خرق تدابير الحجر يوقع جرحى في المخيم 011 ويهجر 50 عائلة: الكورونا ترفع حدة التوتر بين اللاجئين السوريين واللبنانيين


2020-04-16    |   

خرق تدابير الحجر يوقع جرحى في المخيم 011 ويهجر 50 عائلة: الكورونا ترفع حدة التوتر بين اللاجئين السوريين واللبنانيين

“بعض عائلات المخيم لجأت إلى ضفة نهر الليطاني وسكنت في العراء، فيما تلطّى البعض الآخر بحقول القمح في البقاع”. بهاتين الجملتين يختصر أبو محمد، اللاجئ السوري في المخيم 011 الواقع في بلدة غزة في البقاع الغربي، مصير قاطني المخيم من السوريين بعد الإشكال الذي وقع بين بعض شبان المخيم وعناصر من بلدية غزة وشبان من البلدة وأدى إلى وقوع جرحى من الطرفين. ومن بين الجرحى شاويش المخيم وابنه (أصيب بطلق ناري في ساقه) وصهره (وكلهم من الجنسية السورية) والشاب محمد باسل خليل لبناني من غزة، أصيب بكسور في الجمجمة إثر ضربه بحجر على رأسه، وقد تجاوز اليوم مرحلة الخطر.

حادثة تضارب في إثر خرق قرار الحجر على المخيم

وكان إشكال حصل في هذا المخيم قبل يومين، بتاريخ 14 نيسان 2020، على خلفية دخول لاجئة سورية إلى المخيم كانت قد خرجت للتبضع من بلدة بر الياس استعداداً لتجهيز منزلها بعدما عقدت قرانها على أحد أبناء المخيم نفسه، على يد الشيخ بلال مجذوب، أحد أبناء بلدة غزة. وإثر منع العروس من دخول المخيم من قبل عناصر خلية الأزمة التي شكلتها البلدية لتنفيذ قرار التعبئة العامة وحظر التجول إلا للضرورة منعا لتفشي فيروس كورونا،  قامت العروس ومن معها بالإلتفاف على الحاجز وولوج المخيم فلحق بهم شبان خلية الأزمة إلى داخل المخيم. وإثر لحاق حارس من خلية الأزمة بسيارة العروس التي تنقلها مع أمها وأربعة أشخاص أخرين، حصل تضارب بين شبان خلية الأزمة وبين أخرين من المخيم نفسه، أدى إلى وقوع جرحى من الطرفين نتيجة إطلاق الناروتضارب بالعصي والسكاكين وبالحجارة.

وإثر الحادث، نُشر فيديو يظهر تجمهر مجموعة من الشبان السوريين وهم يضربون بعنف أحد عناصر الخلية، وهو ما استنفر شبان البلدة وأهلها الذين طالب بعضهم بالثأر من المعتدين وبطرد كامل المخيم الذي يضم 50 عائلة لاجئة من البلدة نهائياً.

يلحظ أن البلدية تعمل منذ بدء أزمة كورونا على منع دخول عائلات وأفراد غرباء عن البلدة، وحظر تجول إلا للضرورة، في البلدة كما المخيمات السورية الموجودة ضمن نطاقها، والتي يصل عددها إلى 1600 خيمة، وفق بيان البلدية نفسها.

قرار البلدية بإزالة المخيم أو العقوبة الجماعية

وعليه، اجتمعت بلدية غزة أمس الأربعاء في 15 نيسان 2020 واتخذت القرار الرقم 5 ، الذي تعرض للإشكال مع “الأخوة السوريين في مخيم المدعو عبدو كلينتون، بسبب عائلة كانت ستدخل المخيم عنوة، فوقع عدد من الجرحى من الطرفين”، وفق بيان البلدية التي أكدت وجود أحد حراس البلدة المكلفين من قبل البلدية تطبيق قرار التعبئة العامة في العناية المشددة في المستشفى.

واعتبرت البلدية في قرارها الموقع من رئيسها محمد حسين المجذوب وغالبية الأعضاء (حيث تغيب عضو البلدية أمين عبد الهادي بعذر) أنه “تفادياً لأي مشكلة قد تحصل مستقبلاً ودرءاً لأي ردة فعل قد يقوم بها شبان البلدة أو من أهل المخيم: إزالة المخيم المذكور بالسرعة القصوى خارج منطقة البقاع الغربي، وإزالة أي خيمة بعدما يتم التعرف إلى صاحبها بأنه شارك في الإشكال حتى لو كانت من خارج مخيم عبدو كلينتون”. وأضافت البلدية في قرارها أنها تعمل على “تهدئة نفوس شبان البلدة وطمأنتهم بتحقيق مطلبهم بإزالة المخيم من أجل عدم حصول أي إشكال قد يؤدي إلى ما حصل في الإشكال السابق”. وختمت بيانها بالقول أن عدد خيم المخيم المستهدفة بالإخلاء يبلغ “خمسين خيمة تقريبا من بين 1600 خيمة موجودة في غزة”.

إخلاء المخيم بفرار سكانه

فيما لم يجد اللاجئون في المخيم مكانا يستقبلهم في ظل رفض جميع المناطق استقبال لاجئين جدد في زمن كورونا، وكذلك منع تجوالهم والتشدد في تطبيق هذا المنع، استبشر سكان المخيم خيراً بما نقل عن رفض وزير الداخلية قرار البلدية بإخلاء المخيم. ولكن تأملهم خيرا لم ينطبق على الواقع. فقد هاجمت مجموعة من أبناء بلدة غزة المخيم مساء أمس الأربعاء 15 نيسان، حيث تجدد الإشكال وقاموا بتمزيق وهدم عدد من الخيم وضرب بعض أهله ممن شاركوا في إشكال اليوم الأول ومن بينهم شاويش المخيم عبد الحجة وصهره عوض محمود السويران.

وخلال الإشكال، قامت بلدية غزة، وفق ما أكد رئيسها محمد المجذوب للمفكرة، بالإتصال بالجيش اللبناني في المنطقة لضبط الوضع وهو ما حصل. وعلمت المفكرة من مصادر مطلعة أن الجيش قبض على عدد من الشبان اللبنانيين المشاركين في إطلاق النار في اليوم الأول، ومن المعتدين بالضرب على بعض أهل المخيم في اليوم الثاني، وركز نقطة أمنية بالقرب من المخيم لمدة 24 ساعة بعد الإشكال. وأوضح المصدر أن الجيش أبلغ المعنيين أن لا إجلاء للمخيم في ظل الوضع الراهن ولا عقوبة جماعية للاجئين فيه.

ولكن ما حصل لم يمنع هروب الغالبية الساحقة من سكان المخيم. وقال أحد اللاجئين للمفكرة: “لم يبقَ سوى عائلة واحدة أو عائلتان كحدّ أقصى داخل المخيم. لقد خافت العائلات من اعتداءات جديدة وهرب الجميع”. ووصلت إلى المفكرة صور تظهر الدمار الذي حلّ ببعض الخيم في المخيم، كما فيديو يظهر المخيم خالياً من سكانه.

وقال أحد الذين فروا من المخيم للمفكرة: “خفنا من اعتداء جديد وأنا استقبلتني مع عائلتي عائلة لبنانية وآوتنا من الشارع، فيما لم يجد كثيرون من يقبل بإيوائهم فتشرّدوا في البراري”. ولجأت عائلات إلى خيم عائلات سورية أخرى أو إلى مخيمات أخرى في ظل تدابير مشددة تفرضها بلديات كل القرى على أي وافدين جدد وتحديدا من السوريين.

وقال شاويش المخيم 011 من على سريره في المستشفى للمفكرة، أن إبنه مصاب بطلق ناري في ساقه، وأنه وصهره مصابان بجروح ورضوض نتيجة ضربهم بالحجارة والعصي والأيادي”. واعترف أن شبانا من المخيم ضربوا شبان خلية البلدة “ولكن بعد هجمومهم علينا وإطلاقهم النار وإصابة إبني وليس قبل ذلك”.

وقال رئيس بلدية غزة محمد المجذوب للمفكرة أن الشاويش عبد الحجة ليس لاجئا مستجدا على غزة نتيجة الحرب في سوريا “هو يعيش في البلدة منذ التسعينات، ويعمل على تشغيل عمال وعاملات سوريين في الزراعة”. ورفض المجذوب أن تكون البلدية قررت من تلقاء نفسها أن تخلي المخيم كله: “لقد طلب مني الشاويش أن يرحل مع كل الخيم الأخرى لكي يأخذ عمال الورش معه كونهم يشتغلون معه”. وبعدما أكد أن القوى الأمنية أوقفت سبعة شبان من غزة، أشار إلى أنه “سيتم الإفراج عنهم اليوم”، مشيراً إلى توقيف إثنين من السوريين “كما سيتم توقيف الشاويش وصهره لمشاركتهم في الإعتداء”.

توضيح من خلية الأزمة

على خط مواز، روى نديم مجذوب، أحد عناصر خلية الأزمة ما حصل للمفكرة، مؤكداً أن شبان الخلية لم يريدوا العقاب الجماعي لكل المخيم “أردنا ترحيل من اعتدوا علينا بالضرب فقط”. وأوضح أن معظم الشبان المتطوعين في الخلية هم من ثوار 17 تشرين “ونحن لسنا عنصريين تجاه اللاجئين ولكن ما حصل لم يكن مقبولاً”. وقال إن الإشكال بدأ لدى محاولة دخول 4 أشخاص من خارج المخيم مع العروس ووالدتها. وأن هؤلاء تجاوزوا بسيارة “رانج” حاجز الخلية ودخلوا إلى المخيم “عنوة”. عند ذلك تبعهم حارس إلى داخل المخيم ليبلغهم بمنع دخول غرباء فقام بعض أهل المخيم بالإعتداء عليه. واستنجد الحارس الذي “تكسر هاتفه” وفق نديم، بطلب النجدة من زملائه في الخلية فتطور الإشكال إلى تضارب وهرج ومرج أدى إلى إصابة عدد من عناصر الخلية “كنا 8 عناصر”، ومن أبناء البلدة “الذين حضروا لنجدتنا”. ويقول نديم المجذوب أن نحو “مئة شخص على الأقل تجمعوا من المخيم وشاركوا بضرب عناصر الخلية”. ونفى أن يكون أي من الشبان قد أطلق النار “بعض المستفيدين من تشغيل السوريين ونقلهم إلى الحقول للعمل، والمتاجرة بالدواء أطلقوا النار وهم سوريين ولبنانيين ونحن كخلية لسنا مسلحين”.

وانتقد المجذوب عمليات الإعتقال العشوائية التي نفذها الجيش ليلاً “في ناس ما خصها بشي داهموا بيوتها واعتقلوا أولادهم”. وكشف أن نحو مئة شاب من أبناء البلدة هاجموا المخيم ليل أمس الأربعاء، مؤكداً أنه لو تم تركيز نقطة أمنية بالقرب من المخيم “لما حصل ما حصل ولتفادينا المشكل الثاني، ولكن كان يجب توقيف المعتدين والتحقيق معهم والإبقاء على المذنبين من بينهم وفق ما تظهره التحقيقات”.

وقال باسل المجذوب، عضو المجلس البلدي في غزة ووالد الشاب المصاب بكسر في الجمجمة محمد المجذوب، أن ولده قطع مرحلة الخطر اليوم نتيجة تعرضه لنزيف داخلي بعد ضربه بحجر على رأسه من قبل سكان المخيم. وبعدما أشار إلى أن محمد كان “يتفرج” على المشكل ولم يشارك به “راح مع ل راحوا يشوفوا شو صار”، أكد أنه لن يدعّي على أحد من السوريين “جايي رمضان وبدي اعتبر الحادث قضاء وقدر”، لافتاً إلى أن إطلاق النار لم يصدر عن خلية الأزمة “يمكن حدا من الضيعة قوص حتى يفرقهم عن شبان الخلية وإلا كانوا قتلوهم من الضرب بالحجارة والعصي وكانوا شي مية شخص والحراس كانوا 8 قبل ما يوصلوا أهل غزة”.

من جهتها، قالت المتحدثة باسم المفوضية السامية لشؤون اللاجئين ليزا أبو خالد للمفكرة أن المفوضية على اتصال مع “السلطات المحلية والمركزية المعنية بشأن إشكال غزة والتوترات المستمرة”، وأنها اكدت “الإستعداد لتقديم أي دعم مطلوب للاجئين والأسر اللبنانية المتضررة وكذلك المساعدة في تخفيف التوترات”.

وفيما يتعلق بخطر عمليات الإخلاء، اوصت المفوضية ب”وقف الإخلاءات خلال هذه الفترة العصيبة لتجنب تعريض الأفراد من لبنانيين أو غير لبنانيين لخطر التشرد مما قد يزيد من خطر انتقال عدوى كورونا”.

انشر المقال

متوفر من خلال:

الحق في الصحة والتعليم ، دولة القانون والمحاسبة ومكافحة الفساد ، تحقيقات ، لجوء وهجرة واتجار بالبشر ، لبنان



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني