تمديد بالأمر الواقع لـ”كهرباء زحلة”… والمناقصة تطلق بدفتر شروط معدّل


2023-01-05    |   

تمديد بالأمر الواقع لـ”كهرباء زحلة”… والمناقصة تطلق بدفتر شروط معدّل
صورة من الصفحة الرسمية لكهرباء زحلة على فيسبوك

انتهت مدة العقد مع “كهرباء زحلة” نهاية العام 2022، من دون أن يتمّ الأخذ بأيّ من الخيارات المطروحة لضمان استمرارية المرفق العام. فلا أنجزت المناقصة
لتقديم الكهرباء ضمن نطاق امتياز كهرباء زحلة ولا مُدّد للشركة المُشغّلة والتي تحمل اسم “شركة كهرباء زحلة”. لكن مع ذلك استمرت الشركة في عملها مستندة إلى استشارة لهيئة التشريع والاستشارات تسمح باستفادتها من قانون تمديد المهل، وبناء عليه، تقرر استمرار العقد حتى 8 آذار 2023، بحسب تأكيد النائب جورج عقيص. وفيما رأت مصادر معنيّة أن أحكام هذا القانون لا يفترض أن تسري على العقد الموقّع مع الشركة كونه ممدّدا أصلاً، إلا أن ذلك لن يؤثر على واقع استمرار “كهرباء زحلة” بإدارة المرفق الكهربائي في منطقة عملها بحكم استمرارية المرفق العام.
وفي مسعى لتفادي مسألة انتهاء مدة العقد، سبق أن قُدّم اقتراحا قانون متشابهان لناحية طلب تمديد العمل بأحكام القانون رقم 107/2018 (الإجازة إلى مؤسسة كهرباء لبنان التعاقد مع شركة كهرباء زحلة لتقديم خدمات تسيير المرفق العام بإنتاج وتوزيع الكهرباء ضمن نطاق امتيازها الجاري استرداده)، الممدّد بموجب القانون رقم 198/2020، لمدة سنتين تنتهيان في 31/12/2022. الاقتراح الأول مقدّم من النواب ميشال ضاهر، جورج بوشكيان وبلال الحشيمي، والاقتراح الثاني مُوقّع أيضاً من الحشيمي، إضافة إلى النائبين الياس اسطفان وجورج عقيص.

اقتراحا قانون بلا أفق

في التفاصيل، يشترك الاقتراحان بطلب تعديل النطاق الجغرافي لكهرباء زحلة ليشمل كل قرى وبلدات القضاء. لكن يكتفي الاقتراح الأول بطلب التمديد لكهرباء زحلة إلى حين إعداد مؤسسة كهرباء لبنان دفتر شروط وإطلاق مناقصة عمومية لتقديم خدمات الكهرباء ضمن قرى قضاء زحلة كافة، في حين يدعو الاقتراح الثاني إلى “التمديد لكهرباء زحلة لعشر سنوات، أو إلى حين إجراء مناقصة عمومية، على أن تلتزم الشركة بالمباشرة بتحويل إنتاج جزء من الطاقة إلى طاقة بديلة في مهلة 6 أشهر”. كما يطلب الاقتراح الثاني إطلاق مناقصة عمومية وفق دفتر شروط يتضمّن التزاماً واضحاً من قبل العارض بإنتاج الطاقة البديلة بما لا يقل عن 25 ميغاواط، على أن لا تتجاوز المدة القصوى للتحويل 24 شهراً من تاريخ إبرام العقد، وفي حال لم تشترك كهرباء زحلة، أو في حال لم ترسُ عليها المناقصة، يلتزم الفائز بالتعويض عليها عن أعمال التحويل التي تكون أنجزتها.
باختصار، يُبنى الاقتراحان على التمديد لكهرباء زحلة إلى حين إعداد مناقصة جديدة. وهذا الربط ليس جديداً. ففي القانون 198، الذي أقر في 29/12/2020، نصّت المادة الثانية على وجوب إعداد مؤسسة كهرباء لبنان دفتر شروط وإطلاق مناقصة عمومية لتقديم الخدمات الكهربائية ضمن حدود نطاق امتياز زحلة السابق وتوقيع العقد مع الجهة التي ترسو الصفقة عليها، خلال مهلة سنتين من تاريخ نشر هذا القانون”. وقد انتهت المهلة من دون أن تتمكن المؤسسة من إنجاز أي صفقة جديدة. فإضافة إلى تجميد المناقصة، ثمة معضلة أخرى تُواجه السير باقتراحيْ القانون المقدّمين هي عدم انعقاد مجلس النواب، وبالتالي فإن لا إمكانية لمناقشتهما في اللجان تمهيداً للبتّ بهما. فالاقتراح المعجّل المكرر محكوم بعرضه على الهيئة العامة لمجلس النواب التي تقرر إما مناقشته فوراً أو إسقاط صفة العجلة عنه وتحويله إلى اللجان المختصة. وعليه، يقول النائب عقيص ل “المفكرة القانونية” إن الحلول غير متوفرة حالياً، ولا يمكن التنبؤ بما سيعقب تاريخ 8 آذار، مع ترجيح أن يتمّ الاكتفاء بطلب كهرباء لبنان أو وزارة الطاقة من الشركة الاستمرار في تسيير المرفق العام إلى حين الوصول إلى حلّ لا يبدو قريباً، حتى لو أطلقت مناقصة جديدة قريباً بعد فشل المناقصة الأولى.

مناقصة على القياس

وكانت كهرباء لبنان قد أعلنت عن المناقصة في 21 تموز 2022، أي قبل 8 أيام من بدء سريان قانون الشراء العام، وحدّدت تاريخ 26/8/2022 آخر موعد لتقديم العروض، “فلم تتمكن أي شركة من الاشتراك وتأمين المستندات المطلوبة منها بسبب الفترة القصيرة التي لا تتفق مع طبيعة موضوع الصفقة”، كما جاء في الأسباب الموجبة لاقتراح ضاهر وبوشكيان والشحيمي.
فور إطلاق المناقصة، خرجت أصوات تؤكد أنها مفصّلة على قياس كهرباء زحلة، مطالبة بتعديلها على وقع مزايدات زحلية، وخلافات برزت بشكل خاص بين الضاهر وعقيص. فدفتر شروط المناقصة يُحدّد 4 أشهر للتنفيذ فيما يحتاج أي مستثمر جديد إلى ما بين سنة ونصف وسنتين حتى يكون جاهزاً. كما يحدّد رقم أعمال يتخطّى 10 ملايين دولار مع تأمين 30 ميغاواط وما فوق. أضف إلى تحديد مدة الاستثمار ب5 سنوات قابلة للتمديد سنتين، وهو ما اعتبر فترة غير كافية لأي استثمارات جديدة، ما يجعل دفتر الشروط مفصلاً على قياس المشغّل الحالي. خصوصاً أن دفتر الشروط نفسه يلحظ استخدام مادة المازوت في الإنتاج عوض حثّ المستثمرين على اعتماد حلول أقلّ كلفة مثل الفيول أويل أو الطاقة المتجددة، ويعتمد التسعيرة التي تُحددها وزارة الطاقة للمولّدات الخاصة، ليتحدث عن توفير بنسبة 11% فقط عن تسعيرة هذه المولدات (تجدر الإشارة إلى أن التنقين في زحلة يصل حالياً إلى 12 ساعة يومياً، لأن كلفة الحصول على كهرباء 24/24 صارت باهظة جداً ولن يكون بمقدور كل المشتركين تسديدها، على ما يشير النائب الحشيمي في حديثه مع “المفكرة”). كما أعاب الحشيمي على المناقصة عدم توسيع نطاق الاستثمار، بحيث يشمل كل قرى قضاء زحلة. وهو ما استدركه اقتراحا القانون. علماً أن رئيس هيئة الشراء جان العلّية نفسه كان شكك بدفتر الشروط، مشيراً، في 18/8/2022، إلى أنه “لم تشترك في المناقصة أيّ شركة من أصل ثماني شركات حصلت على دفتر الشروط، وهذا مؤشّر إما الى تفصيل الدفتر على المقاس، وإما بغية تكريس أمر واقع”.
قبل ذلك، كان العليّة طلب من المؤسسة، في 11/8/2022، الوثائق المتعلقة بالمناقصة “لتقدير مشروعيتها بالاستناد إلى النصوص النافذة بتاريخ الإعلان عنها”. إلا أنها لم تودع هذه الوثائق، ومنها دفتر الشروط، فأصدر العلية توصية، في 23/8/2022، بإلغاء إجراءات المناقصة المعلن عنها، “حرصاً على تأمين الشفافية والمنافسة وتكافؤ الفرص وحرصاً على إنجاح المناقصة، وإعادة إجرائها وفقاً لدفتر شروط خاصّ يتمّ إعداده وفقاً للأصول وينشر على المنصة الإلكترونية المركزية التابعة لهيئة الشراء العام، مع إمكانية طلب إبداء الرأي المسبق بشأنه عملاً بأحكام المادة 76 من قانون الشراء العام”. وبرّر العليّة توصيته هذه بالإشارة إلى أن آخر مهلة لتقديم العروض لم تعدْ كافية لنشر دفتر الشروط والاطلاع عليه. كما أن موعد جلسة فضّ العروض غير محدّد في الإعلان عن المناقصة، أضفْ إلى أنه لم يتبين نشر الإعلان عنها في وسائل نشر عالمية وإنما نُشر في الجريدة الرسمية ضمن مهلة لا تتفق مع طبيعة موضوع الصفقة وتبدو غير كافية في هذه الظروف الاستثنائية لتحضير العروض.

مرسوم استثنائي لاسترداد الامتياز

بحسب المعلومات، عادت كهرباء لبنان وتجاوبت مع هيئة الشراء العام. حيث أكد مدير عام كهرباء لبنان كمال حايك الاستعداد للأخذ بملاحظات الهيئة على دفتر الشروط. علماً أن المؤسسة أرسلت بالفعل دفتر الشروط المعدّل إلى هيئة الشراء العامّ، التي تعكف على دراسته، على ما أكد رئيسها جان العليّة. لكن مع ذلك، فقد أثار العليّة إشكاليتيْن لا بدّ من معالجتهما قبل إطلاق المناقصة: الأولى أنه لا يمكن إطلاقها إذا لم تكن مواقع العمل جاهزة، والثانية أن امتياز زحلة لم يُستردّ بعد، خلافاً للفقرة “د” من المادة الأولى من القانون 198 والتي تنص: (على وزارة الطاقة والمياه استكمال إجراءات استرداد امتياز زحلة السابق والعمل على إصدار مرسوم التحويل وفق الأصول المرعية الإجراء على أن تلحظ فيه أحكام تعالج أوضاع أجراء امتياز زحلة السابق).
وبالتالي يُفترض بالوزارة أن تسترد الامتياز قبل إطلاق المناقصة الجديدة. وهو ما حصل فعلاً في 27/10/2022. إذ أصدر رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، بموافقة رئيس الجمهورية السابق ميشال عون، قراراً قضى بالموافقة استثنائياً على مشروع مرسوم يرمي إلى:

  • تحويل جميع إنشاءات وتجهيزات ومعدّات ومباني وموجودات امتياز كهرباء زحلة مباشرة إلى مؤسسة كهرباء لبنان ابتداءً من منتصف ليل 31/12/2018.
  • مباشرة المؤسسة بإدارة الامتياز السابق أو استثماره وفقاً لقوانينها وأنظمتها على أن تتخذ الإجراءات اللازمة لتسوية أوضاع المستخدمين في امتياز زحلة.
    وبذلك تكون شروط إطلاق المناقصة، التي سبق أن أكد عليها العليّة، قد تحققت، ولم يبق عملياً سوى إنجاز دفتر الشروط الجديد. وهو ما أكد العليّة عليه، إذ أبلغ “المفكرة” أن دفتر الشروط صار جاهزاً، مؤكّداً أن بنوده تراعي أغلب ملاحظات الهيئة وأولها ضمان تعزيز المنافسة. كما أعلن أنه يخضع لمراجعة أخيرة بين كهرباء لبنان وهيئة الشراء العام تمهيداً لإطلاق المناقصة خلال الشهر الحالي.
انشر المقال

متوفر من خلال:

المرصد البرلماني ، البرلمان ، تشريعات وقوانين ، إقتراح قانون ، مقالات ، دولة القانون والمحاسبة ومكافحة الفساد



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني