نشر المرصد البرلماني تقريرا عن أعمال المجلس النيابي للولاية السابقة ما بين 2018-2022، قيّم فيه نتاج المجلس النيابي من جوانبه المختلفة. وقد حاولنا في هذا التقرير الذي يجسّد مرحلة متقدّمة من عملنا الرصدي الإضاءة على عمل الهيئة العامة واللجان والكتل والنواب. وفي حين نشرنا سابقا التقرير كاملا بنسخة PDF، ننشر تباعا فصولا منه بهدف الإضاءة على جزئيات العمل البرلماني وتسهيل الوصول إليها، وهي جزئيات قد لا يتنبه إليها القارئ في سياق تصفّحه التقرير في شموليته. وفي حين نشرنا 4 حلقات حول أداء الهيئة العامة لمجلس النواب واللجان النيابية، ننشر هنا الحلقة الخامسة منه، وهي تتصل بتقييم نشاط الكتل النيابية، يتبعها حلقات أخرى عن أداء النواب.
كيف نُقيِّم نشاط الكتل على صعيد المبادرة التشريعية وتقديم الطعون وممارسة صلاحية مساءلة الحكومة؟ وكيف كان التعاون داخلها وفي ما بينها؟ قبل المضيِّ في الإجابة عن هذه الأسئلة، لا بدّ بداية من رسم خارطة الكتل النيابية في المجلس في ولايته 2018-2022.
1- خارطة الكتل النيابية
بنتيجة الانتخابات النيابية الحاصلة في أيار 2018، تشكّلت 11 كتلة نيابية على الشكل التالي: كتلة “لبنان القوي” (29 نائباً)، كتلة “المستقبل” (19 نائباً)، كتلة “التنمية والتحرير” (17 نائباً)، كتلة “الجمهورية القوية” (15 نائباً)، كتلة “الوفاء للمقاومة” (12 نائباً)، كتلة “اللقاء الديمقراطي” (تسعة نواب)، كتلة “التكتُّل الوطني” (خمسة نواب)، كتلة “اللقاء التشاوري” (خمسة نواب)، كتلة “الوسط المستقل” (أربعة نواب)، “الكتلة القومية الاجتماعية” (ثلاثة نواب)، كتلة “حزب الكتائب” (ثلاثة نواب). وسبعة نواب مستقلين عن أيّ كتلة[1].
ولكن على إثر اندلاع انتفاضة 17 تشرين الأوّل 2019 طرأت تبدُّلات على تكوين هذه الكتل، إذ أعلن كلٌّ من شامل روكز، ونعمة افرام خروجهما من كتلة “لبنان القوي” ونهاد المشنوق خروجه من كتلة “المستقبل”، لينضمّوا إلى النواب “المستقلين”. وعلى إثر انفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب تقدّم ثمانية نواب[2] باستقالتهم من المجلس النيابي (كامل كتلة “الكتائب”، النواب سامي الجميل والياس حنكش ونديم الجميل، نائبان من كتلة “اللقاء الديمقراطي”، مروان حمادة وهنري الحلو، ونائبان من كتلة “المستقلين”، بوليت يعقوبيان ونعمة افرام، ونائب من كتلة “لبنان القوي”، ميشال معوَّض). وخرج بعدها كلٌّ من ميشال ضاهر من كتلة “لبنان القوي”، وجان طالوزيان وقيصر معلوف من كتلة “الجمهورية القوية”، وجهاد الصمد من كتلة “اللقاء التشاوري”.
كما خسر البرلمان أربعة من أعضائه سنة 2021 إثر وفاتهم وهم النواب ميشال المرّ (مستقل)، مصطفى الحسيني (“التكتل الوطني”)، فايز غصن (“التكتل الوطني”) وجان عبيد (“الوسط المستقل”). وفي نهاية هذه الولاية، خسرت كتلة “لبنان القوي” كلّاً من النائبَيْن إيلي الفرزلي وحكمت ديب على إثر خروجهما منها.
وعليه، أمكن إبداء الملاحظات الآتية:
إنّ مجموع النواب الذين انتموا إلى كتل في بداية ولاية المجلس بلغ 121 نائباً (من أصل 128)، أي ما نسبته 94.5% من النواب، وقد انخفض عددهم في نهاية المجلس إلى 103 نواب (من أصل 116 بعد حسم المتوَفِّين والمستقيلين) أي ما نسبته 88.79%؛
تسعة نواب انسحبوا من الكتل التي كانوا ينتمون إليها. كما استقال ثلاثة نواب من أعضاء الكتل من المجلس النيابي بقرار خاص منهم ومن دون كُتَلِهم. وعليه تكون نسبة هؤلاء 9.91% من مجموع أعضاء الكتل؛
إنّ الكتلة الأقلّ تماسكاً كانت كتلة “لبنان القوي” حيث خسرت ستة من أعضائها، يتبعها كتل “اللقاء الديمقراطي” و”الجمهورية القوية” و”المستقبل” و”اللقاء التشاوري”. في المقابل، لم ينسحب أيُّ نائب من ستّ كتل خلال تواجدها داخل المجلس النيابي، وهي كتل “التنمية والتحرير” و”الوفاء للمقاومة” و”القومية” و”الكتائب” و”الوسط المستقل” و”التكتل الوطني”؛
إنّ أيّاً من النواب المنسحبين من كتلة نيابية لم يعلن انتماءه إلى كتلة أخرى. وبنتيجة ذلك، كانت الكتلة الوحيدة التي كبرت أثناء ولاية المجلس هي كتلة، أو لا كتلة، “المستقلين” والتي ارتفع عدد أعضائها من سبعة إلى 13 رغم استقالة اثنين منهم بعد تفجير مرفأ بيروت.
2- نشاط الكتل على صعيد المبادرة التشريعية
نعمد هنا إلى قياس نشاط الكتل المختلفة على صعيد المبادرة التشريعية. ونعتبر لهذه الغاية النواب غير المنتمين إلى أيِّ كتلة من ضمن كتلة “المستقلين”. ولهذه الغاية، يجدر التذكير بأنّ مجموع الاقتراحات المقدَّمة خلال هذه الولاية بلغت 696 اقتراحاً، بمعنى أنّ النائب قدّم بالمتوسّط 5.4 اقتراحات.
ونعمد أوّلاً إلى قياس عدد المقترحات لكل كتلة (التي قدّمتها منفردة أو بالاشتراك مع كتل أخرى)، قبل قياس متوسّط المبادرة التشريعية للنائب في كل كتلة مع مقارنة هذا المتوسّط مع المتوسّط العام لعمل النواب. ونعمد أخيراً إلى تحديد مستوى التعاون داخل الكتل لنُبَيِّن لاحقاً مستوى التعاون في ما بينها على صعيد المبادرة التشريعية.
فإذا تم ذلك، سنعمد إلى قياس آثار الانهيار المالي والاقتصادي الحاصل في نهاية 2019 على نشاط هذه الكتل، من خلال تقسيم ولاية المجلس إلى قسمَيْن، حيث تمتدّ الفترة الأولى من أيار 2018 حتى 17 تشرين الأوّل 2019، والفترة الثانية من هذا التاريخ حتى نهاية الولاية.
أ. عدد الاقتراحات المقدَّمة من كل كتلة
نُبَيِّن في الرسمين أدناه عدد اقتراحات الكتل عددياً ونسبياً إلى حجمها.
وبإمكاننا هنا إبداء الملاحظات الآتية:
تتصدّر كتلة “التنمية والتحرير” تقديم اقتراحات القوانين خلال الولاية بـ 172 اقتراحاً. بمعنى أنّها قدَّمت أو شاركت في تقديم ما يقارب رُبع مجموع اقتراحات القوانين المقدَّمة خلال هذه الولاية. وبالإمكان تفسير هذا الأمر بإيعازات قد تَرِدُ مباشرة من رئيس المجلس (وهو رئيس الكتلة) تلبية لطلبات قد تُقدَّم إليه من جهات دولية أو محلية، كما يمكن تفسيره بتمتُّع هذه الكتلة بقدرة أكبر في تمرير القوانين بفعل السلطة الواسعة المعطاة لرئيسها؛
إنّ نشاط الكتل في المبادرة التشريعية زاد في الفترة الثانية، اللاحقة للانهيار وانتفاضة 17 تشرين، حيث بلغ متوسّط المبادرة 15.9 اقتراحاً شهرياً رغم انخفاض عدد النواب مقابل متوسّط 11.8 اقتراحاً شهرياً في الفترة الأولى. أي أنّ المبادرة التشريعية زادت بحدود الثلث تقريباً. ويُسجَّل أنّ الكتل الكبرى، باستثناء “الجمهورية القوية”، زادت من حيث المبدأ نشاطها في المبادرة التشريعية في الفترة الثانية. وقد تجاوزت نسبة الزيادة 100% بالنسبة لكتلة “الوفاء للمقاومة”. كما نلحظ زيادة لهذا النشاط لدى كتلة “اللقاء الديمقراطي” التي تجاوزت 66%. أمّا كتل “التنمية والتحرير” و”المستقبل” و”لبنان القوي” فقد تراوحت زيادة نشاطها في المبادرة البرلمانية في الفترة الثانية بنسب تتراوح بين 20% و35%. في المقابل، بقي نشاط الكتل الصغيرة مستقرّاً أو تراجع في الفترة الثانية؛
لم تقدِّم الكتلة “القومية الاجتماعية” أيَّ اقتراح بمفردها خلال الولاية (أكان ذلك من نائب أو أكثر من نوابها)، واكتفت بتقديم ثمانية اقتراحات مشتركة. وقد انخفض نشاطها أكثر فأكثر في الفترة الثانية حيث شاركت في تقديم اقتراح واحد. وبذلك، أمكن القول بأنّ هذه الكتلة كانت الأقلّ نشاطاً خلال ولاية المجلس.
ب. متوسّط عدد الاقتراحات للنائب الواحد في كل كتلة
إنّ القياس عددياً لحجم المبادرة التشريعية لكل كتلة قد يعطي صورة مغلوطة عن نشاط هذه الكتلة، إذ لا يأخذ بعين الاعتبار حجم الكتلة، الذي له تأثير أكيد على عدد الاقتراحات الإجمالي الصادر عنها (فردياً أو مع كتل أخرى).
لذلك، نعمد في ما يلي إلى قياس متوسّط عدد الاقتراحات للنائب الواحد في كل كتلة (أي: مجموع الاقتراحات في الكتلة مقسوماً على مجموع أعضائها[3]). وسيغيّر هذا المقياس من ترتيب الكتل بشكل حاسم.
يتبيَّن من الرسم أنّ الكتلتَيْن الأكثر نشاطاً في مجال المبادرة التشريعية خلال الولاية هما كتلتا “المستقلين” و”اللقاء الديمقراطي”، بمتوسّط 13.2 و12.6 اقتراحاً للنائب الواحد خلال الولاية، تباعاً. ويعود ذلك إلى نشاط كلٍّ من النائب بلال عبد الله في كتلة “اللقاء الديمقراطي” والنائبة بوليت يعقوبيان في كتلة “المستقلين” اللذَيْن يُعتبَران من أنشط النواب خلال الولاية كما سنُبَيِّن في القسم المخصَّص لتقييم نشاط النواب.
أمّا الكتلتان الأقلّ نشاطاً فهما الكتلة “القومية الاجتماعية” بمتوسّط 2.6 اقتراحَيْن للنائب الواحد وكتلة “لبنان القوي” باقتراحَيْن للنائب الواحد خلال الولاية.
نسبة إقرار الاقتراحات حسب الكتل
في هذه الفقرة، سنحاول تبيان نسبة إقرار الاقتراحات حسب الكتل. ومن أجل مزيد من الوضوح، سنميِّز بين الاقتراحات التي قدَّمتها كل كتلة والاقتراحات المقدَّمة من كتلتَيْن وأكثر. وننبِّه هنا إلى أنّ بعض الاقتراحات أُقِرَّتْ بعد دمجها باقتراحات أخرى. وعليه، اعتبرنا في هذا الرسم جُلَّ الاقتراحات التي تم دمجها في سياق إقرارها في قانون واحد ضمن الاقتراحات التي باتت قوانين نافذة.
وعلى ضوء الرسم أعلاه، أمكن إبداء الملاحظات الآتية:
من البَيِّن أنّ نسبة قبول المقترحات المشتركة بين الكتل هي عموماً أعلى من نسبة قبول المقترحات المقدَّمة من كتلة واحدة. وهذا ما نتبيَّنُه من رسم آخَر منظَّم أدناه، حيث بلغت النسبة الأولى ما يقارب ضعفَيْ النسبة الأخيرة. إلّا أنّ هذا الرسم يُبيِّن تبايُناً في نِسَب قبول اقتراحات الكتل، الأمر الذي قد يؤشّر إلى تباين في وزنها السياسي أو في مدى جديتها أو قدرتها على بناء توافق سياسي حول مقترحاتها؛
تميَّزت كتلتان فقط في ارتفاع نسبة قبول الاقتراحات المقدَّمة منها وحدها بالنسبة إلى نسبة قبول اقتراحاتها المشتركة مع كتل أخرى (كتلتا “الوفاء للمقاومة” و”اللقاء التشاوري”). وإذ يصعب أن نستنتج أيَّ خلاصات بشأن “اللقاء التشاوري” بالنظر إلى محدودية عدد الاقتراحات المقدَّمة منه وحده التي تم قبولها (اثنان من ستة)، فإنّ تمايُز “الوفاء للمقاومة” في هذا الخصوص إنّما يؤشّر إلى تعاظم وزنها السياسي في العملية التشريعية؛
في حين أنّ نسبة قبول الاقتراحات التي تفرَّدت سائر الكتل في تقديمها كانت أدنى من نسبة قبول اقتراحاتها المشتركة، أمكن تقسيم هذه الكتل إلى فئتَيْن: فئة لم يتجاوز الفارق في نسب القبول لديها عشر نقاط، وقد ضمّت كتلتَيْ “المستقبل” و”التنمية والتحرير”، وفئة ضمّت سائر الكتل حيث بلغ الفارق في نسب القبول لديها ما يقارب 20 نقطة (“لبنان القوي”، “الكتائب”، “الوسط المستقل”) أو أكثر بكثير. وكما سبق، تُشكِّل هذه الأرقام مؤشِّرات واضحة حول الوزن السياسي في العملية التشريعية لهذه الكتل ومدى قدرتها أو جديتها في العمل لضمان قبول مقترحاتها المقدَّمة منها فقط.
ج. التعاون الداخلي للكتل وفي ما بينها
نعمد هنا إلى قياس منسوب التعاون داخل الكتل وفي ما بينها. وهذا ما نوضحه في هذا البيان الذي قسمنا فيه المقترحات التي قدَّمتها أو ساهمت في تقديمها كتلة معيَّنة إلى أربع فئات: (1) الاقتراحات المقدَّمة من أحد أعضائها حصراً، (2) الاقتراحات المقدَّمة من أكثر من نائب من أعضائها حصراً، (3) الاقتراحات التي شاركت في تقديمها إلى جانب كتلة أخرى، أي ما نسمّيه الاقتراحات المشتركة الثنائية، و(4) الاقتراحات المقدَّمة منها بالاشتراك مع كتلتَيْن أو أكثر. التدقيق في أرقام الفئتَيْن الأوليَيْن يشكّل مؤشّراً إلى مدى التعاون داخل كل كتلة، في حين أنّ التدقيق في أرقام الفئتَيْن الأخيرتَيْن يشكّل مؤشّراً إلى مدى التعاون بين الكتل.
التعاون داخل الكتل
هنا أمكن تقسيم الكتل إلى ثلاث مجموعات:
كتل تقارَب لديها عدد الاقتراحات الفردية مع عدد الاقتراحات التي يشترك فيها أكثر من عضو من أعضائها. أبرز هذه الكتل “لبنان القوي” (52-52) و”الكتائب” (5-6). ويُفهَم من ذلك أنّ هاتَيْن الكتلتَيْن تعتمدان آليات تنسيقية داخلَهما مع إبقاء مجال هام للمبادرة التشريعية الفردية لأعضاء الكتلة أو لبعضهم؛
كتل يغلب لديها عدد الاقتراحات التي يشترك فيها أكثر من عضو من أعضائها على عدد الاقتراحات الفردية، ومنها “الجمهورية القوية” (19-44) و”الوفاء للمقاومة” (10-17) و”الوسط المستقل” (4-19). ويؤشّر ذلك إلى أنّ هاتَيْن الكتلتَيْن تخضعان لآلية مركزية أكثر صرامة من الآليات المعتمَدة لدى الكتل الأخرى، في مجال المبادرة التشريعية؛
كتل يغلب لديها عدد الاقتراحات الفردية على الاقتراحات التي يشترك فيها أكثر من عضو من أعضائها، ومن أبرز هذه الكتل “التكتل الوطني” (23-0) و”المستقبل” (55-2) و”التنمية والتحرير” (60- 29) و”اللقاء الديمقراطي” (38-28). ويُفهَم من ذلك ضعف التنسيق في المبادرة التشريعية أو اعتماد الكتل على بعض أفرادها فقط في المجال التشريعي.
التعاون بين الكتل
على ضوء الرسم أعلاه، أمكن إبداء الملاحظات الآتية:
خلال الولاية، قُدِّم 81.6% من مجموع الاقتراحات (أي 568 اقتراحاً من 696) من كتلة واحدة (من نائب أو أكثر). ويؤشّر هذا المعطى إلى أنّ الأكثرية الكبرى من الاقتراحات تم تقديمها من قِبَل كتلة واحدة من دون أن تُكَبِّد نفسها عناء التداول مع كتل أخرى لتعزيز الإرادة السياسية الداعمة لهذه المبادرة. ويُسجَّل أنّ كتلاً عدة قدَّمت اقتراحات متشابهة إلى حدّ كبير تتعلق بالموضوع نفسه وفي الوقت نفسه، ممّا يدلّ على ميل للتفرُّد في العمل التشريعي من منطلق التنافس أو التفاخر. وأبرز مثال على ذلك اقتراحات مكافحة تهريب البضائع وحماية المستهلك التي تقدّمت بها كتل “التنمية والتحرير” و”لبنان القوي” و”الجمهورية القوية”، واقتراحات تحرير استيراد الدواء المقدَّمة من كتلة “التنمية والتحرير” ومن النائب طوني فرنجية من “التكتل الوطني”؛
إلّا أنّ التدقيق في أرقام الكتل يُظهِر اختلافاً بينها على صعيد نسبة التفرُّد في المبادرة التشريعية، حيث أنّها تختلف بين 0% (“القومية الاجتماعية”) و71% (“المستقلون”). وفي حين نجد النسب الأكثر انخفاضاً لدى الكتل الصغيرة (“القومية الاجتماعية” و”الكتائب” و”اللقاء التشاوري”)، فإنّ النسب الأعلى يسجّلها، تباعاً، “المستقلون” (71%)، “اللقاء الديمقراطي” (64%)، “لبنان القوي” (63%)، و”الجمهورية القوية” (61%). في المقابل، نلحظ انخفاضَ نسبة التفرُّد لدى “التنمية والتحرير” و”المستقبل” و”الوفاء للمقاومة” تباعاً إلى 51% و48% و35%؛
بلغت نسبة الاقتراحات الثنائية 8.33% من مجموع الاقتراحات (58). ونتبيَّن أنّ الكتل الأكثر تشاركاً في تقديم اقتراحات ثنائية هي “التنمية والتحرير” (33) تليها “المستقبل” (19) ومن بعدها “الوفاء للمقاومة” (17) و”لبنان القوي” (16)؛
بلغت نسبة الاقتراحات المشتركة بين ثلاث كتل أو أكثر 9.91% من مجموع الاقتراحات (69). وهنا أيضاً تتصدَّر كتلة “التنمية والتحرير” قائمة الكتل الأكثر تشاركية (50) تعقبها كتلة “لبنان القوي” (45) ثم كتل “المستقبل” (42) و”الجمهورية القوية” (38) و”الوفاء للمقاومة” (33).
والملفت أنّ نواباً من الكتل الكبرى تعاونوا أكثر مع بعضهم البعض، ممّا يتعارض مع الصورة الصدامية التي يُظهرُها أعضاء هذه الكتل إعلامياً:
فأكثر النواب الذين تعاون معهم نواب كتلة “التنمية والتحرير” في تقديم الاقتراحات ينتمون إلى كتلة “الوفاء للمقاومة”(38) ف”المستقبل” (36) ف”لبنان القوي” (35) ف”الجمهورية القوية” (28) ف”المستقلون” (28)؛
أمّا أكثر النواب الذين تعاون معهم نواب كتلة “المستقبل”، فينتمون إلى كتلة “التنمية والتحرير” (36)، فـ “لبنان القوي” (35)، فـ “الجمهورية القوية” (25)، فـ “اللقاء الديمقراطي” (24)؛
أمّا أكثر النواب الذين تعاون معهم نواب كتلة “الوفاء للمقاومة”، فينتمون إلى كتلة “التنمية والتحرير”(38) فكتلتَيْ “المستقبل” و”لبنان القوي” (22 مع كلٍّ منهما)، فـ “لجمهورية القوية” (18)؛
أمّا أكثر النواب الذين تعاون معهم نواب كتلة “الجمهورية القوية”، فينتمون إلى كتلة “لبنان القوي” و”التنمية والتحرير”(29)، فـ “المستقبل” (25)، فـ “الوفاء للمقاومة” (18)؛
أمّا أكثر النواب الذين تعاون معهم نواب كتلة “لبنان القوي”، فينتمون إلى كتلة “المستقبل” (36)، فـ “التنمية والتحرير” (35)، فـ “الجمهورية القوية”(29)، فـ “الوفاء للمقاومة”(22).
من ضمن الاقتراحات المشتركة المقدَّمة من ثلاث كتل أو أكثر، يجدر تدوين أمرَيْن: (1) أنّ تسعة من هذه الاقتراحات قدَّمها نواب من كتل مختلفة ولكن منتسبِين إلى لجنة برلمانية هي صاحبة الاختصاص في المبادرة المذكورة، (2) أنّ اثنين فقط قُدِّما من نواب مُنتَخَبِين عن الدائرة الانتخابية نفسها في مجال يخصُّها وهي دائرة البقاع الثالثة، بعلبك الهرمل. وعليه، نلحظ أنّ التواصل السياسي بين الكتل كان أكثر حضوراً في تقديم الاقتراحات المشتركة من الزمالة في اللجان أو الاشتراك في تمثيل منطقة معيَّنة.
توزّعت الاقتراحات المشتركة المقدَّمة من ثلاث كتل أو أكثر على المواضيع التالية:
– 15 من أصل 69 منها متعلقة بتنظيم الحياة المدنية وسياسات الوئام الاجتماعي؛
– 11 من أصل 69 منها متعلقة بتنظيم القطاعات المهنية؛
تسعة من أصل 69 منها متعلقة بشؤون فئات مختلفة من الموظفين العامين.
آثار تحوُّل 17 تشرين 2019 على التعاون داخل الكتل وفي ما بينها
مسألة أخرى تفرضها الأحداث وهي النظر في ما إذا كان التحوُّل الحاصل في 17 تشرين 2019 قد أثّر على التعاون داخل الكتل أو خارجها. ولهذه الغاية، أعددنا هذا الرسم الذي يُبيِّن المعدّل الشهري للاقتراحات وفق صاحب المبادرة (كتلة واحدة من نائب واحد أو أكثر من أعضائها أو كتلتان أو ثلاث كتل أو أكثر).
ويتّضح من الرسم أعلاه الأمور الآتية:
أنّ زيادة نشاط الكتل في المبادرة التشريعية بعد انتفاضة 17 تشرين تُترجَم في زيادة الاقتراحات المقدَّمة من كتلة واحدة، حيث ارتفع المتوسّط الشهري للاقتراحات المقدَّمة من كتلة واحدة من 9.1 (متوسّط ما قبل 17 تشرين) إلى 13.2 (متوسّط ما بعد 17 تشرين). في المقابل، فإنّ المبادرة التشريعية المشتركة بقيتْ على حالها (متوسّط 2.5 شهرياً) في كلتا الفترتَيْن. وعليه، ارتفعت نسبة المقترحات المقدَّمة من كتلة واحدة من 77% في الفترة الأولى إلى 83.4% في الفترة الثانية؛
وبالتدقيق في الاقتراحات المقدَّمة من كتلة واحدة، نلحظ أنّ الارتفاع الأكبر حصل في الاقتراحات المقدَّمة من أكثر من نائب منها حيث بلغت الزيادة 75%، في حين أنّ الارتفاع في الاقتراحات الفردية اقتصر على 31% فقط؛
يُستشَفُّ من ذلك أنّ الكتل عزَّزت التعاون داخلها لتطوير المبادرة التشريعية الصادرة عنها، أقلّه من الناحية الكمية، في حين أنّ تعاونها الخارجي بقي على حاله. وهذا الأمر إنّما يشكّل مؤشّراً إلى أنّ ارتفاع نسبة الاقتراحات بعد 17 تشرين إنّما شكّل عملاً سياسياً لإبراز دور الكتلة أكثر ممّا شكّل عملاً تشريعياً للردّ على التحديات الاجتماعية التي فرضتها الأزمة.
هل يُسهِّل التعاون بين الكتل إقرار القوانين؟
نتناول مسألة أخيرة وقوامها معرفة مدى تأثير التعاون في تقديم المبادرة التشريعية على حظوظ إقرارها. لهذه الغاية، نظَّمنا رسماً يُبيِّن عدد الاقتراحات وفق منسوب التعاون الحاصل في تقديمها داخل كتلة ما أو ما بين الكتل ونسبة إقرارها. ونُنبِّه القارئ إلى أنّ عدد الاقتراحات التي أُقرَّت يتجاوز عدد القوانين النافذة الناشئة عنها، وذلك بفعل دمج عدد منها في نصوص موحَّدة.
في حين أنّ العدد الأكبر من القوانين النافذة يتأتّى من الاقتراحات المقدَّمة من كتلة واحدة (نحو الثلثَيْن)، فإنّ نسب إقرار الاقتراحات تختلف وفق صاحب المبادرة، حيث تكاد يكون حظ إقرار مقترح تم تقديمه من كتلتَيْن وأكثر أكثر من مرَّتَيْن حظ إقرار مقترح تم تقديمه من كتلة واحدة.
د. معدّل حضور نواب كل كتلة في اجتماعات لجانهم
بلغ متوسّط حضور نواب كل كتلة[4] اجتماعات لجانهم خلال الولاية:
يَتبيَّن من الرسم البياني أنّ الكتلتَيْن الأنشط خلال الولاية، بالنسبة إلى حضور نوابها اجتماعات اللجان التي ينتمون إليها، هما كتلتا “الوفاء للمقاومة” (بمتوسّط 97.1 اجتماعاً للنائب في لجانه خلال الولاية) ثم “التنمية والتحرير” (بمتوسّط 89.4 اجتماعاً للنائب في لجانه خلال الولاية)، تليهما كتلة “الجمهورية القوية” (بمتوسّط 69.5 اجتماعاً للنائب في لجانه خلال الولاية). وتحلّ في المرتبة الرابعة كتلة “المستقبل” (بمتوسّط 68.5 اجتماعاً للنائب في لجانه خلال الولاية).
أمّا الكتلتان الأقلّ نشاطاً فكانتا “التكتل الوطني” (بمتوسّط 32.6 اجتماعاً للنائب في لجانه خلال الولاية) و”المستقلين” (بمتوسّط 34 اجتماعاً للنائب في لجانه خلال الولاية).
3- ترؤُّس الكتل اللجانَ النيابية
لم يطرأ تعديل يُذكَر على توزُّع رئاسة اللجان النيابية بين الكتل، سوى تعديلات طفيفة إثر استقالة بعض النواب من بعض الكتل أثناء الولاية.
فتوزّعت رئاسة اللجان النيابية بين الكتل خلال الولاية على الشكل الآتي:
كتلة “لبنان القوي” (أربع لجان): رئاسة لجنة المال والموازنة (النائب إبراهيم كنعان)، رئاسة لجنة الاقتصاد الوطني والتجارة والصناعة والتخطيط (نعمة افرام[5] ثم فريد البستاني)، رئاسة لجنة الشباب والرياضة (سيمون أبي رميا)، ورئاسة لجنة تكنولوجيا المعلومات (نقولا الصحناوي منذ 20/10/2020)؛
كتلة “التنمية والتحرير” (أربع لجان): رئاسة لجنة الشؤون الخارجية والمغتربين (النائب ياسين جابر)، رئاسة لجنة الزراعة والسياحة (النائب أيوب حميد)، رئاسة لجنة حقوق الإنسان (النائب ميشال موسى)، رئاسة لجنة المرأة والطفل (النائبة عناية عز الدين)؛
كتلة “المستقبل” (أربع لجان): رئاسة لجنة الأشغال العامة والنقل والطاقة والمياه (النائب نزيه نجم)، رئاسة لجنة التربية والتعليم العالي والثقافة (النائبة بهية الحريري)، رئاسة لجنة الصحة العامة والعمل والشؤون الاجتماعية (النائب عاصم عراجي)، رئاسة لجنة الدفاع الوطني والداخلية والبلديات (النائب سمير الجسر)؛
كتلة “الجمهورية القوية” (لجنتان): رئاسة لجنة الإدارة والعدل (النائب جورج عدوان) ولجنة المهجرين (النائب جان طالوزيان لغاية 22/10/2020[6])؛
كتلة “اللقاء الديمقراطي” (لجنة واحدة): رئاسة لجنة البيئة (مروان حمادة[7] ثم أكرم شهيِّب[8])؛
كتلة “الوفاء للمقاومة” (لجنة واحدة): رئاسة لجنة الإعلام والاتصالات (النائب حسين الحاج حسن)؛
كتلة “الكتائب” (لجنة واحدة): رئاسة لجنة التكنولوجيا (النائب نديم الجميّل[9])؛
● “المستقلون”: انتقلت رئاسة لجنتَيْن نيابيَّتَيْن إلى كتلة “المستقلين” بعد استقالة رئيسَيْهما من كتلهما النيابية وهي: رئاسة لجنة المهجرين بعد انسحاب النائب جان طالوزيان من كتلة “الجمهورية القوية” في تشرين الأوّل 2020، ورئاسة لجنة الاقتصاد بعد استقالة النائب نعمة افرام من كتلة “لبنان القوي” في تشرين الثاني 2019[10].
4- مشاركة الكتل في الطعون في دستورية القوانين
شاركت كل الكتل النيابية ما عدا كتلة “المستقبل”في تقديم تسعة طعون في قوانين أمام المجلس الدستوري خلال الولاية، وهي: “التكتل الوطني” (2)، “الوسط المستقل” (1)، “الكتائب” (3)، “التنمية والتحرير” (1)، “اللقاء التشاوري” (3)، القومية الاجتماعية” (2)، “اللقاء الديمقراطي” (3)، “الوفاء للمقاومة” (1)، “المستقلون” (4)، “لبنان القوي” (4)، “الجمهورية القوية”(3).
5- الأسئلة للحكومة
نجد نشاطاً متفاوتاً للكتل في طرح الأسئلة على الحكومة خلال الولاية.
تقدَّم نواب كتلة “المستقلين” (خصوصاً من خلال النائبَيْن بوليت يعقوبيان وفؤاد المخزومي) بـ 46 سؤالاً موجَّهاً إلى الحكومة من دون الاشتراك فيها مع نواب من كتل أخرى؛
وتقدَّم نواب كتلة “لبنان القوي”بـ 34 سؤالاً موجَّهاً إلى الحكومة، وسؤال مشترك بين النائب إيلي الفرزلي مع النواب قاسم هاشم وغازي زعيتر ونقولا نحاس؛
وتقدَّم نواب كتلة “الجمهورية القوية” (خصوصاً من خلال النائب جورج عقيص) بـ 24 سؤالاً موجَّهاً إلى الحكومة من دون الاشتراك فيها مع نواب من كتل أخرى؛
وتقدَّم نواب كتلة “اللقاء الديمقراطي” (خصوصاً من خلال النائب بلال عبد الله) بـ 16 سؤالاً موجَّهاً إلى الحكومة من دون الاشتراك فيها مع نواب من كتل أخرى؛
أمّا نواب كتلة “التنمية والتحرير” فقد تقدّموا بـ 11 سؤالاً موجَّهاً إلى الحكومة (خصوصاً من خلال النواب أنور الخليل، ياسين جابر، محمد خواجة، وميشال موسى)، وسؤال مشترك بين نائبَيْ هذه الكتلة قاسم هاشم وغازي زعيتر، مع النائبَيْن إيلي الفرزلي ونقولا نحاس؛
وتقدَّم نواب كتلة “الكتائب” (خصوصاً من خلال النائب سامي الجميّل) بتسعة أسئلة موجَّهة إلى الحكومة من دون الاشتراك فيها مع نواب من كتل أخرى؛
وتقدَّم نواب كتلة “المستقبل” (خصوصاً من خلال النائب عاصم عراجي) بستة أسئلة موجَّهة إلى الحكومة من دون الاشتراك فيها مع نواب من كتل أخرى؛
وتقدَّم نواب كتلة “الوفاء للمقاومة” بثلاثة أسئلة (من خلال النائب حسين الحاج حسن) من دون الاشتراك فيها مع نواب من كتل أخرى؛
وتقدَّم “التكتل الوطني” بسؤال واحد موجَّه إلى الحكومة (من خلال النائب فريد الخازن)؛
وأخيراً، تقدَّمت الكتلة “القومية الاجتماعية” بسؤال واحد موجَّه إلى الحكومة (من خلال النائب ألبير منصور).
واللافت التراجع المطرد لعدد الأسئلة الموجَّهة إلى الحكومة خلال الولاية. فقد شهد هذا العدد تراجعاً طفيفاً بين عامَيْ 2019 (أي قبل الانهيار و17 تشرين) و2020 (أي بعدهما)[11] بحيث تراجع من 68 سؤالاً موجَّها إلى الحكومة خلال سنة 2019 إلى 50 سؤالاً عام 2020. إلّا أنّ هذا العدد انخفض بشكل حاد ما بعد 2020، حيث تم توجيه 17 سؤالاً فقط إلى الحكومة عام 2021[12] (مراجعة تقرير 2021) وسبعة فقط عام 2022 (حتى نهاية ولاية المجلس في 15 أيار 2022).
خلاصة بشأن الكتل النيابية
ممّا تقدَّم، أمكنَ إبداء الملاحظات الآتية:
تكوّن المجلس النيابي من 11 كتلة سياسية ضمّت في بداية الولاية 121 نائباً، في حين بلغ عدد المستقلين آنذاك سبعة. خلال الولاية، أعلن تسعة نواب انسحابهم من كتلهم من دون أن ينضمّوا إلى أيّ كتلة أخرى. وإثر استقالة ثمانية نواب بعد تفجير 4 آب 2020 ووفاة أربعة آخرين من دون انتخاب بدائل عنهم، انخفض عدد النواب المنتمين إلى كتل إلى 103 نائباً في نهاية الولاية في حين ارتفع عدد المستقلين إلى 13؛
من الناحية العددية، تصدّرت كتل “التنمية والتحرير” و”لبنان القوي” و”المستقلين” تقديم اقتراحات القوانين خلال الولاية بـ 172 و165 و135 اقتراحاً، تباعاً. إلّا أنّه في حال أخذنا بعين الاعتبار حجم الكتل وعدد النواب فيها لغاية احتساب متوسّط نتاج النائب في كل كتلة، تنتقل الصدارة في هذه الحالة إلى “المستقلين” و”اللقاء الديمقراطي” بمتوسّط 13.2 و12.6 اقتراحاً للنائب الواحد خلال الولاية؛
قُدِّم 81.6% من مجموع الاقتراحات (أي 568 اقتراحاً من 696) من كتلة واحدة (من نائب أو أكثر). ويؤشّر هذا المعطى إلى ميل للكتل للتفرُّد في العمل التشريعي من منطلق التنافس أو التفاخر. إلّا أنّ التدقيق في أرقام الكتل يُظهِر تبايناً في ما بينها على هذا الصعيد. ففي حين تصدَّر “المستقلون” و”اللقاء الديمقراطي” و”لبنان القوي” و”الجمهورية القوية” هذا التوجُّه بنسب 71% و64% و63% و61%، انخفضت هذه النسب في المقابل لدى “التنمية والتحرير” و”المستقبل” و”الوفاء للمقاومة” إلى 51% و48% و35%، تباعاً؛
على صعيد التعاون داخل الكتل في مجال المبادرة التشريعية، تنقسم الكتل إلى ثلاث فئات. ففي حين تقاربت لدى بعض الكتل الاقتراحات المقدَّمة من أحد نوابها بمفرده والاقتراحات المقدَّمة من أكثر من نائب منها، نلحظ تفاوتاً كبيراً في هذا المجال لدى أغلب الكتل في اتجاه أو آخر. وضمن الفئة الأولى حيث يتقارب عدد الاقتراحات، نجد “لبنان القوي” (56-56) و”الكتائب” (6-5). ويُفهَم من ذلك أنّ هاتَيْن الكتلتَيْن اعتمدَتا آليات تنسيقية داخلَهما مع إبقاء مجال هام للمبادرة التشريعية الفردية لأعضاء الكتلة أو لبعضهم. في المقابل، غلبت كفّة الاقتراحات الفردية على الاقتراحات المقدَّمة من أكثر من نائب لدى كتل “التكتل الوطني” (23-0) “والمستقبل” (55-2) و”التنمية والتحرير” (60- 29) و”اللقاء الديمقراطي” (38-28). ويُفهَم من ذلك ضعف التنسيق في المبادرة التشريعية أو اعتماد الكتل على بعض أفرادها فقط في المجال التشريعي. كما غلبت الاقتراحات المقدَّمة من أكثر من نائب على الاقتراحات الفردية لدى “الجمهورية القوية” (19-44) و”الوفاء للمقاومة” (10-17) و”الوسط المستقل” (4-19). ويؤشّر ذلك إلى أنّ هذه الكتل تخضع لآلية مركزية أكثر صرامة من الآليات المعتمَدة لدى الكتل الأخرى، في مجال المبادرة التشريعية؛
تصدَّرت كتلة “التنمية والتحرير” تقديم الاقتراحات المشتركة مع كتل أخرى، حيث اشتركتْ في تقديم 83 اقتراحاً مشتركاً من أصل 127، أي ما تعادل نسبته 65.3%. وللدلالة على محورية دورها في هذا المجال، نشير إلى أنّ الكتل الكبرى الأخرى سجَّلت أعداداً أقل بكثير. فمثلاً، بلغ عدد الاقتراحات المشتركة لكل من “المستقبل” و”لبنان القوي” 61 مقترحاً أي ما تعادل نسبته 48%؛
من البَيِّن أنّ نسبة قبول المقترحات المشتركة بين الكتل هي عموماً ضعف نسبة قبول المقترحات المقدَّمة من كتلة واحدة. إنّما يُلحَظ تفاوت في هذا المجال بين مختلِف الكتل، بخاصة الكبرى منها، بما يؤشِّر إلى قدرات متباينة بينها في تمرير اقتراحاتها. ففيما تميزت كتلة “الوفاء للمقاومة” من بين الكتل الكبرى بأنّ نسبة قبول الاقتراحات التي تفرَّدت في تقديمها كانت أعلى من نسبة قبول الاقتراحات المشتركة مع كتل أخرى، بدا الفارق بين هاتَيْن النسبتَيْن ضئيلاً بالنسبة إلى كتلتَيْ “التنمية والتحرير” و”المستقبل”؛
بالنسبة إلى طرح الأسئلة على الحكومة، نلحظ أنّ “المستقلين”، هم أيضاً، كانوا الأكثر نشاطاً خلال الولاية، بحيث سجّلوا خلال الولاية 46 سؤالاً مقابل 34 و24 لـ “لبنان القوي” و”الجمهورية القوية”. في المقابل، سجَّلت كتلتا “المستقبل” و”الوفاء للمقاومة”، تباعاً، ستة وثلاثة أسئلة فقط؛
يُبيِّن التقرير تبايناً في نشاط الكتل على صعيد المبادرة التشريعية بين الفترتَيْن السابقة واللاحقة لـ 17 تشرين 2019. فباستثناء “الجمهورية القوية”، زادت الكتل الكبرى من حيث المبدأ نشاطها في المبادرة التشريعية في الفترة الثانية. وقد بلغت نسبة الزيادة 100% بالنسبة إلى كتلة “الوفاء للمقاومة” و66% بالنسبة إلى كتلة “اللقاء الديمقراطي” التي تجاوزت 66%. إلّا أنّ الأرقام تُبيِّن أنّ هذه الزيادة في المبادرة التشريعية للكتل تُرجِمَتْ بشكل خاصّ في زيادة المتوسّط الشهري للاقتراحات المقدَّمة من كتلة واحدة من 9.1 (متوسّط ما قبل 17 تشرين) إلى 13.2 (متوسّط ما بعد 17 تشرين). في المقابل، بقيَتْ المبادرة التشريعية المشتركة على حالها (متوسّط 2.5 شهرياً) في كلتا الفترتَيْن. كما يُلحَظ أنّ زيادة الاقتراحات المقدَّمة من أكثر من نائب من إحدى الكتل بلغت 75% في حين اقتصرت زيادة الاقتراحات الفردية على 31% فقط. يُستشفُّ من ذلك أنّ الكتل عزّزت التعاون داخلها لتطوير المبادرة التشريعية الصادرة عنها أقلّه من الناحية الكمية، في حين أنّ تعاونها الخارجي بقي على حاله. وهذا الأمر إنّما يشكِّل مؤشّراً إلى أنّ ارتفاع نسبة الاقتراحات بعد 17 تشرين قد شكّل عملاً سياسياً لإبراز دور الكتلة أكثر ممّا شكّل عملاً تشريعياً للردّ على التحديات الاجتماعية التي فرضتها الأزمة. في المقابل، لقد تراجع النشاط الرقابي المتمثِّل في طرح الأسئلة على الحكومة.
[1] النواب: إدي دمرجيان، أسامة سعد المصري، تمام سلام، جميل السيّد، فؤاد مخزومي، بوليت يعقوبيان، وميشال المرّ.
[3] عند حصول تحوُّلات في الانتماء إلى كتلة (أي في حال وفاة أو استقالة نائب من كتلة)، نحسب نسبة وجوده في الكتلة على الشكل التالي: عدد الأشهر الذي كان لا يزال في الكتلة مقسومة على 12 شهراً.
[4] احتُسِب هذا المتوسّط مع أخذ الفترة الفعلية التي كان كل نائب فيها عضواً في الكتلة وفي اللجنة البرلمانية (إذ استقال بعض النواب من البرلمان وهذا هو حال كامل كتلة “الكتائب” مثلاً، إثر انفجار الرابع من آب 2020).
This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.
Strictly Necessary Cookies
Strictly Necessary Cookie should be enabled at all times so that we can save your preferences for cookie settings.
If you disable this cookie, we will not be able to save your preferences. This means that every time you visit this website you will need to enable or disable cookies again.