المرشّح محمد ناصر ينتصر: للمواطنين والمواطنات أن يحيوا خارج الإطار الطائفي

،
2022-03-22    |   

المرشّح محمد ناصر ينتصر: للمواطنين والمواطنات أن يحيوا خارج الإطار الطائفي

أصدر مجلس شورى الدولة في تاريخ 21/3/2022 قراراً بقبول الطعن الذي تقدّم به عضو حركة مواطنون ومواطنات في دولة محمّد ناصر (وكيله المحامي موسى خوري)، ضدّ قرار وزارة الداخلية (مديرية الشؤون السياسية واللاجئين) برفض طلب ترشّحه للانتخابات النيابية بسبب شطبه لقيده الطائفي. وقد علّلت وزارة الداخلية موقفها بأنّ قانون الانتخابات النيابية يوجب الترشّح عن مقعد مخصّص لطائفة معيّنة، ممّا يحتّم على المرشّح عن مقعد معيّن إثبات انتمائه للطائفة التي خصّص لها. وبموجب قراره هذا، أقرّ المجلس خلافاً لما ذهبت إليه الداخلية بأحقية ناصر بالترشح لعضوية المجلس النيابي عن أحد المقعديْن المخصصيْن للطائفة الشيعية في دائرة بيروت الثانية. 

وقد استند ناصر في طعنه على رأي سابق لهيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل (2009) اعتبرتْ فيه أنّه يبقى بإمكان من شطب قيده الطائفي الترشّح للانتخابات النيابية من دون أن يكون لهذا الشطب أيّ تأثير على هذا الحق، وأنّه يكفي أن يحصل طالب الترشح على إفادة من الطائفة التي ينوي الترشح عن أحد مقاعدها حتى يتمّ قبول الطلب، وهو ما فعله ناصر. كما استند ناصر على الدستور الذي كفل الحقوق السياسية والحريات للمواطنين، فضلاً عن أنّ شروط الترشح في قانون الانتخاب لم تتضمّن في أسباب عدم الأهلية للترشح شطب هذا القيد (م. 7 و 8 من قانون الانتخاب). “فالمبدأ هو حق الإنسان بممارسة حقوقه كافة ومن بينها الترشح أمّا الاستثناء فهو التقييد الذي يجب أن يرد بنصّ صريح وهو ما لم يفعله قانون الانتخاب”.

تبعاً لذلك، اعتبر شورى الدولة (الغرفة المكونة من ميريه عفيف عماطوري ويوسف الجميّل وباتريسيا فارس) أنّ عدم ذكر المذهب في لوائح الناخبين لا يؤدّي إلى سقوط حقّ الناخب في الترشّح طالما أنّه بإمكانه إثبات الانتماء للطائفة المرشح على مقعدها بأي وسيلة من وسائل الإثبات وفقاً لاجتهاد سابق للمجلس. وقد أكّد المجلس أنّ اعتماد أي منحى مغاير في التفسير يؤدّي إلى حرمان حق الناخب من الترشح والذي يُعدّ من الحقوق الأساسية التي كفلها الدستور (م. 21)، مؤكداً على ما أورده المستدعي أنّ هذا التقييد لا يُمكن أن يتم إلّا بموجب نصّ صريح. وقد توصّل المجلس أنّ الإفادة من دار الإفتاء الجعفري تفي بالغرض لجهة إثبات انتمائه للطائفة الشيعية، حيث ليس ثمة ما يحول دون استبدال الإجراء بإجراء مختلف ما دام الأصول التي تؤمن الإجراء المماثل والغاية المنشودة منها.

هذا القرار يستدعي الملاحظات الآتية:

  1. إنه يشكّل تسليماً من مجلس شورى الدولة بحقّ المرشح شاطب طائفته بالترشح للانتخابات النيابية ولو ضمن شروط معينة تيمّناً باستشارة هيئة الاستشارات والتشريع في 2009 والتي كانت وصلت إلى النتيجة نفسها.
  2. إنّ مجلس شورى الدولة قد تراجع ضمناً في هذا القرار عن قرار سابق صدر في تاريخ 15 تموز 2009 عن غرفته الأولى التي كان يرأسها رئيس المجلس السابق شكري صادر. آنذاك، رفض المجلس الأخذ بحق المواطن في شطب طائفته مبرراً ذلك بعبارة ذات دلالة كبيرة على تصوّر المجلس للانتماء الطائفي ومفادها أنّ: “الحرية الدينية في لبنان مرتبطة بالنظام الطائفي الذي يفرض على كلّ لبناني أن ينتمي إلى طائفة من طوائفه الرسمية، فلا يبقى طليقاً في حياته الاجتماعية والسياسية خارج الإطار الطائفي الذي ولد فيه أو انتسب إليه”. وقد ذهب شورى الدولة آنذاك أبعد من ذلك في فكرة تأطير اللبنانيين انطلاقاً من اعتبارات عدّة منها “أمن المجتمع والوحدة الوطنية وميثاق العيش المشترك وتجذّر النظام الطائفي وتمسّك اللبنانيين بمعتقداتهم الدينية”. ومجرّد الرجوع عن هذا التصوّر إنّما هو إنجاز يصب تماماً بما ترمي إليه حركة مواطنون ومواطنات في دولة وهو تحديداً تمكين هؤلاء من التحرّر من هذه الأطر والعصبيات التي تنشأ عنها.
  3. وإذ بقي في المقابل القرار متحفّظاً لجهة وجوب إثبات الانتماء إلى مذهب معيّن من دون أي إشارة إلى حرية المعتقد، فإنّه أبدى في المقابل انفتاحاً لجهة طرق الإثبات المقبولة، حيث ليس ثمة ما يحول دون استبدال الإجراء بإجراء مختلف ما دامت الأصول المتبعة تؤمّن الإجراء المماثل والغاية المنشودة منه. ففي حين تمثل الإثبات في الدعوى الحاضرة بإفادة من المرجع الديني للطائفة، فتح المجلس في المقابل الباب أمام تقديم وسائل إثبات أخرى من دون أن يبقى بالضرورة شاطب الطائفة تحت رحمة هذا المرجع للتمتع بحقه في الترشح. على أن يبقى تحرير حق الترشح من هذا الإثبات هدفاً لمعارك مقبلة. فلنراقب.
انشر المقال

متوفر من خلال:

حريات ، المرصد القضائي ، محاكم إدارية ، حركات اجتماعية ، قرارات قضائية ، لبنان ، دستور وانتخابات ، حراكات اجتماعية



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني