المجلس الدستوري يربح نصابه ويخسر روحه

المجلس الدستوري يربح نصابه ويخسر روحه

استُهلّت جلسة مجلس النواب في 30 حزيران 2020 بانتخاب المجلس النيابي لعضو ليملأ أحد المراكز الثلاثة الشاغرة لدى المجلس الدستوري بعد وفاة العضو المعين من المجلس النيابي أنطون بريدي. يلحظ أنه يتعين على مجلس الوزراء أن يملأ المركزين الآخرين طالما أن العضوين الآخرين المتوفيين قد تمّ تعيينهما من مجلس الوزراء من قبل. وقد أحال المجلس الدستوري إلى مجلس النواب ترشيحين فقط لهذا المنصب وهما: 1) ألبرت سرحان، وزير العدل السابق الذي كان من حصة التيار الوطني الحر في حكومة الحريري التي استقالت في تشرين 2019. و2) ميشال طرزي، رئيس غرفة سابق لدى محكمة التمييز وقد اشتهر في تلك الفترة بدوره في وقف تنفيذ قرارات قضائية صادرة بوجه المصارف، كما كان عضوًا سابقًا لدى مجلس القضاء الأعلى الذي أصدر التشكيلات القضائية التي عُرفت ب “تشكيلات الأحزاب الثلاثة” في العام 2017.

وبنتيجة الاقتراع السري للنواب، حصل طرزي على 49 صوتًا مقابل 34 لسرحان و4 أوراق بيضاء ما يعني أنّ أحدًا من المرشحين لم يحصل على الأكثرية المطلقة المطلوبة في الدورة الأولى. لذلك، أقيمت دورة اقتراع ثانية على أساس الأكثرية النسبية حصل فيها طرزي على 52 صوتًا مقابل 37 لسرحان و3 أوراق بيضاء (ازداد عدد الأصوات بسبب زيادة عدد النواب الحاضرين).

إلّا أنّ الحدث الأهم في هذه الانتخابات تمثّل في مداخلة النائب أسامة سعد قبل بدء العملية. فقد قال سعد أنّ النواب لم يتبلّغوا بإجراء الانتخابات وأنّه تبلّغ ذلك صباحًا باتّصال من أحد المرشّحين، أي أنّ مجلس النواب لم يُبلغ النواب بالعملية الانتخابية ولم يحصلوا على السير الذاتية لأي من المرشحين، وختم قائلاً أنّه لا يعرف لمن يصوّت. ردّ بري على سعد قائلًا أن المجلس الدستوري أرسل إسمين يستوفيان الشروط للتصويت لأحدهما، وأنّه قد أعلن عن ذلك الإثنين. ردّ سعد بأنّ البريد كان خاليًا وبأنّه لم يستلم شيئًا، فسأل بري سعد خاتمًا النقاش “بدنا نعطّل المجلس الدستوري يا أسامة؟ ما بكفينا الخراب بالبلد؟” وبدأ التصويت.

وتسجّل المفكرة ملاحظتين على ما حصل:

أولًا: إنّ المجلس الدستوري أرسل إسمي المرشّحيْن اللذين قدما ترشيحهما فقط بعد وفاة بريدي، في حين أهمل إرسال أسماء الذين ترشحوا بعد وفاة العضوين الآخرين رغم أن ترشيحاتهم ما زالت قائمة. وعليه، يكون المجلس الدستوري أخلّ بواجبه في هذا الخصوص مما يخول أيا من المرشحين الطعن بالانتخابات، 

ثانيًا: إنّ عدم تبليغ النواب بأسماء المرشحين وسيرهم الذاتية وبرنامجهم لا يستقيم مع أبسط مبادئ الديمقراطية والشفافية في العمل البرلماني، وهذا يعني أنّ التصويت جرى وفق الأهواء السياسية لا وفق أي معايير موضوعية أو ما يُمكن أن يقدّمه كل مرشح في هذا المجلس.

وبذلك، يكون المجلس الدستوري في صدد استعادة نصابه، ولكن بفعل تعيين يضعف أكثر فأكثر من مصداقيته.  

انشر المقال

متوفر من خلال:

قضاء ، المرصد البرلماني ، محاكم دستورية ، البرلمان ، أحزاب سياسية ، استقلال القضاء ، لبنان ، دستور وانتخابات ، دولة القانون والمحاسبة ومكافحة الفساد



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني