تحويلات الطلّاب في الخارج أمام القضاء: المصارف تنتهج سلوكاً انتقامياً ضدّ المدّعين


2021-07-23    |   

تحويلات الطلّاب في الخارج أمام القضاء: المصارف تنتهج سلوكاً انتقامياً ضدّ المدّعين
من صفحة "الجمعية اللبنانية لأولياء الطلّاب في الجامعات الأجنبية" على فايسبوك

مع مضي زهاء عامين على بدء القيود المصرفية، لا تزال المصارف تمسك برقاب المودعين. لكن هناك من يرفضون الاستسلام لظلمها فيلجأون إلى القضاء. من بين هؤلاء، العشرات من أصحاب الودائع الذين يحتاجون لتحويل الأموال إلى أولادهم الذين يدرسون خارج لبنان فاستنجدوا بالمحاكم بهدف الحصول على حكم يلزم المصارف تحويل الأموال عملاً أوّلاً بحقهم في التصرّف بأموالهم ثانياً تنفيذاً لقانون الدولار الطالبي رقم 193 الذي صدر في تشرين الأوّل 2020. وبالفعل، صدرت عشرات الأحكام القضائيّة لصالح أهالي الطلّاب في النبطية وبعبدا والمتن الشمالي وغيرها من المناطق اللبنانية، حيث ثبّت القضاء في عدّة محطات حق المودع في التصرّف بأمواله في ظل عدم وجود أي تشريع قانوني يقيّد حركة استعمال هذه الودائع، إضافة إلى وضع التعليم على سلّم أولويّات الإنسان. ولكن في المقابل، واجهت المصارف هذه الأحكام بالمزيد من التعسّف ومن خلال معاينتنا لعشرات الحالات التي صدرت فيها أحكام قضائية ضدّ مصارف لبنانية، لمسنا ما يشبه النمط السلوكي في تعامل المصارف مع الدعاوى ضدّها والأحكام التي تلزمها بتحويل الأموال للحسابات الجامعية الخاصة بالطلاب خارج لبنان، يرمي إلى ردع محاولات أصحاب الودائع تحصيل حقوقهم منها. 

ففي البداية تعمد المصارف إلى المماطلة قبل اتخاذ قرارها حيال تحويل الأموال عبر إدخال الأهالي في متاهة من المعاملات التي لا تنتهي حيث تطلب عشرات الأوراق منهم معظمها مترجمة ومن البلد الذي يقيم فيه الطالب أو الطالبة. وبعد أشهر من الطلبات يكون جوابها سواء الرفض أو أنّ العام الدراسي قد انتهى.  

وتنتهج المصارف بعدها سياسية انتقاميّة من الأهالي الّذين يلجأون للقضاء، فتقوم أحياناً بإغلاق حساباتهم المصرفيّة ما يدفعهم إلى العودة إلى القضاء لرفع دعاوى إعادة فتح الحسابات مع ما يعنيه ذلك من أعباء مادّية إضافية، وأحياناً أخرى بعد صدور أحكام بإلزامها تحويل الأموال، تلجأ المصارف إلى إرغام العميل على التوقيع على ورقة تفيد بتعهّده عدم رفع أي دعاوى قضائية ضدّها في المستقبل والامتناع عن طلب تحويل مبالغ إضافيّة، وفقاً لما أدلى به أحد المدّعين لـ”المفكرة”.

وفي مقابل رفض المصارف في معظم الحالات تحويل الأموال، لا نخفي أنّ بعضها امتثل للأحكام بتحويل الأموال من دون مشاكل، إلّا أنّ بعضها بعد التنفيذ عاد ورفع دعاوى فحواها الطلب من المودع إعادة الأموال.  ونُشير إلى أنّ المسار القضائي لبعض الدعاوى لم يصل إلى نتائج مرجوّة بسبب إضراب نقابة المحامين عن العمل منذ أكثر من شهر مما عرقل على المدعين إنهاء ملفاتهم. 

تواصلنا مع عدد من المودعين الذين أرادوا تحويل أموالهم عبر المصارف إلى أبنائهم أو بناتهم في الخارج، واخترنا عدداً من القصص التي تتضمّن العناصر الأساسية التي تشكّل النمط السلوكي للمصارف حيال مسألة تحويل الأموال إلى الطلاب في الخارج والدعاوى التي يرفعها الأهل ضدّها. 

المصرف يطلب عشرات الأوراق من الأهل ثمّ يرفض تحويل الأموال

محمد حدرج هو والد لابنة تدرس الطب في أوكرانيا وهي في سنتها الثالثة تأمّل خيراً بقانون الدولار الطالبي رقم 193 بعد صدوره في تشرين الأوّل 2020، فتوجّه إلى مصرف لبنان والمهجر في النبطية، حيث لديه حسابين مصرفيين، بهدف إرسال المال لابنته. يقول حدرج لـ”المفكرة”: “طلب منّي المصرف عشرات الأوراق، حتى لبن العصفور أتيته به”. والأوراق هي ورقة من الجامعة تفيد أنّ ابنته مسجّلة لديهم مترجمة إلى اللغتين العربية والانكليزية، وأخرى بأنّها تحضر الصفوف، ووثيقة إقامة، وورقة مصدّقة من السفارة اللبنانية في أوكرانيا، وصورة عن بطاقة الجامعة، وغيرها الكثير. وبعد تسليمها إلى المصرف، وبعد مضيّ أشهر من الطلبات، رفض الأخير في النهاية تحويل المال. يقول حدرج إنّه حين أبلغه الموظّف بالقرار شعر أنّ النار تصعد إلى رأسه، فبعد “كلّ الركض اليومي لتأمين الأوراق” والتي تكبّد عليها مئات آلاف الليرات، لم يتمالك نفسه وبدأ بالصراخ. ويقول عن ذلك: “بدأت بالصراخ من شدّة الغضب، لكني لم أتفوّه بأي كلمة نابية ولم أمد يدي على أحد، كنت فقط أصرخ من شدّة غضبي فأنا لم أحتمل فكرة أنّ ابنتي ستصبح في الشارع بين ليلة وأخرى بعد استلامها عدّة إنذارات من إدارة الجامعة ومن مالكي السكن”. مع تصاعد صراخه، طلب موظفو المصرف من القوى الأمنيّة الحضور إلى المصرف للطلب من حدرج الخروج، وهكذا كان.  

في خطوة انتقامية: المصرف يطالب باستعادة مال حوّله 

بعد رفض المصرف تحويل المال لابنته، ما كان من حدرج إلّا أن توجّه فوراً إلى قاضي الأمور المستعجلة في النبطيّة القاضي أحمد مزهر ليرفع دعوى ضدّ المصرف وقد تمّ تسجيلها بتاريخ 25 شباط 2021. 

يشرح حدرج، أنّ “القاضي مزهر كان متعاوناً جداً حين شرحت له وضعي، فنصحني بأن أقدّم أوراقي حتى من دون توكيل محام. وكان القاضي مرناً في التعامل مع هذا الملف، فأصدر حكماً خلال مدة معقولة بتاريخ 8 آذار 2021، وأشار في الحكم إلى غرامة إكراهية على المصرف عن كلّ يوم تأخير بقيمة 30 مليون ليرة، مستنداً إلى قانون الدولار الطالبي رقم 193. 

امتثل المصرف للقضاء وقام بتحويل مبلغ 4000 دولار أميركي إلى حساب الجامعة، وأرسل إلى حدرج كتاباً بهذا الخصوص بتاريخ 9 آذار، لكنّه تضمّن في الوقت نفسه إشعاراً بإغلاق حسابه المصرفي “بسبب افتعاله لإشكال زعزع عامل الثقة بين الطرفين”. وهذا الأمر دفع حدرج إلى رفع دعوى من جديد على المصرف لأجل إعادة فتح الحسابات وهي قيد النظر لدى قاضي العجلة. لكن لم تنته قضية الرجل هنا، فقد عاد مصرف لبنان والمهجر بعد تنفيذه الحكم بالتقدّم باعتراض عليه طالباً الرجوع عنه. وكأنّ المصرف يطلب من حدرج إعادة الأموال التي تمّ تحويلها من حسابه وتسليمها للمصرف. ولا تزال هذه الدعوى قيد النظر لدى المحكمة ويأمل حدرج أن تصل إلى حكم عادل يحرّره من أي مسؤولية تجاه المصرف. 

القضاء ردّاً على رفض المصرف: للمودع حق طالما لا يوجد تشريع مقيّد  

القصة الثانية من المتن الشمالي حيث أراد نصّار أبو هدير أن يرسل المال لابنه في لندن في شهر تشرين الثاني 2020 من حسابه في مصرف بيبلوس فرع انطلياس. فرفض المصرف إجراء التحويل وتذرّع بالأزمة الاقتصادية لتبرير القيود المصرفية على التحويلات المالية. على الفور، تقدّم أبو هدير بأمر على عريضة لدى قاضية الأمور المستعجلة في المتن رانيا رحمة بتاريخ 3 تشرين الثاني 2020، وطلب تحويل مبلغ 10 آلاف دولار أميركي إلى حساب جامعة ابنه في لندن. وما أن تبلّغ المصرف استدعاء أبو هدير ذهب مباشرة إلى إقفال الحساب المصرفي العائد له واستصدار شيك مصرفي من حسابه من دون موافقته بقيمة أمواله المودعة، ثم إقامة دعوى إعلان “صحة إيداع وإبراء الذمة” لدى محكمة الأساس، ووضع الشيك المصرفي لدى صندوق المحكمة الحديدي، ما يعني أن يأتي المودع ويستلم الشيك المصرفي من المحكمة مع العلم أنّه لن يتمكن من فتح حساب جديد في أي من المصارف للتحكم بأمواله ولا أن يستردها بقيمتها الفعلية.

بالتوازي، نظرت القاضية رحمة بالأمر على عريضة الذي تقدّم به أبو هدير وأصدرت بتاريخ 26 تشرين الثاني حكماً ألزمت فيه المصرف بتحويل مبلغ 10 آلاف دولار أميركي لحساب جامعة ابن أبو هدير تحت طائلة غرامة إكراهية قدرها 5 ملايين ليرة عن كل يوم تأخير.  

وبحسب وكيل أبو هدير المحامي جهاد بو نادر، استندت القاضية إلى “حق المودع في التصرّف بأمواله في ظلّ عدم وجود أي تشريع يضع قيوداً على حرّية التصرّف بالأموال، واعتبرت أنّ عدم إجراء التحويل المالي يشكل تعدياً واضحاً على حقوق المستدعي ومخالفة للأنظمة والقوانين المرعية الإجراء وللدستور والمعاهدات الدولية التي أحيلت إليها مقدمة الدستور”. وبتعبيرها هذا، بحسب ما يقول بو نادر لـ”المفكرة” “تؤكّد (القاضية) حق المودع في التصرّف بأمواله في ظل وجود قانون الدولار الطالبي أو عدمه”. ويُضيف، “مع ذلك عادت القاضية وذكّرت بهذا القانون باستعمال عبارة  “وفضلاً عن ذلك”، مشيرة إلى مخالفة المصرف “لقانون رقم 193 الذي يفرض على المصارف تحويل مبلغ مالي لا يتجاوز الـ 10 آلاف دولار أميركي لمرة واحدة لكل طالب لبناني في الخارج”. 

ويؤكّد بو نادر أنّ “المودع له الحق في التصرّف بأمواله ونحن لا نجد أنّنا بحاجة لقانون الدولار الطالبي لكننا نستند عليه كونه موجود، وما يعزز ثقتنا أنني تمكنت من الحصول على حكم قضائي من قاضية الأمور المستعجلة في عاليه قبل صدور المراسيم التطبيقية لقانون الدولار الطالبي في دعوى لشخص يريد تحويل المال لحسابه الجامعي في كندا، وفي الحكم المذكور شدّدت القاضية على أنّ رفض المصرف تحويل الأموال لا يستند إلى مسوغ قانوني ويشكّل تعدياً واضحاً وصارخاً على حقوق المستدعي وأصدرت حكماً بإلزام المصرف تحويل المال”. 

القضاء ردّاً على إغلاق الحسابات: المصرف خالف العقد مع العميل

تقدّم أبو هدير بأمر على عريضة ثان أمام القاضية رحمه طالباً إعادة فتح حساباته المصرفية بتاريخ 29 كانون الأول 2020، وعرض المستدعي بأنّ المصرف خالف العقد المبرم بين المصرف والعميل لجهة تسكير الحساب من دون موافقة العميل، وأنّ المصرف أبدى سوء نيّة وعزمه الإضرار بمصلحة أبو هدير حين أقفل الحساب بشكل استباقي حين استلم الاستدعاء ضدّه بالدعوى المقامة للمطالبة بتحويل الأموال. وهذا ما فسّرته القاضية رحمه تعسّفاً باستعمال الحق. وخلصت إلى إلزام المصرف من خلال حكم أصدرته بتاريخ 15 كانون الثاني 2021، إلى إعادة فتح حساب أبو هدير، تحت طائلة غرامة إكراهية بقيمة 10 ملايين ليرة عن كلّ يوم تأخير. ومنعت المصرف من إعادة إقفال الحساب تحت طائلة غرامة إكراهية بقيمة 20 مليون ليرة.

لكن هل التزم المصرف بالأحكام القضائية؟ يشرح بو نادر أنّ “المصرف رفض تنفيذ الحكمين القضائيين، فلجأنا من جديد إلى القضاء”. ويُضيف، “ذهبنا إلى تصفية الغرامات، فصدر قراران، الأوّل تصفية غرامة بقيمة 150 مليون ليرة والثاني بقيمة 400 مليون ليرة”. وعليه، “تقدّمت بطلبات حجز احتياطي على عقارات وأملاك تابعة للمصرف بقيمة هذه الغرامات وفي حال لم يتمّ التنفيذ سنقوم بتنفيذ الحجز ويتم طرحها لاحقاً بالمزاد العلني”. وأمام هذا التطوّر في خطواتنا، “أعلمَنا المصرف أنّه جاهز لإعادة فتح الحسابات، ولكن لم نعرف بعد مآل الأمور لناحية خيارهم بتحويل الأموال أم بالتمنّع عن تنفيذ الحكم”. 

تأخير كبير انتهى بحكم لصالح المودع والمصرف يمتثل

استغرق د. ربيع كنج عاماً كاملاً لتصل الدعوى التي رفعها إلى خواتيمها بصدور حكم لصالحه. فبعد مضي عام على الدعوى التي تقدّم بها ضدّ مصرف لبنان والمهجر فرع الشياح ليلزمه تحويل مبلغ مالي لولده الذي يتعلّم في أميركا، حصل على حكم من قاضية الأمور المستعجلة في بعبدا فرح حاطوم ألزمت من خلاله المصرف بتحويل مبلغ 10 آلاف دولار إلى حساب الجامعة الخاص بابنه في أميركا، وإلّا دفع غرامة 50 مليون ليرة عن كلّ يوم تأخير. هو حكم نافذ على أصله حسبما يشرح د. كنج لـ”المفكرة”، فقام المصرف بتنفيذ الحكم ووصلت الحوالة المالية بعد 5 أيّام من صدور الحكم. 

ويعزو سبب تأخّر الدعوى لأمرين، “الأوّل يتعلّق بإجراءات الوقاية من فيروس كورونا والتي أدت إلى إغلاق قصور العدل، والسبب الثاني مماطلة انتهجها المصرف حيث تمنّع عن السير بالدعوى لأن حسابي مشترك مع والدي وتذرّع بالسرية المصرفية، لكننا عدنا واستحصلنا على توقيع الوالد للمضي في الدعوى ووصلنا إلى حكم لصالحنا”. 

رابطة المودعين: المصارف لا تنفّذ القانون ولا الأحكام

لا يهدأ هاتف المحامية في رابطة المودعي دينا أبو زور لكثرة الاتصالات المتتالية التي يجريها أهالي الطلاب في الخارج معها بهدف رفع دعاوى على المصارف التي تمتنع عن إجراء التحويلات المالية لأولادهم. تشرح أبو زور في حديث مع “المفكرة” بأنّ المصارف تذرّعت بحجج واهية لعدم تنفيذ القانون كما لعدم تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة بحقها. فالمسألة بالنسبة لأبو زور تبدو محسومة، “المصارف لا تريد تطبيق قانون الدولار الطالبي، وبات واضحاً أنّها تلجأ للانتقام من الأهل الّذين يرفعون الدعاوى عليها بتسكير حساباتهم وبدلاً من إعادة الأموال لأصحابها تلجأ إلى إصدار الشيكات المصرفية من حساباتهم وإيداعها لدى المحكمة، وهذا يعني أنّ هذه الشيكات لا تؤدي إلى حصول المودع على أمواله بقيمتها الفعليّة”. وتوضح أنّ “المصارف تأخذ الناس إلى متاهة لا تنتهي، فهي لا تريد تنفيذ القانون ولا تنفيذ الأحكام القضائية، وتدفع المودع إلى إعادة رفع دعاوى لفتح الحسابات التي يتمّ إغلاقها”. 

ومن ناحية أخرى، تشرح أنّ “العديد من الدعاوى استندت إلى قانون الدولار الطالبي بعد صدوره، وكان المودع قبل التوجّه إلى القضاء يلجأ إلى المصرف لأجل طلب تحويل المال سنداً لقانون الدولار الطالبي نفسه فيصطدم برفض المصرف، حتى أنّ المصارف تطلب غالباً من المودع تأمين مستندات لاستيفاء الشروط المطلوبة ليقوم بتحويل المال للطالب في الخارج ومع ذلك يعود المصرف ويرفض”. وتضيف: “استمرّت المصارف بالامتناع عن تنفيذ القانون لا بل تستنسب في تنفيذه، وكانت حجّة المصارف غالباً أنّه لا يوجد قرارات إدارية، ثم صعبّت الأمر قدر المستطاع على الأهل، فتذرّعت بعدم استيفائهم الشروط لإجراء التحويلات، مثل عدم وجود حسابات لديهم بالدولار، أو عدم إجراء حوالات من قبل عبر المصرف، علماً أنّ كثر من الأهل اعتادوا إرسال المال إما عبر المصرف أم عبر الشركات المالية. وهناك بعض الأهل الّذين يجمعون المال لأولادهم ويسلمونهم إياها دفعة واحدة حين يزورون لبنان خلال الفرصة الدراسية”. 

كيف تدّعي المصارف تحويل 240 مليون دولار؟

والأهالي في الشارع من سنة ونصف

في بيان أصدرته في الرابع من أيّار 2021، بشأن موقفها من الأحكام القضائيّة بشكل عام التي تصدر بحق المصارف لم تحدّد جمعية المصارف ما إذا كانت ستعتمد معياراً واضحاً للالتزام بالأحكام القضائيّة بل ذهبت في هذا البيان إلى التحذير من المضاعفات السلبيّة للأحكام القضائيّة على القطاع المصرفي كما على الاقتصاد اللبناني ككلّ، واستطراداً على الشعب اللبناني والمصلحة الوطنية العليا. واعتبرت الجمعية أنّ “المخرج الوحيد من المأزق الحالي يكمن في تصحيح الخلل الفادح الذي تعانيه الحياة السياسية منذ مدة غير قصيرة، عبر إعادة تفعيل السلطات كافة”. 

تدعي جمعية المصارف أنّ “المصارف في لبنان قامت بتحويلات مالية إلى الطلاب اللبنانيّين في الخارج في خلال العامين الدراسيَّيْن 2019- 2020 و2020-2021 ، بقيمة إجمالية قدرها 240 مليون دولار أميركي، وقد استفاد من هذه التحويلات زهاء 30 ألف طالب لبناني توافرت فيهم الشروط المطبَّقة”. هذا الإعلان الذي تضمّنه بيان الجمعية في 15 نيسان 2021، يُناقض ما عاد وأدلى به حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في حديث تلفزيوني بأنّ التحويلات للطلّاب في الخارج قدّر بـ 230 مليون دولار. 

لا شيء يؤكّد صحّة الادعاءين بالنسبة للطلّاب، فلا يوجد ما يؤكّد أعداد الطلّاب في الخارج بعد، من جهة، ومن جهة ثانية فإنّ العقل يعجز عن التصديق أنّه تم تحويل الأموال لـ 30 ألف طالب والأهالي منذ عام ونصف العام لم يتركوا الشارع للمطالبة بإجراء التحويلات المالية لأولادهم كما لأجل تطبيق قانون الدولار الطالبي رقم 193. وكانت رابطة المودعين مع الاتحاد الدولي للشباب اللبناني قد أوضحا في بيان مطّول  أنّ مبلغ الـ 240 مليون دولار الذي أشارت إليه جمعية المصارف هو حتماً من نسج الخيال. واعتبر البيان أنّه لو “أنّ مثل هكذا مبلغ طال 30 ألف طالب كان ليهدأ نفوس الأهالي، الّذين لم يستكينوا منذ بداية الأزمة ولا زالوا يحاولون بشتّى الطرق فرض تطبيق القانون، حفاظًا على حقوق أولادهم ومستقبلهم”. وسألت الرابطة، “لو كانت فعلًا قد تمّت هذه التحاويل بهذه القيمة، فإنّ هذا الأمر يستدعي تحقيقاً لمعرفة من استفاد من هذه التحويلات، طالما أنّ الطلّاب لا زالوا يعانون، وعدد كبير منهم اضطرّ على ترك جامعته والعودة، كونهم غير قادرين على تحمّل الأعباء الماليّة”. 

..ولا إحصاء رسمي لأعداد الطلاب في الخارج

من جهته، يلفت مؤسّس الاتحاد الدولي للشباب اللبناني الطالب في فرنسا دومينيك قرقش إلى أنّ المصارف كانت تعتمد في كلّ مرّة عدداً مختلفاً للطلاب اللبنانيين في الخارج، وأوهمت الرأي العام لفترات أنّ أعداد الطلاب لا يتجاوز بضعة آلاف فيما بعد، كنّا نحن نقدّر أعداد الطلّاب بالثلاثين ألف طالب ففوجئنا أنّها تبنّت الرقم وصرّحت بأنّها أرسلت 240 مليون دولار للخارج”. ويؤكّد أنّه لا يوجد أي إحصاء رسمي لعدد الطلّاب في الخارج، فحتى وزارة الخارجية لا تملك هذه المعلومات، وفي حالات عدّة كانت السفارات تتواصل مع الاتحاد لمعرفة أعداد الطلاب في الدول ونحن لم نعط هذه المعلومات التزاماً بقوانين الدول التي نتواجد فيها”. ويُضيف، “حاولت الخارجية سابقاً أن تجري إحصاء عبر نشر منصة خاصّة ودعت الطلاب إلى تعبئة بياناتهم عليها، إلّا أنّ أعداد الّذين قدموا بياناتهم لم يتجاوز الـ 6000 طالب وكنّا نحن قد حذرنا من هذه المنصة واعتبرنا أنّها تكشف عن بيانات الطلاب لغايات زبائنية وليس لمساعدة الطلّاب وتبين ذلك من خلال انّ الكثير من الطلاب المسجلين لم يستفيدوا من حوالات مالية”. 

لا يصدّق قرقش ادعاء جمعية المصارف مشيراً إلى أنّ “الاتحاد على تواصل مع آلاف من الطلّاب في 21 دولة، ونحن نعلم أنّ أعداد هائلة من الطلاب لم تصلها أي حوالات مالية في العام 2020”. 

وبعد مرور نحو عام على صدور قانون الدولار الطالبي، يؤكد قرقش أنّ “معظم الّذين قاموا بتحويل الأموال إلى الخارج عملاً بالقانون لم ينجحوا في ذلك بإرادة المصرف إنّما بإرادة المحاكم”. 

انشر المقال

متوفر من خلال:

حراكات اجتماعية ، قضاء ، الحق في الصحة والتعليم ، المرصد القضائي ، تحقيقات ، محاكم مدنية ، سلطات إدارية ، قطاع خاص ، مصارف ، قرارات قضائية ، قرارات إدارية ، لبنان



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني