يوم السبت 30 أيلول، شكّلت الحرّيات عنوان الحدث، وكان قمعُها الخبر. الحرّيات الفردية والعامّة، وفي مقدمّتها حرّية التجمّع، والتظاهر، والتعبير، والإعلام وممارسة العمل الصحافي المضمونة بموجب المادة 13 من الدستور. فيوم السبت، وتحت كل هذه العناوين نُظّمت وقفة احتجاجية في ساحة رياض الصلح، تحوّلت إلى مسرح للانتهاكات ضدّ كل هذه الحريات عبر الحصار والتهديد والشتم والتحريض ورمي الحجارة فالضرب والقمع والاعتداءات بالجملة، والدم.
استهدفت الاعتداءات التي نفّذها أفراد منظّمون ضدّ المتظاهرين والصحافيين، وهي ضربت الجسم الصحافي – لا سيّما غير التقليدي والمستقلّ – في صميمه، لتتوّج مرحلة من الانتهاكات الرسمية بحق الصحافيين والناشطين، وتسجّل تصعيدًا ميليشياويًا غير مسبوق في استباحة كرامتهم وحتى دمائهم، وسط صمت المسؤولين. وكانت الاستدعاءات والتوقيفات والملاحقات الأمنية والتعسّفية لهؤلاء بالأساس السبب الذي دفع عددًا من التنظيمات السياسية وجمعيات مدنية وناشطين معارضين إلى الدعوة للتظاهر تحت عنوان “مسيرة الحريات” والتي كانت تنوي السير من ساحة رياض الصلح إلى وزارة الداخلية، حيث جاء في الدعوة: “نشهد في الآونة الأخيرة تصاعد حملة قمع الحرّيات والخطاب المعارض في لبنان وسياسة ممنهجة لكمّ الأفواه تشمل الملاحقة والدعاوى وممارسات الترهيب المستمرّة وحملات الافتراء والتشويه على أصحاب الرأي، واستدعائهم إلى النيابات العامّة والمحاكم العسكرية للسكوت عن ممارسات النظام الفاسد”.
واستعمل المحرّضون والمعتدون شمّاعة المثلية، آخر صيحات السلطة بكلّ مكوّناتها، لـ “شيطنة” المسيرة والمشاركين فيها ومن يغطّيها من الصحافيين، فاتّهموا المشاركين بـ”الترويج للشذوذ” والدفاع عنه وأخذوا يطلقون النعوت الهوموفوبية على كل من في الساحة، واستحضروا معجم الإهانات المحقّرة للنساء. نوثق في هذا المقال ما تعرّضنا له كصحافيين وصحافيات، من ضمنهم فريق “المفكّرة القانونية”، بالإضافة إلى متظاهرين قلائل استطاعوا الوصول إلى الساحة أو لم يستطيعوا إليها سبيلًا، من خلال شهاداتهم التي ترسم صورة الحدث وخلفيّاته وآثاره، ودور القوى الأمنية فيه.
عند الساعة الرابعة من عصر السبت، الموعد المحدد لبدء التجمّع، ومع توافد الوسائل الإعلامية وبعض المتظاهرين إلى ساحة رياض الصلح، كانت القوى الأمنية قد وضعت حواجز حديدية ليتم إقفال كافة مداخل ومخارج الساحة، مع تحديد مسرب واحد لدخول المتظاهرين. ومنعت القوى الأمنية صحافيين من الدخول من المدخل المحاذي للإسكوا، طالبة منّا متظاهرين وصحافيين التوجّه نحو المدخل المخصّص. الساعة 4:05، وصلت أولى طلائع المعتدين على دراجات نارية أمام هذا المدخل عينه، مطلقين شعارات معادية للمثليين ومتّهمين كل من وصل إلى الساحة بـ”الشذوذ الجنسي” أو الترويج له. ركّزت شعارات المعتدين على “التوحّد” على الكراهية رغم تعدد خلفياتهم الدينية “سنة وشيعة ومسيحيين”، وعلى الإصرار على أنّ “الشارع مش للحريات، حرّياتكم ببيوتكم مش بالساحات”. كان بين المجموعة شخص يبدو أنّه مسؤول عن المهاجمين يردد العبارات التحريضية وينظم المعتدين. تجمّع الصحافيون عند مركز الحدث لتوثيقه، ومعهم بعض ممثلي المجموعات الداعية للمسيرة. تقول الناشطة حياة مرشاد “إنني كنت وراء القوى الأمنية، محتمية بهم وقلت: الشارع لإلنا رح نضل فيه” ليبدأ أحد المهاجمين بإهانتها وليقفز آخر من فوق الحاجز الحديدي معتديًا على مرشاد بصفعة على ورأسها، ومحاولًا سحبها نحو الجانب الآخر.
الاعتداء على مرشاد وسكوت القوى الأمنية عنه، دفع المهاجمين إلى التصعيد، فقد بدا عليهم الاطمئنان إلى تعاون القوى الأمنية معهم، وانتقلوا من الشتائم والشعارات إلى رمي الحجارة وقوارير المياه. حالة انتشاء بالقوّة رأيناها في عيون المعتدين، الذين تقدّم واحد منهم وصرخ: “ما بدنا نشوف حدا هون”. قرّر المتواجدون في داخل الساحة، وتحت وابل الحجارة، التراجع نحو وسطها، وتحديدًا عند تمثال رياض الصلح، لتلاوة بيان المسيرة التي لم تحصل والإنصراف. بالتزامن، كانت الدراجات النارية تحاوط كافة مداخل الساحة لفرض حصار عليها بمن فيها، بينما كان الصحافي وطالب الإعلام مهدي (اسم مستعار) يصل لتوّه إلى الساحة للالتحاق بزملائه من أجل التغطية، وعبر المدخل الذي وجّهتنا إليه القوى الأمنية.
يقول الزميل مهدي إنه وصل خلال موجة رمي الحجارة على المتظاهرين: “كنتُ أقف بمعدات التصوير عند الفاصل الحديدي غير قادر على الوصول إلى الساحة، فيما كان الشبيحة منهمكون برمي الحجارة ومحاولة اختراق الحواجز الحديدية. صوّرت 3 فيديوهات، قبل أن أنتبه إلى أنّ المعتدين لاحظوا وجودي. تكاثروا من حولي، وبدأوا أولًا بعبارات الشتم والسباب التي تحمل خطاب كراهية ضد المثليين تحديدًا، قبل أن يبدأوا بمدّ أيديهم عليّ”. يتابع الزميل الصحافي: “كانت القوى الأمنية واقفة ولم تحرّك ساكنًا، أحد الضباط توجّه إليّ وأنا محاصر بالقول: إنت مكانك مع الشاذّين جوّا مش هون”.
يقول الصحافي الشاب إنّه حاول أن يشرح للمهاجمين أنّه صحافي يقوم بواجبه المهني: “قلت لهم أنا مجرد صحافي، أنا لا معكم ولا ضدّكم، كرّرت هذه العبارة عشرين مرة، لكن التدفيش والرّفس استمر مع عبارات من نوع “من شكلك إنت منهم” إضافة إلى سيل من الشتائم، شتائم طبعت الهجوم من أوّله إلى آخره. “انسحبت وأنا أتلقّى الضربات وبدأت بالهرب”.
توثق شهادة مهدي الاستهداف المتعمّد للصحافيين. وكارل حداد، الصحافي من منصة “نقد”، يقول أيضًا إنّه لدى ترجّله وزميلته من سيارتهما في منطقة الصيفي مقابل ساحة الشهداء، توجّه إليه 7 مهاجمين طالبين منهما المغادرة فورًا: “قيل لنا أنتم إعلام داعم للشذوذ، انقبروا فلّوا من هنا، ما بدنا نوسّخ المدينة”. يؤكّد كارل أنّه كان قد وضع بطاقته الصحافية برقبته، وإشارة صحافة على سيارته، وحمل معدّاته، تحديدًا بسبب معرفته بتوتّر الوضع، كجواز عبور له بصفته صحافيًا وليس طرفًا هنا. “لكن تبيّن أنّهم يستهدفون الإعلام تحديدًا والشرّ في عيونهم، ولا مجال للتحدّث معهم”. حاول فريق منصة “نقد” التعريف عن نفسه مرارًا “لكن الصراخ والشتائم كانت أعلى، ولمّا تقدّموا لضربنا، التجأنا إلى السيارة وقرّرنا المغادرة”. “هو شعور بالاختناق، ألّا أتمكّن من ممارسة عملي بسبب مجموعة همجية”، يقول حداد.
بدوره يؤكّد مراسل المؤسسة اللبنانية للإرسال أحمد عبدالله في اتصال مع “المفكرة القانونية” منعه من الوصول إلى الساحة لأداء مهمته في تغطية التظاهرة، مؤكدًا أنّ هذا المنع تمّ من قبل قوى الأمن اللبنانية. هذا فيما تمّ توثيق اعتداء القوى الأمنيّة على الصحافيّ طارق قبلاوي ومنعه من التصوير، إضافة إلى التعرّض لفريق منصة “ميغافون”.
الاعتداء الأكثر دموية أمام أعين أطفال
مقابل هذا التشدّد الأمني في رياض الصلح، كانت منطقة وسط بيروت ساقطة أمنيًا بيد عصابات الموتوسيكلات، وسط غياب تامّ لقوى الأمن، ما جعل كلّ من يشتبه المهاجمون بأنّه متوجّه نحو التظاهرة، غنيمة سهلة لهم، وكان هؤلاء يعتمدون على معايير خاصة بهم لاصطياد الضحايا، مثل الهيئة الخارجية للشخص، فينقضّون عليه من دون سؤال.
وفيما كان الزميل مهدي يحتمي خلف أعمدة ضخمة تزيّن مسجد الأمين في وسط بيروت، كان 3 مواطنين يقتربون من الساحة بحذر، للانضمام إلى التظاهرة، حين شاهدوا موجة العنف الأولى، فقرروا الانسحاب فورًا. وكانت بينهم وبين ساحة رياض الصلح أرتال المهاجمين، بحجارتهم وأسلحتهم البيضاء. وحين همّ الأصدقاء الثلاثة، عامر وويوسف ولؤي (أسماء مستعارة)، للمغادرة، رآهم بعض المعتدين، “فهجموا علينا الواحد تلو الآخر مع عبارات التحقير والاتهام بالشذوذ ممهلين إيّانا ثوان للمغادرة”.
“أسرعنا بالمشي من دون ركض باتجاه السيارة التي كانت مركونة في منطقة الصيفي، من دون الرد على أي من الشتائم، لأنّنا شعرنا بأنّ أيّ رد من قبلنا سيعرّض سلامتنا للخطر، رغم هذا، هجم أحد المعتدين على عامر الذي كان أمامنا بخطوات وبدأ بضربه، فتقدّمنا لنجدته، ليبدأوا بضربنا بشكل مبرح”، يروي يوسف لـ “المفكرة”. وقع هذا الاعتداء أمام كاتدرائية مار جرجس المارونية، وعلى بعد بضعة أمتار من نقطة لحرس مجلس النواب، وأمام عناصره. بعد دقائق، تمكّن عامر من الهرب، ولكنها كانت كافية بالتسبب بتشطيب وجه يوسف، ويد لؤي اللذين سالت دماؤهما بغزارة. وفيما كان يوسف ولؤي يحاولان المغادرة، تجدّد الهجوم عند مسجد الأمين، كيل من الشتائم الهوموفوبية والتحقيرية وضرب مبرح تسبّب بكسور في وجه يوسف. اعتداء ثالث طال يوسف ولؤي في ساحة الشهداء، تخلّله ضرب بالعصي على الظهر والرأس، وأمام أطفال كانوا يلهون بألعاب نفخ خلال احتفال بمولد النبي محمد.
يقول يوسف إنّ “الشذوذ هو الضرب والشتم وإسالة الدماء أمام أعين الأطفال، نحتاج لإعادة تعريف الشذوذ”، ليؤكد أنّه: “في الأساس لا يعرف هؤلاء المعتدين شيئًا عنّي ولا عن ميولي ولا عن اسمي ولا حتى هم رأوا وجهي سابقًا، كانوا يضربون شخصًا غريبًا عنهم، بتهمة هم اخترعوها وحاكموني على أساسها وأنزلوا فيّ القصاص فورًا”. حتى أنّ أحد المهاجمين قال له إنّهم سيقصّون له شعره الطويل. ويتابع: “وقفت أمام الشرّ والحقد وجهًا لوجه، ولم أشعر بأنّني قد أخرج حيًا”، ويُضيف ساخراً: “انضربت على الكنيسة وعلى الجامع وعلى ساحة الشهداء”. يؤكد يوسف كيف أنّ أحدًا لم يتقدّم لمساعدته، فيما كان مواطنون يلاحقونه بكاميرات هواتفهم والدم يغطي وجهه، وهو يحاول الهرب. ويكشف عن تواجد سيارة إسعاف مكتوب عليها أنها “هيئة إسلامية” في المكان، وأمامها مسعفون “رفضوا مساعدتي، حينما توجّهت إليهم، بأنف مكسور ودم يسيل من وجهي ورأسي، بل إنّ أحد المسعفين قال لي: لا يوجد مساعدة لك هنا”. وبعد معالجتهم في المستشفى، تثبّت الطبيب الشرعي من تعرّض يوسف لكسور في عظام الأنف وحجر العين والأسنان ولجروح وكدمات، فيما أصيب لؤي بكدمات عدّة في مختلف أنحاء وجهه وجسمه.
الحصار المطبق: هل تلاعبت بنا قوى الأمن؟
بالعودة إلى ساحة رياض الصلح، كانت الصورة على الشكل الآتي: بضعة عشرات من المتظاهرين والصحافيين، تحاصرهم مجموعات المعتدين على كلّ المسارب. وكلّ ما توجّه بعضهم إلى مسرب للهروب، تتكاثر في وجههم الدراجات النارية، وصيحات التهديد والوعيد، بينما تقف القوى الأمنية على الحواجز الحديدية، مانعة الدخول والخروج من دون أن تفعل أي شيء لتفريق المهاجمين. كانت صور الاعتداءات التي تحصل في الخارج تصل إلى من هم في الداخل، فتزيد الرعب والقلق على مصيرهم. قال أحد العناصر الأمنية، ردًا على سؤالي عن أسباب السماح باستمرار الحصار والترهيب الذي يمارسه المعتدون: “هول متظاهرين وهول متظاهرين”. لكن الواقع على الأرض لم يكن كذلك، بل كان هناك متظاهرون سلميون وفرق إعلامية وصحافيون، مقابل مجموعات تهدّد من في الساحة وتضرب من هو خارجها. رد العنصر بالقول “نقاشك ليس معنا، بل مع المسؤولين عنّا”. هو لم يكن نقاشًا أصلًا بل وقائع موثّقة من قبل الصحافيين الموجودين. لكن يبدو أنّ الأوامر كانت بإبقاء الوضع على ما هو عليه، وأن تلعب القوى الأمنية دور المتفرّج في هذه المرحلة لتترك الساحات مستباحة من قبل المجموعات الترهيبية.
أقدّم هنا شهادة حسن، وهو مدني يعمل سائق أجرة، كان له الفضل بسحبي من الساحة عند قرابة الساعة الـ6:00 مساء. يقول حسن: “لقد ظنّ المهاجمون أنني متعاطف معهم، ربما حكموا عليّ من لهجتي أو بحكم معرفتي بأحدهم خلال طفولتنا المشتركة في أحد أحياء الضاحية الجنوبية. لا أدري كيف كانوا يصنّفون الناس، لكنّهم وثقوا بي وكانوا يتحدثون أمامي بأريحية”. وينقل حسن أنّ “في كلّ مجموعة كان هناك أفراد مسؤولون عن توزيع المهاجمين على المداخل، ويتواصلون من خلال تسجيلات صوتية على مجموعات واتساب”، ويتابع: “في البداية، سمعت هذا المسؤول يطلب وضع 15 دراجة نارية على كل مدخل، ما يعني 30 مهاجمًا، لأنّ كلّ دراجة تحمل اثنين”، ولاحقًا “حصلوا على دعم بعد انضمام المزيد من الدراجات النارية، فارتفعت أعدادهم لكن بشكل طفيف”.
ويوثق حسن في مشاهداته، أنّ المهاجمين كانوا بمعظمهم من مناطق عائشة بكار، طريق جديدة، وأبو شاكر في كورنيش المزرعة، وكان العدد الأقل من مناطق في الضاحية الجنوبية بعضهم موظفون في بلدية بيروت يعرفهم جيدًا. ويشير حسن هنا إلى أنّ أحدهم كان يجول دائمًا على دراجة من نوع موتوكروس ويبدو أنّه لم يكن من المهاجمين بل المستطلعين للمكان”. إلى هذا، لاحظتُ خلال خروجي متسللًا برفقة حسن، انتشارًا منظّمًا للدراجات النارية وجولات منتظمة على نقاط محدّدة تشرف على وسط بيروت، مثل الصيفي وبيت الكتائب ومسجد الأمين ومبنى النهار، كمن يسير وفق خطة أمنية محددة. لم يكن أبدًا عملًا عفويًا أو عشوائيًا، الأمر الذي يُظهر أنّ قرار قمع التظاهرة كان متخذًا من قبل جهات منظَّمة، تعرف ماذا كانت تصنع أيديها.
وحسن تسلّل عبر شارع المصارف وخاطر من أجلي رغم أنّ معرفتي به مهنية اكتسبت مساحة صداقة خفيفة. “هرّبني” حسن قبل اقتحام الساحة لاحقًا، لأخرج بإصابات خفيفة في القدم اليمنى والصدر والضهر -لم أتنبّه لها حتّى غادرت- ومجرّد من سوار يد كانت قد أهدتني إيّاه صديقة، خفنا أن يستفزّ المهاجمين بشكل أو بآخر.
استمرّ الحصار مدة قاربت الساعتين ونصف، مرّت ثقيلة على كلّ من في الساحة، وهم بأغلبيّتهم صحافيون وبعض المنظمين والمتظاهرين. بعد تلاوة حياة مرشاد لبيان المسيرة التي لم تحصل، في جو من التوتر وعلى وقع صيحات التهديد والوعيد، انتهت المهمّة التي جئنا لأجلها في الأساس، وبقي أن يفكّ الحصار ويتفرّق المعتدون لنمضي نحن في حال سبيلنا.
تتنوّع التجارب الشخصية التي عاشها كلّ واحد منّا، كما تتعدّد أشكال الانتهاكات. كانت قوى الأمن تلعب دور الشرطي علينا وحدنا، تروي إحدى المصوّرات الصحافيات أنّ بعض المهاجمين طلب منها عدم التصوير، فما كان من الضابط إلّا أن توجّه إليها هي قائلًا: “ممنوع التصوير”. للمفارقة، تقول الزميلة إنّ المهاجمين كانوا يوجهون كاميرات هواتفهم عليها: “وهذا يجعلني بالطبع قلقة على سلامتي الشخصية، لكنه يستفزني أيضًا، فكيف يحق لمعتدين أن يصورّوا وجوهنا، ولا أعلم إن كان هدفهم مخابراتي أو للاعتداء علينا لاحقًا، ونحن الصحافيون نُمنع من ممارسة عملنا؟”.
في لحظة معيّنة، أمرنا أحد الضبّاط بالتوجّه نحو شارع المصارف الذي يفضي إلى شارع البلدية، “امشوا اثنين اثنين”، وأطعناه باعتبار أنّه أعلم منّا. دقائق، وبدأ الضابط بحثّ المزيد على الخروج، بتنا جميعًا في شارع المصارف نركض نحو المخرج، وإذ بأسراب المهاجمين تبدأ بالتجمّع أمامنا، ويبدو أنّ هناك من اخترق الحاجز الذي كان يفترض بشرطة المجلس أن تؤمّنه، ليبدأ الركض بالاتجاه المعاكس، إلى أين؟ إلى الساحة مجددًا. يؤكد شاهد عيان كان يراقب الوضع خارج الساحة أنّ “المدخل لم يكن مؤمّنًا أصلًا، عليه بضعة عناصر من حرس المجلس، هم كانوا أصدقاء للمهاجمين، وكانوا هم أصلًا يرددون عبارات كراهية ضدّ من في الساحة، وشتائم ضدّ من سمح بهكذا تظاهرات، وفق ما كانوا يقولون”.
وفيما نحن نركض باتجاه العودة إلى الساحة، نجد بيننا حياة مرشاد مجددًا تركض من بين حشد المهاجمين: “خرجت من الساحة بضمانة من قوى الأمن، الذين اشترطوا عليّ أن يرافقني شخص واحد فقط للخروج، كنت في طريقي أتأكد من كلّ من أصادفه من القوى الأمنية: هل فعلًا من الآمن أن أخرج من هنا؟ فيؤكد لي أن أتابع طريقي. وصلت إلى الخارج، وجدت نفسي وحيدة بوجه دراجتين ناريتين (من المهاجمين)، قال أحدهم “هذه هي”، وانطلقوا بالهجوم، وفي ثوان، انضمّ إليهم العشرات”، تقول حياة التي تتابع: “رأيت الموت بعيوني، تمالكت نفسي وبدأت بالركض باتجاه الساحة، ولا أصدق أنني نجوت”.
كانت هذه التجربة أبرز المحاولات للخروج من الساحة، بعدها نجح البعض بالتسلّل فرادى، وبقي الباقون “أسرى”، ومجددًا، معظم الذين بقيوا هناك، كانوا صحافيين. كان الصحافيون وكأنّهم أسرى حرب، والمهاجمون ينكّلون بهم.
اقتحام الساحة: “نحن أيضًا أحرار بأن نضرب وأن نقتل”
بعد مضيّ نحو ساعتين بكلّ ما فيها من إهانات ورمي للحجارة وترهيب وتوعّد، استقدمت القوى الأمنية آليّتين لإخلاء الصحافيين ومن تبقى من ناشطين ومتظاهرين. في هذه الأثناء، أزال المهاجمون الحواجز الحديدية من دون أي رد فعل من القوى الأمنية وهرعوا نحو الآليات ليحاصروها، ويبدأ مسلسل آخر من الترهيب.
تروي الزميلة في قسم الصحافة بـ “المفكرة القانونية” إيناس شرّي بعض ما تعرّضت له أثناء حصار المهاجمين لآليات الأمن التي بقيت هي خارجها: “كنت شمالي الساحة حينما توجّه لي أحد المعتدين أثناء قيامي بالتصوير بسؤال: أنت معنا أم ضدّنا؟ فأجبته أنا صحافية، لأجده يطلب بطاقتي، فأسأله عن صفته الأمنية كي يطلب من صحافية بطاقتها، ليجيبني بوضوح: أنا لست شرطيًا وأريد بطاقتك”. تروي الزميلة إيناس أنّها سألت هذا المهاجم ما إن كان قد قرأ بيان التظاهرة قبل أن يقرّر الهجوم عليها، ليكون الجواب: لا أريد قراءة البيان، أنتم تريدون حرية، فيردّ صديقه نحن أيضًا أحرار بأن نضرب وأن نقتل وأن .. (شتائم)”. تقول إيناس إنّ أحد المسؤولين عن المهاجمين تدخّل ليحاول .. لكن واحدًا منهم تمكّن من التسلل بسرعة نحوها “وضع وجهه أمام وجهي وبصق عليّ، قبل أن يتم تهريبي إلى إحدى آليات قوى الأمن الداخلي”.
في هذه الأثناء أيضًا، كانت الزميلة في قسم الصحافة بـ “المفكرة” لميا الساحلي والصحافي من موقع رصيف 22 حسن سنديان، في قبضة المهاجمين. تعرّض سنديان لاعتداء بعصا غليظة، فيما تعرّضت الزميلة لميا لضرب تسبب بفكش في يدها اليمنى أثناء محاولتها ردّ المهاجم عن حسن. وكلّ ذلك على مرأى من عناصر الأمن الذين لم يحرّكوا ساكنًا رغم أنّهم كانوا على بعد ثلاثة أمتار منهما. الزميلان سنديان والساحلي سلّمتهما القوى الأمنية لأحد المسؤولين عن الهجوم، واسمه حسن شقير الذي ادّعى أنّهما بأمان لكونهما صحافيين قبل أن يسلمهما بدوره لمجموعة من المهاجمين. وشقير المعروف بـ “أبو بكر” ويعرّف عن نفسه “مؤسس الجبهة الوطنية لمقاومة الترويج للشذوذ والانحلال الأخلاقي” كان من أبرز المحرّضين ضدّ مسيرة الحريات حيث توّعد المتظاهرين بمنعهم من التواجد في الشارع بكلّ ما لديهم من وسائل.
تقول الزميلة لميا في شهادتها: “هاجم شخص على دراجة نارية حسن بعصا غليظة ونالني من الاعتداء نصيبي خلال محاولتي نجدته وردّ المهاجم عنه. بعدها تراجعنا إلى محاذاة الدرك عند مسرب الإسكوا حيث كانت مجموعة صغيرة من المهاجمين تتربّص بنا. حاولت التحدث إليهم لأقول لهم إنّنا صحافيان وأنّ سيارتي قريبة وأريد أن أستقلّها وأغادر. ردّوا عليّ بطلب بطاقتي الصحافية، فرفضت إعطاءها لأنّه بأي حق يطلبونها وحاولت نقاشهم، وكلّما حاولت الحديث إليهم كان أحد العناصر الأمنية يصرخ بي أن أسكت وأتوقّف عن التحدث معهم”. وتضيف: “أذكر أنّ الضابط (قال لي أحدهم إنّ اسم عائلته جعجع) قال لشخص بدا أنّه مسؤول عن المهاجمين (عرفت لاحقًا أنّ اسمه أبو بكر) ‘الرسالة وصلت ليش بعدكن هون'”.
وتتابع: “أمسك أبو بكر حسن من يده ومشى باتجاه الفواصل الحديدة التي فتحتها له العناصر الأمنية وقال إنّنا بحمايته وسيأخذنا إلى السيارة، لحقت به لأنّي خشيت أن يتعرّضوا من جديد لحسن. وما إن دخلنا السيارة حتى هجم عليّ الشاب نفسه الذي ضرب حسن وأخذ يضرب السيارة وعاونه بعض من كانوا على الأرض من الشبّان المهاجمين، طبعًا أمام أعين الدرك، ثمّ بدأوا بملاحقتنا على أربع دراجات نارية وعلى الطريق واصلوا ضرب السيارة بالعصي حتى تكسّر الزجاج الخلفي بالكامل ومصابيح السيارة بعد أن كسروا المرآة الأمامية”.
تضيف لميا أنّهما لم يعرفا أين يتجهان إذ شعرا أنّهما بخطر في أي مكان في المدينة. فكّرا في التوجّه إلى طريق المطار علّ المهاجمين يرتدّون باعتبار أنّ المنطقة هناك منطقة نفوذ أخرى، وبالفعل اختفى المهاجمون على مشارف طريق المطار.
حصار آليّات الأمن: الرّعب هنا مضاعف
في رياض الصلح، كانت آليّتا الأمن التي بداخلها الصحافيات والمتظاهرين لا تزالان محاصَرَتين. المسافة هنا بين المهاجمين والعالقين في الداخل صفر، يفصل بينهم باب لا تسيطر عليه قوى الأمن. الشبّان المسعورون أخذوا يصوّرون الناس في الداخل ويشتمونهم بشتّى أنواع السباب والعبارات التحقيرية ويضربون على الآليتين بأيديهم ويحاولون فتح الأبواب. بقي الأمر على حاله أكثر من ساعة من دون أن تتمكّن الآليّتان من الانطلاق فيما لم تفعل القوى الأمنية أي شيء لتفريق المهاجمين سوى إطلاق 4 قنابل صوتية.
تروي ناهدة الخليل في شهادتها: “كنّا خلال حصار الآلية على يقين بأنّ المهاجمين سيصلون إلينا بين دقيقة وأخرى”، وتتابع: “بقينا أكثر من ساعة محاصرات، نمسك نحن بالباب، والمهاجمون يحاولون فتحه. في إحدى المرات خانتنا قوانا ففتح الباب قليلًا لتصل أيدي المعتدين إلى إحدى المتظاهرات وينجحوا بضربها”. تقول ناهدة: إنّ “الوقت كان طويلًا جدًا ونحن 17 ناشطة وصحافية، عانى بعضنا من نقص الأوكسيجين في ظل الحرّ، حتى وصول الجيش”.
الزميلة إيناس تخبر عن “لحظات رعب داخل الآلية التي كنت فيها مع مجموعة من الصحافيات خلال حصار المعتدين لها وحتى وصولنا إلى مشارف الضبيّة. رؤوسنا بالأرض بأمر من الضباط، الذين طلبوا منا خفضها”، وتضيف “هذه القوى الأمنية، واجبها أن تحمينا بإبعاد المهاجمين عنّا، لا بالطلب منّا الاختباء منهم، أو بإجلائنا بهذا الشكل من الساحة وترك المهاجمين يلاحقوننا حتى مسافة بعيدة بعد الخروج من بيروت ومحيطها”. وقد شهدت هذه المرحلة جملة من الانتهاكات، وصلت إلى حد أنّ أحد عناصر الأمن طلب من إحدى المتظاهرات خلع حجابها، بطلب من المعتدين بزعم أن هؤلاء “يستفزّهم حجابك، لأنّك لا يجب أن ترتدي حجابًا بنظرهم”، طلب لم ينفذ، بل انتفضت الناشطات عليه، وحفظت المتظاهرة على الأقلّ حقها في اختيار لباسها، رغم الترهيب.
أخيرًا، وبعد 3 ساعات من بدء الحصار، دخلت دبابتان للجيش اللبناني لتأمين إخلاء آليّتي قوى الأمن. وانتهت موقعة رياض الصلح بوصول الصحافيين والمتظاهرين عبر الآليات إلى مكان “آمن” في منطقة الضبيّة، حوالي الساعة السابعة مساء، وعلى بعد 10 كيلومترات خارج بيروت. وطلب من “الناجين” حينها المغادرة بوسائلهم الخاصّة من دون لفت نظر. تروي المتظاهرات أنّ الدراجات النارية بقيت تلاحقهم طيلة طريق الدورة، وأنّ آليات الأمن لم تتوقف إلّا على مقربة من جسر ضبيّة بعد أن تأكّدت أنّ الدراجات النارية عادت أدراجها.
تصف ناهدة الخليل ما جرى بأنّه يشبه المسرحية، “فمن المهين للدولة والقوى الأمنية أن تبحث عن مكان آمن للمتظاهرين بدل أن تضمن لهم أمنهم على الأرض وأن تقوم بلجم وردع الكم القليل من المعتدين”
من يحمي الناس؟ من يحمي الصحافيين؟
أمام هذا الواقع الخطير، حيث تحاول أطراف تنظيم مسيرة تندد بالنهج القمعي لقوى الأمن وخلفها السلطة السياسية الممثلة بالحكومة، فتواجَه بمجموعات ميليشياوية منظّمة، لتتسلّم لواء القمع من قوى الأمن التي وقفت متفرّجة، يصبح السؤال الملحّ: من يحمي الناس في الشارع؟ ومن يحمي الصحافيين؟
تقول الزميلة إيناس: “نزلت إلى التغطية بمهمّة صحافية، وخرجت منها بخيبة أمل، خيبة أمل من أنّنا متروكون في هذا البلد، وحقنا في الأمان مسلوب”. الصحافي مهدي يؤكد أيضًا أنّ “حماية الصحافيين ليست منتظرة لا من قوى أمنية هي من يستدعينا عادة ويقمعنا ويلفّق لنا التهم، وهي حتمًا ليست منتظرة لا من وزير إعلام يفتح منبره للهوموفوبيا والتحريض في استقبالاته وبعض تصريحاته، ولا من نقابات تابعة لأحزاب السلطة، تقفل أبوابها بوجه الصحافيين، وتخدم مصالح أصحاب العمل والزعماء السياسيين”. لكن الصحافيَين يؤكدان أنّ “هذه الاعتداءات لا ترهبنا”. تقول الزميلة إيناس: “خرجت بإصرار أكبر على استكمال عملي الصحافي المتركز حول الحقوق والحرّيات، لأنّ الرسالة يجب أن تصل، لا سيّما في ظلّ حملات التحريض والتمييع وخطاب الكراهية الذي رأينا نتائجه على الأرض”.
يُجمع من التقيناهم أنّ ما حصل هو نتيجة أشهر من التحريض ونشر خطاب الكراهية والمعلومات المغلوطة والمثل الأوضح هو الخبر المضلّل الذي نشرته جريدة “الأخبار” يوم الثلاثاء الماضي حول المسيرة، معتبرة أنّها “دفاع عن المثلية الجنسية”، وهو ما لا نجد أثرًا له في بيانات المسيرة أو الدعوة إليها. رغم هذا، تلقّفت مجموعة تطلق على نفسها اسم “الجبهة الوطنية لمقاومة الترويج للشذوذ والانحلال الأخلاقي” الخبر، أو لعلّه أمر العمليات، داعية عبر مجموعات على “واتساب” إلى “مسيرة دراجات نارية من تحت جسر الكولا عند الثالثة من بعد ظهر يوم السبت لفرض القيم والعرف وفرض الأخلاق الصحية والصحيحة وذلك منعًا لأي مسيرة تنادي بحقوق المثليين واللواط والسحاق”.
وزير الإعلام زياد مكاري، وفي اتصال مع “المفكرة”، يؤكد رفضه الاعتداءات التي طالت الصحافيين، مؤكدًا أنه “في كلّ مرة يتعرّض الصحافيون لاعتداء، أتابع الأمر شخصيًا، أما يوم السبت، فقد كنت على متن الطائرة متوجهًا إلى سلطنة عمان، ولهذا لم أتمكّن من المتابعة، وحين وصلت، اعتبرت أنّه لو أنّ صحافيين تعرّضوا لشيء جدي، كنت لأعرف”. ويردّ مكاري على السؤال عن دور بعض الإعلام التقليدي في التحريض على المسيرة، معتبرًا أنّ “ليس الإعلام وحده معترض على هذه الحالة (المثلية الجنسية)، بل الكنيسة معترضة، والمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى معترض والكثير غيرهم”. ومع إصرارنا على أنّ يوم السبت، كان هناك فريق يحرّض ويضلل ضد صحافيين ومتظاهرين يرفضون القمع والاستدعاءات، فيجابهوا بخطاب هوموفوبي لا صلة له بأسباب تحرّكهم، يقدم وزير الإعلام قراءته للوضع على الشكل التالي: “المشكلة بكل الأطراف، والمشكلة الأساسية هي الفوضى وضعف الدولة، ولا قضاء جدي ولا قوى أمنية لديها الوقت لأي تحقيق”، والكلام للوزير.
تؤكد منسّقة تجمّع نقابة الصحافة البديلة إلسي مفرّج أنّ عدد الصحافيين والمصوّرين الصحافيين الذين تمّ الاعتداء عليهم وصل إلى ثمانية، إضافة إلى منع صحافيين من التغطية، سواء من قوى الأمن أو بالإنابة عنها من قبل الميليشيات المهاجمة، محمّلة المسؤولية المباشرة لوزارة الداخلية التي لم تؤمّن الحماية اللازمة، “ما دفعنا إلى محاولة الضغط على الوزير طوال فترة الحصار من أجل إرسال تعزيزات أمنية تأخرت كثيرًا”. وتشير إلى الآثار النفسية للاعتداءات على الصحافيين والصحافيات. بدوره يحذّر المسؤول الإعلامي لمؤسسة سمير قصير جاد شحرور من “استعمال السلطة السياسية للمؤسّسات الروحية والأمنية للانقضاض على الصحافة”، ذاكرًا أنّ المعتدين كان لديهم استهداف واضح ومعلن للإعلام المستقلّ، بتهمة أنّ هذا الإعلام مناصر للقضايا الحقوقية، “وبغض النظر عن أي نقاش، لا يحقّ لأي مواطن الاعتداء على مواطن آخر لمجرّد أنّه يختلف معه بالاهتمامات أو التوجّهات السياسية أو الدينية أو الاجتماعية أو الجنسية”.
بدوره، برر وزير الداخلية بسام المولوي في تصريح صحافي يوم الإثنين استباحة وسط بيروت بأنّ “مسيرة الحريات” “لم تكن مرخّصة”، فيما يؤكد منظمون أنّ القوى الأمنية تمّ تبليغها بالمسيرة لطلب المؤازرة الأمنية، وهي رفضت استلام الطلب يوم الجمعة، لكن القوى الأمنية تواصلت مباشرة مع المنظمين وأعلمتهم بتأمينها للمؤازرة الأمنية و”تعهدت بحماية المتظاهرين بحال التجمّع في مكان واحد”. لاحقًا و”تبعًا لارتفاع بعض أصوات التهديد والوعيد المُغرضة، مترافقة مع ضعف الحماية الأمنية المرجوة لمسار “مسيرة الحريات” اليوم، فضّلت المجموعات المُنظّمة الاكتفاء باعتصام في وسط العاصمة بيروت” وفق بيان الوقفة يوم السبت، ولكن كل ذلك لم يحل دون ما جرى.
أمام الانتهاكات غير المسبوقة للحريات، الفردية والجماعية، التي شهدتها ساحة رياض الصلح، تقف أحداث يوم السبت بمثابة تذكير صارخ بالتحديات التي يواجهها الصحافيون كما المواطنون في لبنان. إن الهجمات الوحشية على من يسعون إلى ممارسة حقهم في التجمّع والتعبير ونقل الأحداث تسلّط الضوء على اتجاه القمع المثير للقلق، فيما تترسّخ حقيقة واحدة: الاتهام “بالشذوذ” هو سلاح السلطة الجديد لقمع الجميع، من دون استثناء، والقمع هنا دموي وأسود، تمارسه مجموعات من الشبيحة، ضدّ كلّ من يتجرّأ على رفع الصوت والاعتراض أو الاختلاف.
This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.
Strictly Necessary Cookies
Strictly Necessary Cookie should be enabled at all times so that we can save your preferences for cookie settings.
If you disable this cookie, we will not be able to save your preferences. This means that every time you visit this website you will need to enable or disable cookies again.