يتركّز الحراك الحقوقي المناصر لقضايا العمالة الأجنبية في لبنان حول عاملات المنازل. وغالباً ما يسقط من حسابات الإعلام والمنظمات الحقوقية العمال الأجانب الذكور فلا نتحدث عنهم إلا حين حصول حوادث مأساوية. فلا يكاد يمر عام من دون خبر عن حريق في أماكن سكن (وعمل) عدد من العمال الأجانب وغالباً ما ينتهي الحريق بمقتل عدد منهم.
في استقصائها حول استقدام العمال الذكور وتشغليهم، لمست “المفكرة” ممارسات رأت فيها المحامية غيدة فرنجية بأنها “تفتح المجال واسعاً لاستغلالهم في العمل القسري”، وهو أحد أركان الإتجار بالأشخاص. وقد جمعت “المفكرة” الشهادات من قيّمين على شركات التنظيف، المسموح لها باستقدام العمال الذكور، ومن سماسرة أجانب يسهّلون استقدام مواطنيهم بمبالغ لا تقل عن 5 آلاف دولار، ومن العمال أنفسهم. وقد ظهر لها شبهات هامة حول عمليات غير شرعية عابرة للحدود.
وزير العمل كميل أبو سليمان تحدث عن نحو 70 ألف عامل غير نظامي في لبنان من بينهم 15 ألف بنغلادشي. وقد رأت “المفكرة” ضرورياً في ظل الصمت الحاصل بهذا الشأن، أن تضمّن عددها الحاضر هذه المساهمة، بعدما خصصت العديد من أعمالها لفهم وشرح أوضاع عاملات المنازل (المحرر).
حياة مراد جميلة لم تكن في بلاده بنغلادش حيث فرص العمل قليلة والمداخيل ضئيلة
ظنّ مراد (25 عاماً) أنّ المكالمة الهاتفية التي تلقّاها من خالته التي هاجرت إلى لبنان قبل 10 سنوات، ستغير حياته: “بدك شغل بلبنان؟” نفهم من مراد، أن خالته وعدته بالعمل في شركة تنظيفات براتب لا يقل عن 300 دولار، على أن تتحمل الشركة نفقات سكنه وإنجاز أوراقه القانونية وضمانه. عندما اتصل مراد بالسمسار للبدء بالمعاملات، علم أن عليه دفع 4500 دولار ككلفة إستقدام، أي ما يعادل نحو 400 ألف تكا وهي العملة البنغلادشية. وبما أنه لا يملك شيئاً يبعيه، استدان من المصرف.
وما أن وصل مراد إلى بيروت، بادر الأمن العام إلى تسليم جواز سفره لكفيله المزعوم، وهو مندوب إحدى شركات التنظيفات. كانت خالة مراد في استقباله، وهو ما طمأنه. قال له الكفيل: “بترتاح هاليومين عند خالتك وبعدين ع الشغل”. وهو ما لم يحصل بعد أكثر من عام.
بعد شهرين من الإقامة مع خالته، اختفى الكفيل مع جواز سفره. خالته كانت تجيبه كلما سأل عن كفيله “بده شوية وقت”، إلى أن تيقّن أنه وقع ضحية عصابة: فلا وظيفة، ولا شركة، وكفيله شخص وهمي. وفهم مراد أن خالته أيضاً متورّطة في استغلاله، فترك بيتها بعدما تعرّف إلى عامل بنغلادشي آخر يعمل في شركة تنظيف. ولأنه من دون أوراق، خاف من طلب المساعدة من أجهزة الدولة. وقد عرف لاحقاً العديد من القصص المشابهة. يؤكد مراد أنه التقى فيما بعد بشبان بنغلادشيين دفعوا مبالغ وصلت إلى 7 آلاف دولار “باعوا أملاكهم أو ذهب عائلاتهم وأخذوا قروضاً من مصرف”.
يعمل مراد اليوم في شركة تنظيفات براتب 350 دولار، يحوّل منها 250 دولار شهرياً إلى بلاده من أجل تسديد القرض الذي دفع نصفه فقط طوال عام كامل من العمل. أما جواز سفره فبقي لدى “شهاك” البنغلادشي، حيث أن الأخير يعمل سمساراً مع الكفيل اللبناني الوهمي الذي كان استلمه. ثم انقطعت كل سبل التواصل معه بعدما غيّر رقم هاتفه. يقيم مراد حيث يعمل. يعيش كمكتوم قيد لا يمكنه التجوّل، يقبل بأي شيء سواء علم أنه مُستغل أم لا “ما فيي إعمل شي” يقول.
يصف مصدر مسؤول في وزارة العمل (طلب عدم الكشف عن اسمه): “ما يحصل مع العمال الأجانب الذكور، سواء خلال عملية استقدامهم وكيفيّتها والكلفة المادية التي يدفعها العامل، كما خلال تشغيلهم من قبل بعض الشركات في لبنان، هو إتجار بالأشخاص”.
وزير العمل نفسه، كشف في مقابلة مع “المفكرة” وجود نحو 15 ألف عامل بنغلادشي تم استقدامهم ولم تستكمل معاملة إقامتهم أو لم تُجدد، مشيراً إلى الدور السلبي الذي تلعبه شركات التنظيفات المخوّلة قانونياً باستقدامهم. وأكد أنه يبحث في كيفية ضبط هذه الشركات والحد مما يؤدي إلى استغلالهم.
الاستقدام كخطوة أولى للإستغلال
يصنّف العمال الذكور الذين تستقدمهم شركات التنظيف، فئة ثالثة. وينعكس تصنيف الفئات على رسوم إجازة العمل والإقامة والتسجيل في الضمان الاجتماعي. وفي عام 2018، منحت وزارة العمل، وفق أرقام الوزارة، لهذه الفئة 9 آلاف و40 إجازة عمل للمرة الأولى. ومن بين هؤلاء 111 أثيوبي، و111 سوداني، و250 سوري، و89 سيرلانكي، و116 فيليبيني، و131 كاميروني، و3424 من مصر و843 من الهند. ووضعت الوزارة في جداولها البقية وعددهم 4095 عامل في خانة “جنسيات أخرى”. ولدى مراجعتها بشأن عدم وجود خانة خاصة بالعمال البنغلادشيين وخصوصاً في الفئة الثالثة، وهم أكثرية بين العمال الذكور، استغربت رئيسة مصلحة العمل والعلاقات المهنية في الوزارة مارلين عطالله عدم تخصيص البنغلادشيين بخانة خاصة “كونهم الأكثرية وأعدادهم كبيرة جداً”. ولدى مراجعة قسم المعلوماتية في الوزارة صادف إضراب الموظفين. وأكدت عطالله أن الجنسيات الأخرى هي مجموع جنسيات مختلفة بأعداد قليلة لذلك يتم جمعها في خانة واحدة، مثلاً مالي وأريتيري وصومالي أو جنسية أفريقية وغيرهم.
ومنحت الوزارة في العام نفسه 70 إجازة عمل فقط لعاملات تنظيفات من الإناث، فيما منحت 76 ألف و545 إجازة عمل للمرة الأولى لعاملات في الخدمة المنزلية.
وفي 2018 بلغ عدد الإجازات المجددة للعمال الأجانب من الفئة الثالثة 50 ألف و233 إجازة من بينها 295 عاملة. في المقابل تم تجديد 129 ألف و358 إجازة عمل من الفئة الرابعة في 2018 للعاملات في المنازل.
تروي جمانة، وهي مديرة “شركة تنظيفات” لـ”المفكرة” تجربتها مع العمال الأجانب. تدّعي جمانة طبعاً أنها لا تقوم بالممارسات نفسها التي يقوم بها سائر أصحاب شركات التنظيف الأخرى، ولكنها تعترف أنها تُشغّل عمالاً غير نظاميين.
ومن تجربتها كصاحبة شركة تنظيفات، تقول جمانة أنه يحق لهذه الشركات “استقدام عدد العمال الذي تريده، ويكفي أن تكون مقدرات “الشركة” كرسيين وطاولة، وأحياناً تكون شركة وهمية”. ويتألف فريق عمل شركة جمانة، على سبيل المثال، من 4 عمال تنظيفات قانونيين “أما بقية العمال، والذين يتغير عددهم حسب حاجة شركتها ربطاً بعقود عملها مع مؤسسات أخرى تطلب عمالاً مياومين، فليس لديهم أوراق قانونية، وبستأجر (وفق تعبيرها) العامل بـ20 دولار في اليوم، ليعود في نهاية دوامه من حيث أتى”.
ولكن كيف يستحصلون على موافقة مسبقة لاستقدام العمال الذكور بأعداد كبيرة؟ تقول جمانة أن الشركة كانت تدفع في السابق، بعد تصوير عقد العمل على “واتساب”، مقابل كل معاملة 300 دولار أو “حسب شطارة الموظف، قد ندفع 500 دولار، بالإضافة إلى إيداع مصرفي عن كل عامل بمبلغ 1000 دولار”.
غير أنّ موقع وزارة العمل على الإنترنت يبيّن أنّ رسم الموافقة المسبقة لفئة العمال الذكور في شركات التنظيف، يبلغ 120 ألف ليرة لبنانية.
تأخذ شركات التنظيفات الوهمية، مع السمسار، مبلغ 5 آلاف دولار على الأقل من كل عامل لإحضاره إلى لبنان، كما تؤكد جمانة، “بعدما توهمه أنه سيعمل عندها”. “عندما يصل العمال إلى المطار، تسلّم جوازات سفرهم ومن ثم تتركهم في الشارع إلى أن يتعرفوا على شخص من بلدهم سبق وتعرّض للإستغلال مثلهم”.
أما الشركات التي لا تترك من تستقدمهم لمصيرهم، فهي تتمنّع عموماً عن دفع اشتراكات الضمان عنهم. ولا تجدد إجازات عملهم وإقاماتهم، أو يأخذ بعضها من العامل مبلغاً مضاعفاً من أجل إتمام أوراقه القانونية. وبعضها يترك الخيار للوافدين الجدد: “بدك كفيل، بدك تدفع”!
من مُستغَلة إلى مستغِلة
لا يهدأ هاتف شابنا، العاملة البنغلادشية التي تقيم في لبنان من دون أوراق منذ 11 عاماً. لدى شابنا عمّال بمواصفات عدة. قبل 11 عاماً، باعت شابنا منزلها في بنغلادش بـ3 آلاف دولار أميركي دفعتها إلى المكتب الذي استقدمها إلى لبنان. بعد خداعها بشأن طبيعة العمل والراتب وتعرضها للإستغلال الجنسي، تركت شابنا منزل كفيلها. تعرّفت من ثمّ إلى رجل بنغلادشي (رفضت الإفصاح عن اسمه)، وبدأت العمل معه في تأمين كفلاء للعمال البنغلادشيين الذين يريدون القدوم إلى لبنان، بالإضافة إلى إيواء العاملات اللواتي يتركن أماكن عملهن، وصارت إذ ذاك فرداً فعّالاً في منظمومة استقدام العمال من بنغلادش.
يقيم شريك شابنا منذ 30 عاماً في لبنان “وهو القصة كلها”. يملك الأخير مكاتب إستقدام في بنغلادش، ويتعامل في لبنان مع مكاتب وشركات تنظيفات من أجل تسهيل عملية دخول العمال والعاملات إلى لبنان. إليه يلجأ من يريد إستقدام عامل، أو “شراء عامل” على حد تعبيرها، وأكثر من يتم إستغلالهم هم العمال غير النظاميين، لأنهم يرضون بالقليل.
إستغلال أيضاً وأيضاً
يعمل”بيمال” النيبالي، في مصنع للزجاج. قبل 3 أشهر قرر صاحب العمل عدم دفع راتبه مع زملائه، بحجة الضائقة المادية. يشتغل بيمال 10 ساعات يومياً، بالإضافة إلى ساعات إضافية، وكل هذا غير مدفوع. يسكن “بيمال” مع 8 أشخاص في الغرفة نفسها، على نفقة صاحب العمل. إلا أن الأخير لم يجدد أوراقهم، فصاروا رهائن لديه ولم يحصلوا على أجورهم. كما رفض تسفيرهم عندما طلبوا منه ذلك. توجّه بيمال إلى سفارته التي وعدته خيراً. وهو ما أكده لـ”المفكرة” القنصل الفخري للنيبال محمد غزيّل الذي صرّح لنا أنه يفعل كل ما بوسعه من أجل حماية الجالية، وأنه يعمد إلى تحريك “واسطاته الخاصة في وجه من يظن نفسه مدعوماً” عند الاقتضاء. وأعرب عن حرصه على حصول بيمال وزملائه على كامل رواتبهم، و”إن لزم الأمر رفع دعوى على صاحب العمل، إلاّ أن الأمور تسير حتى الآن بشكل ودّي”.
الإستقدام: باب للربح الإضافي
يملك “أبو مجد” محلّاً لبيع الألبسة. لم يبخل الرجل على نفسه بتخصيص زاوية صغيرة ضمن محله لمصدر رزق إضافي، حيث فتح فيها مكتباً لاستقدام العمال تحت إسم شركة تنظيفات. بعدما رفض أبو مجد الحديث عن عمله “الإكسترا”، تطوّعت ابنته لإخبارنا عنه بعيداً عن محل والدها: “بداية تحتاج إلى إنشاء شركة تنظيفات، بعد تأمين بضعة أوراق”. بعدها، “يحق لصاحبها استقدام العدد الذي يريد من العمال بكلفة رمزية، وكله بالرشاوى بيصير” وفق ما قالت واصفةً والدها بأنه “كينغ” (ملك) في هذا المجال كونه يمتلك أكثر من شركة تستقدم عمالاً.
تعترف الصبية التي تساعد والدها في أعماله، أن ما يقومون به هو “إتجار بالبشر”، يتورط فيه موظفون رسميون سواء في مؤسسات الدولة أو في سفارات بلدان المنشأ. تحدثت عن شخص في إحدى السفارات يأتي بجوازات سفر عمال من بلده ويوزعها على شركات عدة لقاء مقابل مادي كي لا يثير أي شبهة. وعندما يصل هؤلاء العمال إلى لبنان، وغالبيتهم من الجنسية البنغلادشية وأصبحت أعدادهم هائلة، “لا يجدون عملاً بإنتظارهم، ولا حتى شركة من أجل العمل فيها”. وتضيف أن بعض شركات التنظيفات تتفق في معظم الأحيان مع العامل من أجل تهريبه من مكان عمله، وتوهمه بأنه سيحصل على أموال أكثر، فتقوم “ببيعه” (وفق تعبيرها) إما إلى محطات بنزين أو معامل أو غير ذلك، فيظلّ يعمل في هذه الأمكنة. إلا أن المسمّى الوظيفي الذي جاء لأجله يبقى عامل تنظيفات.
عمل قسري يبقى خارج الملاحقة
تعليقاً على ما تقدّم، تقول المحامية غيدا فرنجية: “هذه الشهادات تظهر أن آلية استقدام العمال الأجانب إلى لبنان تفتح المجال واسعاً لاستغلالهم في العمل القسري. وهذا الاستغلال تنتفع منه عصابات من التجار اللبنانيين والأجانب تحت غطاء الفساد الحاصل في عدد من الإدارات العامة التي تمتنع عن ممارسة الرقابة الكافية ومحاسبة الإتجار بالبشر”.
وتضيف: “عندما بحثنا في قضايا الإتجار بالبشر التي وصلت إلى المحاكمة خلال العامين 2016-2017، وجدنا حالة وحيدة تتعلق باستقدام عمال أجانب، حيث اكتفت السلطات اللبنانية بملاحقة وسطاء بنغلادشيين من دون أن تشمل الملاحقة أي شخص لبناني، وكأن الإتجار بالبشر هو أمر بنغلادشي داخلي ولا علاقة للبنانيين به. وما يسهّل هذا الأمر هو أن التجار اللبنانيين يضعون الوسطاء الأجانب في الواجهة في العلاقة مع العمّال الذين يتم استقدامهم”.
وترى فرنجية أن “العامل الذي تعرّض للخداع من قبل مكاتب الاستقدام الأجنبية واللبنانية حول وجود فرصة عمل أو حول طبيعة العمل وشروطه أو العامل الذي يتم استغلال عمله من دون تسوية أوضاعه من قبل مشغلّين وأصحاب عمل لبنانيين، فهو غالباً الوحيد الذي يتعرض للمحاسبة والترحيل. هؤلاء العمال يجدون أنفسهم أمام خيار من إثنين: إما مغادرة لبنان والعودة إلى بلادهم، وهو خيار غالباً ما يكون من الصعب جداً بسبب الديون الكبيرة التي تكبدوها من أجل الوصول إلى لبنان كما تبيّن هذه الشهادات، وإما البقاء في لبنان للعمل بشكل غير رسمي من دون جواز سفر أو إقامة رسمية، مما يعرّضهم للعديد من الانتهاكات ولظروف عمل قاسية قد تصل حدّ العمل القسري. في هذه الحالات، تعتبر السلطات أن العامل يمارس “عملاً حراً بملء إرادته” كونه غير مرتبط قانوناً بكفيل، فتعاقبه عبر توقيفه واحتجازه وترحيله من لبنان دون منحه الحق بالمحاكمة العادلة، في حين لا تُحاسَب المكاتب والمشغلّين اللبنانيين الذين ينتفعون من عمله ويحققون أرباحاً هائلة من الإتجار به”.
وأمام هذا الكم من الاستغلال، وأمام الوضع الاقتصادي الحالي وطبيعة حركات الهجرة إلى لبنان، ترى فرنجية أنه “بات واجباً على وزارة العمل وقف استقدام العمال الأجانب من دول بعيدة كبنغلادش والنيبال، وفتح فرص العمل هذه للبنانيين الراغبين بها كما للأجانب واللاجئين المرغمين قسراً على الإقامة في لبنان لا سيما الفلسطينيين والسوريين ومكتومي القيد”.
وزارة العمل: خداع العمال يحصل في دولهم
تقول رئيسة مصلحة العمال الأجانب في وزارة العمل مارلين عطالله أن الوزير كميل أبوسليمان حريص جداً في موضوع إعطاء الموافقة المسبقة على استقدام العمال إستناداً إلى الحاجة. وتحدّد هذه الحاجة على أساس الثقة بالمصدر الذي يطلب العمال، بالإضافة إلى أنّ هناك وظائف لا يرضاها العامل اللبناني، كما قالت، “ومن هنا تبرز الحاجة إلى العمال الأجانب للعمل في شركات التنظيفات، أو في فرز النفايات وجمعها. وقد تحتاج الشركة إلى 500 عامل، بينما لا يؤمن السوق اللبناني سوى 40 عاملاً منهم فقط”. وترى عطالله أن الوزارة حالياً تضيّق نطاق منح الموافقة المسبقة، كما تنظم حملات تفتيش للشركات، للتأكد من أن كل الأمور تجري وفق القانون. وردّاً على سؤال، قالت أن الوزارة تعمل حالياً لبدء الكشف على أماكن سكن العمال أيضاً.
وترى عطالله أن “خداع العمال غالباً ما يحصل في دولهم قبل أن يصلوا إلى لبنان، كما يتفق العامل نفسه غالباً مع شركة التنظيفات من أجل تهريبه من مكان عمله، إذ تكون فكرة الهرب موجودة لديه وهو ما زال في دولته، فيصبح صاحب العمل اللبناني ضحية”. وهي تعزو ما يحصل إلى رغبة العامل بالعمل الحر “من أجل الحصول على مردود مادي أكثر لكي يعوّض ما دفعه”.
وعندما يخالف العامل شروط الإقامة يصبح عرضة للانتهاكات والاستغلال، علما بأنه يحق له رفع شكوى لدى وزارة العمل أو حتى في سفارته في حال تعرّضه لسوء معاملة أو عدم دفع أجوره. وبعدما تؤكد أن شركات التنظيفات تعمل بطريقة قانونية، تضيف عطالله : “أنا لا أقول أن الواقع مثالي، ولكن يحصل أحياناً أن يكون العامل شريكاً في هذا الشواذ”.
ومع وزارة العمل، تشدد عطالله على أهمية جهود الأمن العام، “لأن لديه القدرة على ضبط المخالفين ميدانياً، حيث لا يتجاوز جهاز التفتيش في الوزارة الثلاثين مفتشاً”. وتبلغ قيمة ضبط المخالفة للفئة الثالثة “480 ألف ليرة لبنانية والثانية 960 الف ليرة عن كل عام مخالف”. في المقابل، وفق عطالله، “يقوم الأمن العام بترحيل العمال المخالفين، في حال كانوا مجموعات، بالتنسيق مع سفاراتهم”. كما كشفت أخيراً عن نية الوزارة رفع كلفة استقدام العمال الأجانب “حماية للعامل اللبناني”.
من جهته، يصف قنصل بنغلادش في لبنان عبدالله المأمون استقدام عمال بلده بـ”القانوني”، إنما بعد وصولهم إلى لبنان “يصبحون خارجين على القانون بسبب هروبهم، من أماكن عملهم، أو عدم تجديد إقاماتهم، بسبب ارتفاع كلفة هذا المعاملات التي يعتبرها العامل عبئاً بالإضافة إلى المبلغ الذي دفعه من أجل استقدامه، أو في بعض الأحيان لا يقوم الكفيل بتجديد إقاماتهم أو عقود عملهم، فتجتمع أسباب كثيرة ليصبح العامل غير شرعي”.
وأكد أن السفارة تسعى دائماً إلى حماية رعاياها من خلال تأمين الدعم لهم على كافة الصعد، وإن احتاج الأمر لتعيين محام لهم من أجل الدفاع عن حقوقهم. وأكد وجود سقف محدد لكلفة استقدام العامل وبقية المبلغ يأخذه السمسار.
- نشر هذا المقال في العدد | 61 | تموز 2019، من مجلة المفكرة القانونية | لبنان |. لقراءة العدد اضغطوا على الرابط أدناه:
ليس بالوطنية وحدها تحمى العمالة