البرلمان المغربي يصادق على عدم افلات المغتصب من العقاب وأمل بان تعمّ هذه الخطوة نصوص الدول العربية الأخرى


2014-01-24    |   

البرلمان المغربي يصادق على عدم افلات المغتصب من العقاب وأمل بان تعمّ هذه الخطوة نصوص الدول العربية الأخرى

صادق البرلمان المغربي على مقترح قانون يقضي بإلغاء الفقرة الثانية من الفصل 475 من القانون الجنائي المغربي التي كانت تقضي بوقف ملاحقة " المختطف"، دون عنف او تهديد، إذا ما قبل ان يتزوج القاصرة البالغة، اي اعفاء المغتصب من العقوبة في حال تزوج من المعتدى عليها. واتى هذا التعديل بعد حادثة انتحار احدى الضحايا على خلفية تزويجها لمغتصبها حيث بدأت تحركات واسعة في المغرب ومظاهرات من قبل جمعيات تطالب بحماية ضحايا الاغتصاب.وقد تم على إثر هذه التحركات مصادقة لجنة العدل والتشريع وحقوق الانسان في البرلمان المغربي، بتاريخ 8-1-2014 وبإجماع أعضائها، على مقترح قانون يقضي بإلغاء الفقرة الثانية من الفصل 475.[1] وبالتالي تم الغاء الحالة التي كانت تسمح بإفلات المغتصب من العقاب إذا تزوج من المغرر بها.وتجدر الاشارة الى ان القانون الجنائي المصري كان سبّاقاً في هذا الامر حيث كان قد ألغي المواد 290-291، المتعلقين بالإعفاء من العقوبة اذا تزوج الجاني المعتدى عليها، منذ عام 1999. بل انهتم تغليظ العقوبة على جرائم الاغتصاب والتحرش والخطف من قبل المجلس الاعلى للقوات المسلحة بعد ثورة يناير بموجب المرسوم 11 لعام 2011[2].

وفي الحقيقة، ان اغلبية القوانين الجنائية العربية لا تخلو من النصوص التي تعفي المغتصب من الملاحقة او تعلق تنفيذ الحكم إذا تزوج المذكور من المعتدى عليها، بحيث يتحول القانون الى اداة عقاب اضافية للضحية بدل من ان يحميها فيما يمنح المعتدي افلاتا من العقاب "لتكرمه" بقبول الزواج من المعتدى عليها.ونذكر من هذه البلدان تونس، لبنان، ليبيا،الاردن، العراق، الكويت، البحرين وسوريا[3]. وتشهد بعض هذه البلاد تحركات منذ فترة لإلغاء هذه المواد فيما يبدو ان بعضها الاخر لم يقم بأية خطوة جدية نحو تغيير هذا الوضع.

ففي تونس، ومع انه لم يصل الامر الى مرحلة الغاء المادة المتعلقة بوقف ملاحقة المعتدي الذي يتزوج بالضحية، الا ان البلاد تشهد تحركات لإلغاء الفصل 227 من قانون العقوبات التونسي الذي ينص على ان زواج الفاعل بالمجني عليها(قاصرة كانت ام راشدة) يوقف التتبعات أو آثار المحاكمة.[4]وان هذا السبب المعلق للعقاب يطبق على كل مواقعة أمورست بالعنف والتهديد او ما خالف، في حينلا تطبق على الجرائم المنافية للحشمة والافعال الفاحشة.وتجدر الاشارة الى انهخلال فترة تنزيل الدستور الجديد للبلاد، حاولت منظمة العفو الدولية تمرير بيان يحتوي على توصية بإلغاء هذا الشرط المعفي من العقاب الا ان 32 حزب سياسيفقط من اصل 100 وافق على المقترح، مما ابقى الحال على ما هي عليه.[5]

اما بالنسبة الى الأردن، نجد ان المادة 308 من قانون العقوباترقم 16 لسنة 1960تنص على أنه يعفى مغتصب الأنثى من العقوبة في حال زواجه من ضحيته، ما لم يكن الفاعل مكرراً. ويتلاقى النص الاردني مع النص التونسي لناحية استئناف التتبعات اذا انتهى الزواج، مع فارق في مدة مرور الزمن حيث تستعيد النيابة العامة الاردنية حقها في ملاحقة الدعوى العمومية وفي تنفيذ العقوبة" قبل انقضاء ثلاث سنوات على الجنحة وانقضاء خمس سنوات على الجناية إذا انتهى الزواج بطلاق المرأة دون سبب مشروع".[6] وقد قام مؤخراً 23 نائب باقتراح قانون لإلغاء هذا النص[7]، علماً ان عددا من النشطاء الاردنيين يخوضون حملة موسعة لمناهضة جريمة الاغتصاب والتشريعات المخففة المتصلة بها منذ فترة.وقد بدأت هذه المطالبات في العام 2012 على إثر إعفاء مغتصب لطفلة،في الرابعة عشرة من عمرها في مدينة الزرقاء،من عقوبة الاغتصاب، بعد أن عقد قرانه عليها مع إتمامها عامها الخامس عشر.[8]من ناحية اخرى، يعتبر قانون العقوبات الاردني"أن اغتصاب الذكر لا يعد اغتصابا بل هتك عرض، حتى وإن كان قاصراً".ويؤكد ناشطو الحملة ان تزويج الضحية لمغتصبها جريمة اضافية بحقها وهو حل تلجأ اليه العائلة حفاظاً على "السمعة"، مضيفين انه من المخجل ان لا تنطبق جريمة الاغتصاب على الذكر فتختصر ب"هتك العرض" مما يمنح الجاني /الجانية عقوبة اخف بحسب القانون.[9]وهذا الادلاء يستوقفنا لالقاء الضوء على حكم غريب من نوعه كان قدصدر عن محكمة التمييز الاردنية بتاريخ 13-8-2013 يقضي بعدم وجود مانع من تطبيق المادة 308 عقوبات، التي تفيد الرجل من ايقاف الملاحقة،على المرأة.[10]ففي ظل الاحتجاجات التي تعم الاردن والحملات الفاعلة لالغاء هذا النص المشين، نجد ان احدى ارفع المحاكم واعلاها درجة، بقصد او بدون قصد، أصدرت حكماً يرسخ هذا النص ويفعّل العمل به.

وفيما يختص بلبنان، فقد تقدم نائبان هما ايلي كيروز وستريدا جعجع باقتراح قانون يرمي الى تعديل بعض مواد قانون العقوبات اللبناني المتعلقة بجرائم الاغتصاب(503) والإكراه على الجماع (504) وتزويج المعتدى عليها من المعتدي (522) من قانون العقوبات.[11]منجهته، يقوم المجتمع المدني والجمعيات النسائية بدور فعال من خلال "حملة الغاء المادة 522 عقوبات لبناني" التي تسعى الى تجميع توقيعات على عريضة بهذا الخصوص.وتجدر الاشارة الى ان لبنان لم يصادق حتى تاريخه على البروتوكول الاختياري للاتفاقية الدولية للقضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة رغم انه مصادق على الاتفاقية منذ عام 1997 وعلى العديد من الاتفاقات التي تتعلق بالمرأة[12]. وتسترجع المادة 522 عقوبات النتيجة الواردة في مواد الدول العربية الاخرى الا ان السبب المعفي يشمل كافة الجرائم التي وردت في فصل "الاعتداء على العرض" بما فيها الخطف والاغواء والمداعبة وما الى ذلك من جرائم، قاصراً كان المعتدى عليه ام راشداً. فضلاً عن ذلك تلتقي المادة 522 التقاء تاماً مع المادة 308 اردنية لجهة وجوب استئناف الملاحقة ف"يعاد إلى الملاحقة أو تنفيذ العقوبة قبل انقضاء ثلاث سنوات على الجنحة وانقضاء خمس سنوات على الجناية إذا انتهى الزواج إما بطلاق المرأة دون سبب مشروع أو بالطلاق المحكوم به لمصلحة المعتدى عليها."

اما في ليبيا فتبقى التحركات خجولة، حيث يورد الباب الثالث من الفصل الثاني المتعلق ب "جرائم ضد الحرية والعرض والاخلاق" مادة اخيرة (424) تسقط الجريمة او توقف تنفيذها بحسب الاحوال عن جميع الجرائم التي ذكرت في الباب المذكور ومنها المواقعة (407) وهتك العرض (408) والخطف بقصد الزواج والخطف بهدف اتيان افعال شهوانية.ولا تفرق المادة المعفية بالتالي بين معتدى عليه قاصر او راشد او بين مواقعة حصلت بالإكراه ام بالرضى.وتنص المادة 424 انه لا يترتب على الزواج المعقود إلا ايقاف الإجراءات الجنائية أو ايقاف تنفيذ الحكم لمدة ثلاث سنوات.ويزول الإيقاف قبل مضي ثلاث سنوات من تاريخ الجريمة بتطليق الزوجة المعتدي عليها دون سبب معقول أو بصدور حكم بالطلاق لصالح الزوجة المعتدي عليها."[13]

ويبقى الأمل ان تعم تجربة المغرب باقي البلاد العربية في هذا المجال. فمن غير المقبول او المبرر بشيء ان تعاني الضحية تارة جسدياً ومعنوياً من الجريمة التي اقترفت بحقها، وطوراً اجتماعياً واسرياً من قبل القوانين المجحفة والنصوص المتخلفة.
 
 


[2]بالرغم من التغيير الجذري في القانون الا ان قطاع غزة ، الذي يطبق القانون الجنائي المصري، لم يتماشى مع ذلك وما زال يطبق هذه المادة.(المرجع السابق)
وايضاً مرسوم المجلس الأعلى للقوات المسلحة بتغليظ العقوبة على جرائم الاغتصاب والتحرش والخطف
[4]"وتستأنف التتبعات أو آثار المحاكمة إذا انفصل الزوجين بالطلاق بعد اقل من عامين."
[6]وتجدر الاشارة ان القانون الاردني مطبق في الضفة الغربية
 
[7]الاحداث القانونية الاردنية في اسبوعين- العدد 27-المفكرة القانونية
 
[11]ستريدا وكيروز يتقدمان باقتراح قانون
لإلغاء التمييز بين المرأة والرجل

[12]"كيروز في ندوة عن المرأة: لالتزام لبنان بالمعاهدات والمواثيق الدولية التي تحفظ حقوقها"، الوكالة الوطنية ، تاريخ 8 كانون اول، 2013
[13]"اذا عقد الفاعل زواجه على المعتدي عليها تسقط الجريمة والعقوبة وتنتهي الآثار الجنائية سواء بالنسبة للفاعل أو للشركاء وذلك ما دام قانون الأحوال الشخصية للجاني لا يخول الطلاق أو التطليق".
انشر المقال

متوفر من خلال:

المرصد البرلماني ، المغرب



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني