الحكومة الأردنية تتمسك بحبس المدين


2015-01-29    |   

الحكومة الأردنية تتمسك بحبس المدين

أعلن وزير العدل الأردني بسام التلهوني أنه تم الانتهاء من مشروع قانون التنفيذ الجديد الذي يهدف إلى  معالجة الاشكاليات التي تعترض سير تنفيذ الأحكام القضائية و الاستئنافات المتكررة وغير المحدودة التي كانت تقع على قرارات رئيس التنفيذ، علما بأن المشروع تمت مناقشته من قبل لجنة متخصصة من القضاة والمحامين و الاكاديميين.
هذا وقد جاء ضمن المحور الثاني من  استراتيجة وزارة العدل 2014 – 2016، تأمين الاستقرار في التشريعات الأساسية، بتحصين القوانين والتشريعات من الثغرات القانونية والمساهمة في مراجعة التشريعات السائدة وتشخيص المشاكل بما فيها مشاكل التنفيذ والوقوف على مواطن الضعف.
بيّن التلهوني في تصريح لوسائل الإعلام “ان قانون التنفيذ الحالي رقم (25) لسنة 2007 يتضمن في بعض مواده نصوصا كانت سببا في اعاقة تنفيذ الاحكام وصعوبتها بالاضافة الى الوقت الطويل الذي قد تستغرقه عملية التنفيذ وهو ما حدا بالحكومة الى ادخال تعديلات على القانون الحالي لتحسين آلية التنفيذ وتعديل العديد من النصوص التي تسهّل المماطلة والتسويف بالتنفيذ.
ومن أبرز التعديلات التي اقترحها المشروع منح محكمة البداية الصفة الاستئنافية للنظر في الطعون على قرارات رئيس التنفيذ بدلا من محكمة الاستئناف، وذلك نظرا للانتشار الاوسع لمحاكم البداية حيث تنظر محاكم البداية بصفتها الاستئنافية تلك الطعون تدقيقا وخلال عشرة ايام من تاريخ ورود الاستئناف لديوانها ويعتبر قرارها نهائيا.

المواءمة مع المعايير الدولية
من أهم الإشكاليات التي كانت المنظمات المعنية بحقوق الإنسان رصدتها بخصوص قانون التنفيذ الحالي هو إمكانية حبس المدين وذلك سندا للمادة 22 التي جاء فيها يجوز للدائن ان يطلب حبس مدينه اذا لم يسدد الدين او يعرض تسوية تتناسب ومقدرته المالية خلال مدةالاخطار على ان لا تقل الدفعة الاولى بموجب التسوية عن (25%). واذ تنص هذه المادة على أنه لا يجوز ان تتجاوز مدة الحبس تسعين يوما في السنة الواحدة عن دين واحد، فان ذلك لا يحول دون طلب الحبسمرة اخرى بعد انقضاء السنة. وعليه، إذا ترتب على المدين أربعة ديون، فانه يمكن أن يُحبس لمدة السنة بأكملها.
وفي هذا السياق، أتى مشروع القانون الجديد مخيبا. فهو لم يلغِ حبس المدين، إلا أنه خفف من حدته في حالات معينة، وأدخل استثناءات على المبدأ في حالات أخرى. فهو قلل مثلا من مدة الحبس على الديون التي تقل عن مبلغ الالف دينار حيث اصبح الحبس لا يتجاوز (30) يوما ومنع كذلك حبس المدين اذا تجاوز عمره السبعين عاما او اذا تبين ان حالته الصحية تحول دون حبسه. بالمقابل، أبقى مشروع القانون على مدة الحبس لمدة لا تتجاوز (90) يوما كل سنه عن كل دين في حال زاد المبلغ عن الف دينار. كما تضمن مشروع القانون الجديد اضافات تؤول في حال اقرارها الى منح رئيس التنفيذ الصلاحية بحبس المحكوم عليه لمدة (30) يوما عن كل قسط يتخلف عن دفعه على ان لايزيد مجموع حبس المدين عن (90) يوما في السنه الواحدة عن الدين نفسه.
قانون التنفيذ الحالي و مشروع القانون المعدل يتعارضان طبعا بشكل واضح مع نص المادة 11 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية التي جاء فيها ” لا يجوز سجن أي إنسان لمجرد عجزه عن الوفاء بالتزام تعاقدي”. وعلى هذا الأساس، اتخذ قاضي تنفيذ عمان ، محمد ناصر، قرارا بعدم إجابة طلب محكوم له بحبس محكوم عليه بسداد دين، وذلك “لمخالفته لأحكام المادة 11 على اعتبار ان الاتفاقيات الدولية تسمو على التشريعات الوطنية وفقا لما استقر عليه اجتهاد محكمة التمييز الأردنية. هذا وقد تكرر هذا الاجتهاد من قبل قاضيين في عمان و العقبة.

موقف محكمة الاستئناف
محكمة الاستئناف بدورها فسخت القرارات السابقة، وقررت إعادة الأوراق إلى مصدرها (قاضي التنفيذ) لإجراء المقتضى. وفي حيثيات القرار، أوضحت المحكمة أن المادة 22 من قانون التنفيذ لا تتعارض مع المادة 11 من العهد الدولي على اعتبار انها تمنع الحبس عند العجز عن الوفاء في حين أن المادة 22 تسمح بالحبس عند “عدم الوفاء بالدين”، ثم اضافت المحكمة “شتان ما بين عدم الوفاء بالدين والعجز عن الوفاء”، وبالتالي يجب ان يثبت المدين انه عاجز عن الوفاء حتى يتجنب الحبس.

موقف القانون الدولي لحقوق الإنسان
العهد الدولي للحقوق المدنية و السياسية حظر حبس المدين بشكل مطلق دون قيد أو شرط، بل ان لجنة حقوق الإنسان المنبثقة عن العهد جعلت من حبس المدين شكلا من أشكال الاعتقال التعسفي و تعديا على الحق في الحرية. كما ان المادة الرابعة من العهد حظرت التحلل من التزام حبس المدين حتى في حالات الطوارئ الاستثنائية التي تتهدد حياة الأمة والمعلن قيامها رسميا. و بالتالي، إذا أرادت الأردن احترام التزاماتها الدولية لا بد لها أن تعيد النظر بآلية الحبس كطريقة لتنفيذ الأحكام القضائية.

الصورة منقولة عن موقع nchr.org.jo

انشر المقال

متوفر من خلال:

قضاء ، المرصد القضائي ، محاكمة عادلة وتعذيب ، مقالات ، الأردن ، احتجاز وتعذيب ، محاكمة عادلة



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني