سالي حافظ اسم جديد ستحفظه المصارف.. واللائحة تطول


2022-09-16    |   

سالي حافظ اسم جديد ستحفظه المصارف.. واللائحة تطول

“يا عمري بوعدك لح تسافري وتتعالجي وترجعي توقفي عإجريكي وتربي بنتك لو بدا تكلفني حياتي عليي وعأعدائي الله يشفيكي يا اغلى من روحي”، جملة كتبتها سالي حافظ تحت صورة شقيقتها المريضة بالسرطان، على صفحتها على فيسبوك. ولم تنقض ساعات، حتى ظهرت سالي تحمل مسدّساً، تبيّن أنّه مزيّف، وتدخل به أحد فروع مصرف لبنان والمهجر في بيروت، وترفعه داخل المصرف الذي يحتجز أموالها، مطالبة بوديعتها لتتمكّن من علاج شقيقتها.

انتشرت فيديوهات سالي بسرعة عبر شبكات التواصل، رأى الناس لحظة دخولها البنك، ورأوها تجول في أرجائه تطالب بحقها، ورأوها تصعد على أحد المكاتب بيدها المسدس ثم تضعه على خصرها. والفيديو الأكثر انتشاراً كان لها وهي تشرف على عملية عدّ الأموال التي استطاعت انتزاعها. اتّهم بعض الناس سالي بأنّها تصرّفت كالعصابات، ولكن الغالبية أجمعت على أنّ العصابات الفعلية هي المصارف وسالي تصرّفت من إحساسها العميق بالظلم. فهي من أسرة قبل سطو المصرف على وديعتها وودائع الناس، كانت “مرتاحة” بحسب تعبير سالي، وقادرة على علاج ابنتها من السرطان، ولكن اليوم “صرنا بايعين معظم أغراض البيت”، بحسب سالي التي تضيف “ما كان عندي حل تاني”.

وسالي الناشطة السلمية في انتفاضة 17 تشرين والتي تشارك في الكثير من التحركات المطلبية وتحركات أهالي ضحايا المرفأ، كانت خلال العملية أول من أمس تؤكّد أنّها لا تريد أن تؤذي أحداً أو ترتكب أي فعل عنيف، بل تريد حقها لعلاج شقيقتها. لذلك استعارت مسدّساً مزيّفاً من ابن أختها ونزلت إلى المصرف برفقة ناشطين ومودعين آخرين واستطاعت تحصيل حقها.

تفاصيل استعادة سالي مالها المحجوز 

وفي مقابلة صحافية روت سالي كيف قررت استعادة وديعتها من المصرف في السوديكو الأربعاء في تاريخ 14 أيلول: “قبل يومين ذهبت إلى مدير البنك، وطلبت منه أن يعطيني مبلغاً من المال، وأخبرني أنه سيعطيني 200 دولار على الـ12000″، مؤكدة أنّها “وصلت إلى مرحلة “بيع كلوتي” من أجل أن تتعالج أختي، وأنا لا أؤذي نملة وعم شوف شقفة من قلبي عم تدوب مني”.

وأضافت: “من أجل أن تتعالج أختي فهي تحتاج إلى 50 ألف دولار، ولقد بعنا أغراض منزلنا، وأخذنا 13 ألف دولار، 12 ألف بالدولار، والباقي لبناني”، وتابعت: “لقد بلّغت الموظفين أنني آتية من أجل إنقاذ أختي ولا أريد إيذاء أحد منكم” وأقرّت أنّ السلاح هو لعبة لابن مؤكّدة: “أنا ضد السلاح المتفلّت في لبنان”.

وسألت القوى الأمنية، “حطوا حالكن محلي، وبدي شوف شو حا تعملوا”، وتوجهت للبنانيين: “روحوا جيبوا مصرياتكم لو بدها تكلفكم حياتكم”، مشيرة إلى أنّ “المصرف سرقنا علناً، ولم يعد لدي أي شيء أخسره ولم يكن عندي أي حل آخر”.

وفي المحصلة، استعادت سالي 12 ألف دولار، و30 مليون ليرة، سلمت المبلغ إلى عائلتها وتوارت عن الأنظار، وهي التجأت إلى مكان آمن، وفق ما تؤكده عائلتها، قبل أن يصدر مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات مذكرة بحث وتحرّ بحقها.

وبالتزامن مع سالي، كان المودع رامي شرف الدين يقتحم فرع “ميد بنك” في عالية، مطالباً بماله المحجوز في هذا الفرع ولكن وبعد تدخّل الأجهزة الأمنية سلّم نفسه. وبحسب معلومات لـ “المفكرة” تمّ الإفراج عنه بعد أخذ إفادته ليل أمس الأوّل. وقبيل نشر هذا التقرير، استطاع المودع محمد قرقماز انتزاع 19 ألف دولار من وديعته المحتجزة في فرع بنك “بيبلوس” بمنطقة الغازية، ومع كتابة هذه السطور دخل المودع عمر سوبرة فرع لبنان والمهجر في طريق الجديدة ببيروت مطالباً بوديعته. وانتشرت أنباء عن دخول مودع جديد فرع بنك لبنان والخليج في منطقة الرملة البيضاء في محاولة لانتزاع وديعته.

موقوفان ومذكرة بحث وتحرٍّ بحق سالي

وخلال عملية استعادة وديعتها، لم تكن سالي بمفردها فقد رافقها مجموعة من الناشطين والمودعين الذين أوقف اثنان منهم هما الناشطان محمد رستم وعبد الرحمن زكريا الملقب بـ “جون سينا”، وذلك بعد ادّعاء صاحب المصرف عليهما وعلى كلّ المقتحمين، وهما لا يزالان موقوفين حتى كتابة هذا التقرير في ثكنة الحلو في بيروت.

وكيل الموقوفين المحامي علي عباس يشير في حديث إلى “المفكرة القانونية” إلى أنه بعد الاستماع للموقوفين من قبل فصيلة طريق الشام في ثكنة الحلو، أعطى مدعي عام التمييز عويدات إشارة بتحويل الملف إلى التحرّي (أي الشرطة القضائية)، مع طلب تفريغ كل الفيديوهات التي نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي. والخميس، استمع التحّري إليهما مجدداً وعملوا على تفريغ الفيديوهات المتداولة، ويضيف عباس: نحن بانتظار إشارة مدعي عام التمييز، سواء بالتوسّع في التحقيق واستدعاء آخرين، أو بترك الموقوفين أو أحدهما. وتجدر الإشارة إلى أن المهلة القصوى لتوقيفهم لدواعي التحقيق تنتهي يوم الأحد حيث يتوجب على النيابة إما تركهم أو الادّعاء بحقهم وإحالتهم أمام القاضي.

ويشير عباس لـ”المفكرة” إلى أنه كان حاضراً مع الموقوفين خلال الاستماع اليهما، معلناً أنه أبرز تقارير طبية تثبت أنّ الموقوف محمد رستم يعاني من وضع صحي يؤثّر على إدراكه ووعيه. كما شدد على أنّ الموقوف الآخر زكريا كان يعمل على تهدئة الوضع.

ويؤكد عباس أنّ هناك ادعاء مباشراً من مصرف لبنان والمهجر، إذ اتخذ صفة الادعاء الشخصي على من يظهره التحقيق بهذا الموضوع ولم يتراجع عن ادعائه حتى الآن. ولم تتضح لغاية الآن مواد الادعاء أو التهم التي قد توجّهها النيابة العامة ضد سالي ورفاقها. وناشدت جمعية المصارف في بيان الدولة “بكامل أجهزتها السياسية والأمنية والقضائية بتحمّل أدنى مسؤولياتها إزاء تدهور الوضع الأمني وعدم التخاذل مع المخلّين به، وسوقهم الى المحاكم المختصة لكي يحاكموا محاكمة عادلة”. وهددت بأنّ “المصارف لن تتأخر بعد اليوم عن ملاحقة المعتدين حتى النهاية”.

ويخشى عباس من محاولة لاستغلال التوقيف لإتمام عملية ابتزاز وإلزام أشخاص آخرين بتسليم أنفسهم، لا سيما سالي حافظ المعنية الأولى بالقضية، ما يعني أنه قد يكون هناك ضغوطاً تمارس باستمرار توقيف رستم وزكريا حتى تسلّم سالي نفسها. 

ونفذت وقفة تضامنية مع زكريا ومحمد أمام ثكنة الحلو بالتزامن مع توقيفهما يوم الأربعاء شارك فيها ناشطون والنائبات حليمة قعقور وبولا يعقوبيان وسينتيا زرازير والنائب إبراهيم منيمنة. وكان والد سالي حاضراً أيضاً.

توقعات بالمزيد من عمليات انتزاع الودائع

ما قامت به سالي في لبنان والمهجر في بيروت ورامي شرف الدين في بنك ميد في عالية،  وقبلهما حسن مغنية في صور وعبد الله الساعي في جب جنين وبينهم بسام الشيخ حسين في “فيدرال” الحمراء، طرحت ولا تزال تعيد طرح جدلية في الشارع اللبناني وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، في ما يتعلق بمشروعية استيفاء الحق بالقوة في ظلّ استمرار غياب الدولة والقضاء عن محاسبة المصارف على سطوها الجماعي على الودائع وإنصاف الناس. كما أنّ تكرار هذه الأفعال التي تتزامن مع الانهيار الاقتصادي الحادي الذي يترك أثراً هائلاً على الناس، يؤشر إلى المزيد منها وهو ما تتوقعه جمعية المودعين خصوصاً في ظلّ تواطؤ سلطوي وقضائي مع المصارف ما يجعل المودع أمام خيار وحيد هو استيفاء حقه المشروع بالذات.

رئيس جمعية المودعين اللبنانيين حسن مغنية، يتوقع في حديث هاتفي لـ”المفكرة” أن تشهد الفترة المقبلة المزيد من محاولات مودعين انتزاع ودائعهم المحتجزة لدى المصارف وبوتيرة شبه يومية “لأنّ المودعين يتشجّعون ليستوفوا حقهم بالقوة، كما فعلت سالي وبسام وغيرهما”.

ويشير مغنية إلى أنّ جمعية المودعين حذرت قبل شهرين وفي مؤتمر صحافي من أنّ المودعين سيلجأون إلى العنف في المصارف إن لم يكن هناك تدارك للموضوع لحل جذري لقضية المودعين عبر خطط وقوانين تنصف المودعين. ويضيف “ما يحصل منذ ثلاث سنوات وحتى اليوم شعبوي وتقاذف اتهامات بالسياسة ولم يكن هناك أي شيء يخدم المودعين، بل تعاميم تعطيهم القلة القليلة من أموالهم أي فتات الفتات التي لا تكاد تكفيهم قوت يومين أو ثلاثة مع استمرار الارتفاع الجنوني للدولار”.  

ويتابع “لن يكون هناك محاكمة للمودعين لأن القضاء، أقلّه اليوم، في حالة إضراب وشلل تام وبين فكّين فإذا كان سيصدر حكماً على المودع فعليه أن يصدر حكماً على من تسبّب بالهدر وسرقة أموال المودع.

إذا كان المودع سيحاكم، لا مانع لدينا، لكن شرط أن يحاسب المصرف الذي تسبب بفقدان وديعة الشخص.

فلن يستطيع القضاء أن يكيل بمكيالين في هذا الموضوع لذلك حتى هذه اللحظة لا يستطيع القضاء أن يتخذ قراراً بهذا الموضوع والأمور معرّضة للفلتان لأنّ هذه الأمور تشجع الكثير من المودعين على أن يقوموا بما قامت به سالي وبسام”.

ويشكف مغنية “عقدنا أربعة اجتماعات مع جمعية المصارف وطلبنا منهم أن ينصفوا على الأقلّ المودعين الذين لديهم حالات مرضية لأن المريض لا ينتظر خطة تعافٍ ولا قانون كابيتال كونترول. وكان جوابهم  الرفض”. لذلك فإنّ “كلّ ما نراه اليوم هو بسبب تعنّت السلطات المصرفية والسياسية لإيجاد الحلول لقضية المودع”.

ويشير مغنية إلى أن جمعية المودعين كانت تلعب دوراً في تهدئة غضب الشارع من ناحية المودعين نجحنا أن نلجم عدداً كبيراً عن التهور ولكن مؤخراً رفعنا يدنا عن هذا الموضوع وأعلنّا أنّ أي مودع يريد استرداد أمواله، لن نعترضه كي نشكل حالة ضغط على السلطة السياسية والمصرفية لإيجاد حلّ لهذا الموضوع. وحتى هذه اللحظة اي مودع سيتواصل معنا للقيام بأي شيء لن نعترضه لأن ذلك من حقه لأن الانتظار 3 سنوات لن يفيد”.

ويختم: “هناك ناس ماتوا من جراء الأزمة المالية وكثر سيموتون بسبب عدم إيجاد حل لهذا الموضوع”.

انشر المقال

متوفر من خلال:

أجهزة أمنية ، مصارف ، لبنان ، مقالات



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني