من أهم البنود الواردة على جدول أعمال الجلسة التشريعية المقرّرة في 28 تشرين الأول 2021، الاقتراح المعجّل المكرر الذي تقدّم به النائب جورج عطاالله (كتلة لبنان القوي) والذي يرمي إلى حظر “إعطاء الجنسية اللبنانية لمكتومي القيد مواليد عام 2011 وما بعد”. تكمن خطورة هذا الاقتراح في أنّه يؤدّي إلى حرمان أولاد اللبنانيين من حقّهم باكتساب الجنسية اللبنانية تحت ذريعة منع تجنّس السوريين.
ففي حين تمحورت مبررات الاقتراح حول ضرورة منع استحصال المولودين في لبنان من عائلات سورية على الجنسية اللبنانية، جاء نصّ الاقتراح واسعاً جداً ليشمل منع منح الجنسية والإقامة لجميع مكتومي القيد المولودين في لبنان بعد العام 2011، ومن ضمنهم المواليد من عائلات لبنانية. وعليه، يؤدّي هذا الاقتراح، في حال إقراره، إلى منع الأهل اللبنانيين مثلاً من إقامة دعاوى قضائية لتسجيل ولادة أطفالهم في حال تجاوزوا المهلة القانونية لتسجيل الولادة إدارياً (وهي سنة) مما سوف يحرمهم من إمكانية الحصول على الجنسية اللبنانية وقد يؤدّي إلى انعدام جنسيتهم.
وفي التفاصيل، يتضمّن الاقتراح مادة وحيدة تنصّ على أنه “لا يمكن بأيّ شكل من الأشكال، إعطاء أو منح مكتومي القيد من مواليد العام 2011 وما بعد الجنسيّة أو الإقامة اللبنانيّة تحت أي عذر أو بسبب أيّ ظرف آخر لا قضائياً ولا إدارياً ولا بموجب أيّ مرسوم جمهوري أو أيّ طريقة أخرى”.
برّر عطاالله هذا المنع بضرورة قطع الطريق أمام إمكانية منح الجنسية اللبنانية للأطفال المولودين على الأراضي اللبنانية من أهل سوريين في حال لم يتم تسجيل ولاداتهم في لبنان. واستند في أسبابه الموجبة إلى حصول “الزيجات والإنجاب بين النّازحين … بوتيرة متصاعدة” مستنداً إلى إحصاء (غير معروف المصدر) يفيد بأنّ 52% من الولادات في لبنان في العام 2018 كانت “بين النازحين”، وأن العديد منهم لا يسجلّون مواليدهم لدى السلطات اللبنانية أو السورية، فتصبح هذه الولادات “تحت خانة مكتومي القيد”، مما قد يسمح بمنحهم الجنسية اللبنانية “دون وجه حقّ”. وشدد على أن المجتمع الدولي “يعرقل… عودة النّازحين السّوريين إلى بلدهم بالرّغم من انتهاء الحرب في سوريا بنسبة تفوق 90%”.
وبصرف النظر عن مبرراته، يتجاهل هذا الاقتراح تعريف “مكتوم القيد” الذي اعتمده مجلس شورى الدولة في العام 2014 والذي يشمل “كلّ شخص لا قيود له في لبنان أو بلده الأصله” إن كان من أصول لبنانية أو أجنبية، وهو مطابق لتعريف “عديم الجنسية” وفقاً للمعايير الدولية أي “كل شخص لا يعتبر مواطناً من قبل أي دولة”. كما يتجاهل هذا الاقتراح واقع كتمان القيد في لبنان الذي لا ينحصر بالسّوريين (أو الأجانب) بل يطال أيضاً العديد من الأطفال من عائلات وأصول لبنانية، وذلك بسبب صعوبة مسار تسجيل الولادات في لبنان. وقد جاء الاقتراح في تناقض تام مع مبدأ الحماية من انعدام الجنسية الذي يفرض على الدولة اللبنانية اتخاذ جميع الإجراءات، ومن ضمنها التشريعية، للحدّ من حالات انعدام الجنسية والحؤول دون تكاثرها إستناداً إلى حق كل إنسان بالحصول على جنسية.
This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.
Strictly Necessary Cookies
Strictly Necessary Cookie should be enabled at all times so that we can save your preferences for cookie settings.
If you disable this cookie, we will not be able to save your preferences. This means that every time you visit this website you will need to enable or disable cookies again.