أسئلة حول خطوبة طفلة في تونس وأسئلة أكبر حول مندوبي حماية الطفولة


2016-09-20    |   

أسئلة حول خطوبة طفلة في تونس وأسئلة أكبر حول مندوبي حماية الطفولة

تداول مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي منذ يوم 15 – 09  صوراً تظهر طفلة تبلغ من العمر 12 عاما ترتدي فستان خطوبة. وتعود الصور إلى فتاة أصيلة ولاية قفصة بالجنوب التونسي أقامت لها عائلتها حفل خطوبة وارتدت الفستان الأبيض. وقامت حلاقة نسائية بتجميل الطفلة ونشرت صورها. وقد قالت في تصريح أورده موقع “الجمهورية” أن كلا من والدة الطفلة و”حماتها” سعيدتان بمراسم الخطبة وهما اللتان أعطتاها الموافقة لنشر الصورة وتحديد عمر البنية. ولاقت الصورة استنكارا وتنديدا كبيرا من قبل رواد التواصل الاجتماعي مطالبين وزارة المرأة بالتحرك ومنع هذه التجاوزات في حق الطفولة.
 
عندما يتنكر مندوب الطفولة لواجب حماية الطفولة
قالت وزارة المرأة والأسرة والطفولة في بلاغ لها يوم الخميس 15 – 09 عند انتشار الصور أنها تتابع ما تمّ تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي”من نشر صور لطفلة تبلغ من العمر 12 سنة وهي تستعد للخطوبة. وقد كلفت وزارة المرأة والطفولة المندوب الجهوي لحماية الطفولة بقفصة يوسف العيساوي بمتابعة الموضوع والاتصال بالعائلة وتفقد الطفلة التي أراد أهلها أن يجعلوها عروسا وهي بعد طفلة لا تدرك. إلاأن المندوب المذكور لدى تدخله في النشرة الرئيسية لراديو شمس آف آم، أكد أنه "لا يوجد قانون يمنع تنظيم حفل خطوبة لأي فتاة في أي سن كان مضيفا أنه اتصل بالطفلة ووالدتها وأم الشاب الذي تقدم لخطبتها". وأضاف العيساوي أن الطفلة تبلغ من العمر 12 سنة و9 أشهر لكن "بنيتها الجسدية معقولة" وهي "فاخرة" (بمعنى ناضجة جسديا). وقال أيضا ان أهلها موافقون على الخطوبة.
 
مجموعة من منظمات المجتمع المدني تستنكر
وإثر هذا التصريح اللافت، عبّرت مجموعة من منظمات المجتمع المدني في تونس منها خاصة الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية في بيان صادر عنها الجمعة 16 09 عن استغرابها الشديد للتصريحات الخطيرة وغير المسؤولة الصادرة عن مندوب حماية الطفولة في قفصة. وجاء في البيان أن هذه التصريحات تأتي في واقع تصاعد فيه العنف بكل أشكاله ضدّ المرأة وارتفعت نسبة الزواج على خلاف الصيغ القانونية والفرار بقاصر وغيرها من القضايا التي تمس بعديد المكاسب التي تحققت منذ صدور مجلة الاحوال الشخصية التي احتفلت تونس هذه السنة بالذكرى الستين لصدورها والتي جعلت تونس البلد الاول عربيا في حماية القاصرات من الزواج المبكر.
وأضافت أن هذه التصريحات لا تناقض فقط التشريع التونسي الذي حدد السن الدنيا للزواج بل وكذلك التشريعات الدولية حيث تعتبر الأمم المتحدة أن الخطوبة والزواج المبكر والقسري وزواج الأطفال انتهاك لحقوق الطفل ولحقّه في الدراسة والحياة والأمن والحرية. كما أنها تناقض اتفاقية القضاء على كل اشكال التمييز ضد المرأة(السيداو) التي أمضت عليها تونس والتي تعتبر أن خطوبة وزواج الأطفال غير قانونيين، ويجب على الدول مقاومتهما.

وأدانت المنظمات الممضية على البيان التصريحات التي أسمتها باللامسؤولة الصادرة عن "مندوب لحماية الطفولة" والتي تنم عن قُصور واضح منه في فهم متطلبات وظيفته فضلا عن أداء مهامّه على الوجه المطلوب. كما طالبت الحكومة بإقالته وتوخّي طرق أكثر نجاعة في تعيين مسؤولين أكفاء يدركون قيمة المكاسب التي تحققت لحماية المرأة والطفل ويعملون على مزيد دعمها.
 وفي رد فعل لاحق وفي بيان لها صادر في 15 – 09 قالت وزارة المراة والطفولة "أنه تبعا لما جاء في تصريحات المندوب الجهوي لحماية الطفولة بولاية قفصة فإن وزارة المرأة أعلنت أنها في حل من هذه التصريحات وأعلنت أن المندوب المذكور قد أوقف عن العمل الى حين استكمال البحث معه في ما صرح به ولما تمثله هذه الوضعية من خرق لقانون حماية حقوق الطفل ومن مس للمصلحة الفضلى للطفلة".
 
مندوب الطفولة ليس مجرد موظف اداري
وبقطع النظر عن غرابة الحادثة عن المجتمع التونسي وما تطرحه من مسؤولية الآباء في توفير تربية سليمة للأبناء، وبقطع النظر أيضا عما تشير اليه من سلوكيات صادمة ومن خلل داخل الأسرة التونسية التي تعرض أطفالها إلى وضعيات تهدد مصيرهم في المستقبل، فإنها تشير أيضاً وبالنظر الى التصريحات الغريبة لمندوب الطفولة في جهة قفصة الى مسؤولية مندوبيات الطفولة والى ضرورة التحري في تعيين المندوبين. فمندوب الطفولة ليس مجرد موظف إداري يتلقى إشعارات تخصّ الطفولة المهددة ويحيلها تبعا لما تفرضه عليه التشريعات الجاري بها العمل الى الوزارة المختصة والى وزارة الداخلية لتحديد الهويات ومتابعة الحالات، هذه الوزارة التي  تمنح أولوياتها إلى قضايا الإرهاب ثم الإجرام لتأتي القضايا الاجتماعية والخاصة بالأطفال في مرتبة أخيرة. إن ما تطرحه هذه الحادثة في خصوصيتها هو مشكل انتداب هؤلاء المندوبين. فهل يقع الانتداب اليوم في تونس على أساس توفر ثقافة حقوقية ونفسانية اجتماعية تؤهلهم لتحمل مسؤولياتهم حتى لا تصدر عن بعضهم تصريحات من هذا النوع الذي ذكرناه والتي تنم بلا شك عن جهل بأدوارهم الإنسانية والتربوية؟ كما أنه يقع بلا شك على كاهل الدولة والوزارة المختصة المساهمة في التأهيل المستمر لهؤلاء المندوبين وتأمين التّدريب الميداني للمُنتَدبين الجُدد، وخاصّة من خلال المرافقة المهنية ونقل الثقافة الحقوقية والتربوية وطرق العمل بالنسبة الى المندوبين من مختلف الرتب.
 
 

انشر المقال

متوفر من خلال:

مقالات ، تونس ، حريات عامة والوصول الى المعلومات



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني