المُعتقلون السّياسيون: أصوات النساء خارج أسوار السجن


2024-05-14    |   

المُعتقلون السّياسيون: أصوات النساء خارج أسوار السجن

طالَت المحاكمات والتتبعات طيفًا كبيرًا من السياسيّين المعارضين لمنظومة 25 جويلية، الّذين وجدوا أنفسهم إزاء سياق سياسيّ ماضٍ نحو إلغاء الأجسام الوسيطة، مُستغلّا سرديّة فساد الطّبقة السياسية في العشرية الفارطة والأحزاب والمنظمات والقضاء ليُحمّلها وزر الأزمات السياسية والاقتصادية المتلاحقة. قضايا أُثيرت منذ فيفري 2023، تتنوّع بين التآمر والإرهاب وغسيل الأموال، يُلاحَق على خلفيّتها عدد من المعارضين، ليَتركوا عائلاتهم وزوجاتهم خارج السّجن يتحرّكون فُرادى وجماعات من أجل التعبئة والتعريف بقضايا الموقوفين، في وضع سياسي اختزل السلطة القضائية في مجرّد وظيفة، واعتبر أنّ من يُبرّئ المتّهمين شريك لهم. ورغم كلّ هذا، كان لِزَوْجات الموقوفين والنساء عامّة حضور لافت في ملفّ الاعتقالات، سواءً أمام المحاكم أو في محيط سجن المرناقية حيث يقبع أزواجهنّ، أو في الشارع لمزيد التعبئة والحشد حول قضايا أزواجهنّ.

تستشعر النساء القوّة عندما تتوافدْن لتخفيف وطأة الاحتجاز والفقد، وتتقاسمْن قصصهنّ مع بعضهنّ البعض. كان حراكهنّ عفويًّا، يُغذّيه الشعور بالظّلم والعجز وقلّة الحيلة إزاء “دولة لا تفهم ولا تتكلّم”، وفق قول زوجة المعتقل عصام الشابيّ. لم تكن لأغلب الزوجات نشاط سياسيّ سابق، قد يُمهّد لهنّ الطّريق للتنظّم وتحديد استراتيجيات التحرّك. “أنا معلّمة، وهاجسي الوحيد هو أن أدرّس أطفالي جيّدا. صراحةً لم أشارك في أيّ تحرّك سياسي سابقًا. ولكن بعد إيقاف زوجي أصبحت أنا وأطفالي عائلة مسيّسة. وجدت نفسي رغما عنّي أتابع الشأن العامّ وأُجاري الوضع”، تقول رحمة العبيدي، زوجة رئيس حركة النهضة بالنيابة منذر الونيسي، الّذي تمّ إيداعه السّجن في 30 سبتمبر 2023 بتهم تتعلّق بالتستر على جرائم إرهابية وربط الصلة مع أطراف أجنبية للإضرار بمصالح الدولة التونسية.

الشعور بالظّلم، وقود المعارك

 “إلى متى هذا الظّلم”؟ تستنكر فائزة رحيم زوجة المعتقل عصام الشابي في حديثها للمفكرة القانونية، لتضيف: “أستمدّ قوّتي من الشعور بالظّلم إزاء دولة مستبدّة، تُكيّف القوانين على هواها. دولة تعليمات”. تتحدث فائزة بحُرقة عن زوجها الّذي دخل في إضراب عن الطعام في 26 أفريل 2024 احتجاجًا على تواصل احتجازه قسرًا رغم انقضاء الآجال القانونية في قضية التآمر، وتقول إنّها “تمرّ بأسوأ التجارب”، لأنّهم وضعوا زوجها في السجن ظُلمًا. “الاحتجاز القسري والشعور بالظلم هي الدوافع التي أستمدّ منها قوّتي وصمودي. حتّى لو زُجّ بنا نحن العائلات في السجن سنَجد من يدافع عنّا، كما فعلت أنا عندما سُجن زوجي”. فيما تتعرّض القاضية صوفية الشواشي زوجة غازي الشواشي إلى “هرسلة” في عملها، حيث كانت رئيسة دائرة في التعقيب تمّ نقلُها إلى القضاء العقاري على خلفيّة مساندتها لزوجها، رغم أنّ القانون ينصّ على شخصية العقوبة، وتتساءل في حديثها للمفكرة: “لا أدري لِمَ الشعب صامت إزاء ما يحصل ولِمَ يُمنع التداول في قضيّة التآمر على أمن الدولة؟ كيف لنا إذن أن نُعرِّف بالقضيّة؟” لتستدرك قائلة: “نحن أمام أمر واقع ولا يجب أن ننهار. يجب أن نقاوم أمام لحظات الضعف. لم أكن أتوقّع أنّني سأصمد، ولكن الحق يُقال أنّني وجدت مساندة من الجسم القضائي عمومًا الّذي قضيت فيه 35 سنة”.

أمّا المحامية دليلة بن مبارك مصدّق، فهي تحمل عبئًا مضاعَفًا، لأنّها معنيّة بملفّ قضيّة التآمر موضوعيّا وذاتيّا. فهي من ناحية محامية وعضو في هيئة الدفاع عن المعتقلين السياسيين في قضية “التآمر على أمن الدولة” ومُتابعة للملفّ عن كثب بحكم طبيعة عملها، وهي من ناحية أخرى شقيقة جوهر بن مبارك، الّذي حُوكم مؤخّرًا بستة أشهر سجنا في 25 فيفري 2024، على خلفيّة شكوى تقدّمت بها هيئة الانتخابات بتهمة نشر أخبار زائفة على معنى المرسوم عدد 54، ما دفع شقيقته المحامية إلى الدخول في إضراب عن الطّعام، رفعته بعد ضغط من محيطها السياسي والحقوقي إثر تدهور حالتها الصحية.

جوهر بن مبارك كان من أبرز المعارضين لمسار 25 جويلية 2021، وساهم في تأسيس حراك “مواطنون ضد الانقلاب” الّذي تطوّر لاحقًا ليصبح جزءًا من مكوّنات “جبهة الخلاص” المعارضة. ومن سخرية القدر أنّ جوهر بن مبارك نفسه كان وسيطًا بين قرطاج وباردو لتيسير المفاوضات السياسية حول تشكيلة حكومة حبيب الجملي، إثر انتخابات 2019، وكان عضوًا في حكومة إلياس الفخفاخ، الّذي اختاره الرئيس قيس سعيد بصفته الشخصية الأقدر على تشكيل حكومة، بعد فشل فريق حبيب الجملي في نيل ثقة البرلمان. دخل جوهر منذ 24 أفريل 2024 في إضراب عن الطّعام، ويرفض التراجع عنه إلى حين رفع المظلمة.

لم تتمالك الأستاذة دليلة بن مبارك مصدّق نفسها عندما سألتها “المفكرة القانونية” عن مكمن قوّتها وصمودها لمواصلة النضال، وقالت: “لا أعلم من أين تأتيني القوّة للمواصلة، رغم أنّني مرهقة نفسيّا وبدنيّا. ولكن ليس لنا ترف الرّاحة”. ثمّ توسّعت في الحديث عن الخروقات الإجرائية وعن عدم استناد الملفّ إلى أدلّة مادّية، عدا بعض الأقوال المنسوبة إلى شاهد مجهول “XXX” وفق محضر البحث الّذي تمّ تسريبه وتداوله خلال العام الماضي.

أمّا منية إبراهيم زوجة عبد الحميد الجلاصي القيادي في حركة النهضة والموقوف في قضية التآمر، فهي تقول إنّها راكمت من التجربة النضالية منذ عهد الاستبداد ما يُهيّئها لخوض المعركة إلى آخر نفس. “يجب دائما إعلاء الصوت، وأن نواجه الظالم بظُلمه. لأنّ صمت الضحية دعم مباشر للمستبدّ”، هكذا لخّصت منية إبراهيم سبب مواصلتها في النضال.

تجمعها بزوجها عبد الحميد علاقة خاصّة، فهو صديقها وزوجها ورفيق دربها الذي تتقاسم معه المبادئ ومسيرة النضال. وهي الآن تجد نفسها تكرّر تجربة الاعتقال السياسي بعد أكثر من ثلاثين سنة. “قلتها سابقًا وأكررها، أنا لا أؤذي أحدًا، ولكنّني كالقطّة التي تخمش كلّ من يجرؤ على الاقتراب من أحد أفراد عائلتها”، هكذا قالت منية إبراهيم.

قضية التآمر: إفراج مع تأجيل التنفيذ

كان يوم 18 أفريل 2024 ثقيلا على عائلات الموقوفين في قضية التآمر على أمن الدولة الّذين تجمّعوا أمام المحكمة الابتدائية بتونس، تزامنًا مع اقتراب حلول آجال الإفراج عن المعتقلين. كان انتظارًا مشوبًا بشيء من الأمل وكثير من الغضب على السلطة وعلى القضاة الجالسين بالمحكمة، فهتفت الحناجر ورُفعت الشعارات المعادية لقصر قرطاج وقصر العدالة، إذ لم يبقَ للعائلات ما يخسرونه أمام المظلمة التي سُلّطت على ذويهم، خاصّة مع تواتر الأخطاء الإجرائية وصدور قرار ختم البحث في القضيّة يوم 12 أفريل، أسبوعًا قبل حلول أجل الإفراج الوجوبي عن المعتقلين. “هو باختصار فيلم كوميدي”، هكذا لخّصت فائزة راحم زوجة المعتقل عصام الشابي، أمين عامّ الحزب الجمهوري، قرار ختم البحث في قضية التآمر على أمن الدّولة، فيما تقول المحامية دليلة بن مبارك مصدّق إنّ “الملفّ مفبرك، وهي عملية تآمر من السلطة الحاليّة ضدّ المعارضة”، مؤكّدة أنّ “الجميع على علم بالمظلمة الحاصلة”.

زُجّ مؤخّرًا بالقيادي بحركة النّهضة الصحبي عتيق في ملفّ التآمر على أمن الدّولة، في 15 أفريل 2024. تقول زوجته زينب المرايحي في حديثها للمفكرة القانونية إنّ زوجها “أُسقط إسقاطًا” في الملفّ، وهو معتَقل منذ 06 ماي 2023 على خلفيّة قضيّة تتعلّق بشبهة تبييض أموال. “لا توجد قرينة واحدة تدين الصحبي عتيق. كلّ الشهود قدّموا إفادات تبعده عن موضع الشبهة. قضيّته سياسيّة بامتياز وهو يقبع في السّجن بقرار سياسي”، تؤكّد الزوجة.

ورغم أنّ الزمن القانوني في الإيقاف على ذمّة التحقيق في قضية التآمر على أمن الدّولة التي تشمل موقوفي فيفري 2023، قد انقضى بين 18 و19 أفريل 2024، إلاّ أنّ الزّمن السياسي لم يبلغ أجله بعد، حيث ظلّ الموقوفون محتجزين داخل أسوار السّجن، بعد انقضاء أربعة عشر شهرًا من الإيقاف دون محاكمة.

مساندة حذرة لبشير العكرمي

لا تكاد تختلف قصص زوجات المعتقلين عن بعضها البعض. فكلّ واحدة منهنّ تجد نفسها مدفوعة بإحساس القهر والظّلم لتواصل النضال من أجل الإفراج عن زوجها، رغم اختلاف جوهر القضايا وأسباب الإيقاف. “الشعور العميق بالظلم هو الّذي أستمدّ منه قوّتي. عندما أزور زوجي وأنظر إليه من وراء القضبان وأرى عينيه دامعتَيْن، وأتذكّر أَلم العائلة والأبناء من بعده، أستشعر القوّة رغمًا عنّي”، تتحدّث زوجة القاضي بشير العكرمي للمفكّرة. لكنّ موضع الاختلاف بين المساجين السياسيين وغيرهم أنّ أغلب السياسيين مُنخرطُون في النشاط الحزبي والبرلماني في مراحل مختلفة، واصطفّوا ضدّ مسار 25 جويلية، على عكس منى الغربي التي لم تكن معنيّة بالممارسات السياسية الحزبيّة، تمامًا مثل زوجها.

أُثيرتْ قضايا التآمر على أمن الدّولة في فيفري 2023 بإيقاف عدد من أصحاب الأعمال والسياسيين والمحامين، من بينهم الناشط السياسي خيام التركي والقيادي بجبهة الخلاص المعارضة جوهر بن مبارك والأمين العام السابق لحزب التيار الديمقراطي غازي الشواشي والأمين العامّ للحزب الجمهوري عصام الشابي والقيادي بحركة النهضة عبد الحميد الجلاصي والمحامي رضا بالحاجّ وعدد آخر من الناشطين الّذين تمّ الإفراج عنهم، مثل الأزهر العكرمي وشيماء عيسى. كانت هذه الإيقافات متزامنة بشكل مربك، والتّهمة الموجّهة للمعارضين ثقيلة، بشكل جعل إيقاف القاضي بشير العكرمي وصدور بطاقة إيداع بالسجن في حقّه في 10 مارس 2023 يمرّ وسط زحام الإيقافات دون أن ينال حيّز الاهتمام الضروري. إذ ارتبط اسم بشير العكرمي بملفّ الاغتيالات السياسية، حيث يُواجه شبهة ارتكاب تجاوزات لدى تعهّده بملفّ الاغتيالات السياسية.

“يريدون كتم صوت زوجي من داخل السّجن، ولكنّني سأكون صوته في الخارج”، تقول منى الغربي، زوجة القاضي البشير العكرمي الّذي يواجه تُهمتَين، إحداهما أثقل من الأخرى، وهما التستر على أحد المشتبه بهم في اغتيال شكري بلعيد، الأمين العام الأسبق لحزب الوطنيين الديمقراطيين، وفي قضية أخرى تتعلّق بملفّ حادثة باردو الإرهابية التي جدّت في 2015، حيث نَقَل بشير العكرمي الملفّ، بصفته قاضي تحقيق، من فرقة مكافحة الإجرام بالقرجاني إلى منطقة الحرس الوطني بالعوينة، على خلفيّة تورّط عدد من الأعوان في تعذيب الموقوفين.

كانت منى الغربي بعيدة عن الشأن السياسي. ولكنّها وجدت نفسها بمفردها، تبارز الخصوم السياسيين وتحاول رصّ الصفوف حولها لتعرّف بقضيّة زوجها الموقوف منذ 12 فيفري 2023. كانت دائما تنقل صورًا وبثًّا مباشرا من السّجن، أو من وراء مقود سيّارتها وهي باتجاه السجن، تمامًا مثل دليلة بن مبارك مصدّق شقيقة المحتجز جوهر بن مبارك، أو فائزة راحم زوجة عصام الشابي. مساندة زوجها لم تكن محلّ وفاق سياسيّ أو حقوقي، لأنّ اسمه مرتبط بملفّ اغتيال شكري بلعيد، ومن يحاول تنسيب الرواية التي تُقدّمها هيئة الدّفاع عن الشهيدين بلعيد ومحمد البراهمي الّتي تولّت جمع الوثائق في هذا الملفّ، حول تورّط البشير العكرمي في التلاعب بالمعطيات، قد يُغضب طيفًا واسعًا من المحامين والسياسيّين. ولكنّ منى الغربي سعتْ إلى فكّ العزلة عن زوجها واختارتْ أن تكون صوته خارج السجن: “تحدّثت مع اليساريين الّذين يكرهون بشير العكرمي. في البداية كان لفيف منهم يرفضونني ويرفضون حتّى مجرّد ردّ السلام. ولكنّني حين تحدّثت معهم بحُرقة عن بشير الإنسان وحين اطّلعوا على قرار ختم البحث في قضية الاغتيال لاحظت أنّ هناك فهما أكثر لتفاصيل المسألة. بشير العكرمي لا حزب وراءه، ووجدت نفسي أتحرّك لوحدي من أجل رفع المظلمة عنه وإيصال صوته الّذي كتموه في السجن”، هكذا قالت منى الغربي في حديثها للمفكرة القانونية.  

تضامن مبدئي أم انتقائي؟

تقول بعض زوجات المعتقلين اللاتي حاورتهنّ المفكرة القانونية إنّهنّ تمرّسن على كيفيّة التعامل مع المؤسسة السجنية، وأصبحْن على دراية بالأطعمة والموادّ المسموح بوضعها في القفّة الأسبوعيّة الّتي يحملنها لأزواجهنّ، وبإجراءات الاحتفاظ وحقوق الموقوفين. حتّى أنّهنّ أصبحن قادرات على توفير نوع من “المرافقة القانونية” لعدد من عائلات الموقوفين أو مساجين الحق العامّ وقرّرن فيما بعد تأسيس “رابطة عائلات المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي”، التي تتبنّى “كلّ ضحايا القضايا السياسية ومحاكمات الرأي دون تمييز”، بهدف عقلنة تحرّكهنّ وعدم تشتيت الجهود في الدّفاع عن المعتقلين.

“لاحظنا أنّ هناك نقصًا في المرافقة الحقوقية، نظرًا لارتفاع عدد القضايا، وكلّنا نعلم الآن أنّ عدد القضايا السياسية تجاوز قضايا الحقّ العامّ، والمرسوم 54 مسلّط على الجميع”، تفسّر فائزة راحم، زوجة المعتقل عصام الشابي سبب إحداث هذه الرابطة، وهو موقف يتقاطع مع ما ذكرته زينب المرايحي، زوجة القيادي في حركة النهضة الصحبي عتيق الموقوف منذ 06 ماي 2023، بخصوص “ضعف المساندة الحقوقية للمعتقلين السياسيين”، فيما تقول صوفية الشواشي إنّ التعامل صلب هذه الرابطة وفي قضايا الإيقافات قائم على أساس “التضامن الإنساني”. ومن جهتها، توضّح منى الغربي زوجة القاضي بشير العكرمي المُودع بالسجن، أنّ إحداث هذه الرابطة جاء نتيجة موقف تعرّضت له، حين رأت صورة زوجها ملقاةً على الأرض، إثر انعقاد ندوة صحفيّة. حينها “شعرت بالألم” وقررت تأسيس الرابطة رفقة بقية نساء الموقوفين.

وقد أصدرتْ عدد من المنظّمات بيانات -بشكل متأخر نسبيّا- بيانات مساندة للاعتقالات الحاصلة دون إصدار أحكام قضائية، حيث أصدرت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان في 17 أفريل 2024، قبل يومَين من انقضاء آجال الإيقاف التحفظي في قضية التآمر على أمن الدّولة بيانًا انتقدتْ فيه “انتهاك السلطة التنفيذية، بواسطة وزارة العدل، لاستقلالية القضاة والقضاء”، وعبّرت فيه عن تضامنها مع المحالين ضمن “قضية التآمر” إزاء الانحراف بالقانون الذي يتعرضون إليه والذي ينسف أبسط شروط الحق في محاكمة عادلة”. فيما أصدرت الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات بيانا يوم 22 أفريل عبّرت فيه عن تضامنها مع الرئيسة السابقة للجمعيّة بشرى بالحاج حميدة التي زُجَّ بها في قضيّة التآمر على أمن الدّولة، وطالبت فيه “بوضع حد للإيقافات والاتهامات الواهية ضد كل رأي مخالف أو معارض وحفظ كل التهم الباطلة ضدهن وضدهم وإعادة النظر في قرار ختم البحث فيما بات يسمى بقضية التآمر لما احتواه من تناقضات وادعاءات تمس من مصداقية المؤسسة القضائية ونزاهتها”، فيما دعت الدينامية النسوية إلى عدم الخلط بين سجناء الرأي وسجناء “متورطين في الإرهاب والاغتيالات وتوجد اثباتات على جرائمهم” وتتشبث بضرورة محاسبة من أجرموا في كنف العدالة. وهو ما يعني أنّ قضيّة التآمر تكاد تكون محلّ إجماع بين جميع الأطياف السياسية والحقوقية حول رفضها، فيما يبدو أنّ المواقف لم تُحسم بعد إزاء بقية المساجين. وهو ما يُفسّر حديث بعض نساء الموقوفين عن “انتقائية” في التعامل مع الملفّ، إذ تقول زوجة الصحبي عتيق إنّ: “الحرية لا تتجزّأ. ولكنّ بعض الجمعيات المدافعة عن حقوق النساء لم تتضامن مع زوجات المعتقلين. نحن لا نريد المناصرة ولكن فقط نطلب تسليط الضوء على قضيّتنا”. وتضيف: “الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان تحرّكت أخيرا، وهي مشكورة على ذلك. أما بالنسبة إلى الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب فلا يجب أن تكتفي بالزيارات، ولكن عليها أن تستمرّ في المتابعة”. وفيما تبدي صوفية الشواشي زوجة المعتقل غازي الشواشي استغرابها من “تجزئة المبادئ” وتقول إنّها تؤمن بالحرية المطلقة، وإنّ التعامل مع المسألة يجب أن يكون من منطلق إنساني، تؤكد المحامية دليلة بن مبارك مصدّق شقيقة المعتقل جوهر بن مبارك اأنّ كلّ المنظّمات والأجسام الحقوقيّة تُساند جميع الموقوفين من دون أي تمييز.

انشر المقال

متوفر من خلال:

حريات ، أجهزة أمنية ، أحزاب سياسية ، حرية التعبير ، مقالات ، تونس



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني