“
عادت النبطية اليوم لتحتل الصدارة بين المناطق كما في أول أيام الحراك، يوم خرج بعض أهلها في عز سيطرة الثنائي الشيعي على تمثيلها النيابي والوزاري ليهتفوا بإسقاط النظام وكلن يعني كلن. اليوم عادت النبطية إلى الواجهة من بوابة قمع أهلها على وقع السخرية من حراكهم. فبينما كان الجيش اللبناني يتولى فتح الطرقات في بعض الأماكن وكذلك التعاطي مع المتظاهرين، تفردت بلدية النبطية بإرسال عناصر الشرطة البلدية مدعومين ب”عناصر تابعة لحركة أمل”، وفق ما اكد أفراد من النبطية للمفكرة، قاموا بفكفكة منصة الإعتصام أمام السرايا في النبطية ومن ثم الإعتداء على المتظاهرين غير مميزين بين النساء والرجال والشبان والصابا وباثين الرعب في نفوس ألأطفال. بعض أبناء النبطية مما كانوا في التظاهرة قالوا أن بعض عناصر البلدية هم عناصر في حزب الله أيضاً.
ولذا قضت النبطية يومها ومنذ ما بعد الظهر في الكرّ والفرّ وسط سخرية شرطة البلدية والعناصر الحزبية من المتظاهرين بالقول “خلص اللعب، يللا خلصت اللعبة”، و”كأنهم سمحوا لنا باللعب إلى حين” وفق ما قال متظاهرون. هذا الإعتداء وضع حراك النبطية ومعها كفرمان التي خشي عليها الناشطون في المناطق كافة كما النبطية، على مفترق مجهول في ظل بقاء القوى الأمنية وعناصر مخابرات الجيش في موقع المتفرج.
ولم يتوقف الضرب إلا مع قدوم الجيش اللبناني مع آلياته والوقوف بين المتظاهرين والمعتدين عليهم. وبدأ المتظاهرون بالهتاف للجيش مطالبينه بحمايتهم واستمأدى ألإعتداء إلى تفرق المتظاهرين إلى مجموعتين تمركزت الأولى عند تمثال محمد حسن الصباح والثانية عند السرايا وسط ضبابية حول ما قد يحدث، وإصرار الناس على البقاء في الشارع. في هذه الأثناء شخصت العيون نحو كفرمان خوفا على ناشطيها من المصير نفسه.
وأمس بينما كان يلتحق أهالي قرى النبطية بالثورة المركزية في مدينة النبطية، حافظت بلدة كفررمان المتاخمة للنبطية على موقعها الثوري الخاص على خارطة الحراك الشعبي. كفررمان المعروفة هنا بكفر موسكو تملك شخصية سياسية واجتماعية وثقافية مختلفة عن محيطها. هي بلدة الانفتاح والتنوع والحريات…والفضل في هذا يعود إلى الحزب الشيوعي اللبناني الذي دخل إلى البلدة باكرا منذ الخمسينيات وأنتج طبقة متعلمة ومثقفة أثرت في البلدة وشكلت هويتها الاستثنائية بين قرى المنطقة… كفررمان هي بلدة المناضل والشهيد طبيب الفقراء حكمت الأمين الذي تحضر صوره وأقواله بقوة في الحراك الشعبي هذه الأيام… هي البلدة الأممية التي تعدت شهرتها حدود الوطن، كما يحلو لشيوعييها ان يصفوها، حيث زارتها أليدا ابنة تشي جيفارا والمناضلة الفلسطينية ليلى خالد وغيرهما. في السابق حين أُلقت الواقع محلات الخمور في النبطية تمردت كفررمان على هذا القرار بل قام بعضهم بفتح محال جديدة. أما بعد سيطرة التدين على الفضاءات العامة احتفظت كفررمان بهويتها المدنية وظلت البلدة الوحيدة التي تعقد الدبكة في ساحاتها في المناسبات الخاصة والعامة. كفررمان البلدة الوحيدة في النبطية التي تقيم مهرجانات موسيقية وفنية في الشارع وفيها فرق مسرحية وغنائية ونواد ثقافية علمانية وأنشطة كشفية مختلطة…في الانتخابات البلدية الأخيرة تكتلت كل الأحزاب مقابل الشيوعيين لكنهم خرقوا اللائحة بثلاثة أعضاء بفارق ١٠٠ صوت عن الفوز بنصف الأعضاء…علما ان الشيوعية في كفررمان هي فكرة او ثقافة او نمط اجتماعي اكثر منها حزبا…بهذه الروحية يخرج أهالي البلدة لليوم السادس على التوالي إلى الطرقات… التجمع المركزي عند الدوار يبدأ منذ الثامنة صباحا ويظل حتى منتصف الليل أو أكثر بقليل بعد الحادية عشرة ينضم إليه حراك النبطية.
صيدا
من كفرمان إلى صيدا حيث استعادت المدينة وتيرة مشاركتها في الثورة إثر بعض الفتور الذي تلا تلاوة الرئيس الحريري ورقة الحكومة الإصلاحية، ومع سريان شائعات عن إمكانية مهاجمة ازلازم بعض فرقاء السلطة للمتظاهرين. وعليه عاد الآلاف من صيدا وجوارها إلى الساحة بالقرب من مستشفى أيليا. وساهم استئناف بعض مدارس وجامعات المدنية ومؤسساتها في الحد من أعداد المعتصمين نهاراً حيث عادت الحياة شبه طبيعية.
ومع ساعات المغيب، بدأ المواطنون بالتوافد والتزايد حيث وصل العدد تقريبا ليلة أمس الثلاثاء إلى 4000 شخص. احفتظ المعتصمون في صيدا بالأجواء الإحتفالية الإبتهاجية مع فرقة موسيقية تقدم عرضا حيا. كما استمروا في اهتمامهم بالحفاظ على نظافة الساحة حيث عملشبان بشكل دائم على إبقاء الساحة نظيفة إثر كل أمسية وبمبادرات شخصية.
وبرغم ان حراك صيدا بوشر بداية إثر دعوة من قبل مجموعة صغيرة من شباب التنظيم الشعبي الناصري، الحزب الشيوعي ومستقلين لكن الناس توافدت لاحقا بشكل عفوي دون دعوة من أية جهات.
وتألفت لجنة تنظيم الحراك من مجموعات شبابية في صيدا ممثلة من التنظيم الشعبي الناصري، الحزب الشيوعي، مبادرات مستقلة وأفراد مستقلين. لا وجود لأي أفراد منتمين لأحزاب السلطة في اللجنة التنظيمية رغم وجود بعضهم في ساحة الاعتصام. ومنذ اليوم الثاني للإعتصام اعتمدت لجنة تنظيم الحراك في صيدا #الجنوب_ينتفض، ذلك أنهم كانوا قد بدأوا اعتصاما مطلبيا في أيلول على ساحة الراهبات في صيدا تحت هذا العنوان. ولم تُسجل في المدينة انتهاكات أو اعتقالات.
صور
وبعد الاتفاق شبه الضمني الذي قضى باستمرار الحراك في صور من دون الهتاف ضد الرئيس نبيه بري وزوجته رندة بري والإعتداء على المتظاهرين الذي تم في ثاني أيام الحراك، استمر بعض أهل المدينة بالخروج إلى الشارع في تظاهرات تنادي بإسقاط النظام وحكم المصارف ومكافحة الفاسد وذلك في ساحة العلم. وتبدأ أعداد المتظاهرين بالتزايد مع اقتراب المساء لتقارب 3000 متظاهر ومتظاهرة ليلا . كما يسجل تجمع للمتظاهرين على مدخل العباسية حيث يجتمع يوميا حوالي 50 شخص حامليين الاعلام اللبنانية.
طرابلس أيقونة الثورة
ولليوم السابع على التوالي، احتفظت طرابلس بلقب أيقونة الثورة بزخم غير مشهود في الفيحاء، ومن قلب ساحة عبد الحميد كرامي(النور). وتتميز طرابلس بتنظيم مضبوط على عفويته وبمبادرات فردية أو من مجموعات مصغرة فاعلة في المجتمع المدني الطرابلسي. تبث الدعوات عبر وسائل التواصل الاجتماعي ومكبرات الصوت التي تجوب المدينة. وفيما تنتشر وحدات الجيش وقوى الأمن الداخلي لضبط التظاهرة على المستوى الأمني، نجد مجموعات من “حراس المدينة” لتنظيم التظاهرة والحفاظ على أمنها وسلامتها وانضباطها. وتستمر الوفود بالتوافد إلى الساحة التي تضم عشرات الآلاف من مختلف المناطق الشمالية، من عكار والمنية والضنية وزغرتا والكورة وبشري وطبعا طرابلس نفسها. ويحكى وفق التقديرات، أنّ تظاهرة طرابلس تتجاوز ليلاً الـ 100 ألف متظاهر، متركزة في ساحة النور، وفي فروعها الستّة بسبب العدد الهائل للقادمين.
وحده العلم اللبناني كما بيروت ومختلف مناطق لبنان يرفرف فوق المتظاهرين وعلى نواصي الساحة وتفرعاتها. يطالب الناس بالإصلاح المالي وتعزيز دور القضاء وإسقاط النظام والعهد والحكومة، كنوعٍ من الإصرار والتأكيد على عدم الرجوع من الشارع إن لم تتنفذ مطالبهم. وفي طرابلس، نعم في الفيحاء التي أغرقتها الزعامات ورؤساء المحاور لسنوات طويلة في مواجهات أمنية عنيفة ومتكررة، عُقدت حلقات الدبكة وأنشد الجميع النشيد الوطني ووجهوا التحيات إلى الجيش، على وقع الأغاني الوطنية “راجع راجع يتعمر”، و”بكتب اسمك يا بلادي”، ورددوا شعارتها بصوتٍ صارخ مثل “يسقط حكم الأزعر”، “كلن يعني كلن” و”يلا ارحل ميشال عون”، “هيلا هيلا هيلا هيلا هو.. جبران باسيل كس أمو”، “كلن يعني كلن، نصر الله واحد منن، الحريري واحد منن، باسيل واحد منن، بري واحد منن، وعون واحد منن”، “يسقط حكم الأزعر”، “يلا ارحل ميشال عون، يلا ارحل حريري، يلا ارحل يا بري”، “ثورة ثورة”، “ضدّ الفساد ثورة، ضدّ الاستبداد ثورة، ضدّ الاستعباد ثورة، شعبي ثوار، ساحة أحرار ثورة، كرمال بلدي ثورة، ضدّ النظام ثورة، ضدّ الاستسلام ثورة”، و”يسقط يسقط حكم المصرف” و”ياااا ثواااار… يا أحراااار”….. صوتك يا بلادي ثورة”..
وفي طرابلس، حاولت مجموعة من المتظاهرين أن تتوجه إلى فرع مصرف لبنان في المدينة، لكنّ قوى الأمن الداخلي ووحدات الجيش كانت تحمي المبنى، فتقدموا نحوه وألقوا الهتافات ضدّ مصرف كأحد المسؤولين عن ترسيخ سياسية التجويع والتفقير في البلد. وبعد أن أصدر وزير التربية أكرم شهيب قراره بفتح أبواب الجامعات والمدارس الأربعاء قبل أن يتراجع عنه، تجمع حشد من طلاب المدارس والجامعة اللبنانية والأساتذة المتعاقدين أمام سرايا طرابلس، وهتفوا ضدّ هذا القرار باعتباره تضييقًا على ثورتهم، ورفعوا لافتات كُتب عليها عبارات مثل: “لا دراسة ولا تدريس، حتى يرحل الرئيس”، و “كلكن يعني كلكن، وأيوب يكون معكن” (رئيس الجامعة فؤاد أيوب)، و”الجامعة اللبنانية في طليعة الثورة: ممنوع الإنتقاص من حقوقنا بعد اليوم”.
وفي اليوم السادس، أنهى المنظمون رسم العلم لبناني الذي غطي مبنى “الغندور”، وكتبوا أسفله: “طرابلس مدينة الحرية والعيش المشترك” و”من طرابلس شكرا للجيش والقوى الأمنية وبلدية طرابلس”.
عكار: دور بارز للنساء
ما إن اندلعت تظاهرات بيروت قبل سبعة أيام حتى تداعي شبان وصبايا من عكار سبق لبعضهم أن شارك في حراكات مدنية أهمها #عكار_منا_مزبلة في 2015، وصاغوا دعوة للتظاهر تلتها عبر شريط فيديو مصور الصبية ثريا حمود.
وكالنار في الهشيم تم تداول الفيديو ومشاركته عبر وسائل التواصل الإجتماعي، ليبدأ اهالي حلبا وجوارها كبلدات الشيخ طابا والزواريب ومنيارة وغيرها، بالتوافد إلى الخيمة التي نصبتها مجموعة مطلقي الدعوة في قلب المدينة بعدما قطعوا طرقاتها. ولامس عدد الخارجين ضد النظام في عكار إلى نحو 10 آلاف متظاهرأتوا أيضاً من رحبة و قرى تكريت و عكار العتيقة (منطقة الجومة)، والدريب.وبالإضافة إلى المستقلين وبعض الحزبيين من خارج السلطة كالشيوعيين والقوميين شارك ايضا مناصرون لأحزاب في السلطة من دون رفع شعاراتها أو أعلامها، وسُجل حضور بعض العسكريين المتقاعدين.
وفي اليوم السابع للحراك استمرت الشعارت ضد المصارف والنظام والفاسد “يسقط حكم المصرف/
كلن يعني كلن/اسقاط النظام.
بداية، اقتصرت الهتافات على بعض الشتائم، وخاصة على جبران باسيل و نبيه بري، و لكنها سرعان ما انتظمت بعض الشيء، وإن بصعوبة، لتتوجه نحو المصارف وأركان السلطة كافة. ويوميا يعاد بث الدعوة للتظاهر باسم “شباب الخيمة” التي ما زالت ثابتة في ساحة حلبا، وتحولت إلى نقطة ارتكاز للمجموعات المشاركة ولأهالي المنطقة.
وإلى الخيمة حضر وفد من لجنة المعلمين بالتعليم الأساسي حيث أكدت رئيسة اللجنة منى خضر ضرورة استعادة حقوق جميع المواطنين ومن بينهم الأساتذة ووقف الهدر العام، مؤكدة أن أهمية هذا الحراك أنه يرفع العلم اللبناني وحده بعيدا عن الطائفية.
ومع مرور اليام حدث شباب الخيمة الدعوة لتصل عبر الواتس أب إلى 12 ألف مواطن، وتوسعت الهتافات لتشمل عكار وتخصصها ببعض مشاكلها وأوجاع مواطنيها، وإن التقت مع معاناة الشعب اللبناني على الأراضي اللبنانية كافة.
وقصد خيمة الشباب مواطنون من مختلف الاعمار والفئات الإجتماعية والطائفية وسرعان ما استقطبت أبناء المناطق المسيحية الذين تريث بعضهم في المشاركة بكثافة بداية. وكان لافتا تواجد مجموعات عدة من الأساتذة في التعليم الأساسي والثانوي والمهني حيث أعلنوا عبر رئيسة لجنة الاساتذة في التعليم الأساسي منى خضر الاضراب يوم الأربعاء من الاعتصام.
و من أبرز المشاركين ممثل عن الأهالي المتضررين من مكب سرار، وأعلن موقفا واضحا في مواجهة السلطة السياسية و النظام و توجه إلى رئيس الجمهورية بالقول “يا من تقول انك بي الكل هل من أب يترك أولاده ستة ايام في الشارع متحملين الشمس و المطر دون أن يعيده لمنازله؟“
وشهد حراك عكار إشكالاً، (عالجته مجموعة التنظيم فورا) مع مجموعة من الشبان من قرية عين الدهب هتفوا “كلن يعني كلن و نصرالله واحد منن” مع تفاعل الجمهور معهم، ولكنهم سرعان ما اعترضوا على هتاف متوجه لرئيس الحكومة سعد الحريري طالبين تجنيبه من الهتافات بالقوة. على الإثر تدخلت مجموعة تنظيم الحراك وطلبت منهم المغادرة بعد بعض التلاسن.
واستفاقت حلبا اليوم ألأربعاء على قطع الطرقات بين عاصمة عكار وجميع المناطق المحيطة بها، وبدأ المواطنون بالتوافد وسط إقفال الغالبية العظمى من المؤسسات والمصارف بالطبع مع المدارس والجامعات.
من البترون إلى جل الديب
وكما في اليوم الأول للتظاهرات حضرت البترون كحاضنة لمحيطها وناسه. قطعت الطريق عند جسر المستشفى، وسهر شبابها لكي يمنعوا فتحها صباحا بعد تسرب معلومات عن قيام القوى ألأمنية أو الجيش بمنع إقفالها لقطع الطريق بين الشمال وبيروت وبقية المناطق. وبينما كانت المفاوضات تجري بين المتظاهرين والجيش والقوى الأمنية لفتح الطريق هطلت ألأمطار فركض المتظاهرون فاتحين المظلات ليردوا المطر عن رؤوس عناصر الجيش.
وبينما استمر قطع الطريق في البترون حيث توافد المئات للإعتصام، حافظت جبيل جارتها على وتيرة الحماس التي كانت تجمع نحو ألفي متظاهر عشية كل يوم. ولم تبق الساحات على طول الطريق السريعة من بيروت إلى الشمال مرورا بجل الديب والزوق وجونيه وجبيل وصولاً إلى البترون بمنأى عما حصل في منطقة نهر الكلب حيث فتح الجيش الطريق صباحا رغما عن المعتصمين. وكان لافتاً الحشد الأمني الكبير الذي خص الجيش الأوتوستراد الساحلي وساحاته به.
جونيه والذوق
على وقع تواصل التظاهرات في مختلف المناطق اللبنانية، شهدت منطقتي جونيه والذوق ومعهما حراك جل الديب كراً وفراً بين الجيش اللبناني والمتظاهرين على خلفية فتح الطريق. فما أن يفتح عناصر الجيش كوة في الأوتوستراد السريع حتى يسارع المتظاهرون إلى الجلوس أرضا وغقفالها من جديد.
ومنذ اشتداده بعد نحو يومين من تظاهرات بيروت، يأخذ التحرك في هذه المناطق وجهتين: سياسية وأخرى “مستقلة”، بمعنى أنها لا تدور في فلك الأحزاب. هذه الازدواجية ظاهرة ومخفية في آن معاً. ظاهرة من حيث التنظيم والتجمع في ساحات الإعتصام، إذ أن كلّ حزب او مجموعة تابعة لزعيم محلي تأخذ مكاناً لها في الساحة التي هي أساسا الأوتوستراد الدولي، ومخفية لأنّ الأحزاب والشخصيات السياسية المحلية لا تريد ان تعلن عن هويتها في ساحات الاعتصام، وخشية من تُنفير المستقلين منها بصفتها جزءا من “كلن يعني كلن”، مما يستدعي ردود فعل علنية. هذا في وقت يفصح أحد المتظاهرين انه سبق حزبه الى الساحة، في دلالة إلى الجانب العفوي للإعتصام. لكن الأكيد أن هناك أناساً كثراً ومستقلين اتوا من تلقاء أنفسهم، ولم يتلقوا دعوة من أحد للنزول الى الشارغ.
اللاقت في جونية والذوق هو قطع الطرق الموصلة أساساً الى مكاني الاعتصام. فعلى القادم من جهة الشمال أن يسلك عددا من الطرقات الفرعية حيث تقطع طريق الاوتوستراد الساحلي. أما الطريق البحرية فهي أيضا مقطوعة في نقاط عدة، وإن جزئيا في غالبية الحالات. قطع الطرق اذا هو جزء اساسي من مشهد الإحتجاج ابتداءا من العقيبة ثمّ الصفرا والبوار، وصولا الى غزير وثم الذوق ووصولاً إلى جل الديب. وهو ما يجعل تحركي غزير والذوق شبه مركزيين مع جل الديب كأقرب نقطة على ألأوتوستراد إلى بيروت. وبذلك تتحول أماكن الإحتجاجات الأخرى إلى محطات لقطع الطريق يقف عليها بضعة رجال وعدد من العسكريين.
ولم تكن ليلة الثلاثاء الأربعاء في غزير على المدخل الشمالي لمدينة جونية شبيهة بليالي سائر المناطق اللبنانية المنتفضة التي شهدت اعتصامات وتظاهرات وقطعاً للطرق، وخصوصاً في ذوق مصبح القريبة حيث بلغ الاحتشاد ذروته مع تقدّم ساعات الليل.
إذا فإنّ الحدث الأساسي في هذه المنطقة لم يكن في مكان الاعتصام وانما في الطرقات الموصلة اليه والتي كانت شبه مقفلة باستثناء معبر ضيّق في البوار تمرّ السيارات عبره واحد تلو اخرى ما جعل السير في المنطقة ممتداً من نهر ابراهيم شمالا الى المعاملتين جنوباً.
اما في مكان الاعتصام في غزير فان عدد المعتصمين لم يتجاوز الخمسمئة وهم وإن توزعوا كتلا كتلا داخل مساحة الاحتجاج على الاوتوستراد الساحلي مقابل “المترو”، الا انّ معظمهم بدوا على معرفة ببعضهم البعض لا بل على قرابة في النسب احيانا، وهو ما فسره احد “المنظمين” بأنّ الموجودين هم ابناء المنطقة.
أما في الذوق فبدا المشهد مختلفاً، سواء من حيث الاعداد، او من حيث غلبة فئة الشباب ذكورا وإناثا على المشاركين، او لجهة الاجواء الاحتفالية التي سادت مكان الاعتصام مقابل محلات “سي سويت”. للحلويات. هناك بلغ عدد المتظاهرين ما فوق الخمسة آلاف شخص، ووصل الاحتشاد الى ذوق مكايل القريبة وسط الاوتوستراد الذي امتلأ عن آخره في منطقة الاحتشاد. واللافت كان ظهور مظاهر دينية في الساحة، اذا اتى بعض المتظاهرين بصور كبيرة للسيدة العذراء واخرى لقديسّين آخرين، وهو ما أثار نوعاً من الامتعاض عن متظاهرين يحملون طابعاً مدنياً، كما عبّر أحد المشاركين.
الأجواء الاحتفالية استمرت في الذوق الى ما بعد منتصف الليل دون ان يتخللها شعارات سياسية موجهة، وان كان الاحتشاد الحزبي غير خفي في هذه الساحة التي يوجد فيها مقراً لـ “القوات اللبنانية”، لكن مع ذلك هناك تنوع سياسي في الساحة، وهناك مشاركة من المجتمع المدني، وهو ما يعكس الطبيعة الديموغرافية للمنطقة التي يجتمع فيها اناس من مشارب ومناطق مختلفة.
بعلبك تثور أيضاً
نقل ناشطو بعلبك اعتصاماتهم من مدخل المدينة في دورس إلى حي “الساحة” (حي ساحة خليل مطران) ليتجمعوا بالمئات بدعوة من شبان وصبايا ناشطين في المنطقة. ومثل بقية المناطق يرفع البعلبكيون العلم اللبناني وحده، وقد تم توزيع منشور كُتِبَ عليه “صار الوقت نبلش ب:تنظيم الثورة / لا للمهادنة مع سُلطة فاسدة لا تستطيع محاسبة نفسها/نعم لتنظيم التجمعات الشعبية بشكل يومي ومستمر/نعم للبدء بتشكيل لجان ممثلة للثورة من كل منطقة لبنانية للتنسيق فيما بينها/نعم لتوحيد مطالب الثورة.
ورأوا في هتافاتهم أنه أن أوان: استعادة الأموال المنهوبة/ رفع الحرمان عن بعلبك الهرمل / محاسبة الفاسدين وحصر التوظيف بمجلس الخدمة المدنية ورفع السرية المصرفية في لبنان والخارج ومحاسبة مصاصي دماء الشعب
ورفع المتظاهرون صورة للوزير جبران باسيل مكتوب تحتها “خرية من بلادي”. وطالبوا بجامعة وطنية تليق بنا/ وبعدم التلاعب بالأسعار وكان الهتاف الأكثر ترديدا: الشعب يريد إسقاط النظام.
“