تضييقات على حملات توزيع الواقيات الذكرية بالمغرب


2017-02-28    |   

تضييقات على حملات توزيع الواقيات الذكرية بالمغرب

مرة أخرى يعود موضوع توزيع الواقيات الذكرية على عاملات الجنس ليولّد كثيرا من الجدل الحقوقي والقضائي بالمغرب، حيث أوقفت شرطة مراكش مؤخرا متطوعة في إحدى الجمعيات وهي بصدد توزيع كميات مختلفة من العوازل الطبية لفائدة عاملات جنس. وقد تم إقتيادها إلى مخفر الشرطة والتحقيق معها ساعات طويلة قبل اطلاق سراحها، بعد تداول الخبر إعلاميا.

حملة ممنهجة أم ضعف تواصل؟

المنسق الوطني للجمعية المغربية لمحاربة السيدا أكد في تصريح لوسائل الاعلام أنه: "لا يمر شهر دون تسجيل حالتي إعتقال في صفوف محاربي السيدا في أكثر من 28 منطقة بالمغرب، باجتهاد شخصي لأمنيين وقضاة في النيابة العامة..". ويضيف المنسق الوطني بأن "تلك الاجتهادات، شخصية"، وتكشف قصورا في التواصل الداخلي لدى وزارة العدل والحريات والمديرية العامة للأمن الوطني، مع النيابات العامة والدوائر المحلية، بالنظر الى أن المتطوعات الميدانيات وغيرهم من نشطاء المجتمع المدني لا يقومون إلا بتنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمحاربة السيدا، والتي توجد على رأسها لجنة إشراف وتنسيق تضم جهات قضائية وأمنية[1]، وقد حصلوا على العوازل الطبية من طرف وزارة الصحة وبشكل قانوني قصد القيام بتوزيعها على الفئات الأكثر عرضة للإصابة بالأمراض المنقولة جنسيا، وفي مقدمتهم عاملات الجنس.

العوازل الطبية، هل تشكل أداء في جريمة؟

جذور المشكلة تعود أساسا إلى القانون الجنائي الذي يحتوي على فصول فضفاضة يمكن تأويلها بسوء نية واستعمالها بخلفية محافظة للتضييق على أنشطة جمعيات فاعلة في الميدان، حتى وإن كانت تحظى بدعم الدولة.

فالفصل 498 من القانون الجنائي[2] يمكن توظيفه لملاحقة المتطوعين في حملات توزيع الواقيات الذكرية وغيرها من العوازل الطبية، بتهمة المساعدة على الدعارة، حيث تشكل وفق هذه القراءة المحافظة والحرفية للنص الجنائي الذي وضع قبل أزيد من 60 سنة[3]، أداة في جريمة الفساد أو الدعارة أو البغاء، وهي أفعال مجرمة، ومعاقب عليها بعقوبات سالبة للحرية.

قوانين تعيق محاربة السيدا

سبق للمجلس الوطني لحقوق الانسان أن أعد دراسة شاملة حول القوانين التي ينبغي تغييرها بسبب تأثيرها السلبي على جهود الوقاية من السيدا[4]، وفي مقدمتها القانون الجنائي، وقانون المتعلق بالإدمان على المخدرات[5]، باعتبارها تعيق الاستراتيجية الوطنية لمحاربة السيدا وسبل الوقاية منها، وهي معضلة عالمية اذ سبق لمنظمات دولية أن اعتبرت أن القوانين تقتل أكثر مقارنة مع الفيروس في مجال السيدا[6]، ولا شك أن واقعة "اعتقال" المتطوعة بمراكش ستعيد طرح هذا الملف الشائك بتزامن مع ورش إصلاح القانون الجنائي الذي ما يزال مطروحا للنقاش العمومي.

 


[1]-تصريح المنسق الوطني للجمعية المغربية لمحاربة السيدا أحمد الدريدي لجريدة الصباح، العدد 5239، بتاريخ 2017/02/23.
[2]-ينص الفصل 498 من القانون الجنائي على ما يلي: "يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وبالغرامة من خمسة آلاف إلى مليون درهم ، ما لم يكن فعله جريمة أشد كل من ارتكب عمدا أحد الأفعال الآتية :أعان أو ساعد أو حمى ممارسة البغاء أو جلب الأشخاص للبغاء وذلك بأية وسيلة كانت.
[3]– ظهير رقم 413-59-1 المتعلق بالمصادقة على مجموعة القانون الجنائي، منشور بالجريدة الرسمية بتاريخ 1963/06/05.
[4]-لمرزيد من التفاصيل يرجى الدخول على الموقع الرسمي للمجلس الوطني لحقوق الانسان، على الرابط التالي: http://www.cndh.ma/
[5]-ظهير رقم 1.173.282 صادر بتاريخ 1974/05/21، يتعلق بزجر الادمان على المخدرات السامة ووقاية المدمنين عليها، منشور بالجريدة الرسمية عدد 3214، بتاريخ 1974/06/05.
[6]-تقرير للمجلس العالمي لحقوق الانسان 2015.

انشر المقال

متوفر من خلال:

مقالات ، جندر وحقوق المرأة والحقوق الجنسانية ، لا مساواة وتمييز وتهميش ، حريات عامة والوصول الى المعلومات ، المغرب



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني