حكم قضائي بحماية الحق في الصحة في المغرب: ثمن الدواء الأصلي بدلا عن الدواء الجنيس التزاما ببروتوكول العلاج


2019-06-17    |   

حكم قضائي بحماية الحق في الصحة في المغرب: ثمن الدواء الأصلي بدلا عن الدواء الجنيس التزاما ببروتوكول العلاج

في سابقة تعد الأولى من نوعها، قضت المحكمة الإدارية بوجدة (شرق المغرب)، أخيرا، لفائدة زوج، تعالج زوجته من مرض السرطان، بتعويض عن الدواء الأصلي الذي كانت تستخدمه في العلاج بدل التعويض عن ثمن الدواء الجنيس الذي كان يصرفه الصندوق الوطني لمنظمات الإحتياط الإجتماعي1.

القضية تعكس تطورا لافتا في ممارسة الحق في اللجوء الى القضاء. وتتلخص وقائعها في أن شخصا تقدم بدعوى أمام المحكمة الادارية بوجدة (شرق المغرب) عرض فيها أن الطبيب المعالج لزوجته اكتشف عقب إجرائها عملية الولادة في سنة 2015 إصابتها بمرض سرطان الدم، فوصف لها دواء أصليا عبارة عن أقراص من فئة 100 ملغ، وحذره من استعمال دواء جنيس، لكون مفعوله يختلف عن الدواء الأصلي، خاصة وأن الدواء الجنيس يوجد على شكل كبسولة من فئة 400 ملغرام.

وأضاف أنه نتيجة توفره على التغطية الصحية بموجب انخراطه بالصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي، عمد إلى تكوين ملف طبي تقدم به أمام الصالح المختصة في الصندوق وحصل على الموافقة القبلية لشراء الدواء الأصلي المطلوب، ونتيجة لذلك استفاد من تعويض بنسبة 100%.

وأردف، أنه وبعد شفاء زوجته حيث لم يعد للمرض وجود إلا بنسبة 3.28%، أجرى فحوصات جديدة، وحذره الطبيب المعالج من خطورة عودة المرض في حالة التوقف عن استعمال الدواء الأصلي. فتقدم بطلب جديد لصندوق الضمان الاجتماعي بغية الاستفادة من التغطية الصحية، وحصل على الموافقة القبلية. لكنه اكتشف أنه وقع ضحية تدليس من طرف الصندوق المدعى عليه، حيث تم ترميز الإذن الممنوح له برمز يتعلق بدواء جنيس، رغم أن الطلب ووثائق الملف تتعلق بدواء أصلي. وهو ما حرمه لاحقا من التغطية الشاملة دون مبرر، وفوت عليه مبالغ مالية تفوق 80.000 درهم (حوالي 8000 دولار)، مؤكدا أنه لا يستطيع أن يتحمل نفقات الدواء الأصلي لكونه مجرد موظف بسيط. والتمس في دعواه الحكم على صندوق الضمان الاجتماعي بأدائه له مبلغ 71.640 درهم مقابل الدواء الأصلي، وإلزامه بتغطية العلاج الخاص لزوجته طبقا لما قرره الطبيب المعالج تحت طائلة غرامة تهديدية، مع النفاد المعجل.

وأجاب صندوق الضمان الاجتماعي بمذكرة جوابية وضح فيها، بأنه بعد دخول نظام التغطية الصحية الأساسية حيّز النفاذ سنة 2005، أصبح تعويض ملفات مرض المؤمنين يتم طبقا لمعايير محددة في قانون التغطية الصحية الأساسية، وذلك عن طريق اعتماد التعريفة المرجعية الوطنية كأساس للتعويض، مع التقيد بلائحة الأمراض والأدوية المحددة من طرف وزارة الصحة، مع اعتبار الأصل في التعويض هو اعتماد ثمن الدواء الجنيس.

وأضافت المذكرة، أنه ونظرا لكون الدواء الذي تستعمله زوجة المدعي باهظ الثمن، ويمكن تعويضه بدواء جنيس له نفس التركيبة الدوائية ونفس المفعول العلاجي، كان على المدعى عليه أن يطلب من الطبيب المعالج لزوجته وصف الدواء الجنيس للاستفادة من التعويض الكلي لثمن الدواء، فضلا عن أن استفادته سابقا من تعويض بنسبة 100% يرجع لخطأ في تصفية الملفات من طرف التعاضدية التي ينتمي إليها، وهي المسؤولة عن تعويض ملفات المرض. كما أن تعويض الأدوية من طرف الصندوق يتم بناء على دليل تعويض الأدوية.

وأمرت المحكمة تبعا لذلك بإجراء بحث حول مدى مطابقة الدواء الجنيس الموصوف لزوجة المدعى عليه للمعايير العلاجية المتوفرة في الدواء الأصلي. وفي هذا الإطار، استمعت المحكمة لطبيب اختصاصي في المستشفى الجامعي بالمدينة، حيث صرح بعد أدائه اليمين القانونية، بأن الدواء الجنيس هو مطابق للدواء الأصلي الأقدم والمعروف في المجال الطبي، وأن وصف الطبيب للمريضة الدواء الأصلي جاء انطلاقا من معرفته لحالتها، طالما أن العلاج به أظهر نتائج إيجابية، ولا يمكن استبداله بدواء جنيس خاصة وأن الأمر يتعلق بمرض خطير ومزمن لا يمكن معه المجازفة بصحة وحياة المريضة، وأن هامش الانتكاسة جراء استعمال دواء جنيس يبقى جدّ مرتفع.

بناء على هذه المعطيات، قضت المحكمة الإدارية بوجدة بالاستجابة إلى طلب المدعي وحكمت على صندوق الضمان الاجتماعي بأدائه مبلغ 71.640 درهم كمقابل للدواء الأصلي، معتمدة على العلل التالية:

– موضوع الدعوى يتعلق بالتغطية الصحية المتعلقة بمرض السرطان، الذي تعمل الدولة ومؤسساتها العمومية على تعبئة كل الوسائل المتاحة لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين على قدم المساواة من الحق في العلاج والرعاية والتغطية الصحية؛

– طبقا للقانون يحق لكل منخرط بمنظمات الضمان الاجتماعي الاستفادة من التغطية الصحية وتبني ملفه الطبي متى كان مصابا بأحد الأمراض الخطيرة، شريطة الحصول على الموافقة المسبقة والتي تلزم الصندوق بتحمل جميع نفقات العلاج ؛

– بروتوكول العلاج وطرقه باعتبارها قواعد علمية تحددها الهيئة الطبية التي توضح الطريقة الفضلى لعلاج المرض هي التي تحدد لكل مهني ما يجب أن يقوم به في أية لحظة من أجل تحسين فرص الشفاء، وبالتالي فإن أي شخص يجب أن يتمكن من الاستفادة من العلاج على هذا النحو؛

وعليه، خلصت المحكمة إلى القول بأن موافقة صندوق الضمان الاجتماعي على تعويض المدعي عن الدواء الموصوف لزوجته على أساس الدواء الجنيس رغم حصوله على الموافقة القبلية بشأن الدواء الأصلي، تكون قد أخلّت بأحد المبادئ الأساسية المتعلقة بالعناية بالصحة والمحافظة عليها والتي نصت عليها المادة 31 من الدستور، خاصة وأن الطبيب المعالج هو الأدرى بالحالة الصحية للمريض.

1- يتعلق الأمر بحكم المحكمة الادارية بوجدة، رقم 431، بتاريخ 30/05/2017، في ملف مسؤولية ادارية رقم 244/7112/16.

انشر المقال

متوفر من خلال:

المرصد القضائي ، الحق في الصحة والتعليم ، المغرب



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني