أنّ كتلته تتّجه للطعن بالقانون أمام المجلس الدستوري لكونه يسلب المغتربين حقًا سبق وأن مُنح لهم.

البطاقة الممغنطة والmegacenter: إصلاحات مؤجّلة للمرة الثانية

بعد التصديق على تعديل قانون الانتخاب 44/2017 بالمناداة، طالب النائب سمير الجسر بتعليق العمل بالبطاقة الممغنطة في المادة 84 منعا لحصول أي طعن دستوري بالقانون الانتخابي تحت ذريعة عدم توفير البطاقات الممغنطة للمقترعين كما سبق وجرى بما يعطّل الانتخابات مشدّدا على أنه رغم صدور قرار عن المجلس الدستوري متعلق بالبطاقة الممغنطة ما من سبب يمنع صدور قرار باتجاه آخر مع تغيّر أعضاء المجلس الدستوري.

وهو ما دفع النائب جبران باسيل للتساؤل عن سبب عدم اعتماد بطاقة ممغنطة رغم أهمية هذا الإصلاح. كما طالب باستحداث مراكز “megacenters” تسمح بتصويت المقترعين في غير مكان ورود أسمائهم باللوائح معتبرا أن هذه المراكز سهلة الإنشاء ويمكن للمقترعين التسجيل عبر منصة للاستفادة منها طالبا من وزير الداخلية القيام بذلك.

أجابه وزير الداخلية أنه لم يجرِ التطرق إلى هذه المراكز بالقانون. عندها تدخل النائب علي حسن خليل ليشدد على أنه مع إبقاء المادة المتعلقة بالبطاقات الممغنطة في القانون نظرا لما تقدمه من إصلاحات ولكن مع تعليق العمل بها خلال هذه الدورة الانتخابية نظرا لضيق الوقت. أما بالنسبة للmegacenters فاعتبر أنها بحاجة لقانون ولا يمكن تطبيقها إلا بقانون ومع البطاقة الممغنطة. وافقه وزير الداخلية على ذلك معتبرا أن هذه المراكز بحاجة لمكننة شاملة. اعترض النائب جبران باسيل والنائب بقرادونيان معتبرين أن التصديق جرى بالمناداة  دون أن يصوت العديد من النواب هما من بينهم. ثم بدأ النقاش باقتراح قانون الكوتا النسائية. إلا أن النائب جبران باسيل عاد واسترسل في اعتراضه معتبرا أنه لا يجوز التصويت على قانون الانتخاب بهذا الشكل مشددا على أنه والعديد من النواب لم يصوّتوا. كما أشار أنه أثناء العديد من النقاشات في اللجان، جرى التأكيد أن الmegacenters  ليست بحاجة لتعديل قانون. عندها تدخّل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي معتبرا أنه من غير المنطقي أنه يمكن لشخص من المنية التصويت في الخارج ولا يمكن له التصويت في بيروت ووعد بتشكيل لجنة لدراسة إذا ما كانت هذه المراكز بحاجة لتعديل قانون أو لا لينتهي النقاش عند هذه النقطة.

اقتراح قانون الكوتا النسائية

في هذا الإطار، ورد على جدول الأعمال اقتراح قانون معجل مكرر المقدم في 14/10/2021  من النواب عناية عز الدين، أنور الخليل، فادي علامة وإبراهيم عازار وهو يرمي إلى اعتماد الكوتا النسائية في قانون انتخاب أعضاء مجلس النواب. وقد أحيل تبعا لذلك إلى اللجان لدراسته مع باقي الاقتراحات المتصلة بالكوتا وذلك بعد نقاش سريع في المضمون. تجدر الإشارة إلى أن هذا الاقتراح هو اقتراح ثان كانت طورته النائبة عناية عز الدين مع نواب آخرين ولم نستطع الاستحصال على نسخة عنه وهو يخصّص 20 مقعدا بدل 26 مقعدا للنساء من إجمالي المقاعد النيابية (على عكس ما جاء في اقتراحها الأوّل). 

وقد كان “المرصد” قد تطرق إلى اقتراحات قوانين أخرى اعتمدت الكوتا من دون أن توضع على جدول أعمال الجلسة. 

المناقشات النيابية: 

شرحت النائبة عناية عز الدين مقدمة الاقتراح ورئيسة لجنة المرأة والطفل أهمية الاقتراح الذي قدمته كتلة التنمية والتحرير وضرورة إقراره لتمكين المرأة خاصة في هذه الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة. وقد وافقتها النائبة رلى الطبش في التأكيد على أهميته معتبرة أن المجلس أمام استحقاق انتخابي لا يجب النظر إليه من منظار ضيّق. كما شدّدت على أن حق المرأة أكثر من الكوتا ولكن في هذه المرحلة المطالبة هي بالكوتا.

تميزت مداخلة النائب بلال عبد الله عن باقي الكلمات حيث أنه أيد اقتراح النائبة عناية عز الدين مشددا أنه لا يجب الخروج من الجلسة بغير كوتا. كما رأى أنه من الصعب مناقشة الأمور وطنيّا في ما يتعلّق بحقوق الشباب والمرأة والاغتراب انطلاقا من المقاربة الطائفية وهو ما يظهر جليّا في الجلسة.

بدأ الاعتراض على الاقتراح من النائب علي فياض من كتلة الوفاء للمقاومة. وقد أعرب أنه تفاجأ باقتراح آخر قدمته النائبة عناية عز الدين غير الذي كان قد جرى الاتفاق عليه وأنه من الأفضل عدم مناقشة الاقتراح بهذه الطريقة وهو بحاجة لوقت. كما أن الجدول في الاقتراح الذي يحدد عدد مقاعد الكوتا في الدوائر الانتخابية يعاني من مشاكل حيث أن بعض المناطق لديها كوتا وأخرى ليس لديها. وتدخل النائب جبران باسيل ليقول أنه مع الكوتا النسائية إلا أنه يرى أنه من الأفضل اعتماد صيغة تمنع تشكيل أي لجنة أو هيئة إلا مختلطة. ذهبت مداخلة النائب جميل السيد في ذات الاتجاه حيث اعتبر أنه رغم أنه مع الكوتا النسائية فإن الاقتراح قدّم على عجل كما لم يجر التصويت على صفة العجلة. واقترح سلسلة تعديلات على الاقتراح خاصة على الجدول في ما خص مقاعد الكوتا. انتهى النقاش عندما أثار النائب جورج عدوان مسألة صفة العجلة طالباً التصويت عليها قبل مناقشة المضمون وهو ما أيده رئيس مجلس النواب نبيه بري. جرى التصويت على صفة العجلة فأسقطت وأحيل الاقتراح إلى اللجان ليدرس مع باقي الاقتراحات المتعلقة بالكوتا النسائية.

انشر المقال

متوفر من خلال:

المرصد البرلماني ، البرلمان ، أحزاب سياسية ، تشريعات وقوانين ، لبنان ، جندر وحقوق المرأة والحقوق الجنسانية



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني