منطقة البحث والإنقاذ البحرية: مسؤولية تونسية ومشَاكل أوروبية


2024-06-24    |   

منطقة البحث والإنقاذ البحرية: مسؤولية تونسية ومشَاكل أوروبية

بعد أيام فقط من تصدّر حزبها “إخوة إيطاليا/ فراتيلي دِيتاليا” لنتائج الانتخابات الأوروبية في إيطاليا يوم 9 جوان 2024، تلقّت رئيسة مجلس الوزراء جورجيا ميلوني هدية قيّمة من تونس. في الواقع هي الهدية التونسية الثالثة في أقل من سنة واحدة. الأولى كانت توقيع تونس “مذكرة التفاهم” مع الاتحاد الأوروبي في 16 جويلية 2023 -وهي تتمحور أساسا حول التصدي للهجرة غير النظامية على الرغم من كل العبارات اللطيفة والنوايا الحسنة الواردة في المحاور الأخرى- بعد مجهودات وضغوط كبيرة من ميلوني. والهدية الثانية تمثّلت في الأرقام التي أعلنتها السلطات التونسية مطلع السنة الجارية والتي تقول بأنها نجحت في منع حوالي 80 ألف مهاجر غير نظامي من الوصول إلى إيطاليا وأوروبا. ولعبت الهديتان دورا مهما في رفع قيمة الأسهم السياسية لميلوني وحزبها اليميني المتطرف خلال الانتخابات الأوروبية التي شهدت صعودا واضحا للقوى المعادية للمهاجرين في عدة دول أوروبية كبرى. أما الهدية الثالثة التي أعلِن عنها يوم 19 جوان الجاري -قبيل أيام من مرور سنة على مذكرة التفاهم- فجاءت إثر إعلان تونس إنشاء منطقة البحث والإنقاذ البحريين التي تدخُل ضمن مسؤوليتها القانونية. وهذا القرار التونسي مطلب أوروبي -إيطالي أساسا- قديم ومُلحّ، وهو ليس مجرد توقيع لبروتوكول علاقات عامة أو إعلان نوايا، بل تترتب عنه مسؤوليات وإشكاليات كبيرة.

المنطلقات القانونية للإعلان واستتباعاته العملية

مناطق البحث والإنقاذ البحرية  Search And Rescue areas هي مناطق مسؤوليات لا تُمتّع الدولة القائمة عليها بممارسة سيادة وطنية كاملة عليها أو تحصيل امتيازات اقتصادية. وهي جزء من مخطط أقرّته الاتفاقية الدولية للبحث والإنقاذ البحريين لسنة 1979 (المعروفة باسم اتفاقية هامبورغ) والتي دخَلت حيز التنفيذ في سنة 1985. وكان الهدف الرئيسي من الاتفاقية ضَمان التنسيق بين مختلف الدول والجهات لإنقاذ المراكب التي تتعرّض لحوادث في أي مكان في العالم، لذا قَسّمت محيطات العالم إلى 13 إقليم بحث وإنقاذ تَنقسم بدورها إلى مناطق مسؤوليات خاصة بكل دولة مُطلّة على البحر. ومن أجل ضمان نجاح المخطّط فرضت هيئة السلامة التابعة للمنظمة البحرية الدولية (تتبع منظمة الأمم المتحدة) جملة من الإجراءات والشروط التي يتوجّب على كل دولة عضو احترامها عند إنشاء منطقة بحث وإنقاذ. تونس هي آخر دولة في الطريق المركزي للبحر الأبيض المتوسط تُعلن عن حدود منطقة مسؤوليتها، وهي في واقع الأمر ما تبقّى من مساحة لا تدخل ضمن مناطق البحث والإنقاذ التابعة لإيطاليا ومالطا وليبيا والجزائر. وتأخّر تونس في إنشاء منطقتها الخاصة –التي تتجاوز حدودها المياه الإقليمية والمنطقة المتاخمة- كان يجبر الإيطاليين، والمالطيين بدرجة أقل، على التدخّل للبحث عن المراكب المنكوبة وإنقاذها خارج مناطق مسؤولياتهم.  

اليوم وبعد الإعلان الرسمي عن منطقة البحث والإنقاذ التونسية يجب على الدولة الالتزام بجملة من الإجراءات عند تعرّض مركب للخطر ضمن مجال مسؤوليتها، نذكر من بينها: 

-التحرك بسرعة لإنقاذ المراكب والأشخاص المنكوبين بمجرد تلقي إشعار من المركب أو من مركز تنسيق عمليات إنقاذ يتبع دولة أخرى. 

-إحداث مركز وطني ومراكز جهوية لتنسيق عمليات البحث والإنقاذ.

-توفير المعدات والتجهيزات المناسبة للبحث والإنقاذ بما في ذلك الزوارق السريعة والطائرات والرادارات المتطورة وغيرها.

-إسعاف الأشخاص المنكوبين ونقلهم إلى مكان آمن. 

-استقبال المراكب المنكوبة في الموانئ الوطنية في الحالات الطارئة.

-التنسيق مع مراكز العمليات التابعة لدول أخرى. 

وهذه الالتزامات تُطبّق سواء تعلق الأمر بمراكب تجارية أو سياحية أو خاصة أو مستعملة لتهريب المهاجرين غير النظاميين. الفئة الأخيرة هي المستهدف الرئيسي من عمليات البحث والإنقاذ في الطريق المركزية للبحر الأبيض المتوسط التي تُعد المنطقة الأكثر خطرا على حياة المهاجرين غير النظاميين في العالم. في السنوات القادمة ستَجد تونس نفسها مُجبرة على تغطية نفقات كبيرة للإيفاء بالتزاماتها، وتلبية دعوات الدول الأوروبية للتدخل السريع وتنفيذ عمليات إنقاذ على بعد عشرات الأميال من السواحل التونسية، والتعامل مع واقع الفوضى وسطوة الميليشيات في الجارة ليبيا وانعكاسات ذلك على حركة المهاجرين غير النظاميين. ويبقى السؤال المطروح؛ لماذا “حَشرَت” الدولة التونسية نفسها في هذا المأزق؟

تتويج لمسار طويل (تسلسل زمني)  

ترسيم منطقة البحث والإنقاذ التونسية لم يكن قرارا اُتّخِذَ على عجل، بل سبقته خطوات بعضها يرجع إلى عقود خلت، وبعضها الآخر اتخذ منذ أشهر. صادقت تونس، الدولة العضو في المنظمة البحرية الدولية منذ سنة 1963، على الاتفاقية الدولية لسنة 1974 لصيانة الأرواح البشرية بالبحر بمقتضى القانون عدد 22 لسنة 1980، وانضمّت إلى بروتوكول سنة 1988 المتعلق بنفس الاتفاقية بمقتضى القانون عدد 68 لسنة 1998. وصادقت على اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لسنة 1982 بمقتضى القانون عدد 6 لسنة 1985. ورخّصَ القانون عدد 35 لسنة 1998 في انضمام الجمهورية التونسية إلى الاتفاقية الدولية للبحث والإنقاذ البحريين لعام 1979 (اتفاقية هامبورغ). وتجدر الإشارة هنا إلى أن سنة 1998 شهدت دخول اتفاقية الشراكة بين تونس والاتّحاد الأوروبي حيّز التنفيذ، وكذلك توقيع أول اتفاقية أمنية بين تونس وإيطاليا بخصوص التنسيق والتعاون في مكافحة الهجرة غير النظامية. لكن على الرغم من انضمامها إلى عدة اتفاقيات دولية وإقليمية وثنائية بخصوص قوانين البحّار والإبحار، فإن تونس ظلت تتملص من مسألة ترسيم منطقة بحث وإنقاذ تقع تحت مسؤوليتها كليا. تصلّب نظام بن علي، وتَقاطع مصالحه مع مصالح دول أوروبية كبرى، ومحدودية ظاهرة الهجرة غير النظامية نسبيا خلال تسعينيات القرن الفائت وبداية الألفية الحالية؛ كلّها عوامل سمحت للدولة التونسية بالمناورة وتفادي الالتزام الصريح. 

لكن بعد ثورة 2011 في تونس وبقية فصول الربيع العربي والتغيّرات النوعية والكمية الكبيرة التي عرفتها الهجرة غير النظامية في البحر الأبيض المتوسط، أصبحت أوروبا -إيطاليا بالأخص- أكثر إلحاحا في مسألة ترسيم منطقة المسؤولية التونسية. وفي إطار برامجه الهادفة إلى نقل الحدود الأوروبية إلى الخارج وتلزيم دول الجنوب بحراستها، شرع الاتحاد الأوروبي في تنفيذ عدة برامج ذات علاقة بمراقبة السواحل واعتراض قوارب المهاجرين في تونس، طبعا بـ”الشراكة” مع الدولة التونسية. ومن بين هذه البرامج نذكر تركيز  “النظام المتكامل للمراقبة البحرية” إيسماريس ISMaris في إطار مشروع “دعم الإدارة المتكاملة للحدود في تونس” (2015 – 2018) بتمويل من الاتحاد الأوروبي وسويسرا وإشراف “المركز الدولي لتطوير سياسات الهجرة” (مقرّه فيينا)، وكذلك  إطلاق “برنامج إدارة الحدود لمنطقة المغرب العربي” في 2018 بهدف تحسين قدرة الأجهزة الأمنية التونسية على جمع البيانات المتأتية من مراقبة السواحل والمراكب في عرض البحر (البحث والإنقاذ والاعتراض) بتمويل من وزارة الداخلية الإيطالية والمركز الدولي لتطوير سياسات الهجرة. في 18 فيفري 2019 صدر الأمر الحكومي عدد 144 لسنة 2019 المتعلق بإحداث لجنة وزارية وكتابة عامة لشؤون البحر. ابتداء من تلك الفترة بدأت الإشارة إلى منطقة المسؤولية التونسية تتزايد في وثائق الاتحاد الأوروبي، ومن بينها تقرير صادر في ديسمبر 2021 حول أشكال الدعم التي قدمتها المفوضية الأوروبية لتونس وليبيا لتعزيز إدارتِهما لحدودِهما، وكذلك الوثيقة الاستراتيجية التي نجد فيه إشارة إلى ضرورة إنشاء مركز تنسيق للإنقاذ البحري في تونس لأنه شرط أساسي لإدارة منطقة البحث والإنقاذ التونسية، وهناك كذلك مُلحق مؤشرات الهجرة ضمن الوثيقة الاستراتيجية للشراكة الأوروبية مع دول الجوار (2021– 2027) الصادر في سنة 2022.  

لكن ابتداء من جويلية 2023، ستأخذ الأمور طابعا أكثر مباشراتية وسيتمّ تسريع المسار. لم تتطرق مذكرة التفاهم بين الاتحاد الأوروبي وتونس الموقّعة في 16 جويلية 2023 إلى التفاصيل ولم تذكر منطقة البحث والإنقاذ التونسية بشكل صريح، لكن الإشارة إليها كانت واضحة في محور التنقل والهجرة، إذ “اتفق الطرفان على العمل من أجل تعزيز التنسيق حول عمليّات البحث والإنقاذ في البحر ووضع تدابير ناجعة لمكافحة تهريب المهاجرين والإتجار بالبشر”.  

 بعد توقيع الاتفاقية بأسابيع، بدَأَ الحديث بشكل علني عن هذه المنطقة. حسب وكالة نوفا نيوز الإيطالية، فإن اجتماعا عُقدَ في 25 سبتمبر 2023 بين الممثلين الدائمين عن الاتحاد الأوروبي وممثلين عن المفوضية الأوروبية بهدف تدارس خطوات تفعيل مذكرة التفاهم. وطُرحت خلال الاجتماع المذكور مسألة تَفعيل منطقة البحث والإنقاذ التونسية، وأشكال الدعم الممكن تقديمها إلى تونس: المساعدة في إنشاء مركز تنسيق عمليات الإنقاذ في البحر وتجهيزه لإدماجه في شبكة المراكز المتوسطية المماثلة، وتوفير قوارب معدلة وقطع غيار ومعدات مختلفة ومحروقات، والمرافقة التقنية، إلخ. لم تُعلّق السلطات التونسية بشكل علني على فحوى هذه النقاشات وخيّرت العمل بصمت، فخلال مجلس وزاري بتاريخ 3 نوفمبر 2023 تم التداول والموافقة على مشروع قانون يتعلق بتنظيم البحث والإنقاذ البحريّين بمنطقة المسؤولية التونسية. في شهر نوفمبر أيضا تم تدشين مركزين لتكوين الأمنيين التونسيين من مختلف الأجهزة المعنية بإدارة الحدود واعتراض المهاجرين، وذلك بتمويل من الشرطة الفدرالية الألمانية والمركز الدولي لتطوير سياسات الهجرة.  

في 24 مارس 2024 كشفت صحيفة “فاينانشال تيمز” Financial Times البريطانية عن نيّة الاتحاد الأوروبي تخصيص مظروف بقيمة 165 مليون أورو يُصرف على ثلاث سنوات بهدف تعزيز قدرات خفر السواحل التونسي وإنشاء أكاديمية تدريب للحرس الوطني التونسي بإشراف من الشرطة الفدرالية الألمانية. بعدها بأيام قليلة سيُصادق مجلس وزاري تونسي، في اجتماع بتاريخ 4 أفريل 2024، على مشروع أمر يتعلق بتنظيم البحث والإنقاذ البحريّين، والذي سيصدُر في 5 أفريل في الرائد الرسمي تحت عنوان أمر عدد 181 لسنة 2024. ومن أبرز ما جاء في هذا النص “التنسيق مع مراكز تنسيق البحث والإنقاذ البحريين للدول الأخرى” (فصل 2) وإحداث “المركز الوطني لتنسيق عمليات البحث والإنقاذ البحريين” (فصل 4 )  وإمكانية الاستعانة بـ”السفن والطائرات الأجنبية الموجودة بمنطقة المسؤولية للبحث والإنقاذ التونسية والقادرة على المشاركة في عمليات البحث والإنقاذ البحريين عن طريق التسخير” (فصل 5) و”تحديد منطقة المسؤولية التونسية وتنظيم عمل المتدخلين في المنظومة الوطنية للبحث والإنقاذ البحريين” (فصل 7).  

بعدها تسارعت الأمور، إذ صرّح وزير الدفاع التونسي في ختام تمرين البحث والإنقاذ البحريين “بحر آمن 24” (27 –29 ماي 2024) بأن “الهدف من إرساء منظومة البحث والإنقاذ البحريين على المستوى الوطني هو تعزيز نجاعة تدخّل الدولة في هذا المجال بهدف توفير خدمة البحث والإنقاذ البحريّين لفائدة جميع مستعملي البحر من التونسيين وغير التونسيين في منطقة المسؤولية التونسية، وخاصة منها مراكب الصّيد التونسية وسفن نقل الركّاب والسفن التجارية ومراكب الملاحة الترفيهية، مشدّدا في هذا الإطار على إيفاء الدولة التزاماتها وتعهّداتها الدولية في المجال”. هذا التصريح الذي لم يلقَ اهتمامًا محلّيا أبهج قلوب المسؤولين في الضفة الشمالية للمتوسط، ومن بينهم وزير الداخلية الإيطالي، ماتيو بيانتيدوزي، الذي نَشرَ في 1 جوان الجاري  تغريدة على منصة إكس (تويتر سابقا) أثني فيها على نية تونس تفعيل منطقة المسؤولية الخاصة بها واعتبر القرار” خطوة مهمة في سبيل إنقاذ الأرواح والتحكم في أدفاق الهجرة غير النظامية”. وطبعا أتى الإعلان التونسي في 19 جوان ليُعلن نهاية لعبة الضغوطات والمناورات وبداية مرحلة جديدة من تحمل تونس أعباء مشاكل أوروبية بالأساس. 

من سيَبحث عن مصالح تونس ويُنقذها؟ 

بدلا من الدّفاع عن أولوياتها ومصالحها، تجد الدولة التونسية نفسها أسيرة إكراهات –بعضها فرضته موازين القوى الدولية وبعضها الآخر تسببت فيه السياسات المحلية- تُجبرها على تسخير إمكانيات بشرية ولوجيستية ومالية لتخفيف “الأعباء” عن دول ثرية، وحِراسَة حدود قلعة أوصدَت أبوابها في وجه التونسيين وغيرهم من أبناء أفريقيا ودول الجنوب عموما. كان من الأجدى الدفاع عن موقع تونس في البحر الأبيض المتوسط أو على الأقل تحسين شروط التفاوض. “المتوسط” ليس مجرد معبر للمهاجرين غير النظاميين، بل هو “قلب العالم” فعليًّا ومجازًا، ويستأثر بجزء هام من حركة التجارة العالمية فضلا عن الثروات الطبيعية التي يزخر بها ومن بينها حقول الغاز الطبيعي الضخمة التي اكتُشفَت في السنوات الأخيرة. هناك “حُروب باردة” بين مختلف الدول المطلة على هذا البحر لتحصين مواقعها وتوسعة رقعة نفوذها. ومن الأمثلة الدالة على هذا التوتر اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين ليبيا وتركيا في نوفمبر 2019 والتي ردت عليها اليونان ومصر باتفاقية تعيين المنطقة الاقتصادية الخالصة بين الدولتين في شرق البحر المتوسط في أوت 2020، وهناك مسار لبناني- قبرصي، وآخر إيطالي- مالطي في نفس الاتجاه، من دون أن ننسى ممارسات الكيان الصهيوني ومطامعه في سواحل فلسطين ولبنان وغيرهما. 

وتجدر الإشارة إلى أن تونس كانت قد وقَّعت اتفاقيات ترسيم الحدود البحرية مع إيطاليا في 1971 وليبيا في 1989 والجزائر في 2011، وسعت إلى ضمان موقع في عرض المتوسط والاستفادة اقتصاديا من ثرواته عبر استصدار القانون عدد 50 لسنة 2005 المتعلق بإنشاء “منطقة اقتصادية خالصة” والتي تُعرّفها اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982 بكونها “منطقة البحر التي تتمتع فيها دولة ذات سيادة بحقوق خاصة فيما يتعلق باستكشاف واستخدام الموارد البحرية، بما في ذلك إنتاج الطاقة من  الماء والرياح. تمتدّ من الحد الخارجي للمياه الإقليمية ( 12 ميلًا بحريًا من خط الأساس) إلى 200 ميل بحري من ساحل دولة ما”. لكن لم يتمّ تفعيل هذه المنطقة وبقيت حبرا على ورق، وكان من الأجدى اليوم التفاوض حولها قبل الإعلان عن إنشاء مناطق أخرى لا مصلحة للبلاد فيها. من المفارقات أن تفعيل منطقة البحث والإنقاذ التونسية، مع ما يعنيه ذلك من إمكانية “إنقاذ واعتراض” عشرات آلاف المهاجرين من أفارقة جنوب الصحراء في عرض البحر واقتيادهم إلى التراب التونسي وإيوائهم في البلاد لفترة غير معلومة، يتمّ بالتزامن مع حملة تخوين وشيطنة يتعرض لها الناشطون التونسيون في الجمعيات والمنظمات المعنية بقضايا الهجرة والمهاجرين، وفي تناقض تام مع مقولتي “السيادة الوطنية” و”القرار المستقل” المهيمنة على خطاب الرئيس قيس سعيّد وأنصاره. خلال الأشهر الفائتة حقّقَت السلطات التونسية مع العشرات من الناشطات والناشطين وأذنت بإيقاف بعضهم وسجنه بتهم تبييض الأموال وتسهيل دخول الأجانب بشكل غير قانوني والتآمر على أمن الدولة. بالتوازي مع ذلك، تقوم مواقع وصفحات معروفة بمناصرتها للسلطة بعمليات سحل الكتروني ممنهج لكل الناشطين والباحثين والإعلاميين الذين يجرؤون على مجابهة الخطاب العنصري المعادي للمهاجرين والمحرّض عليهم، وتتّهمهم بخيانة البلاد والتخابر مع جهات أجنبية خدمة لمخططات “توطين المهاجرين” القادمين من أفريقيا جنوب الصحراء في تونس.   

انشر المقال

متوفر من خلال:

مقالات ، تونس



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني