عند ذكر إسم سورية في السنوات الأخيرة، يتمحور الحديث عن المعارك المندلعة في مدنها وأريافها، عن تنظيمي “داعش” و”النصرة” الإرهابيين وعن التدخلات العسكرية ل “التحالف الدولي” وروسيا وإيران وتركيا. ويقتصر الإهتمام بالوضع الإنساني عند موضوع اللاجئين، لا سيما في دول الجوار السوري والإتحاد الأوروبي لأسباب أمنية وإقتصادية وديمغرافية عدّة. لكنّ الإنسان السوري تحوّل إلى “رقم”، إذ ندرَ الإهتمام بحاله في سورية.
يشرح هذا المقال الحالة السوسيو-إقتصادية للفرد والأسرة في سورية منذ اندلاع الحرب عام 2011 إلى اليوم لناحية النزوح الداخلي، البنية السكانية، الفَقر، أزمة الغذاء، مصادر الدخل، البطالة، عمالة الأطفال، التعليم والصحة. إن كانت الصورة الإقتصادية قاتمة مع 700 مليار دولار ككلفة للحرب على الاقتصاد السوري. فلا شكّ أنّ الصورة الإجتماعية أيضاً سوداء. ولعل هذه النسبة في المقدّمة قد تختصر الكثير عن حال الإنسان في سورية اليوم. فأكثر من 61% من السوريين ينامون دون أية وجبة طعام في يومٍ من الأسبوع على الأقلّ.
تقهقر البنية السكانية من مجموع عدد سكان سورية المُقدّر ب 22 مليون نسمة عام 2011، سجّل أكثر من نصفهم في عداد النازحين داخلياً وخارجياً (12.5 مليون نازح). أصبح 6.5 مليون من السوريين نازحين داخلياً عام 2016 (وفق دراسة UN-ESCWA andUniversity of Saint-Andrews)[1]، معظمهم من محافظتي حلب وريف دمشق. وبحسب مشروع Assessment Capacities Project، فإنّ نحو 1.7 مليون نازح سكنوا المخيمات عام 2015 فيما عاش 000 360 مواطن سوري في مناطق محاصرة في العام نفسه.
النازحون السوريون داخلياً حسب المحافظات عام 2016
أما النازحون خارج سورية، فيُقدّر عددهم في البلدان المجاورة (العراق والأردن ولبنان وتركيا ومصر) بما يزيد عن 6 ملايين سوريّ عام 2016، بينهم 5 ملايين لاجئ مسجّل رسمياً وفق الأمم المتحدة. وهم يتوزّعون كما يلي: 000 750 2 نازح في تركيا، 000 500 1 في لبنان، 000 400 1 في الأردن، 000 260 في مصر و000 250 في العراق (UNCHR)[2].
الدخل والبطالة، أكثر من 50% من السوريين من دون عمل في عام 2015، كانت الرواتب في القطاعين الرسمي وغير الرسمي (informaleconomy)[3] والمعاشات التقاعدية المصدر الرئيسي للدخل في سورية. كانت الرواتب تشمل 58% من السوريين عام 2016؛ وذلك بتراجع 10 نقاط مئوية عن العام 2013. ويمكن أن يُعزى هذا الإنخفاض إلى إغلاق العديد من المنشآت كثيفة اليد العاملة بسبب الحرب، لا سيما في حلب. وارتفعت نسبة الأسر المعيشية التي تعتمد على الدخل الذي يتولد عن العاملين لحسابهم الخاص (وهم غير الموظفين في القطاع الخاص) من 26% إلى 33.7% خلال الفترة ذاتها (دراسة الESCWA السابق ذكرها).
إضافةً للتضخّم ولتدهور القوة الشرائية للعملة المحلية (إلى ما دون 500 ليرة سورة للدولار الأميريكي الواحد عام 2017)، دفع الاعتماد المتزايد على مصادر الدخل غير المؤكدة (العمل الحر والتحويلات والمساعدات الإنسانية) الأسر السورية إلى وضع استراتيجيات مختلفة للتعامل مع احتياجاتها الأساسية. اضطرت ثلث الأسر إلى الاقتراض من الأقارب أو الأصدقاء لتغطية احتياجاتهم من الغذاء والسكن والصحة والتعليم في النصف الأول من العام 2015، واضطرت 17% من الأسر إلى بيع واحدة أو أكثر من سلعها المعمرة للحصول على الغذاء وغيرها من الضروريات. والأكثر خطورة أن 10% من الأسر اضطرت إلى بيع أصول إنتاجية (كآلات الخياطة ومعدات الري والماشية والسيارات والدراجات) لتوليد الدخل وتلبية احتياجاتها الأساسية (وفق المكتب المركزي للإحصاء السوري).
يمكن أن يُعزى جزءٌ كبيرٌ من التراجع في مصادر الدخل إلى التغيّرات البنيوية structuralchanges في سوق العمل لأنّ معظم الشباب الذين تزيد أعمارهم عن 18 عاما قد استُدعوا إلى الخدمة العسكرية. وعلاوةً على ذلك، أدى إغلاق العديد من أماكن العمل إلى خسائر هائلة في عرض الوظائف (أي في طلب العمل). وفي الواقع، خسر الاقتصاد السوري 2.1 مليون وظيفة (فعلية ومحتملة) بين عامي 2010 و2016.
ارتفع معدّل البطالة من 14.9% عام 2011 إلى 54.2% في عام 2013 ثم إلى 55% في عام 2015، لقد فقدت محافظتا حلب ودرعا النسبة الأكبر من الوظائف مقارنةً بالمحافظات الأخرى[4] (دراسة الESCWA السابق ذكرها). أما عام 2016، فوصل معدل البطالة بين القوى العاملة populationactive في سورية إلى 52،9٪. كما أنّ حوالي 17٪ من سكان سورية يعملون في اقتصاد الحرب (دراسة RTS السويسرية 2016[5]، نقلاً عن Centre syrien pour la recherche sur les politiques). والمعدّل الأكثر إقلاقاً هو البطالة لدى الشباب، فقد ارتفعت نسبة البطالة بين الشباب من 69% عام 2013 إلى 78% عام 2016 (RTS, 2016).
الفقر ينهش 83% من السوريين يؤدّي انخفاض الدخل وانتشار البطالة والتضخّم المالي وانخفاض قيمة العملة المحلية وتراجع قدرتها الشرائية إلى زيادة الفقر. إنّ قياس الفقر في سورية اليوم معقّد. فتقديرات الESCWA تشير إلى أنّ 83.4% من السوريين يعيشون تحت خط الفقر العلوي-المعتدل upper (moderate) poverty[6] عام 2016، الذي تعتمده الحكومة السورية لقياس الفقر، مقابل 28% في عام 2010 (تصل النسبة إلى 85% وفق RTS, 2016). ومن المتوقع أيضاً أن يكون قد ازداد الفقر المُدقع (absolutepoverty) من حوالي 14% في عام 2010 إلى أكثر من 50% من السكان في عام 2015؛ وصلت النسبة إلى 85% عام 2016 (دراسة RTS السويسرية).
يُبيّن التعمّق في الأرقام أنّ نسبة كبيرة من السوريين العاملين هم أيضاً في عداد الفقراء-العاملين. ويمكن تفسير ذلك إقتصادياً بتكلفة السلة الغذائية (القياسية) التي ارتفعت بأكثر من ثلاثة أضعاف بالقيمة الإسمية منذ عام 2011 فيما لم توازِ الزيادات المتواضعة في المرتّبات الإسمية سوى 15 إلى 20% من التضخّم[7].
لقد تعمقت فجوة الفقر (Poverty gap)[8]. وفي عام 2010، اعتُبر الفقر في سورية “ضحلا shallow“؛ بمعنى آخر، إنّ معظم الفقراء لديهم نفقات قريبة من خط الفقر، وكان لا بد من بذل إجراءات قليلة نسبياً لرفعها فوق هذا الخط. لم يعد هذا هو الحال في الحرب. بلغت فجوة الفقر رقماً قياسياً جديداً عام 2016، إذ بلغت 16.3%، بعدما كانت 11.9% في عام 2013. وكانت الفجوة أسوأ في المناطق الريفية حيث بلغت 17.9%، بعدما كانت 13.6% في عام 2013 (دراسة الESCWA السابق ذكرها).
نسبة السوريين دون خط الفقر العلوي-المعتدل 2010-2015
الرقة الأكثر فقراً والسويداء هي الأقل
13.5 مليون سوري بحاجة للمساعدة الإنسانية
في العام 2016، كان ما يقدّر بنحو 13.5 مليون شخص (3.8 مليون رجل و 3.7 مليون امرأة و 6 ملايين طفل) في سورية بحاجة بشكل أو بآخر إلى المساعدات الإنسانية (بزيادة عن مليون شخص عام 2012)، منهم 12.1 مليون شخص ممن هم بحاجة إلى المياه والصرف الصحي والتخلّص من النفايات. وكان بين ال 13.5 مليون شخص، أكثر من 4 ملايين في محافظتي دمشق (دون ريف دمشق) وحلب.
السكان المحتاجون للمعونة الإنسانية عام 2016 (بالملايين)
أ. حسب نوع التدخل المطلوب (بالملايين)
ب. حسب المحافظات (بالملايين)
Sources: Data from ACAPS, 2015. Syria crisis: scenarios, possible developments in Syria over the next 12 months. November; and OCHA, 2015. Humanitarian response plan: January-December 2016. Syrian Arab Republic.
84.2% من السوريين في خطرٍ غذائي أدّت الحرب إلى ارتفاع حاد في أسعار السلع في السوق المحلية السورية. بالنسبة لمؤشّر الأسعار (CPI)، وهو مقياس للتضخّم، فقد ضُرب بخمسة بين عامي 2010 و2016 (وفق المكتب المركزي للإحصاء السوري). بلغ معدّل التضخّم 90% عام 2013، ثم استقرّ نسبياً عام 2014 ليعود ويرتفع إلى 43% عام 2015 وإلى 47.7% عام 2016.
أفرزت هذه الزيادة في الأسعار، مضافاً إليها الفقر (المُشار إليه أعلاه) والعقوبات الأوروبية والأميريكية وانهيار سعر صرف الليرة السورية، أزمةً على صعيد الغذاء. لقد تضاعفت 9 أضعاف أسعار الخضر بين عامي 2010 و2016 و8 أضعاف أسعار المياه المعدنية والمشروبات والعصائر فيما ارتفعت أسعار الخبز والحبوب 5 أضعاف (وفقاً للمكتب المركزي للإحصاء السوري). وعلى سبيل المثال، بلغ سعر الجملة للطنّ المتري من القمح في دمشق 444 دولاراً عام 2015، أي حوالي ثلاثة أضعاف المتوسط العالمي (157.70 دولار) في العام نفسه. ويشار إلى أنّ الأسعار ليس واحدة في كل سورية، إذ يساهم الإحتكار وتقطّع المواصلات في رفع الأسعار أكثر في بعض المناطق. لقد ارتفعت أسعار السلع الغذائية بنسبة 62.1% بين عامي 2014 و2015 في سورية عموماً، مع تسجيل فوارق بين المحافظات: 46.5% في دمشق و978% في دير الزور على سبيل المثال (aforementionedESCWAStudy, 2016).
لقد أظهر تقرير أعدّه الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (IFAD) وبرنامج الغذاء العالمي (WFP) أنّ الأسر السورية تنفق مبالغ غير متناسبة على الاستهلاك الغذائي؛ وقد يتجاوز الإنفاق على الغذاء، في بعض المناطق السورية، 50٪ إلى 60٪ من النفقات العامة للأسرة. أما أفقر الأسر فتصبح غير قادرة على تلبية احتياجاتها الأساسية. وقد سجّل العام 2016 أنّ 84.2% من السوريين غير قادرين على تأمين الغذاء أو يؤمنونه بشكلٍ جزئي، 16% منهم ينامون دون وجبة طعام أكثر من 10 أيام في الشهر و45% منهم يعانون الحالة نفسها من 3 إلى 10 مرات في الشهر.
الأمن الغذائي في سورية 2016
التعليم، 45% من الأطفال خارج المدارس إنّ الأثر الأكثر خطورةً للأزمة في سورية هو على التعليم. تمسّ آثار الحرب عقوداً من التنمية على صعيد العلم وتهدد بترك جيل كامل من الأطفال دون تعليم. إنخفضت نسبة السكان الذين يحصّلون تعليمهم داخل سورية من 95% قبل الأزمة إلى أقلّ من 75% عام 2015، نتيجة لفقدان البنية الأساسية للقطاع ونقص الأساتذة فيه (دراسة الESCWA السابق ذكرها). أما عام 2016، فوصلت نسبة الأطفال في سن الدراسة الذين لا يذهبون إلى المدرسة إلى أكثر من 45٪، وهناك 000 446 طفل معرّضون لخطر التسرب (دراسة RTS السويسرية).
هناك عدة عوامل تُفسّر التسرب المدرسي لدى الأطفال السوريين، من ضمنها خوف الآباء والأمهات على سلامة أطفالهم، عمالة الأطفال وتدمير نظام التعليم السوري. ويُمثّل التسرّب المدرسي خسارة في رأس المال البشري السوري تقدّر ب 16.5 مليار دولار لناحية الاستثمار في مجال التعليم (Plummer et de Foucaud, 2017)[9].
ووفقاً لوزارة التعليم السورية، فإنّ 800 5 مدرسة (26% من المجموع العام السوري) لم تكن تعمل في عام 2015، بسبب الدمار وعدم إمكانية الوصول إليها (200 5) أو بسبب استخدامها كملاجئ للنازحين داخلياً (600). لقد أبلغت أكثر من 27% من المدارس عن نقص في الموظفين والأساتذة في عام 2015 (مقابل 0.3% في عام 2010)[10]. وانخفضت النفقات الحكومية على التعليم من متوسط 5% من الناتج المحلي الإجمالي في الفترة 2000-2010 إلى 3% منذ عام 2011 إلى العام 2016 (دراسة الESCWA السابق ذكرها). ولكن ينبغي أن يُؤخذ بعين الاعتبار أنّ الناتج المحلي الإجمالي السوري انخفض جداً خلال الحرب، إذ تقلّص الناتج المحلي الفعلي الإجمالي RealGDP بنسبة 55٪ منذ العام 2010 إلى العام 2015[11].
وفي الوقت نفسه، فإنّ 000 713 طفل لاجئ لم يلتحقوا بالمدارس في البلدان المجاورة في العام الدراسي 2015-16؛ وخمس الذين يلتحقون بالمدارس هم في المدارس غير الرسمية[12]. لقد انخفضت النسبة الوطنية (داخل وخارج سورية) للإلتحاق بالتعليم الابتدائي من 98% في عام 2010 إلى 70% في عام 2013 ثمّ إلى 61.5% في العام 2015 (دراسة الESCWA السابق ذكرها).
كانت نسبة الإناث إلى الذكور في جميع مراحل التعليم (بما فيها الجامعي) أعلى عام 2015 مقارنة بعام 2010. وتشمل أسباب ذلك زيادة مشاركة الذكور في سن الدراسة في الأنشطة المدرّة للدخل لأسرهم. وفي المجتمعات العربية، يتحمل الذكور من الأبناء (المراهقون والشباب) عادةً العبء المالي إذا كان معيل الأسرة (الرجل في أغلب الحالات) غائباً أو غير قادر على العمل. ويصحّ ذلك بصفة خاصة في أوقات الحروب، عندما يكون الذكور الأكبر سناً ملزمين بالقيام بالخدمة العسكرية.
نسب التحاق بالمدارس الإناث إلى الذكور
كان للأزمة أيضاً أثرٌ على التقدّم الذي أُحرز في العقد السابق للأزمة على صعيد محو الأمية. لقد انخفض معدل الإلمام بالقراءة والكتابة بين الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاماً بشكلٍ قليلٍ بين عامي 2010 و2013 وذلك من 94.9% إلى 94.6%. ثم، منذ ذلك الحين إلى العام 2016، انخفضت النسبة إلى 91،2%؛ أي أنّ نحو 000 360 من الشباب السوريين (16-25 عاماً) في حالة أميّة عام 2017[13] (دراسة الESCWA السابق ذكرها).
الصحة، دمار المستشفيات وهجرة الأطباء في حين كان العمر المتوقّع عند الولادة للسوري70.5 سنة في عام 2010، انخفض متوسط العمر المتوقع إلى55.4 سنة عام 2016 (دراسة الESCWA السابق ذكرها). وهذا يعكس الظروف المعيشية التي تدهورت بشكل حاد خلال الحرب، إضافةً إلى تراجع الخدمات الصحية.
أدّى النقص في الأدوية وقطع الغيار والطاقة الكهربائية والموظفين المدرَّبين إلى تباطؤ عمل المرافق الصحية التي تمكنت من مواصلة العمل. انتقلت سورية من المرتبة106 عالمياً إلى المرتبة174 بين عامي 2010 و2015 وذلك بين 195 دولة. وقد انضمت إلى نادي الدول التي تكون فيها صحة السكان هي الأسوأ عالمياً (دراسة RTS السويسرية).
تأثّر ما يقرب من نصف مجموع المستشفيات البالغ عددها 493 مستشفى في سورية في عام 2010 تأثراً مباشراً خلال سنوات الحرب. حتى بداية العام 2016، كانت 170 مستشفى (34%) خارج الخدمة بشكلٍ كاملٍ و69 مستشفى (14%) تعمل بشكلٍ جزئيٍ. لقد دُمّر ثلث مستشفيات البلد (165 مستشفى) (88% منها)، كما أصيب 11% أخرى بأضرار جزئية. وكان إصلاح العديد منها غير ممكن، إذ يستحيل الوصول إلى 119 مستشفى دُمّرت أو تضرّرت فيما يصعب الوصول إلى 59 مستشفى آخر.
المستشفيات العامة والخاصة التشغيلية عام 2016
أَجبر الاستهداف المتعمد للأطباء والصيادلة الكثيرين منهم على الفرار من البلد، بمعدل أعلى من باقي السكان. ونتيجة لذلك، ارتفع عدد الأفراد لكل طبيب في سورية من 661 في عام 2010 إلى 442 1 في عام 2015[14] وعدد الأفراد لكل صيدلي من 246 1 إلى 789 1. وعلى الرغم من أنّ الإنفاق العام على الصحة كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي قد ارتفع إسمياً من 1.8% في عام 2010 إلى 2% في المتوسط خلال الأزمة، إلا أنّ التراجع الكبير في الناتج المحلي الإجمالي يشير إلى أنّ الأنفاق على الصحة قد انخفض بالقيمة الفعلية.
ارتفع معدل الوفيات الصافي netdeathrate من 3.7 بالألف في عام 2010 إلى 10.9 بالألف في عام 2015، ووصل إلى 12.4 بالألف أو أكثر في المحافظات الأكثر تضرراً من القتال (أي حلب ودرعا ودير الزور وإدلب وريف دمشق). وارتفع معدل وفيات الأمهات من 56 لكل 000 100 مولود حي في عام 2010 إلى 63.9 في عام 2015. وارتفعت أيضاً معدلات وفيات الأطفال دون سن الخامسة ومعدل وفيات الرضع خلال نفس الفترة من 21.4 إلى 25.9 ومن 17.9 إلى 23.7 بالألف على التوالي (دراسة الESCWA السابق ذكرها).
مؤشرات صحية مختارة 2010-2015
لقد انخفض معدل تطعيم/تحصين الأطفال، الذي كان قرابة 100% في جميع أنحاء سورية قبل الحرب، إلى 75.2% في عام 2014. ومع ذلك، هناك تباينات كبيرة بين المحافظات: معدلات التطعيم في حلب 32.9%، في الحسكة 66.8% وفي القنيطرة 70.2% (دراسة الESCWA السابق ذكرها). ونتيجة لذلك، بدأت أمراض مثل السل والحصبة تنتشر على نطاق واسع في سورية. لقد عادت وظهرت بعض الأمراض التي تم استئصالها قبل الحرب، مثل شلل الأطفال. وعلى الرغم من الجهود المبذولة من منظمات دولية ووطنية لمواجهة هذه الحالة الصعبة، ظلّت بعض المناطق خارج نطاق التغطية بالتطعيم. فعلى سبيل المثال، بلغ معدّل الأطفال من عمر سنة واحدة والذين تم تطعيمهم ضد الحصبة 61.3% حتى بداية عام 2016 (وفقا لوزارة الصحة السورية واليونيسيف).
شحّ المياه لقد تدهورت الخدمات المرتبطة بالسكن في جميع أنحاء البلاد منذ بدء الحرب، حتى في المناطق الآمنة نسبياً. كانت سورية تعتبر بلداً فقيراً مائياً قبل الأزمة؛ إذ انخفضت حصة المياه الصالحة للشرب للفرد الواحد من 91 مترا مكعباً في عام 2001 إلى 72 مترا مكعبا في عام 2011، فيما نسبة السكان الذين يحصلون على مياه الشرب المأمونة safedrinkingwater قد ارتفعت من 86% إلى 89.7% خلال الفترة ذاتها. لقد انخفض هذا الرقم قليلاً إلى 84% مع بداية العام 2015. لكنّ الخطورة تكمن في انخفاض حصة المياه الصالحة للشرب للفرد بشكل كبير إلى 48 مترا مكعباً فقط عام 2015. ويُعتبر هذا الأمر نتيجة مباشرة لأضرار واسعة النطاق في البنية التحتية الأساسية للمياه. ووفقاً لمؤسسة مياه الشرب والصرف الصحي في سورية، فقد بلغت نسبة فقدان/هدر/انقطاع مياه الشرب بسبب المضخات وخطوط الأنابيب المعطّلة 49% من الإمدادات المحتملة حتى بداية العام 2016.
بالنسبة للصرف الصحي، قبل النزاع، كان 98.6% من السكان (في بعض المدن 100%) يحصلون على مرافق صحية جيدة. ووفقاً لمؤسسة مياه الشرب والصرف الصحي، انخفض هذا الرقم إلى 72% بداية عام 2016. وانخفضت نسبة السكان الذين يستفيدون من محطات معالجة المياه العادمة wastewatertreatmentstations من 52% في عام 2010 إلى 9% في بداية عام 2015، نتيجة عدم إمكانية وصول المياه إلى المحطات وتقليص الموارد المالية المُتاحة للإستثمار في معالجة المياه المستعملة.
في الخلاصة، كانت خمس سنوات من الحرب في سورية كافية لتخسيرها مكاسب التنمية البشرية المكتسبة على مدى السنوات ال 25 الماضية، مما أدى إلى تفاقم الظروف المعيشية للغالبية العظمى من السكان وإرسال العديد من الأسر السورية إلى براثن الفقر. تحطمت الهياكل الاجتماعية social structures لأنّ ما يقرب من نصف السكان قد أجبروا على الفرار إلى الخارج أو داخل البلد. ارتفع الفقر إلى 83% والبطالة إلى ما فوق ال 50% فيما يُعاني 84% من السوريين تأمين غذائهم اليومي. تضرّرت مؤسسات التعليم ومرافق الرعاية الصحية والمرافق العامة وأصبح 45% من أطفال سورية خارج مدارسهم. تدهورت الخدمات العامة من حيث الكمية والنوعية، حتى في المناطق الآمنة نسبياً التي تستخدم الخدمات العامة بأكثر من طاقتها بسبب تزايد أعداد النازحين داخلياً.
ختاماً، إن افترضنا أنّ الحرب في سورية ستتوقف مع استيقاظنا صباح الغد، تُشير التقديرات (Euronews, 2017) أنّ نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في سورية (GDP per capita) أي معدل الدخل الفردي سيستغرق ما بين 10 إلى 15 سنة للعودة إلى ما كان عليه عشية الحرب.
[1] “Syria at war: five years on”, the United Nations Economic and Social Commission for Western Asia (ESCWA) and University of Saint-Andrews, United Nations publication issued by ESCWA, United Nations House, 2016, pp.36 [2] Data from the Office of the United Nations High Commissioner for Refugees (UNCHR), 2016a. 3RP Regional Refugee &Resilience Plan 2016-2017: In response to the Syria crisis. [3] يشمل الإقتصاد غير الرسمي كل أنواع النشاطات الإقصادية غير القانونية في القطاعين العام والخاص وهذه النشاطات غير خاضعة للضرائب كالأسواق السوداء والتهريب مثلاً. [4] حسابات الESCWA استنادا إلى المسح السكاني للمكتب المركزي للإحصاء لعام 2014. [5] Cinq ans de guerre en Syrie: les chiffres qui révèlent l’horreur, RTS, Suisse, Février, 2016 [6] يساوي خط الفقر العلوي نصيب الفرد من الإنفاق على الاحتياجات الغذائية الأساسية (خط الفقر الغذائي) بالإضافة إلى نصيب الفرد من الإنفاق غير الغذائي للأسر المعيشية التي يقترب إنفاق الفرد فيها على الغذاء من خط الفقر الغذائي. [7] مع فرضية أنّ نمط استھلاك الأسر ثابت استناداً إلی بیانات عام 2009. [8] فجوة الفقر هي متوسط فارق مجموع السكان من خط الفقر الذي يقيس حجم الفجوة بين دخل الفقير وخط الفقر؛ يُعبّر عنه كنسبة مئوية من خط الفقر؛ وهو يعكس عمق الفقر. [9] William Plummer et Isabelle de Foucaud, « Le désastre de l’économie syrienne après six ans de guerre », Le Figaro, 2017 [10] حسابات الESCWA استنادا إلى المسح السكاني للمكتب المركزي للإحصاء 2014. [11] 2010 هي سنة الأساس للقياس الناتج الفعلي. [12] منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، 2015. [13] حسابات الESCWA استنادا إلى بيانات من وزارة التربية والتعليم السورية والدراسة الاستقصائية للسكان 2014 المكتب المركزي للإحصاء [14] حسابات الESCWA استناداً إلى المسح السكاني الذي أجراه المكتب المركزي للإحصاء لعام 2014
This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.
Strictly Necessary Cookies
Strictly Necessary Cookie should be enabled at all times so that we can save your preferences for cookie settings.
If you disable this cookie, we will not be able to save your preferences. This means that every time you visit this website you will need to enable or disable cookies again.