الجمعية التونسية للدفاع عن الحريّات الفردية تحذّر: الحقوق والحريّات الفردية أمام خطر داهم


2021-09-20    |   

الجمعية التونسية للدفاع عن الحريّات الفردية تحذّر: الحقوق والحريّات الفردية أمام خطر داهم

نظمت الجمعية التونسية للدفاع عن الحريات الفردية بتاريخ 16 سبتمبر 2021 ندوة صحفية لتقديم تقريرها حول الحقوق والحريات في زمن الحالة الاستثنائية. تقرير هامّ جاء لرصد الانتهاكات التي طالتْ الحقوق والحريات منذ 25 جويلية تاريخ الإعلان عن تدابير استثنائية من قبل رئيس الجمهورية تمّ من خلالها تجميد مجلس نواب الشعب وإقالة رئيس الحكومة. تكمن أهمية هذا التقرير في تقديمه لمعطيات حول الانتهاكات التي طالتْ المواطنين رغم إعلان رئيس الجمهورية في أكثر من مناسبة عن تمسكه بالحقوق والحريات وفي ظل أجواء عامّة معادية لكل صوت ناقد لسياسة الرئاسة وقرارته وبلورة صورة سياسية وأخلاقية للرئيس غير قابلة للمساءلة.

 

 

استياء من تعاطي رئاسة الجمهورية في قضية الحقوق والحريّات ونوايا تعديل الدستور

 

انطلقت الندوة الصحفية بكلمة ألقتها الناشطة السياسية والنسوية والرئيسة السابقة للجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات يسرى فراوس حول السياق السياسي الذي تمر به البلاد منذ 25 جويلية وعلاقته بالتضييقات التي طالت الحقوق والحريات. وكانت قد أشارت إلى تضارب بلاغات رئيس الجمهورية في علاقة بالتزامه بحماية الحقوق والحريات المكتسبة خصوصا بعد صدور بلاغ[1] يوم 14 سبتمبر والذي ردّ فيه رئيس الدولة على الحقوقيات والحقوقيين المستنكرين للانتهاكات الواقعة باعتباره “أنه إذا حصلت بعض التجاوزات كما يشير إلى ذلك البعض أو يدّعيه كذبا وبهتانا فالغاية منها هي الإساءة إلى رئيس الجمهورية”. شبهت بذلك فراوس خطاب الرئيس سعيّد بخطاب بن علي واستنكرت تقديم الرئيس واعتباره لمعارك الدفاع عن الحقوق والحريات على أنها معارك مناوئة لشخصه. كما أكّدت أن ما تعيشه البلاد بعد تاريخ 25 جويلية يشابه ويعيد ما سبقه في إشارة منها لاستمرار التعدي على الحقوق والحريات وعدم القيام بالتغييرات والاصلاحات التي انتظرها الكثيرون. كما أكدت تمسك الحقوقيات والحقوقيين بما جاء بدستور 2014 وما يمثله من استحقاقات تمّ تحقيقها بعد نضالات عدة واستعدادهم لخوض المعارك للحفاظ على المكتسبات الحقوقية كاملة وعلى حماية حقوق الأفراد حتى وإن تم التسويق بأن الأغلبية الشعبية موالية لقرارات الرئيس.

 

من جهة أخرى، ذكٌر رئيس الجمعية التونسية للدفاع عن الحقوق الفردية وحيد الفرشيشي اعتبار الجمعية بأن ما قام به رئيس الجمهورية انقلابٌ على الدستور مشددا على خطورة التمديد غير المضبوط بآجال للتدابير المتخذة. كما أكّد على التمسّك بالشرعية الدستورية وبالاستحقاقات التي يجسّدها دستور 2014 مستنكرا الخطاب السائد الذي يغلّب الحقوق الاقتصادية والاجتماعية على بقية الحقوق الأخرى واعتبارها مسألة دون أهمية. أما في ما يهمّ متابعة التجاوزات والانتهاكات للحقوق والحريات، فقد اعتبر الفرشيشي أن معاداة الرئيس للحقوق والحريات لا تهمّ فقط فترة ما بعد 25 جويلية، مذكرا بمواقف قيس سعيد من العديد من المسائل الحقوقية التي أعلن عنها خلال الحملة الانتخابية لسنة 2019 (فقد كان سعيد مع تطبيق عقوبة الاعدام وضد المساواة في الميراث وضد مجلة الحقوق والحريات الفردية وضد مواءمة القوانين التونسية مع المعاهدات الدولية..).

 

كما أكد كلّ من الفرشيشي وفراوس على ضرورة التمسك بدستور 2014 الذي يمثل قفزة فيما يتعلق بالحقوق والحريات بالمقارنة بدستور 1959، معتبريْن أن مرحلة ما بعد 25 جويلية امتداد لمنظومة سابقة تعيد إنتاج ضحاياها. كما توجّها بالدعوة لبقية الحقوقيات والحقوقيين ومكونات المجتمع المدني للخروج ممّا أسموها حالة الانتظار وتكوين جبهة موسعة للدفاع عن الحقوق والحريات والتصدي لأي انتهاكات.

 

رغم تطمينات رئيس الجمهورية، دائرة الانتهاكات تتوسّع

 

قدّم التقرير[2] الذي استعرضه رئيس الجمعية والكاتب العام لها أهم ما تم رصده وتوثيقه من قبل الجمعية فيما يتعلق بالانتهاكات والتجاوزات المسلطة على الحقوق المدنية والسياسية وفيما يلي تفصيل لأهم ما تم رصده:

  • ضرب مبدأ الأمان عبر إرساء حالة استثنائية دون ذكر مسبباتها أو تحديد مدتها وتجميد أعمال مجلس نواب الشعب رغم عدم وجود نص دستوري يسمح بذلك وفي غياب المحكمة الدستورية.
  • المسّ بحرمة المسكن عبر تكرر المداهمات للمقرات والمساكن دون إذن قضائي.
  • عدم حماية المعطيات الشخصية: خصوصا في علاقة بغلق مقر الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد من قبل أعوان وزارة الداخلية وعدم حماية 4400 ملف مقدم من المبلغين عن الفساد للهيئة في تعدٍّ صارخ لمعطياتهم الشخصية ولواجب حمايتهم من أيّ خطر قد يطال سلامتهم وسلامة ذويهم.
  • التعدّي على حرية اختيار مكان الاقامة وحرية التنقل: عبر إخضاع العديد من الأشخاص للإقامة الجبرية ومنعهم من السفر وبالتالي انتهاك حقوق أخرى يتمتعون بها كالحق في الصحة والعمل دون تقديم أي تفسير لهذه القرارات وفي غياب أي متابعة قضائية ضدهم، رغم صدور قرارات عدة عن المحكمة الادارية بإبطال إجراءات مشابهة.
  • عدم الالتزام بحماية طالبي اللجوء عبر تسليم اللاجئ السياسي سليمان بوحفص.
  • عدم احترام قرينة البراءة والحقّ في المحاكمة العادلة: عبر إطلاق حملات تشويهية ضد أشخاص والإيحاء بضلوعهم بجرائم فساد دون توجيه أيّ تهم لهم قضائيا وعبر إحالة العديد من المدنيين على القضاء العسكري وتطبيق تشريعات متعلقة بالجهاز العسكري عليهم في تعدّ صارخ على ما جاء به دستور 2014.
  • التعدي على حق النشر وحرية الاعلام عبر منع الصحافيين من القيام بالتغطية الاعلامية والاعتداء عليهم في عدة مناسبات.
  • عدم احترام حقوق الفكر والرأي: عبر التهجم وإطلاق حملات شرسة ضد أصحاب الرأي المخالف وعدم الموالين لقرارات الرئيس.
  • عدم احترام الحق في النفاذ إلى المعلومة: عبر اتباع رئاسة الجمهورية سياسة التكتم وعدم نشر أي معلومات أو أجوبة في علاقة بالتدابير التي سيتم اتخاذها في علاقة بسياق ما بعد 25 جويلية.
  • عدم احترام حرية النشاط السياسي: عبر شيطنة الأحزاب وتعطيل نشاطاتها وعدم استقبالها أو تشريكها بالقرار السياسي.
  • عدم احترام حرية التجمع والتظاهر: عبر تجديد حالة الطوارئ لمدة 6 أشهر يومان قبل إعلان 25 جويلية وعبر إصدار الأمر الرئاسي عدد 83 الذي حمل عدة تدابير تقيد حرية تجمع الأفراد.

هذا وتمّ التذكير، في إطار متابعة أعمال الرصد والتوثيق للتجاوزات والانتهاكات، بأنه سيتم نشر تقرير متعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية يوم 15 أكتوبر وآخر حول حقوق الفئات يوم 15 نوفمبر.

[1] بلاغ لرئاسة الجمهورية بتاريخ 13 سبتمبر 2021.

[2] تقرير الجمعية التونسية للدفاع عن الحريات الفردية: “الحقوق والحريات زمن الحالة الاستثنائية”.

انشر المقال

متوفر من خلال:

حريات ، حرية التعبير ، حرية التنقل ، مقالات ، تونس ، حراكات اجتماعية ، حريات عامة والوصول الى المعلومات



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني