في مخالفة قانونية “موصوفة”: المحكمة الجعفريّة “تشرّع” خطف جدّ لحفيدته من أرملة إبنه


2020-01-31    |   

في مخالفة قانونية “موصوفة”: المحكمة الجعفريّة “تشرّع” خطف جدّ لحفيدته من أرملة إبنه

بينما تعلو الأصوات المطالبة بالعمل على إصلاح أحكام الحضانة في المحاكم الجعفرية التي تحرم الأم من حضانة إبنها عند بلوغه السنتين ومن ابنتها عند بلوغها السابعة، طالعتنا المحكمة الجعفرية بحكم لا يستند إلى أي مسوغ قانوني حرمت  بموجبه زهراء ياسين من حضانة ابنتها ريتا.

كانت ريتا (3 سنوات) تعيش مع والدتها منذ 27 كانون الثاني 2018 تاريخ انتحار والدها. فبحسب أحكام المحكمة الجعفرية، تنتقل الحضانة تلقائياً إلى الأم في حال وفاة الوالد، و"كانت العلاقة مستقرة مع  جدّ الطفلة لجهة والدها إذ كان يراها أسبوعياً وكانت تبيت عنده في كثير من الأحيان" كما توضح زهراء.

وفي هذا الإطار تقول زهراء لـ"المفكرة": "في حالتي يحقّ للجد قانونياً رؤية حفيدته يوماً في الأسبوع وتقع على عاتقه نفقتها، ولكنّني توصّلت معه إلى اتفاق مكتوب ومصدّق من المحكمة المختصة بأن يراها 3 أيام في الأسبوع وتكفّلت أنا بنفقتها، فأنا أعمل كمدرّسة للغة الإنكليزية وكنت قادرة على الاهتمام بابنتي".

وتضيف زهراء: "كانت الأمور تسير من دون مشاكل إلى أن تزوجت. قبل إقدامي على الزواج أخبرت جدّ ابنتي بأنني سأتزوج، كان مرحّباً، وطلب منّي أن أسكن في بيت قريب من بيته حتى يتمكّن من رؤية حفيدته وهذا ما حصل".

زهراء بنت بعلبك سكنت بعد زواجها في قرية مجدل سلم الجنوبية حيث يسكن جدّ ابنتها ريتا، ولكنّ هذا الأمر لم يشفع لها، إذ قام الأخير بأخذ الطفلة في أول زيارة له بعد زواج والدتها.

وبعد رفض الجدّ إعادة الطفلة إلى والدتها على الرغم من محاولة زهراء طلب الوساطة من أقربائه وجيرانه، عمدت إلى تقديم شكوى لدى القضاء المختص وحصلت على منع سفر للطفلة. إلّا أنّ الجدّ كان أسرع منها، إذ استحصل على قرار بحضانة حفيدته مع حقّ الأم بالرؤية من دون المبيت من القاضي الشرعي الجعفري في مرجعيون الشيخ حسين درويش ومن دون أي محاكمة بحجّة زواج الأم، الأمر الذي يعتبر غير قانوني كما يقول المحامي الموكل متابعة القضية نجيب فرحات.

وفي حديث لـ"المفكرة"، يصف فرحات ما حدث مع زهراء بـ "السابقة القضائية" شارحا أنّه و"بحسب الشرع الجعفري حق الحضانة محصور بين الأم والأب، وأنه في حال وفاة الأب تكون الحضانة للأم حتى وإن تزوجت وهذه قاعدة مسلّم بها ليس فيها اجتهاداً".

ويضيف فرحات أنّ قرار القاضي غير قانوني ليس فقط لأنه لا يستند إلى أيّ مسوّغ شرعي بل أيضاً لأنه كان قراراً فورياً أي أنّ الجدّ استحصل عليه من دون إجراء أي محاكمة أو جلسات، قائلاً: "هناك أصول للمحاكمات يجب اتباعها ومراعاتها بالحد الأدنى، لا يحقّ لأي قاض مهما كان إعطاء حكم فوري من دون الاستماع إلى الطرف الآخر".

ويوضح فرحات أنّه وبصفته وكيل الأم سلك الأطر القانونية المتاحة وتقدّم لدى المحكمة الجعفرية باعتراض على قرار إعطاء الحضانة للجدّ، إلّا أنّ طلب الاعتراض قوبل بالتسويف والمماطلة، فبداية رفضت المحكمة البتّ بطلب وقف تنفيذ القرار رغم وضوح مخالفته للشرع، ومن ثمّ تمّ تعيين مواعيد جلسات محاكمة بعيدة. ففي حين تمّ تقديم الاعتراض في شهر تشرين الأول 2019 حدّدت الجلسة الأولى في شهر تشرين الثاني وتمّ تأجيلها إلى منتصف شهر كانون الثاني 2020 حين تغيّب القاضي فتم تأجبل الجلسة للمرة الثانية إلى 19 آذار المقبل.

بعد تأجيل الجلسة طلب فرحات تقديم موعدها إلّا أنّ القاضي لم يقرر أي شيء بشأن هذا الموضوع متذرّعاً بأنه يحتاج إلى دراسة الطلب، علماً أنّه أعطى الجد  قرار الحضانة في يوم واحد من دون دراسته، الأمر الذي يعتبره فرحات "غير منطقي وغير مبرر".

جانب آخر من "التلاعب بالقانون" يكشفه المحامي فرحات وهو قيام الجدّ وباتفاق مع المختار ودوائر النفوس بتغيير اسم الطفلة من ريتا إلى نور الزهراء، وحالياً باتت الطفلة تملك إخراجَيْ قيد.

وفي هذا الإطار يتساءل المحامي عن الهدف من تغيير اسم الطفلة الذي ربما يكون بقصد تسفيرها بعدما قامت الأم بالاستحصال على منع سفر للطفلة ريتا أو ربما للمماطلة بتنفيذ أي قرار يصدر من المحكمة لاحقاً يعطي الأم حق حضانة "ريتا" بينما اسم الطفلة بات "نور الزهراء".

حالياً تستكمل زهراء وبالتعاون مع المحامي الإجراءات المطلوبة علّها تسترجع حقّها في الحضانة، ولكنّها تعيش "كابوساً" لا يختصر فقط بحملة تشويه السمعة التي تتعرّض لها من قبل جدّ ابنتها، ولا بالمسار القانوني الطويل الذي عليها سلوكه ضدّ جدّ "واصل" كما تقول، بل أيضاً بمخاوف تراودها كلّ يوم وبسؤال لا يفارقها: هل ستعرفها ابنتها عند لقائهما.

فقد مرّ أكثر من 4 أشهر وزهراء لا تعرف عن ابنتها شيئاً، مرّ عيد ميلاد ابنتها الثالث من دون أن تعايدها، اشترت لها  الكثير من الهدايا، جمعتها ورتبتها في المنزل استعداداً لعودة ابنتها التي حُرمت منها من دون أي مبرر قانوني، فهل تنصفها المحكمة الجعفرية بعدما ظلمتها؟

انشر المقال

متوفر من خلال:

لبنان ، مقالات ، جندر وحقوق المرأة والحقوق الجنسانية



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني