الأغاني تجتاح فضاء السياسة في المغرب: “الشيخات” ينتفضن ضد الأمية والبطالة والهجرة


2019-01-16    |   

الأغاني تجتاح فضاء السياسة في المغرب: “الشيخات” ينتفضن ضد الأمية والبطالة والهجرة

صدرت في الأسبوع الماضي اغنية لاحدى الفرق الشعبية وسط المغرب، اجتاحت وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإعلامية وتفاعل معها العديد من الشباب بسبب حمولتها السياسية.

فما هو مضمون الأغنية؟ وما هي رسائلها السياسية؟

الأغنية تنتمي إلى الفن الشعبي المنتشر وسط المغرب، وقد أدتها مجموعة نساء يسمين “الشيخات”[1] (وهي تسمية تطلق على مجموعة من النسوة الذين يؤدون أغاني شعبية وأحيانا يرقصن مع أداء هذه الأغاني إما بشكل خاص بهن أو مختلط مع الرجال).

وغالبا ما يتغنى الفن الشعبي بالحب والجمال والفلاحة والشجاعة وتمجيد الخيل وركوبه. لكن اللافت في الأغنية التي نحن بصددها هو طرحها لمضمون سياسي موجه مباشرة للملك، حيث تم التعبير عن هذا المضمون في كلمات الاغنية  بالدارجة المغربية كما يلي:

“زيد يالملك  زيد….  نتافقو بالنية على الحرية…طرد الشياب ودير الشباب…بغيت ولادي يبقاو فبلادي…يتافقو الدراوش يخرجو داعش…كونما القراية ما تعلى الراية…ما بغينا وسام بغينا غير السلام…الشعب درويش باغي يعيش..زيد زيد يا الملك زيد زيد..[2].

وتعني باللغة العربية الفصحى ما معناه “هيا أيها الملك  لنتفق بنية صافية على الحرية وتشجيع الشباب بدل الشيب وبقاء الأبناء في البلاد عوضا عن الهجرة ومحاربة الإرهاب “داعش” وأن العلم هو سبيل التقدم وبالتالي ينبغي الاهتمام به وأن الشعب مسالم ويريد الحياة الكريمة فقط”.

ويلاحظ أن الأغنية طرحت أهم المواضيع المطروحة في الساحة المغربية والتي تشكل إشكالا كبيرا وهي قضية الحرية وبطالة الشباب وتهميشهم والتطرف والتعليم والحياة الكريمة. كما يلاحظ أن هذه الأغنية جاءت بعد عدة أغاني طرحتها  مجموعة من ” الالتراسات” المشجعة لفرق كرة القدم ومن أهمها الأغنية التي انتشرت نهاية العام الماضي في “بلادي ظلموني“.

فهل تحمل الأغنية رسالة سياسية معينة؟

بامكان أي مراقب أن يتبين أن هذه الأغنية وما قبلها من أغنيات المشجعين لكرة القدم أضحت تمثل ظاهرة سياسية مغربية وتاكيدا لنظرية انفصام الشأن السياسي عن الواقع الذي يعيشه المجتمع وخاصة فئات الشباب منه. فالوضع الطبيعي للتعبير عن هذه المطالب السياسية والاجتماعية هي الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني المغربي وفقا للفصول 7و8 و12 من الدستور المغربي [3] ولكن الآن كل ذلك أصبح  يتم في فضاءات خارج عن تاطيرها وهو ما يمثل بشكل أو بآخر رفضا لها وانعداما للثقة فيها[4].

ولكن الجديد في الأغنية الأخيرة “زيد الملك” هو توجهها مباشرة إلى أعلى سلطة بالبلاد وهي الملك، وهو ما يدل على أمرين اساسيين:

  • أولهما أن الجميع  صار مقتنعا بعدم فعالية الأجهزة والمؤسسات،
  • وثانيهما أن الملك هو الذي يمارس جميع السلطات ويقوم بالإشراف على المشاريع وبالتالي هو الذي بيده حل جميع المشاكل، وهو الأمر الذي وإن انطوى على ثقة بالمؤسسة الملكية بالمغرب إلا أنه وفق المعلقين يحمل خطورة كبيرة تتمثل في انعدام الوسائط بين الملكية والجمهور وهي الوسائط التي تتحمل الصدمات عند الأزمات الاجتماعية والساسية.

 


[1] – لمفردة «شيخات» بالمغرب معنى شديد الخصوصية.فهي لا تحيل على شريحة عمرية ولا على سلطة دينية أو سياسية كما في الخليج العربي بقدر ما تؤشر على خبرة فنية لشريحة من النساء يحفظن الشعر الشعبي ،يجدن الرقص ولهن حس موسيقي مميز وصوت طروب.  للتفاصيل أكثر : محمد رمصيص : “الشيخات” أو صانعات الفرجة والفرح بالمغرب- مقال منشور في جريدة ااتحاد الاشتراكي في عددها ليوم 23-12-2016 متاح على الرابط الاتي : www.maghress.com/alittihad/1251999

[2] – للاطلاع على مضون الاغنية صوتا وصورة  فهي منشورة في اليوتوب …. www.youtube.com/watch?v=Ze6i0LLVssAوعدة مواقع اعلامي مغربية .

[3] – تنص الفقرة الأولى من الفصل السابع من  الدستور المغربي لسنة 2011 على ما يلي : ” تعمل الأحزاب السياسية على تأطير المواطنات والمواطنين وتكوينهم السياسي، وتعزيز انخراطهم في الحياة الوطنية، وفي تدبير الشأن العام، وتساهم في التعبير عن إرادة الناخبين، والمشاركة في ممارسة السلطة، على أساس التعددية والتناوب، بالوسائل الديمقراطية، وفي نطاق المؤسسات الدستورية”.

[4] – للتفاصيل حول موضوع غياب الثقة والاحتاجات في المغرب راجع المقال التالي: كيف يؤجج غياب الثقة في الأحزاب الاحتجاجات؟ منشور بموقع اليوم 24 الالكتروني : http://www.alyaoum24.com/1148060.html

انشر المقال

متوفر من خلال:

مقالات ، حراكات اجتماعية ، حريات عامة والوصول الى المعلومات ، المغرب



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني