"ليس هناك أي دليل او بصمات تدل على انها هي من سرقت, ضميرياً هل تحملها مسؤولية ذلك؟"، سؤال كرره القاضي المنفرد الجزائي في بيروت وائل صادق على صاحب العمل الذي ادعى على العاملة المنزلية لديه بالسرقة، وذلك في جلسة استجواب انعقدت في 25-6-2014. وقد جاء هذا السؤال معاكسا لكمّ من الأحكام المسبقةالصادرة عن هيئات قضائية أخرى، انتهت الى اصدار أحكام بالسرقة ضد عاملات أجانب من دون أي دليل. وقد بدا من خلال أسئلته وكأنه يدعو المدعي بشكل ضاغط الى مقاربة الأمور بطريقة مختلفة، بمعزل عما بات عدد من المواطنين اللبنانيين يعدونه أمرا طبيعيا، أي اتهام عاملاتهم بالسرقة افتراء أو على الأقل من دون أي دليل. فثمة واجب ضميري باحترام حقوق هذه العاملة وثمة مسؤولية أخلاقية وقانونية في حال اتهامها زورا. وقد أظهر القاضي من خلال أسئلته تلك التزاما بحق العاملة بمحاكمة عادلة رغم عدم تمتعها بمحام، فلم يكتف بالتحقيقات الموجودة في الملف، بل استفاض في أسئلته، ساعيا الى اثبات حقيقة الأمر.
وفي هذا السياق، سألت المحكمة كيف يمكن ان تتكرر السرقة فلا يلتفت صاحب العمل اليها الا بعد ستة أشهر، خاصة في ضوء تصريحه انه كان يفقد من فترة الى اخرى مبالغ تصل الى 50 د.أ.، بالاضافة الى بعض المصاغ، أي ما يقارب الستة آلاف د.أ. (وفق تقدير المحكمة). كما كان لافتا إصرار المحكمة على سؤال صاحب العمل المدعي "إن كان يتحمل ضميره ان يقول ان العاملة هي التي سرقت"، وعندما اجاب المدعي انه هو ادعى بالامر وهناك تحقيقات أجرتها الضابطة العدلية، شدد القاضي على ان ليس هنالك من دليل قائلا "هذا كلام مقابل كلام، سؤالي واضح: هل يتحمل ضميرك ما تقوله أن العاملة هي التي سرقت". وجوابا على ذلك، اكتفى المدعي بالقول بأن ثمة تزامنا بين تواجد عاملة في منزله ووقوع حادثة السرقة. ومع إلحاح القاضي عليه في سؤاله عن مدى تأكده من كونها هي الفاعلة، أبدى صاحب العمل ترددا قبل ان يجزم موقفه باتهامها بالسرقة عند نهاية الجلسة.
بمعزل عما ستؤول اليه هذه الدعوى، فان من شأن استجوابات مشابهة أن تفتح بابا أمام انهاء ظاهرة اتهام العاملات بالسرقة زورا. هكذا اتهام يشكل لمن لا يعلم جرم افتراء.
الصورة منقولة من أرشيف المفكرة القانونية
متوفر من خلال: