العاملات المهاجرات: إلى البلدان الأكثر فقرًا دُرْ


2022-05-06    |   

العاملات المهاجرات: إلى البلدان الأكثر فقرًا دُرْ

كانت “كاماري” بالكاد قد أنهت أوراق طلاقها من زوجها وعادت مع طفلها إلى منزل والدها في ريف سيراليون، وبالتحديد في سفح أعلى قمم الدولة التي تقع في غرب أفريقيا، أي في ريف سفح قمة بينتوماني، حين جاء أحد وسطاء مكاتب استقدام العاملات يعرض عليها وظيفة عاملة منزلية في لبنان. تقول “كاماري”، بلغة إنكليزية لا بأس بها، أنها أقنعت والدها بالسماح لها بالسفر “بشتغل ب 200 دولار بالشهر كم سنة وبعمر بيت صغير إلي ولإبني وبجمع لإفتح شغل”. وافق والدها على رعاية طفلها، ووصلتْ إلى لبنان في كانون الثاني 2022 لتجد أنه عليها خوض معارك كبيرة لانتزاع أدنى حقوقها.

رفضت ربّة المنزل أن تسمح ل “كاماري” بشراء هاتف للتواصل مع عائلتها “لمن بدك تحكي معهم بعطيكي تلفوني”. قالت لها وصارت تراقب رسائلها إلى أبيها “تعملهن فورورد لعند بنت من سيراليون بتشتغل عند جارتها وتروح حتى تترجم لها ياهن”. بعدما هددت بالتوقف عن العمل، خاض المكتب مفاوضات بينها وبين صاحبة العمل ليخرج بتسوية مقبولة “باخد التلفون بس خلص شغل لساعة أو ساعتين يومياً”، وفق ما تقول كاماري.

عملت كاماري لمدة شهر كامل، هو كانون ثاني 2022، عندما جاءت صاحبة المنزل لتسدد لها مبلغ 150 دولاراً هو راتبها الشهري. رفضت استلام المبلغ وأخبرت السيدة أنها وقعت على عقد عمل في فريتاون، عاصمة سيراليون، ينص على 200 دولار شهرياً، لكن ربة عملها قالت لها “هيك أنا متفقة مع المكتب، إذا مش عاجبك ارجعي لعنده” وهكذا حصل لتبدأ رحلة الجحيم.

قام صاحب المكتب بتكسير هاتف كاماري، أخبرها أنها لا تعرف شيئاً “لا بتحكي عربي وما بتعرفي تشتغلي، حتى أنك ما بتعرفي كيف بيتحمموا، وبدك 200 دولار؟”. بقيت 15 يوماً في المكتب تقتات كمية ضئيلة من الطعام “أوقات بس خبز”، تقول، “وكمان كان يضربني”. تعبت كاماري كثيراً “فكرت بإبني وبأبي الذي يشتغل ب 30 دولاراً بالشهر، وقررت أنه لازم اتحمل”. وعليه وافقت على العودة إلى منزل صاحبة عملها مقابل 150 دولاراً في الشهر “قلت بشتغل لرد ديوني بسيراليون”، كونها استدانت 1000 دولار دفعتها للوسيط “قال عنده مصاريف حتى يسفرني، وأنا عملت باسبور وفحوصات، وكمان قال بدو يطعميني ب السنغال”، حيث تنتظر العاملات قبل تسفيرهن خارج سيراليون.

انحسار العمالة المنزلية المهاجرة

في سياق تحقيقنا، حصلنا على معلومات ذات دلالة على انحسار العمالة المنزلية المهاجرة من المديرية العامة للأمن العامّ ووزارة العمل.

فمن جهة أولى، سلمنا الأمن العام إحصاءات عن حركة دخول وخروج العمال والعاملات المهاجرات من 1/1/2020 ولغاية 1/1/2022. وتشير هذه المعلومات أن الذين غادروا لبنان خلال هذه الفترة بلغ عددهم 106844 عامل وعاملة، فيما لم يدخل إليه خلالها سوى 24377 عامل وعاملة بمعنى أن العمالة المهاجرة تقلّصت خلال هاتين السنتين بحدود 82467. تفرّق إحصاءات الأمن العام بين العمّال والعاملات وفق جنسياتهم من دون أن تفرّق بينهم على أساس الجنس أو نوع العمل فلا تخولنا تاليا أن نستنتج منها بشكل حاسم حصة العمالة المنزلية من هذا التقلّص. فقد ورد مثلا في هذه الأرقام أن عدد العمال والعاملات من بنغلادش  تقلّصت بحدود 15649 (حيث بلغ عدد المغادرين والوافدين من هؤلاء تباعا 16426 و772)، من دون أن يكون بإمكاننا أن نحدّد جنس هؤلاء أو نوع العمل طالما أن لبنان كان يستقدم من هذه الدولة وبكثرة عاملات منزليات وأيضا عمالا يعملون خاصة في قطاع التنظيفات. بالمقابل، تكون الصورة أوضح عند النظر في أعداد المغادرين والوافدين من جنسيات ارتبطت بنوع من العمالة، مثل العمالة من أثيوبيا أو الفيليبين وسريلانكا والتي هي عمالة منزلية. وبالنظر إلى الآرقام الخاصة بهذه الجنسيات، نتبين أن العمالة من هذه الدول وجلها عمالة منزلية قد تقلصت بحدود 61138 (حيث بلغ عدد المغادرين من أثيوبيا والفيليبين وسيرلانكا تباعا 63714 و5032 و1564 مقابل دخول 8560 و449 و163).

الأمر نفسه يتأكّد في أرقام وزارة العمل، سواء لجهة عدد الإجازات المجدّدة للعمالة المنزلية أو لجهة عدد الإجازات للمرة الأولى. فبعدما بلغ عدد الإجازات المجددة 149535 في 2019، فإنه تقلص إلى 108678 في 2020 ليهبط إلى 55243 في 2021. وهذه الأرقام إنما تؤشر إلى انخفاض عدد الإجازات المجددة خلال سنتين إلى قرابة الثلث ويرجح أن يستكمل الانحدار في السنة المقبلة. الأمر نفسه بخصوص الإجازات للمرة الأولى التي تدنت من 32957 في 2019 إلى 9367 في 2020 لتصل إلى 9752 في 2021. وهذه الأرقام إنما تؤشر إلى انخفاض الإجازات الأولى خلال سنتين بحدود 23,205. وبالمحصلة، تكون العمالة المنزلية المهاجرة قد انحسرت من 182492 (مجموع الإجازات المجددة والإجازات للمرة الأولى) في 2019 إلى 64995 في 2021 أي بحدود 117497. ونلحظ هنا أن تقلّص عدد إجازات العمل في مجال العمالة المنزلية (المجدّدة أو للمرّة الأولى) وفق أرقام وزارة العمل هو أعلى من تقلّص عدد العمال والعاملات المهاجرين المتواجدين فعليا في لبنان وفق إحصاءات الأمن العام، مما يعني أن عشرات الآلاف من العاملات اللواتي حصلن على إجازة في لبنان في 2019 ما يزلن متواجدات فيه من دون تجديد إقاماتهن. وقد يتأتى ذلك من استفادة أصحاب العمل من قرار تمديد المهل لتجديد الإقامات في الفترة الممتدة أو عن عدم رغبة أصحاب العمل بإتمام المعاملات المطلوبة لتجديد الإقامات أو عن ترك العاملات أماكن العمل. ويضاف هذا العدد إلى أعداد أخرى من المهاجرات غير النظاميات المتواجدات في لبنان منذ ما قبل 2019.

بدوره، يؤكد نقيب أصحاب مكاتب الاستقدام في لبنان جوزف صليبا في حديث مع المفكرة القانونية تراجع عمل المكاتب بنسبة 75% نتيجة تراجع الطلب على العمالة المنزلية، لافتاً إلى إقفال 20% من المكاتب واستردادها للتأمين المالي المودع في وزارة العمل، أي أن هذه المكاتب قد أقفلت نهائياً، فيما أقفل 20% من أصحاب المكاتب مكاتبهم ولكنهم لم يستردوا كفالتها “يعني بعد في شي 350 مكتب من أصل 600 مكتب كان ناشطا في لبنان”. ومن بين ال 350 مكتب وفق صليبا “هناك نحو 20% أيضاً علقوا أعمالهم في المكاتب لأن المردود لا يكفي مصاريف التشغيل من إيجارات وكهرباء وإنترنت وحتى موظف/ة واحدة. ويعيد صليبا الوضع إلى فقدان المكاتب للشريحة الأساسية من زبائنها: “خسرنا الموظفين في القطاعين الخاص والعام، من أساتذة الجامعات إلى معلمي ومعلمات المدارس إلى ضباط الأسلاك الأمنية، وحتى أصحاب المهن الحرة ومن بينهم محامين وأطباء ومهندسين، وبعض التجار الذين تراجعت أشغالهم بشكل كبير”. وعليه، وفق صليبا، انحسرت الفئة القادرة على استقدام عاملات اليوم بمن لديهم مغتربين لا يمكنهم ترك مرضاهم أو مسنيهم أو أهاليهم من دون عاملة، أو بمن يتلقون رواتبهم بالدولار، وكذلك بعض الميسورين الذين وإن تأثروا بالأزمة ولكنهم ما زالوا قادرين على تحمل تكاليف عاملة ورواتبها، إضافة إلى كبار التجار ممن يسعرون بضائعهم ربطا بسعر الدولار”.

تغير الدول المصدرة للعمالة المنزلية

إذ شهدت سنة 2020 تقييد السفر عالميا بفعل الكورونا، فإنه تعين أن ننتظر حتى سنة 2021 لنتبين بوضوح التحولات في مجال العمالة المنزلية، وبخاصة لجهة الدول المصدرة لها. وتخبرنا الأرقام تطور أرقام العاملات القادمات من سيراليون وكينيا مقابل تراجع عدد العاملات القادمات من أثيوبيا وانحسار تامّ للعمالة القادمة من الدول الآسيوية.

ففي حين بينا أعلاه بالاستناد إلى إحصاءات الأمن العام تقلّص أعداد العاملات من أثيوبيا والفيليبين وسيرلانكا بحدود 61,138، فإن هذه الإحصاءات تبرز بالمقابل ارتفاع عدد الكينيات بحدود 6159 (غادر 409 منهن مقابل دخول 6568 منهن) والسيراليونيات بحدود 2906 (غادر 202 منهن مقابل دخول 3108 منهن). وتطول حسب الأرقام قائمة الدول الأفريقية التي تنشط فيها حركة تصدير العمالة لتشمل نيجيريا وتوغو والسنغال وبوركينا فاسو وغامبية وتشاد وزامبية وغينيا بيساو والكونغو الديموقراطية وملغاش وزامبيا ولكنها أعداد ما زالت في حدود المئات أو العشرات وأحيانا تحت رقم العشرة عمال وعاملات. ويشار بالمقابل إلى تراجع العمالة الغانية حيث غادر في الفترة المذكورة 3630 مقابل دخول 728 فقط، فإن نقيب أصحاب مكاتب الإستقدام جوزف صليبا يفسر ذلك بضغط الجالية اللبنانية في غانا على مكاتب الاستقدام والدولة لعدم استقدام عاملات من غانا بسبب المشاكل التي تتعرض لها الجالية هناك على خلفية أوضاع العاملات من غانا هنا.   

هذا ما نستشفه من أرقام الموافقات المسبقة في 2021 وفق إحصاءات وزارة العمل. ففي حين تراجع عددها بين 2019 و2021 بما يخص العاملات الأثيوبيات من 17549 إلى 12569، فإن هذا العدد ارتفع بالمقابل بما يخص العاملات الكينيات والسيراليونيات تباعا من 1188 و2485 إلى 8005 و4786. هذا مع العلم أن العدد الأكبر من الحائزات على موافقات مسبقة لم يتم استقدامهن فعليا إلى لبنان أو لم تنجز إجازات عملهن للمرة الأولى فيه. وعليه، فإنّ إجازات العمل الممنوحة للمرّة الأولى للعاملات من أثيوبيا وكينيا وسيراليون بلغتْ تباعا فقط 4012 (مقابل 12569 موافقة مسبقة لعاملات من أثيوبيا) و3235 (مقابل 8005 مسبقات لكينيا) و1003 (مقابل 4786 مسبقة لسيراليون). فما هو سبب هذا التفاوت؟ وهل هو يعني أن العاملات الحائزات على موافقات مسبقة لم يأتين إلى لبنان لسبب أو لآخر أم أنهن أتين ولم يتمّ إتمام أوراقهن؟

طرحنا هذا السؤال على نقيب أصحاب المكاتب السابق علي الأمين الذي أكّد أن عددا هاما من الحائزات على موافقات مسبقة لا يأتين  لأسباب عدة أبرزها جائحة الكورونا “حيث أن بعض المناطق في دول المنشأ أقفلت فتعذّر استقدام عاملات منها، كما أن بعض العاملات أصبن بكورونا فألغينا موافقاتهن لأن كورونا غالباً ما تترك ذيولا صحية على العاملات ذوات البنية الضعيفة، إضافة إلى اكتشاف الحمل لدى عدد منهن قبل السفر”. كما يشير الأمين إلى حالات تغيير العاملة رأيها بالقدوم إلى لبنان إما بسبب الأوضاع التي تسمع عنها من انهيار البلد لحوادث أمنية أو لأنها تكون قد قدمت أكثر من طلب على دول عدة فتسافر إلى حيث تأتيها التأشيرة أولا. وعلى أهمية هذه الأسباب والتي تشرح عدم قدوم عدد من الحائزات على موافقات مسبقة فعليا إلى لبنان، نستشف من إحصاءات الأمن العام عن الدخول والمغادرة أن نسبة لا بأس منهن يأتين إلى لبنان من دون أن يحصلن من ثم على إجازات عمل (للمرة الأولى). وما يزيد من عوامل قلقنا في هذا المضمار هو أن هذه الظاهرة تبدو أكثر انتشارا بالنسبة إلى العاملات القادمات من كينيا وسيراليون مما هي بالنسبة إلى العاملات القادمات من دول أقل فقرا أو أكثر حضورا في لبنان مثل أثيوبيا. فإذ تؤكد أرقام الأمن العام أن عدد الكينيات والسيراليونيات اللواتي قدمن إلى لبنان في 2020 و2021 بلغ تباعا 6568 و3108، فإن عدد اللواتي حصلن على إجازات للمرة الأولى في هذه الفترة بلغ فقط 3403 (للكينيات) و1312 (للسيراليونيات) مما يعني أن أكثر من 3165 كينية و1796 سيراليونية ما زلن ينتظرن الحصول على إتمام أوراقهن لمنحهن إجازات عمل نظامية. وعليه، نكون أمام نسبة مرتفعة من العاملات القادمات من هاتين الدولتين واللواتي ما زلن من دون إجازة نظامية وهي نسبة تتراوح بين 48% بالنسبة إلى الكينيات و57% بالنسبة إلى السيراليونيات. وندرك خطورة هذه النسب حين نقارنها بنسبة العاملات القادمات من أثيوبيا خلال هذه الفترة واللواتي ما زلن من دون إجازة نظامية وهي تقارب 4,5% فقط. فقد بلغ عدد العاملات الأثيوبيات اللواتي قدمْنَ إلى لبنان خلال هذه الفترة 8560، فإن الإجازات للمرة الأولى بلغ 8174. ومن شأن هذه الأرقام وبخاصة اختلاف النسب أن تزيد من مخاوفنا لجهة احتمال تعرض القادمات من الدول الأفريقية الأكثر فقرا لشروط عمل وإقامة أكثر قابلية للاستغلال.        

العاملات الأفريقيات على موعد مع تقليص الراتب الذي وعدن به؟

تفسّر صاحبة أحد المكاتب الإقبال على العاملات من سيراليون وكينيا ودول إفريقية أخرى (غير أثيوبيا) بتدني كلفة استقدام العاملة “منقدر نربح فيها شي 1000 دولار، لأنه ما مندفع سمسرة كبيرة للعملاء هناك”. لكن ل كاماري رأي أخر “الوسيط بياخد سمسرته الكبيرة من البنات”، في إشارة إلى الألف دولار التي دفعتها. وتغمز صاحبة المكتب ذاتها من زاوية ما تسميه “تصرفات بعض المكاتب”، غير مكتبها طبعاً، وفقا لتعبيرها “عم يغرّوا الناس براتب 150 دولار بالشهر، وهيدا مخالف للقانون”، وفق ما تؤكد، كون العقد الذي توقع عليه العاملة في بلادها يحدد 200 دولار شهرياً “بس فعلياً قلال ل عم يلتزموا”. بعد أخذ ورد مع صاحبة المكتب نفسها تعترف أن بعض العاملات اللواتي يتم استقدامهن عبر مكتبها أيضاً يقبضن 150 دولاراً “في عائلات كتير بترفض تدفع 200 دولار وبيرجّعوا العاملة ع المكتب إذا ما قبلت، وبعد شوي بتلاقي العاملة  حالها رح تقعد بلا شغل، فبتقبل تشتغل بأقل”. ولذا يتم إقناع العاملة بأنها، وبسبب افتقارها للخبرة واللغة العربية سيكون من الأفضل لها العمل ب 150 دولاراً “وبس تتحسن خبرتك ولغتك إذا ما دفعوا لك 200 دولار أنا بغيرلك العيلة”، تقول لها.

يذكر أن عقد العمل الموحد الساري المفعول حالياً  منذ ايام وزير العمل ألأسبق محمد فنيش (11 تموز 2008 – 9 تشرين ثاني 2009) لا يضع حدا أدنى لراتب العاملة المنزلية، بل نجد في البند السادس من هذا العقد ما يلي “يتعهد الفريق الأول (صاحب العمل) أن يدفع للفريق الثاني (العاملة) بنهاية كل شهر عمل كامل أجره البالغ….وبدون أي تأخير غير مبرر، يدفع الأجر نقدا مباشرة للفريق الثاني نفسه وبموجب إيصال خطي موقع من الفريقين أو بموجب تحويل مصرفي بإيصال خطي موقع من الطرفين أيضاً، أي أننا نجد قيمة الراتب فارغة لتملأ حسب الإتفاق بين صاحب العمل والعاملة. يذكر أنه لم ينته العمل على وضع العقد الموحد الجديد الذي بوشر بإنجازه منذ أيام وزير العمل الأسبق كميل بو سليمان مرورا بالوزير السابقة لميا يمين وصولا لأيام الوزير الحالي مصطفى بيرم، وذلك وفق ما يؤكد مصدر في وزارة العمل.  

من جهته، يؤكد نقيب أصحاب المكاتب جوزف صليبا للمفكرة أن “الحد الأدنى للرواتب هو 200 دولار وما فوق، حسب الخبرة واللغة”، وأن كل من يعطون العاملة 150 دولارا “يخالفون القانون (يقصد العرف)، وممارساتهم غير شرعية”، مشككاً أن تكون المكاتب المتواطئة معهم شرعية “هودي بيكونوا سماسرة وغير مرخصين”. ويقول صليبا أنّ “العرف السائد الذي تعتمده المكاتب في الدول الأفريقية للعاملة هناك يحدد 200 دولار ولا يوجد قانون ملزم”، لافتاً إلى إمكانية وجود وسطاء يؤمنون عاملات ب 150 دولارا للعاملة في الشهر “لكنني لا أعرفهم ولا أعتقد أن المكاتب المرخصة تتعامل معهم”.  ويشير صليبا إلى وجود أشخاص ينشرون “إعلانات عبر وسائل التواصل الإجتماعي بيغشو فيها اللبنانيين بوضع أسعار كلفة للاستقدام أقل من المتعارف عليه، وبرواتب أدنى”. ويرى أنّ بعض العائلات تقع في فخّ هؤلاء الذين يتاجرون بالعاملات “الإعلان عن عاملات هو إتجار بالأشخاص” ليؤكد أن معظم هؤلاء يساعدون العاملة على ترك منزل مخدومها بعد انتهاء مسؤوليتهم عنها ليوظفوها من جديد في مكان أخر وهكذا دواليك”.    

ما يحصل مع العاملات من سيراليون ليس سوى غيض من فيض انعكاس الأزمة الإقتصادية التي تجتاح لبنان منذ الربع الأخير من 2019 واشتدادها لغاية اليوم. وتشير المحامية موهانا إسحق من منظمة كفى إلى أن الإنتهاك الأساسي اليوم في موضوع العاملات في المنازل يرتبط بالرواتب بدءا من حجبها والامتناع عن دفعها مروراً بتخفيضها. وتقول منسقة الوحدة التقنية في منظمة أبعاد جيهان إسعيد أن العاملات اللواتي يمكثن لفترة مؤقتة في المأوى Shelter):( يعانين بالدرجة الأولى من مشاكل تتعلق بالرواتب “بعض أصحاب العمل حوّلوا الرواتب إلى الليرة اللبنانية على سعر 1500 للدولار، وبعضهم خفضها مدعيا أن ذلك حصل بالتوافق مع العاملة، وبعضهم يمتنعون عن الدفع نهائياً، فيما “ترمي” بعض العائلات العاملات في الشارع لعجزها عن تحمل أجورهن”. بعد الرواتب تعاني العاملات أيضاً وفق إسحق وإسعيد من ازدياد حجز أوراقهن الثبوتية وحريتهن ومنعهن من الخروج للعطلة إضافة إلى تعرضهن للعنف جسديا وجنسيا.  

انشر المقال

متوفر من خلال:

عمل ونقابات ، تحقيقات ، عمل منزلي ، الحق في الحياة ، فئات مهمشة ، لجوء وهجرة واتجار بالبشر ، لبنان ، لا مساواة وتمييز وتهميش ، حقوق العمال والنقابات



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني