العام الدراسي “الرسمي” سيبدأ بأساتذة منهكين ومدارس متهالكة وتلامذة لا يملكون قوتهم


2022-09-28    |   

العام الدراسي “الرسمي” سيبدأ بأساتذة منهكين ومدارس متهالكة وتلامذة لا يملكون قوتهم

العام الدراسي الرسمي سينطلق عاجلاً أم آجلاً، هذا ما يقوله الأساتذة والمعنيون في القطاع. لكنه سيبدأ بأساتذة منهكين، مفلسين، بمدارس باردة معتمة شتاء، بتلامذة قد يصلون أو قد لا يصلون إلى المدرسة، وإن وصلوا فبعضهم جائع تعدّ له معلّمته سندويش زعتر في الصف.  

العام الدراسي الرسمي سينطلق، لكن السؤال الأهمّ هو أي عام دراسي ينتظرنا في المدارس الرسمية إذا كانت جميع أركان العمليّة التعليميّة تعاني من خلل وغير ثابتة، فـ 35% من الأساتذ تركوا التعليم ومن بقي منهم لا يكفيه راتبه للوصول إلى المدرسة أو يصل متعباً لانشغاله بعمل آخر، والتلامذة فقد أولياء أمورهم قيمة رواتبهم وباتوا عاجزين حتّى عن تأمين قوت أبنائهم و92% منهم يواجهون صعوبة في تغطية تكاليف نقل أطفالهم إلى المدرسة، أما المدارس فتبدو غير مؤهلة لاستقبال التلامذة حيث لا كهرباء ولا تدفئة ولا مياه في الحمامات كما أنّها غير قادرة على تأمين الحدّ الأدنى من المستلزمات التي تضمن استمراريتها. 

والسؤال الثاني المهم هو عن جودة التعليم الذي تلقّاه تلامذة المدارس الرسمية خلال السنوات الثلاث الماضية والتي جعلت “مستوى طلاب الشهادة المتوسطة الرسمية حالياً بمستوى الصفّ الخامس قبل الأزمة” بتعبير إحدى المدرّسات، وعن المخرجات التعليميّة التي ينتظرها لبنان في ظلّ غياب أي خطّة حقيقيّة للسلطة.   

في هذا التحقيق تحاول المفكرة الإجابة عن هذه الأسئلة ورسم صورة لواقع قطاع التعليم الرسمي مع بدء العام الدراسي الرسمي في ظلّ انهيار اقتصادي شامل جرّد الأستاذ والتلميذ والمدرسة من أدنى مقوّمات الاستمرار. 

عودة، على مبدأ خذ وطالب

انطلق العام الدراسي في المدارس الخاصة فيما يُفترض أن يبدأ عام المدارس الرسمية في 3 تشرين الثاني بحسب وزارة التربية. ولكن روابط الأساتذة لم تحسم أمرها بعد من بدء التدريس على أن يحدد ذلك في جمعية عمومية من المقرر أن تعلن فيها موقفها من زيادة الرواتب ثلاث مرات التي أقرّت في الموازنة أمس الإثنين. إلّا أنّ الأساتذة الذين تحدثت إليهم “المفكرة القانونية” يعتبرون أنّ الرابطة ستتخذ القرار بالبدء بالعام الدراسي بغض النظر عن مدى التجاوب مع مطالبهم، مشيرين إلى أنّ الزيادة التي أقرّت محدودة الزمن ريثما تعالج مسألة الرواتب بشكل نهائي كما أنّها لا تُحتسب في تعويضات نهاية الخدمة أو المعاش التقاعدي عدا عن أنّ مطالبهم الأخرى لم تتحقق بينها تصحيح الرواتب وأجر الساعة للمتعاقدين ورفع بدل النقل بشكل عادل ورفع ميزانية تعاونية الموظفين فضلاً عن دفع مستحقات متراكمة للمتعاقدين. 

وتقول رئيسة رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي ملوك محرز في اتصال مع “المفكرة” إنّه لن يتّخذ أي قرار قبل الاستيضاح عن آلية تنفيذ هذه الزيادة وعن توافر الاعتمادات لها ما يضمن استمراريتها، هذا فضلاً عن تحقيق المطلب المتعلّق برفع ميزانيّة تعاونيّة موظفي الدولة الذي لا يقلّ أهميّة عن مطلب رفع الراتب على حدّ قولها، بالإضافة إلى رفع المساعدة (الحوافز) التي تقدّم من الجهات المانحة من 90 دولاراً شهرياً إلى 300 دولار على أن تحوّل عن طريق شركات تحويل الأموال بالدولار الطازج وليس عن طريق المصارف.

وتضيف محرز أنّه بعد تبيان كلّ تلك الأمور تعود الرابطة إلى الأساتذة لتتخذ قرارها النهائي في جمعية عموميّة.

 من جهته يؤكد رئيس رابطة التعليم الأساسي في لبنان حسين جواد أنّ رابطة التعليم الأساسي اتخذت قرارها بالعودة إلى التدريس، مضيفاً في حديث مع “المفكرة” أنّ ما أعطي غير كاف ولكنّهم سيعودون ويتابعون باقي المطالب ومنها بدل النقل.

وكان بدل النقل حدد من شباط الماضي بـ 64 ألف ليرة ثمّ رفع  إلى 95 ولكنّ لم يصل إلى الأساتذة بسبب غياب الاعتمادات.

وفي حين يلفت جواد إلى أنّ هذه الزيادة ليست حلّا إذ إنّ راتب أستاذ الأساسي بمتوسطه مليونين و500 ألف أي ما قيمته اليوم 65 دولاراً سيصبح 195 دولاراً، يعتبر أنّ هذه الزيادة تساعد على العودة إلى حين إيجاد الحلول على قاعدة خذ وطالب.

من جهته يرى منسق حراك المتعاقدين في التعليم الرسمي حمزة منصور أنّ انطلاقة العام الدراسي متعلقة بالدولة ومؤسساتها كافة، وبإعطاء الأساتذة ما يكفي أقلّه للاستمرار، مشيراً في حديث مع “المفكرة” إلى أنّ المتعاقدين هم الحلقة الأضعف إذ إنّ ما يتقاضونه يرتبط بساعات التعليم أيّ أنّهم أكثر المتضررين من الإضراب. ويعتبر منصور أنّ انطلاق العام الدراسي هو همّ إنساني يجب أن تنظر إليه الدولة، مضيفاً أنّ مضاعفة أجر الساعة والحوافز وإعطاء بدل النقل الكافي عوامل تساعد الأستاذ على الاستمرار.

ويشكو الأساتذة المتعاقدون من عدم تقاضيهم بدل النقل عن العام الماضي وكذلك العقد الكامل (يعني احتساب الساعات أيام التعطيل) على الرغم من إقرارهما رسمياًـ  

على الرغم من تأكيد الرابطة عودتها للأساتذة لاتخاذ القرار يبدو أنّ معظم الأساتذة شبه متأكدين من قرار العودة إلى التدريس من دون تحقيق أي مطلب جدّي. فبرأي أستاذ في إحدى ثانويات بيروت الرسميّة “المكاتب التربوية التابعة للأحزاب اتخذت قرار العودة مسبقاً، سقفها مضاعفة الراتب الذي سيخسر قيمته، ولن يكفينا مجدّداً أجرة الطريق، ونحن بدل النقل عن العام الماضي لم تقبضه إلى اليوم”. ويضيف: “كالعادة سيمارسون ضغوطاً على الكادر التعليمي، لقد اعتدنا على الرابطة تظهر وكأنها تصعّد والواضح أنّها اتخذت قرار العودة وهي تعرف أنّ العودة نظرية، فالعام الدراسي سيكون متعثراً، همّها الوحيد أن يكون هناك عام دراسي نظرياً ونقول للدول المانحة عطونا مصاري”. 

ويسأل هذا الأستاذ عن أي وسائل ضغط تتحدّث الرابطة بعدما ارتضت ولأنها تابعة للسلطة عدم مقاطعة الامتحانات الرسمية وأضربت في فصل الصيف”

وليس بعيداً يقول أستاذ آخر: “الروابط لن تأخذ موقفاً صلباً، هكذا عوّدتنا، نحن  للأسف نقابياً مكشوفون بشكل تام، لدينا رابطة ممسوكة من الأحزاب، منذ سنوات والروابط تمشي بما تقرّره قوى السلطة، ومعظم الأساتذة يرتضون بالأمر إمّا من أجل خدمات من أحزاب السلطة وإمّا تحت الضغط، كل أستاذ يبحث عن خلاصه  الفردي”.

الأساتذة مستمرون “بطلوع الروح” 

“بطلوع الروح عم نكفّي شهرنا” هي العبارة التي يكرّرها أساتذة التعليم الرسمي عندما يُسألون عن أوضاعهم، يتحدثون عن ديون تتراكم عليهم، عن أعمال يقومون بها إلى جانب التدريس كالعمل بالدهان أو الباطون أو الزراعة وتحضير المونة والطبخ والتطريز والبيع “أونلاين”، ومن كان محظوظاً منهم “ترك لبنان ليعلّم في مدارس في العراق أو الخليج براتب أقلّ مما كان راتبه قبل العام 2019″ حسب تعبير أحد الأساتذة.

لا توجد أرقام دقيقة عن عدد أستاذة التعليم الرسمي الذين تركوا التدريس إذ إنّ العدد النهائي سيتّضح مع بداية العام الجديد بعد انتهاء دراسة الحاجة، حسب ما توضح محرز، مشيرة إلى أنّ التعليم الرسمي وحسب الأرقام الأخيرة خسر 35% من كوادره وأنّ هذه النسبة بارتفاع مع استمرار الأزمة الاقتصادية.

وكانت مصادر في وزارة التربية ذكرت في حديث سابق لـ “المفكرة” مع بداية العام الدراسي الماضي أنّها تسلّمت حوالي 600 طلب إذن إجازة غير مدفوعة من أساتذة في الملاك، 90% منها مرفقة بطلب إذن بالسفر، أمّا أعداد الأساتذة المتعاقدين الذين تركوا التعليم فمن الصعب تحديدها ولكنّها أيضا بالمئات حسب ماً أكّد المصدر نفسه ومصادر نقابية أخرى.

وليس بعيداً أوردت دراسة لـ “مركز الدراسات اللبنانيّة” صدرت مؤخراً واستندت إلى استبيان رأي 1512 أستاذاً أنّ 73% من الأساتذة يفكرون بترك التعليم و3 من كلّ 4 أساتذة يخططون للسفر، وأنّ 65% من الأساتذة اضطروا للاستدانة لتغطية نفقاتهم المعيشيّة و66% منهم اضطروا للجوء إلى عمل ثان فيما لفت 99% منهم إلى أنّ الأزمة حدّت من حصولهم على الخدمات الطبيّة.

“العام الماضي كان كارثياً، كان الأساتذة ينفقون ثلث رواتبهم أقلّه وصولاً إلى الراتب كاملاً كبدل نقل للوصول إلى المدرسة حسب قربها أو بعدها” يقول أستاذ في إحدى ثانويات الجنوب، مضيفاً في حديث لـ “المفكرة القانونيّة” أنا أحتاج 7 صفائح بنزين شهرياً للوصول إلى المدرسة، حرفياً كنت أحتاج مليون و30 ألف ليرة زيادة على راتبي من أجل تأمين وصولي إلى المدرسة ليس من أجل العيش حتى، يبدو الأمر غير واقعي ولكنّ هذا واقعنا”.   

يؤكد هذا المدرّس الذي لا يتجاوز راتبه ثلاثة ملايين ليرة شهرياً (قبل إقرار الموازنة) أي ما يساوي حالياً 83 دولاراً أنّ الأساتذة من شباط السنة الماضية لم يتقاضوا بدل النقل بحجّة عدم توافر الاعتمادات.

عمِل هذا الأستاذ بحسب ما أخبر “المفكرة” خلال فصل الصيف مع أحد أقاربه بالدهان وتغطية الأسطح، ويقول: “هيدا الشغل كنت طلّع منه 8 ملايين بالشهر وبالاضافة إلى معاشي 3 ملايين تقريباً، وما كانوا عم يكفوني كيف إذا وقفت هلأ (العمل في الدهان) كيف بدّي عيش”.

وإذا ما تمّ تطبيق الزيادة على رواتب موظفي القطاع العام والمتعاقدين فإنّ أقصى ما يبلغه راتب أستاذ المدرسة هو 9 ملايين ليرة كون الراتب الأساسي الأقصى لأستاذ المدرسة هو 3 ملايين الآن. ولكن قيمة هذه الملايين التسعة ستصبح مثل قيمة 3 ملايين بسبب التضخّم المستمرّ والذي من المرجّح أن يزداد نظراً إلى أنّه لا يوجد اعتمادات لهذه الزيادة على الرواتب. وعلى حد تعبير أحد الأساتذة “أيّ زيادة للراتب في ظلّ تفلّت سعر الدولار هي بلا قيمة ولكنّها تبقى أفضل من لا شيء”.

“المشكلة في مكان آخر، لا تتعلّق فقط بموضوع حوافز أو بدلات، هناك انهيار اقتصادي لا تتم معالجته” يقول باحث في التربية في مركز الدراسات اللبنانية نعمة نعمة، مضيفاً في حديث مع “المفكرة” أنّ “أي زيادة ستفقد قيمتها مع الوقت، وأنّ هناك حاجة  إلى سلّم متحرّك للأجور وبدلات النقل، وإلى إصلاحات وليس إلى حلول ترقيعيّة، وإلى خطّة طوارئ، وهذا غائب تماماً”.

ويشير نعمة إلى خطورة عدم التنبّه إلى أوضاع الأساتذة، فالقطاع التعليمي الرسمي يخسر ما بين 1200 إلى 1300 أستاذ يحالون إلى التقاعد سنوياً هذا فضلاً عن الأساتذة الذي تركوا ويتركون بسبب الأوضاع الاقتصادية ما يعني تفريغ القطاع من الأساتذة ليس على المدى البعيد بل بعد خمس سنوات ولاسيّما أنّ التفريغ سيترافق مع تراجع في إقبال الخرّيجين الجدد على التعليم، فالطلاب وبسبب صورة الأستاذ الحالية لن يفكّروا في دخول كليّات التربية أو العمل في التدريس كمهنة لا تؤمن للعاملين فيها حداً أدنى من الاستقرار المعيشي.

ويعتبر نعمة أنّ الحلول التي تجترحها الدولة في موضوع الأساتذة لطالما كانت كارثيّة دمّرت مفهوم التعليم، مذكّراً بقرار تحديد العام الدراسي بـ 32 أسبوعاً وتخفيف المنهج بحجّة الحشو، فيما كان الهدف غير المعلن بحسب نعمة، خفض رواتب المتعاقدين عبر إلغاء 35% من ساعاتهم، وأيضاً خفض 30% من قيمة بدل نقل أساتذة الملاك.

ومؤخراً يُطرح موضوع رفع رسم التسجيل في المرحلة الثانوية إلى ثلاثة ملايين ليرة بالإضافة إلى تحديد رسم التقديم للشهادة الثانوية العامة بـ 800,000 ل.ل، ويرى نعمة أنّ هذا الأمر هو استكمال للنهج الذي تعتمده الدولة في التعاطي مع الملف التربوي كما باقي الملفات، إذ إنّها تهدف ومن خلال هذا الطرح  للضغط على على الدول المانحة التي تدعم الأطفال الأكثر هشاشة في المدارس الحكوميّة عبر اليونيسف،  والقول إنّ أولياء الأمور لا يستطيعون تحمّل كلفة التعليم ونحن بحاجة إلى تمويل، وإذا لم ينجح الأمر تكون الدولة وعبر رفع الرسم قد غطّت من خلال هذه الرسوم  20% تقريباً من رواتب المعلمين الثانويين.

تأثير وضع الأساتذة المتأزّم على أدائهم

ويطرح وضع الأساتذة المتأزّم سؤالاً أساسيّاً عن مدى تأثيره على نوعية التعليم الذي يقدّمونه في ظلّ ما يعانون منه، “الأمور ستسير مثل العام الماضي متعثّرة، أستاذ لا يحضّر لأنّه يعمل عملاً آخر أو لأنّه متعب نفسياً، وآخر يمتنع عن الحضور بشكل متقطّع بسبب كلفة المواصلات. يعني العام الدراسي سيسير ولكن العمليّة التعليميّة برمّتها مش ماشية”، يقول أحد الأساتذة متسائلاً إن كانت وزارة التربية قد أعدّت دراسة مثلاً عن مستوى التعليم، وعن مدى التحصيل العلمي للتلامذة، وكيف أثر تخفيض المنهج وانشغالات الأساتذة بأمور ثانية، على مستوى التعليم، أو أنّ المهم بالنسبة لها وجود عام دراسي ولو نظرياً، كلّه ترقيع نحن نسير بالترقيع والعملية التعليمّة أيضاً تسير بالترقيع”.

يؤكّد الأساتذة الذين التقيناهم أنّ تراجع أدائهم قسري ليس إرادي فهو بحكم الأمر الواقع، “دفعتُ 20 مليون ليرة لدخول مستشفى، يعني مجموع راتبي لأكثر من نصف العام، كيف يمكن أن أدخل إلى الصفّ وأنا أعرف أنّني إذا مرضت لا أستطيع العلاج، الموضوع صعب جداً، أنا لا زلت أذهب إلى التعليم لأنّ أبنائي في المدرسة الرسمية، أحاول جهدي أن أعطي أفضل ما عندي، ولكن عملياً النتيجة ليست بالمستوى المطلوب” يقول أحد أساتذة التعليم الأساسي.

ويقول أستاذ آخر: “نحن من شباط السنة الماضية مش قابضين بدل نقل، يتحجّجون دائماً بعدم توافر الاعتمادات، الأستاذ الذي استطاع الاستمرار العام الماضي معتمداً على المدخرات أو الاستدانة لن يستطع القيام بالأمر نفسه هذا العام”. مضيفاً: “الأستاذ سيلجأ بطبيعة الحال إلى الكذب، وأساليب أخرى من المفترض أن تكون بعيدة عن أخلاقياته، نحن ما عدنا نعمل كتربويين، لا أعرف كيف يمكن وصف شكل الأستاذ الذاهب إلى عمله بنفسية منكسرة، متعباً من عمل آخر، الأساتذة يشعرون بالغبن والخوف لقد تهاوت شبكة الحماية الاجتماعية الخاصة بهم”.

ولكن رغم ذلك وفي سياق الحديث مع الأساتذة عن أوضاع التلامذة، تؤكد إحدى المعلمات لـ “المفكرة” أنّ التلامذة هم وحدهم من يحفّزها على الاستمرار في التعليم رغم الظلم اللاحق بها، فيما تقول معلّمة أخرى في عكّار: “هؤلاء أبناؤنا، من أجلهم نواصل التعليم”.

المدارس عاجزة  

تعثّر سير العام الدراسي في المدارس الرسميّة لا يرتبط فقط بأوضاع الأساتذة، فالمدارس أيضاً تعاني من عدم قدرتها على تأمين الخدمات والمستلزمات الأساسيّة التي تضمن سير عملها ولاسيّما الكهرباء والماء والتدفئة والقرطاسية لارتفاع كلفتها من جهة، ولتحديد المصارف سقوف منخفضة لسحوبات صناديق المدارس من جهة أخرى. 

يتحدّث مدير مدرسة في شمال لبنان عن صفوف تصبح معتمة أيام الشتاء، وعن حمّامات بلا مياه. “لا نستطيع تشغيل المولّد طوال الوقت، لأسباب عديدة منها عدم قدرتنا على شراء المازوت وأيضا عدم توفره في الكثير من الأحيان، فضلا عن كلفة صيانة المولد المرتفعة، لا مياه للشرب في المدرسة، تعطّل الفلتر ولا نملك المال الكافي لإصلاحه، على كلّ حال لا مياه للخدمة أيضا في الحمامات” يقول. 

وفي السياق نفسه، يقول أحد مديري المدارس الصغيرة نسبياً في منطقة بعلبك الهرمل: “كيف بدّي مشّي مدرسة والبنك بيسمحلي اسحب من صندوق المدرسة 5 ملايين شهرياً” مضيفاً في حديث مع “المفكرة” أنّه يحتاج لمدرسته الابتدائيّة الصغيرة 3 ملايين ليرة على الأقل شهرياً ثمن مازوت بأوقات البرد هذا إذا توفّر، عدا عن كلفة عمّال النظافة والقرطاسيّة.

يرى هذا المدير أنّه لا يمكن الحديث عن عام دراسي منتظم بلا تدخّل الدولة لرفع سقوف السحوبات معتبراً أنّ أموال صناديق المدارس يمكن أن تكفي ولكنّ المشكلة الأساس في عدم تمكّن المدارس من سحب هذه الأموال.

وفي الإطار نفسه يتحدث أستاذ في المنطقة نفسها عن تعثّر العام الدراسي الماضي بسبب نقص المستلزمات “كان في متطلّبات غير موجودة في المدرسة الرسميّة، حتى الكتاب المدرسي استلمناه في منتصف العام، كنا نعتمد على عدد من الكتب الموجودة عن طريق التبادل، كان يُطلب منّا أن نكتب على اللوح الأمور المهمة فقط، بسبب عدم توافر أقلام اللوح، كنت أشتري القلم بنفسي ولكن عندما وصل سعره إلى 35 ألف ليرة شعرت أنّ بيتي أحقّ”.

المعاناة نفسها يكرّرها المدرّسون والمدرّسات والمديرون في مختلف المناطق “العام الماضي لم يكن لدينا تدفئة، تصوير الأوراق لم يكن متوافراً في المدرسة ولا الأقلام، كلّه كان على حسابنا كمعلمات وأساتذة، التلامذة أبناء منطقتنا ونحن نعرف أوضاعهم، ونريدهم أن يتعلّموا، لم تكن المياه متوافرة لا أتحدّث عن مياه الشرب، بل مياه لغسل الأيدي أو الاستعمال في الحمامات، لم يكن باستطاعة المدرسة تأمين المياه حتى”، تقول مدرّسة في إحدى مدارس عكّار.

وتضيف هذه المدرّسة أنّها لطالما كانت تضطر إلى وقف الدرس والطلب من الطلاب القيام بحركات رياضيّة كي يشعروا بالدفء، “الأولاد كانوا يزرقّون من البرد، استخدم هذا المصطلح حرفيا لا أغالي، لا قدرة للمدرسة على تأمين التدفئة، كنت أوقف الصف وأمارس معهم حركات رياضية، علّنا نشعر بالدفء”.

التلامذة أيضاً ليسوا بخير

إذا كان حال الأساتذة والمدارس يُرثى لها فإنّ حال التلامذة ليست أفضل، وإذا كانت الأزمة الاقتصادية حالت دون وصول عدد منهم إلى الصفوف والانتظام بها العام الماضي، وأجبرت بعضهم على التسرّب والانخراط في سوق العمل، فإنّ وضعهم هذا العام لن يكون أفضل، وعلى الرغم من أنّ التسجيل مجانيّ في المدارس الابتدائيّة الرسميّة إلّا أنّ بدل النقل تحوّل إلى عائق أساسي حال دون عدالة التعليم.

يتحدّث المعلمون عن حالات ما كانت موجودة قبل الأزمة، عن أطفال يأتون في فصل الشتاء بأحذية مثقوبة ومهترئة من دون معاطف أو حتّى لباس يضمن حداً أدنى من الدفء، عن اضطرارهم (الأساتذة) إلى إحضار زعتر وزيت إذا توفّر، إلى الصفّ لإعداد سندويشات للأطفال الذين يأكل بعضهم وجبة واحدة خلال النهار “ولكن حتى عروسة الزعتر صارت بتكلّف بتعرفي قدّيش حق الزيت وربطة الخبز؟” تقول إحدى المعلمات.

تروي إحدى المدرّسات في مدرسة رسمية ابتدائيّة في جنوب لبنان أنّ إحدى تلميذاتها اقتربت منها وانفجرت بالبكاء وحين سألتها عن السبب أجابت الطفلة التي لا يتجاوز عمرها سبع سنوات أنّه ليس لديهم ما يأكلونه في المنزل.

وتضيف المعلّمة لـ “المفكرة”: “مدّيت إيدي ع جزداني، فيه بسكوت عطيتها، وبعدها أصبحنا نحضر الزعتر ونحضّر سندويشات للطلاب. الوضع أسوأ ممّا يمكن وصفه، التلامذة أبناؤنا وأملنا بمستقبل أفضل لهم وحده يُعطينا حافزاً للاستمرار في التعليم”.

وفي إحدى مدارس عكّار تقول معلّمة: “طلابنا ليسوا فقراء فقط، بل فقراء جداً، لا أجد الوصف المناسب، يأتون بالملابس الصيفيّة في فصل الشتاء لا يملكون ثمن كسوة تشعرهم بالدفء، هؤلاء أبناؤنا، من أجلهم نواصل التعليم”.

وكان تقييم لـ “اليونيسيف” صدر حديثاً أشار إلى أنّ ثلاثة أعوام من الأزمات المدمرة المتتالية في لبنان أدّت إلى سقوط الأطفال في دوامة من الفقر، ما أثّر سلباً على صحتهم ورفاههم وتعليمهم وتسبّب بتدمير أحلامهم وزعزعة العلاقات الأسرية.

وأشار التقييم نفسه إلى أنّ 23% من الأطفال ذهبوا الى فراشهم خلال الأشهر الثلاثة التي سبقت التقييم وهم جائعون، وأنّ %70 من العائلات في لبنان تسدد حالياً كلفة شراء الطعام من خلال مراكمة الفواتير غير المدفوعة أو عبر الاقتراض المباشر.

وفي سياق تأثير الانهيار الاقتصادي على التلامذة، يتحدّث عدد من أولياء الأمور والمعلمات ومديرو المدارس الذين التقيناهم عن ارتفاع نسبة التغيّب عن الصفوف العام الماضي، بشكل أساسي بسبب كلفة بدل النقل، “العام الماضي لاحظنا تغيّب عدد من التلامذة الذين يسكنون في منازل بعيدة ويستعينون بالباص للوصول، حضروا أوّل  شهرين ومن ثمّ تغيّبوا، وبعد التواصل مع أولياء أمورهم عرفنا أن السبب عدم القدرة على تأمين كلفة بدل النقل” يقول مدير مدرسة في منطقة بعلبك الهرمل مضيفاً: “حاولنا معالجة الأمر، أمّنّا الكلفة، الناس ساعدت بعضها البعض، ولكن هل بقي من يساعد؟ الأزمة على الجميع” يضيف.

وليس بعيداً تروي غادة وهي أم لثلاثة تلامذة في المدرسة الرسميّة أنّها كانت تضطرّ إلى تغييب أبنائها عن المدرسة بشكل مستمر بسبب كلفة بدل النقل وتقول لـ “المفكرة”: “طلبوا مني 700 ألف عن كلّ ولد شهرياً بدل نقل، لا أستطيع تأمين المبلغ، كان والدي يقلّهم، ولكنّ والدي يعمل وأيضاً لا يستطيع تحمّل الكلفة، فكنت أرسلهم إلى المدرسة فقط عندما يُتاح لأبي إيصالهم، التغيّب أثّر على أدائهم، ابني الصغير يعيد صفّه هذا العام وهو في الصفّ الثالث ابتدائي”.

تشعر غادة بخوف على مستقبل أبنائها وتقول: “سجّلتهم في المدرسة، ولا أعرف إن كان العام سيسير، أو إن كنت أصلاً أستطيع تأمين وصولهم إلى المدرسة، السنة طلبوا مليون عن كل طفل كبدل نقل، لا أعرف المستقبل الذي ينتظر أبنائي”.

هذا ويخبر عدد من الأساتذة “المفكرة” أنّ بعض أولياء الأمور وبسبب ارتفاع كلفة النقل اضطروا إلى دفع بدل نقل لواحد أو اثنين من أبنائهم على أن يرسلوا الأبناء مداورة، “أحد التلامذة أخبرني بأنّه يأتي يومين فقط إلى المدرسة لأنّ أخوته يأتون في الأيام الباقية، فوالدهم يستطيع دفع بدل النقل لشخصين فقط وهم 4”.

وكانت دراسة نشرها مركز الدراسات اللبنانيّة استندت إلى عينة مؤلّفة من 2700 ولي أمر بيّنت أنّ 92% من الأهل يواجهون صعوبة في تغطية تكاليف نقل أطفالهم إلى المدرسة.

ولا يرتبط ارتفاع نسب الغياب التي لاحظها الأساتذة ومديرو المدارس العام الماضي فقط في عدم القدرة على تأمين بدل النقل بل أيضاً باضطرار الأطفال على الانخراط في سوق العمل جزئياً، “شهدنا نسبة غياب كبيرة خلال موسم الزيتون وورق العنب والأوَيْسة، التلامذة كانوا يعملون ويأتون إلى المدرسة بشكل متقطع” تقول معلمة، لافتة إلى أنّ نسبة الغياب أيضاً ترتفع في موسم التحطيب إذ إنّ الأطفال يخرجون للتحطيب حتى يؤمّنوا التدفئة لمنازلهم.

وتحوّل عدم الانتظام في الصفوف في بعض الأحيان إلى انقطاع تام عن الحضور، والانخراط الجزئي في سوق العمل بات انخراطا كليّاً تماماً كما حصل مع محمد. فمحمد البالغ من العمر 14 عاماً كان من المفترض أن يقدّم العام الدراسي الحالي على الشهادة المتوسطة إلّا أنّه ترك المدرسة العام الماضي وبات يعمل في سوبرماركت.

“جاء العام الماضي بعد تعليم عن بعد، بدأ بإضرابات وأعرف أنّ ابني كان سيعيد صفّه بكل الأحوال، فالتعليم عن بعد لم يكن تعليماً، فقرّرنا أن يترك المدرسة العام الماضي ويعمل، ويعيد صفّه هذا العام” تقول والدة محمد.

لا تعرف والدة محمد إن كان ابنها لا يزال قادراً على متابعة دراسته هذا العام ولكنّها تقول إنّها ستسجّله على جميع الأحوال لترى كيف ستسير الأمور “إذا شفنا أننا قادرون سيكمل وإذا لا فليتعلم مهنة تفيده” تضيف.

قد ينضمّ محمّد إلى آلاف الأطفال الذين تسرّبوا من المدرسة في الأعوام الأخيرة إذ يوضح نعمة نعمة أنّه وحسب الأرقام الأخيرة تجاوزت نسبة التسرّب من المدرسة (الرسمية والخاصة) في لبنان 50%، أي أنّ عدد التلامذة الذين تركوا المدارس تجاوز 500 ألف تلميذ، مشيراً إلى أنّ وزارة التربية لم تصدر مؤخراً عدد الملتحقين وذلك لما قد تحمله الأرقام من كارثة في ما خصّ نسب تسرّب الأساتذة والمعلمين.

جودة التعليم وعدالته على المحك

في ظلّ كلّ العوائق التي يتحدّث عنها المعنيون في قطاع التربية، يبقى السؤال الأهمّ عن جودة ومستوى التعليم الذي حصل ويحصل عليه التلامذة في لبنان بشكل عام وفي المدرسة الرسميّة بشكل خاص ولاسيّما أنّ تلامذتها كانوا الحلقة الأضعف في التعليم عن بعد الذي فرضته جائحة كورونا.

“يمكننا الحديث عن ثلاث سنوات لم يتلق فيها تلامذة المدارس الحكومية تعليماً أو أقلّه تعليماً مقبولاً، انطلق العام الدراسي الماضي بعد سنتين تعلّم عن بعد لم يكن تعليماً، وبعد انطلاق العام بدأت الإضرابات، ومن أصل 170 يوم تعليم هناك مدارس رسمية لم تحصل على أكثر من 60 يوماً كحد أقصى” يقول أحد مديري المدارس، متسائلاً إن كان من المنطق على سبيل المثال وكما حصل العام الماضي.

يتحدّث الأساتذة عن تراجع غير مسبوق في مستوى الطلّاب في جميع المواد الأساسيّة “الأخطاء التي رأيناها في مسابقات امتحانات الشهادة المتوسطة كانت صادمة، في العادة كنّا لا نرى هذه الأخطاء، لا أغالي إن قلت إنّ مستوى طلاب الشهادة الرسمية هو حالياً بمستوى الصفّ الخامس قبل الأزمة” تقول إحدى المدرّسات التي شاركت في عملية تصحيح امتحانات الشهادة الرسميّة.

وليس بعيداً يقول أستاذ في إحدى المدارس الحكومية إنّ اعتماد التعليم عن بعد من دون خطة واضحة كان بمثابة ضربة قاضية للتعليم الرسمي، موضحاً أنّ تلامذة الحلقتين الأولى والثانية (التعليم الأساسي) كانوا الأكثر تضرراً لأنّهم لا يستطيعون وبخلاف تلامذة الحلقة الثالثة اكتساب المعلومات ذاتياً بالبحث.

وأظهرت دراسة من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (دراسة تقييم القراءة 2021) أجريت في 120 مدرسة رسمية (2362 طالبًا) في عام 2021 أن أداء التلامذة في القراءة في الصفين الثاني والثالث ينذر بالخطر، إذ إنهم يقرؤون أقل بكثير من مستوياتهم الصفية المتوقعة.

كما حقّق حسب الدراسة نفسها في طلاقة القراءة الشفوية 3% فقط من طلاب الصف الثاني و2% من طلاب الصف الثالث، المعيار المطلوب في القراءة.

وفي هذا السياق يقول نعمة إنّ مستوى التلامذة في لبنان كان ضعيفاً قبل جائحة كورونا والانهيار الاقتصادي ثمّ فُرض التعليم عن بعد من دون خطة واضحة تراعي افتقار التلامذة لأدنى المقومات التي لا يمكن تطبيق التعليم عن بعد من دونها، وبعدها أتى عام دراسي متقطّع ومتعثّر لذلك يمكن الحديث عن ضياع مهارات ثلاث سنوات كان على التلميذ اكتسابها ولاسيّما في المدارس الرسميّة.

ويُشار إلى أنّ لبنان حلّ في المرتبة ما قبل الأخيرة عالمياً في العلوم في اختبار “اتجاهات في دراسة الرياضيات والعلوم الدولية» (TIMSS) عام 2019، كما حلّ  في المرتبة 32 دولياً (39 دولة) في الرياضيات.

و TIMSS هو اختبار دولي  تنظّمه الرابطة الدولية لتقييم الإنجازات التعليمية (IEA) كل 4 سنوات بهدف تقويم التحصيل الدراسي للتلامذة، ومعرفة  التقدم الذي أحرزته الدول المشاركة في ما خصّ تعلم وتعليم الرياضيات والعلوم.

وفي حين يرى نعمة أنّ العام الدراسي الحالي سيكون أيضاً متعثّراً ولن يتلقّى التعليم المطلوب أكثر من 25% من تلامذة لبنان تحديداً تلامذة مدارس النّخبة إذ ستواجه المدارس الخاصة “الصغيرة” والرسميّة العديد من العقبات بسبب الأوضاع الاقتصادية يتساءل عن عدالة التعليم مع حرمان أكثر من 75% من تلامذة لبنان من تعليم جيّد. 

يحتاج وضع التعليم في لبنان بحسب نعمة إلى خطة طوارئ تعوّض الفاقد العلمي على أساس دراسات ترصد أثر اختصار المنهج التعليمي وخفض أسابيع التدريس والوضع الاقتصادي على التلامذة والأساتذة، وإلّا لبنان ذاهب إلى كارثة، إذ مع استمرار الوضع على ما هو عليه سترتفع نسب التسرّب المدرسي وستتراجع مخرجات التعليم ونكون أمام جيل لا يملك المهارات المطلوبة لسوق العمل المحلي والخارجي بطبيعة الحال.

المدارس الخاصة الصغيرة أو “الدكاكين” المستفد الأكبر! 

تشير الأرقام التي ينشرها المركزي التربوي للبحوث والإنماء على صفحته إلى ارتفاع عدد التلامذة في المدارس الرسمية خلال السنوات الماضية ففي العام الدراسي 2018/2019 كانت نسبة هؤلاء التلامذة 30,9% (332,126 تلميذاً) من مجمل تلامذة لبنان مقابل 52.6% في التعليم الخاص غير المجاني (564.446 تلميذا) لترتفع هذه  النسبة إلى 36,5  في العام  2020 /2021  مقابل تراجع نسبة التلامذة في المدارس الخاصة غير المجانيّة إلى 48.6%.

وكانت وزارة التربية توقّعت وحسب تصريح صحافي للمدير العام في الوزارة عماد الأشقر نزوح بين 75 و100 ألف طالب من المدارس الخاصة إلى الرسمية خلال العام الدراسي المقبل.

يؤكّد مديرو المدارس والأساتذة الذين التقيناهم أنّه من المتوقّع ازدياد أعداد التلامذة في المدارس الرسميّة هذا العام إلّا أنّ الأمر لن يتبيّن قبل إقفال باب التسجيل الذي بدأ الأسبوع الماضي، ولكنّهم يلفتون أيضاً إلى نزوح كان واضحاً العام الماضي من المدارس الرسميّة إلى المدارس الخاصة الصغيرة التي قد تكون أقساطها في بعض الأحيان تساوي كلفة بدل النقل إلى المدرسة الرسميّة، “هناك الكثير من التلامذة الذين تركوا الرسمي العام الماضي، لم تكن بعد المدارس الخاصة جميعها فرضت الدفع بالدولار، والعام الدراسي الماضي في المدارس الرسمية بدأ بإضرابات، الناس كانت قلقة بأن لا يتعلّم أبناؤها، فبحثوا عن مدرسة خاصة قريبة ربما تكون أوفر، فبدل النقل أصبح مرتفعاً جداً” يقول مدير مدرسة.

“نقلت اثنين من أبنائي الأربعة إلى مدرسة خاصة، والسبب خوفي من عدم انطلاق العام الدراسي، العام الماضي كان كارثياً، تغيّب للأساتذة، إضرابات، عدا السقف الذي كان ينشّ في الشتاء، وعدم توافر المياه في الحمّامات” تقول دلال، مضيفة في حديث مع “المفكرة” “اخترت مدرسة خاصة متوسطة القسط، ولا أغالي إن قلت بدل النقل إلى المدرسة الرسمية يكاد يوازي القسط الحالي، اشتريت راحة بالي، ابني لديه بريفيه هذا العام”.

وفي هذا الإطار يشير نعمة إلى أنّ حركة الانتقال من المدارس الرسمية إلى الخاصة العام الماضي كانت تحديداً في صفي الشهادة الرسمية (المتوسطة والثانوية) فأولياء الأمور خافوا بألّا يتمكّن أبناؤهم من تقديم الشهادة فنقلوهم إلى مدارس خاصة قسطها معقول.

ويرى نعمة أنّ هناك أجواء تُشاع عن قصد بأن المدرسة الرسمية لن تفتح هذا العام، وكلّ هذا سيصبّ في نهاية الأمر لمصلحة ما وصفها “الدكاكين” التي يفتقر أساتذتها إلى الشهادات والمهارات المطلوبة، ليعود السؤال مجدداً عن نوعية التعليم الذي يتلقاه تلامذة لبنان، هذا إذا ما اعتبرنا أنّ من لا يتمكّن من التسجيل في المدرسة الحكوميّة سيصبح متسرّباً.

انشر المقال

متوفر من خلال:

تحقيقات ، الحق في التعليم ، لبنان ، مقالات



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني