الطعن في مرسومي إشغال الأملاك البحرية في ذوق مصبح والناعمة: معركة جديدة صونا للملك العام


2018-10-24    |   

الطعن في مرسومي إشغال الأملاك البحرية في ذوق مصبح والناعمة: معركة جديدة صونا للملك العام

بتاريخ 10\9\2018، تقدمت جمعيتا “الخط الأخضر” و”نحن” نيابة عن ائتلاف حماية الشاطئ أمام مجلس شورى الدولة باستدعاءين لإبطال المرسومين رقم 3247 ورقم 3248 الصادرين بتاريخ 6/6/2018 واللذين قضيا تباعًا بالترخيص بإشغال أملاك عامة بحرية في كل من منطقة الناعمة (71234 م2) ومنطقة ذوق مصبح (67677 م2) أي ما يقارب 140000 م2. وكان المرسوم الأول منح الجهة المرخص لها حق ردم 38958 م2 من الأملاك العامة البحرية المرخص بإشغالها كما أن المرسومين نصا على إنشاء مرفأ خاص للمراكب السياحية ومطعم.

وهنا تجدر الإشارة إلى أن المرسومين نشرا في الجريدة الرسمية من دون الخرائط المرفقة بهما والتي يظهر عليها طبيعة الإنشاءات المسموح بإقامتها على الأملاك العامة. وعليه، وإذ استند استدعاءا الإبطال على مخالفات فادحة وردت في هذين المرسومين، تم حفظ الحق بإضافة أسباب إبطال جديدة بعد الاطلاع على الخرائط.

ومن أبرز أسباب الإبطال، الآتية:

مخالفة المدة القصوى للسماح بإشغال أملاك عامة بحرية

تجيز المادة 17 من القرار رقم 144/س (الصادر في 10/6/1925 والخاص بالأملاك العمومية) منح رخص الإشغال المؤقت للأملاك البحرية لسنة واحدة فقط مع إمكانية تجديدها بالرضى الضمني. ورغم وضوح هذه المادة، فإن المرسومين المذكورين قد خالفاها بشكل فاضح على نحو يوجب بحد ذاته إبطالهما. ففيما نص المرسوم رقم 3247 (المادة 2) على أنّ الرخصة أعطيت لمدة 3 سنوات، نص المرسوم رقم 3248 (المادة 2) على أنّ الرخصة أعطيت لمدة سنة واحدة تجدد تلقائيًا، بما يمنح هذا الأخير حقا مكتسبا بتجديد العقد، بمعزل عن رضى الإدارة أـو عدمه.

تجاوز رفض المجلس الأعلى للتنظيم المدني

تشترط المادة الأولى من المرسوم رقم 4810 الصادر في 24/06/1966 لمنح رخصة بإشغال الأملاك العامة البحرية، صدور إفادة عن المجلس الأعلى للتنظيم المدني بكون المشروع المنوي القيام به ذا صفة عامة وله مبررات سياحية أو صناعية. وعليه، يقتصي إبطال المرسومين لهذا السبب أيضا، طالما أن المجلس الأعلى للتنظيم المدني كان رفض صراحة هذين المشروعين. يلحظ أن أحد المرسومين (ذوق مصبح) ذكر ضمن بناءاته رأي المجلس الأعلى للتنظيم المدني فيما أن هذا الرأي سلبيا.

إقامة منشآت غير مؤقتة

يخضع المرسوم 4810 التراخيص المعطاة لأسس عدة، منها:

أن لا يسمح بانشاءات دائمة على الأملاك العامة البحرية سوى ما يعود منها للتجهيزات الرياضية والتنظيمية وملحقات الانشاءات التي يتوجب إيجادها قريبة من الشاطئ، على أن لا يتعدى معدل الاستثمار السطحي لهذه التجهيزات 5% وأن لا يعلو البناء فوق مستوى الأملاك العامة البحرية أكثر من ستة أمتار مع عامل استثمار أقصى 0,075.”

وبالرجوع إلى المرسوم المتصل بمنطقة الناعمة، نجد أمرين:

– أن المرسوم نص على امكانية الردم من دون تحديد المساحة الممكن ردمها، علما أن المساحة الاجمالية القابلة للردم هي وفق المرسوم 38958 مترا مربعا.

– أنه رخص بإقامة 2900 مترا مربعا انشاءات وفق خرائط لم يتم نشرها. علما أن الانشاءات الموصوفة في نص المرسوم شملت ليس فقط التجهيزات الرياضية ولكن أيضا ريستوران (عدد 2) (أي مطعمين) ونادي صحي وجسر فوق سطح المياه وحدائق ومرفأ خاص للمراكب السياحية ورصيف صيانة للمراكب dry dock.

علما أن المستدعيين احتفظا بحق تقديم أسباب إبطال إضافية بخصوص هذا المرسوم أو جديدة بخصوص مرسوم ذوق مصبح، بعد الإطلاع على الخرائط غير المنشورة.

تقييد صلاحية الإدارة بالرجوع عن الترخيص

فتحت المادة 18 من القرار رقم 144/س الباب واسعًا أمام إمكانية إلغاء إجازات الإشغال المؤقت، من خلال إعطاء الإدارة صلاحية استنسابية في هذا الخصوص، ضمانا لما تراه الصالح العام. وهذا هو نصها الحرفي:

يمكن إلغاء إجازات الإشغال المؤقت بدون تعويض عند أول طلب من الإدارة على أنه يحق لصاحب الإجازة أن يداعي بقسم أو بجملة الرسوم التي دفعها. يجري سحب الإجازة بقرار من رئيس الدولة“.

لكن المرسومين المذكورين آلا إلى تقييد صلاحية الرجوع عن الترخيص، محولين هذه الصلاحية من صلاحية استسابية إلى صلاحية مشروطة، بما يتعارض مع أحكام القرار 144/س المذكورة أعلاه.

إعطاء وزير الأشغال العامة صلاحيات واسعة

من الثابت أن القرار رقم 144/س قد نص على أن تراخيص الاشغال تصدر بقرار رئاسي (المادة 16)، أي بمرسوم يتخذ بناء على اقتراح وزير الأشغال العامة والنقل. كما يتم إلغاء التراخيص بالشكل نفسه عملا لنص المادة 18 من هذا القرار وعملا بمبدأ توازي الصيغ أو الأشكال parallélisme des formes.

وهذه القاعدة أيضا تم خرقها بموجب المرسومين المطعون فيهما، بحيث أعطي وزير الأشغال العامة صلاحية اتخاذ قرارات تتجاوز صلاحياته في إدارة الأشغال العامة، على نحو يشكّل تغولا على صلاحية أعيان السلطة التنفيذية.

وهذا ما يتأتى عن عدد من الأحكام المرسوم المطعون فيهما، أبرزها الآتية:

* منح الوزارة امكانية إجراء أو زيادة أو تعديل الانشاءات المرخص بها بموجب التصميم المقدم من قبلها،

* إعطاء الوزارة حق إلغاء الترخيص ومصادرة التأمين في حالات معينة.

إخلال المرسومين بواجب تأمين تواصل الشاطئ ووحدته

يشكل مبدأ تواصل الشاطئ للعموم مبدأ أساسيا مضمونا في القوانين وتحديدا في الأحكام الآتية:

* المرسوم رقم 4810 (المذكور سابقا) حيث تم إخضاع الترخيص لأسس عدة منها: “أن لا يشكل الاستثمار المطلوب عائقا لوحدة الشاطئ“.

* أن قانون حماية البيئة (444/2002) نص على أنه “مع مراعاة الأحكام النافذة المتعلقة بأشغال الأملاك العمومية، تمنع الأشغال على الأملاك العمومية البحرية أو النهرية التي تعرقل الولوج الحر إلى السواحل والشواطىء الرملية أو تؤدي إلى تآكل الموقع أو تدهوره أو تسبب تهديدا للمصالح المذكورة في البند “1” من المادة التاسعة والعشرين”. وهذا يعني أن الاستثناء الوحيد على حق المواطن بالولوج للبحر وتواصل الشاطئ هو الاستثناء المنظم وفق القرار 144/س من دون جواز منح أي استثناء آخر.

* المادة 11 (ثانيا-4) من القانون رقم 64 الصادر في 20\10\2017 (تعديل واستحداث بعض الضرائب والرسوم) التي نصت على وجوب تأمين تواصل الشاطئ للعموم مع احتفاظ وزارة الأشغال العامة والنقل بحقّ إنشاء أو الإبقاء على “أجزاء مفتوحة من الأملاك العامة البحرية المشغولة بترخيص أو المطلوب السماح بإشغالها وفقاً لأحكام هذه المادة، كممرات للوصول إلى الشاطئ البحري و/أو إلى البحر بغية المحافظة على وحدة تواصل الشاطئ ويلحظ أن هذه المادة أوجبت على الحكومة، تبعا لتكريس المبدأ المذكور، أن تحدد بمراسيم، خلال مهلة ثلاثة أشهر من تاريخ نشر هذا القانون، بناء لاقتراح وزير الاشغال العامة والنقل دقائق تأمين تواصل الشاطئ، ضمن الأملاك العامة البحرية وتحديد الشروط كافة التي تؤمن هذا الحق من جهة وتحمي الملكية الخاصة من جهة أخرى، وكذلك تحديد أي إجراءات تؤمن حق وصول المواطنين إلى الشاطئ.

كما تجدر الإشارة إلى أنّ المادة 11 (خامس عشر) من القانون المذكور عاقبت بالغرامة من خمسة عشرة مليون إلى خمسين مليون ليرة لبنانية كل شاغل مرخص له باستثمار الأملاك العامة البحرية يخالف مبدأ ولوج الشواطئ عبر الطرق الرئيسية والفرعية المؤدية إلى الشاطئ البحري و/أو البحر، عن طريق فرض تدبير مباشر أو غير مباشر أو عن طريق وضع أو إنشاء أي حاجز مادي، وعليه إزالة المخالفة فورا، أي أّنّ المشرع رتب عقوبات جزائية على من يخالف هذا المبدأ.

لكن وعند التدقيق في المرسومين المطعون فيهما لا نجد أي شيء يؤكد احترام مبدأ استمرارية الشاطئ ووحدته أو حق ولوج المواطنين الحر إلى الشاطئ.

إضافة إلى هذه المخالفات الأساسية، استند استدعاءا الإبطال على عدد آخر من المخالفات، نكتفي بإيرادها في هذا المكان:

  • منح المرخص له فترة طويلة لمباشرة تنفيذ الأشغال تتعدى الحد الأقصى المسموح به للإشغال،
  • مخالفة مبدأ الدفع المسبق للرسم،
  • عدم توفر شروط الترخيص الاستثنائي لخلوهما من ذكر المبررات السياحية،
  • مخالفة مبدأي شمولية ووحدة الموازنة والقرار 144/س والمادة 9 من المرسوم رقم 1573 تاريخ 13/10/2017 (أسس تحديد الرسوم السنوية المترتبة على الترخيص بالإشغال المؤقت للأملاك العمومية البحرية)،
  • انعدام التعليل والأسباب الموجبة.

انشر المقال

متوفر من خلال:

المرصد القضائي ، لبنان ، مقالات ، حراكات اجتماعية ، بيئة وتنظيم مدني وسكن



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني