اجتماع حكومي قضائي لحل النزاع حول الحركة القضائية في تونس: أسئلة حول الرأي المخالف لرئيس مجلس القضاء الإداري


2019-12-18    |   

اجتماع حكومي قضائي لحل النزاع حول الحركة القضائية في تونس: أسئلة حول الرأي المخالف لرئيس مجلس القضاء الإداري

دعا رئيس الجمهورية "قيس سعيّد" كل من رئيس حكومة تصريف الأعمال يوسف الشاهد ووزير العدل كريم الجموسي ورؤساء المجالس القضائية ورئيس جمعية القضاة التونسيين ورئيس نقابتهم ومدير المصالح العدلية بوزارة العدل لاجتماع برئاسة الجمهورية عقد مساء يوم 16-12-2019 واستمر زهاء الخمس ساعات. خُصّص الاجتماع للتباحث في الأزمة التي تولدت عن اعتماد المجلس الأعلى للقضاء في الحركة القضائية للقضاء العدلي أمرا ترتيبيا صدر عنه تنازع السلطة التنفيذية في اختصاصه بإصداره.

من جهة الشكل، جسد الاجتماع مقاربة جديدة في إدارة الاختلاف يبدو أنها ستكون أسلوب سعيّد فترة ولايته وتتمثل في اعتماد الحوار كوسيلة بحث عن مخرجات للخلافات التي تبدو مستعصية. ويجسد هذا التعاطي إلى حد بعيد قيم الديمقراطية التشاركية. وقد يكون وصفة مثالية لتجاوز ما ظهر من تنافر بين السلطة بمفهومها المؤسساتي التقليدي والهيئات المستقلة من جهة والسلطة بمفهومها المركزي والسلطة في تصورها المحلي من جهة أخرى.

من جهة الأصل، كشف الاجتماع عن معارضة رئيس الجمهورية لممارسة المجلس الصلاحية الترتيبية في مجال ضبط الخطط الوظيفية القضائية بدعوى أن المشرع لم يسنده إياها. وقد سانده في موقفه هذا رئيس الحكومة ووزير العدل. كما كشف عن معارضة رئيسي الجمعية والنقابة لكل مسّ بالصلاحية الترتيبية للمجلس. وكانا بذلك مساندين لرئيسه القاضي يوسف بوزاخر ونائبة رئيس مجلس القضاء العدلي المحامية سعيدة الشابي في مواقفهما التي أكدت شرعية الأمر الترتيبي الصادر عن مجلسهما والتي خالفهما فيها في ذات الاجتماع رئيس مجلس القضاء الإداري مهدي قريسيعة الذي صارح بمعارضته للأمر الترتيبي الذي صدر عن مجلس القضاء وتمسك بكون موضوعه يدخل في مجال اختصاص السلطة التنفيذية.

وعليه، دعم موقف ممثل مجلس القضاء الإداري الموقف الحكومي. وقد انتهت المراجع الحكومية لاقتراح صفقة تمثلت بنودها في تكفله بإصدار أمر ترتيبي يكون نصه نسخا حرفيا للأمر الترتيبي للمجلس الأعلى للقضاء يعتمده رئيس الجمهورية في ختم الحركة القضائية وينشر في الجريدة الرسمية. بدا واضحا أن الحل المقترح ينتهي إلى اقرار نهائي بعدم أحقية مجالس القضاء في ممارسة السلطة الترتيبية حال أن القانون يسندها لها صراحة. وفي محاولة لتفادي هذا المآل، طلب بوزاخر، رئيس مجلس القضاء، إمهاله لحين التشاور مع مجلسه فيما تم عرضه من مقترح فأنهى بذلك اللقاء.

عند هذا المستوى، كان الرأي المخالف لرئيس مجلس القضاء الإداري حاسما في تحقيق أسبقية الموقف الحكومي. وتفترض أهميته تلك وأثره على الحراك القضائي مستقبلا أن يطالب من صدر عنه ببيان مرتكزاته الدستورية والقانونية وتفسير إحجامه عن إعلانه للرأي العام القضائي يوم أصدر مجلس القضاء الأمر المتنازع فيه وغيره من الأوامر خصوصا وأنه كان من بينها أمر تعلق بالقضاء الإداري الذي يمثله.

انشر المقال

متوفر من خلال:

المرصد القضائي ، استقلال القضاء ، تونس



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني