3 سنوات بعد مقتل “سارة الأمين” على يد زوجها: والدة سارة تواجه قاتلها بسؤال واحد “لماذا؟”


2018-05-23    |   

3 سنوات بعد مقتل “سارة الأمين” على يد زوجها: والدة سارة تواجه قاتلها بسؤال واحد “لماذا؟”

أرجأت محكمة الجنايات أمس بتاريخ 22 أيار 2018 برئاسة القاضي إيلي الحلو في بعبدا، أولى جلسات محاكمة المدعى علي الزين بجريمة قتل زوجته سارة الأمين إلى تاريخ 3 تموز 2018. وذلك، بعدما تقدم وكيل المدعى عليه المسيح عقيقي بطلب استمهال للاطلاع على الملف ولأجل إثبات وكالته.

صودف تاريخ أول جلسة في الجنايات لمحاكمة علي الزين، عند الذكرى الثالثة لقتله زوجته سارة. ففي فجر 19 أيار 2015 أفرغ الزين 17 رصاصة في جسد زوجته سارة، بوجود أولادها الخمسة في المنزل. خمسة طلقات حطم بها وجهها مستخدماً سلاح كلاشنكوف، وواحدة استقرت في عنقها وأربع في صدرها ورصاصة في فخذها وست رصاصات في أطرافها العلوية، بحسب ما تضمنه قرار الهيئة الاتهامية الصادر بتاريخ 20 كانون الأول 2017. وكان ذوو سارة أدلوا أمام الإعلام بعد الحادثة، أنه سبق للراحلة أن لجأت وأولادها إلى منزل أهلها تاركة منزل زوجها بسبب ما تتعرض له من تعنيف مستمر، لكنها عادت وقررت العودة بعدما وصلها خبر أنه نادم على أفعاله ويسعى إلى التغيُّر.

خلال الجلسة، جلس المدعى عليه علي الزين في قفص الاتهام، ينتظر أن يحين دور جلسته التي دُونت في آخر اللائحة، وهي الملف الوحيد الذي يتضمن جريمة قتل من بين كافة الجلسات في تاريخه. راح الزين يُحدق مباشرة في وجه والدة سارة، التي اتخذت لها مجلساً على مقاعد المحكمة مع ابنتها وابنة سارة وابنها وبعض الأقارب. لا يزيح عينيه عنهم بشكل يعبّر عن جرأة لافتة. وخارج المحكمة، كان أقارب الراحلة ينتظرون انتهاء الجلسة إلى جانب بعض الأهالي من بلدة الراحلة مجدل سلم، وقد احتشد هؤلاء من أجل دعم العائلة والمطالبة بإحقاق العدالة وبعضهم طالب بإنزال عقوبة الإعدام بحق الزوج. وإلى جانب عائلة سارة، شارك في التجمع بعض من ذوي ضحايا جرائم القتل، الذين تعرفوا على بعضهم البعض من خلال حملة "لا تنسونا"، وهي حملة أطلقها ناشطون في 2017، وعمدوا إلى تشكيل اجتماعات مع ذوو ضحايا القتل العشوائي. وتطالب الحملة بضبط السلاح المتفلت، وملاحقة الهاربين من العدالة من مرتكبي جرائم القتل وإنزال أشد العقوبات بهم. ومن بين أهالي الضحايا شارك حسان السبلاني والد الضحية رمزي السبلاني، الذي قُتل قبل 6 سنوات بخمس رصاصات في مسبح في منطقة الأوزاعي أمام ولديه، وتوارى مطلق النار عن الأنظار مذ ذاك.

لماذا قتلت ابنتي؟

توجهت انعام خلف، والدة سارة نحو قوس المحكمة حين سمعت القاضي ينادي باسم ملف ابنتها. وحين تقرر إرجاء الجلسة، لم تقدر أن تَضبط نفسها وأرادت تفسيراً منطقياً من علي الزين عن سبب قتله لابنتها. فراحت تناشد القاضي بكل عزمها بأن يسأله قائلة: "خلي يطلع بعيني ويقلي ليش قتل سارة".

طلب القاضي الحلو إلى الوالدة أن تضبط نفسها، وأن تنتظر إلى حين انعقاد جلسة الاستجواب لتسمع إدلاءاته. خرجت إنعام غير قادرة أن تمسك دموعها، ولا قادرة أن تمنع نفسها عن الاحتجاج بسبب ما عانته طوال الثلاث سنوات التي مضت بانتظار أن تقف وجهاً لوجه أمام قاتل ابنتها.

رفعت يدها إلى السماء وهي تقول "لا والله دمك لن يذهب هدراً". والحال أن الوالدة المفجوعة لا تقدر أن تتفهم سبب التأخر في ملف سارة، إذ يخرج الكلام من فمها بصعوبة، وتتنهد وتبكي وتضرب على صدرها وكأنه المشهد نفسه الذي تناقلته وسائل الإعلام لوجهها قبل ثلاث سنوات وهي تبكي على ابنتها. راحت انعام تناشد القضاء، وتدعو أن تحصل ابنتها على حقها، وتقول "ماذا يريدون، لم يحتاج لمحامٍ كي يدافع عنه؟ هل يوجد دليل أكثر من 17 رصاصة في وجهها، وكل شيء واضح علناً والجريمة تحكي عن نفسها". ثم أردفت قائلة، "أنا القوية، لا أخاف إلا من رب العالمين، واليوم كنت موعودة بأن أن أضع وجهي في وجهه".

خلال ثلاثة أشهر من حادثة مقتل سارة على يد زوجها، أصدر قاضي التحقيق في جبل لبنان محمد بدران قراره الظني بتاريخ 11 آب 2015، وظن بالمدعى عليه علي الزين بموجب المادة 549 من قانون العقوبات، عقوبتها الإعدام[1]. بعد ذلك، اتخذت القضية مسارها القانوني إلى الهيئة الاتهامية. إلا أن الملف بقي نحو السنتين وثمانية أشهر إلى أن أصدرت الهيئة الاتهامية القرار الاتهامي في 20 كانون الأول 2017. وقد آل القرار إلى اتهام الزوج بجناية القتل المتعمد وقرر الظن به بالمادة 72 من قانون الأسلحة والذخائر المتعلقة باستخدام الأسلحة من دون ترخيص[2].

يقول وكيل عائلة الراحلة المحامي أشرف الموسوي أن "الملف تأخر هذه المدة في الهيئة الاتهامية بسبب المماطلة المقصودة من قبل الزوج، الذي تعمد تغيير موكليه مرتين بهدف تأخير صدور القرار". ويلفت الموسوي إلى أن "المدعى عليه كان كل مرة يتذرع بحجة مختلفة من أجل إرجاء التحقيق معه، تارة على خلفية تأخره بتوكيل محام وطوراً على خلفية أن المحامي يريد الاطلاع على الملف. وهكذا دواليك، تكررت الذرائع فراوح الملف مكانه في الهيئة الاتهامية لأكثر من سنتين". وما حصل اليوم في المحكمة لا يُعَد بالنسبة للموسوي إلّا "تسويفا ومماطلة مقصودين" من قبل المدعى عليه.  يضيف الموسوي، "لربما يعتقد المتهم الزين أنه بذلك يتمكن من تبديد الأجواء ويصدر قانون عفو عام قبل إصدار أي حكم بحقه" وهو أمر مستبعد برأيه.

من جهته، رفض وكيل المدعى عليه المحامي المسيح عقيقي أن يُدلي بأي تصريح بهذا الشأن، واعتبر بأنه يلتزم قرار نقابة المحامين التي تلزم المحامين بعدم الإدلاء بتصريحات للإعلام إلّا بأمر من النقابة". وأردف قائلاً: "الجلسة كانت علنية ويقتضي الالتزام بالمعلومات المستوفاة من الجلسة ولن أدلي بأي تصريح آخر".

 

لا تنسونا

بدأت حملة "لا تنسونا" نشاطاتها منذ نحو السنة، تحديداً بعد مقتل الشاب روي حاموش في حزيران 2017، بحسب منسقة الحملة الصحافية زنية شمعون. وتلفت شمعون إلى أنه "بسبب تزايد جرائم القتل وانتشار السلاح المتفلت، بادرت هي وبعض الناشطين إلى مقابلة أهالي ضحايا القتل العشوائي وضم مطالبهم تحت سقف واحد، حيث تجمعهم القضية نفسها. ومن أبرز ما تطالب به الحملة وفق شمعون، أولاً "ضبط السلاح المتفلت". وثانياً "إلقاء القبض على مرتكبي جرائم القتل الهاربين من العدالة، وإنزال أشد العقوبات بهم" لافتةً إلى أن "العقوبة تحددها المحكمة وليس من شأن الحملة المطالبة بالإعدام أو تحديد العقوبة".

وتشير شمعون إلى أن "الحملة قابلت في وقت سابق أغلب السياسيين المرشحين إلى الانتخابات، وطلبت منهم تضمين القضية في برامجهم الانتخابية". وعليه، تقول شمعون بأن "الحملة تقوم بمراقبة السياسيين المنتخبين الذين تبنوا مطالبهم بهدف مسائلتهم في حال تقصيرهم". من جهة أخرى، فإن شمعون تؤكد بأن "الحملة تقوم بورش عمل توعوية في المدارس كافة في لبنان حول السلاح المتفلت ومخاطر حمل السلاح ". "كما حذرت في مؤتمر صحافي ما قبل الانتخابات النيابية من ضرورة منع إطلاق النار الإبتهاجي بعد إصدار النتائج الانتخابية، لكن ما من أحد استمع الينا"، وفقاً لتعبير شمعون.

 

 


[1]  القرار الظني في مقتل سارة الأمين: الإعدام لعلي الزين، 12 آب 2015، جريدة الأخبار، https://goo.gl/mxdrxn.

[2]  طلب الإعدام لزوج سارة الأمين: هل تبدأ المحاكمة؟، 9 كانون الثاني 2018، جريدة الأخبار الأخبار، https://goo.gl/qyREqh.

انشر المقال

متوفر من خلال:

المرصد القضائي ، استقلال القضاء ، محاكمة عادلة وتعذيب ، لبنان ، مقالات ، دولة القانون والمحاسبة ومكافحة الفساد



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني