اقتراب موعد الحكم في قضية إيلا طنوس: “الخطأ الطبي” في عهدة القضاء


2020-02-24    |   

اقتراب موعد الحكم في قضية إيلا طنوس: “الخطأ الطبي” في عهدة القضاء

بعد أيام وتحديداً في 27 شباط 2020، من المتوقع أن تصدر القاضية المنفردة الجزائية في بيروت رلى صفير الحكم الفصل في قضية الطفلة إيلا طنوس التي فقدت أطرافها قبل حوالي خمس سنوات، نتيجة ما يعدّه ذووها خطأ طبياً فادحاً.

انتظار الحكم النهائي في هذه القضية ليس جديداً على العائلة، فقبل ثلاثة أشهر ارتقبت ابتداء من 29 تشرين الأول 2019 أن يختم القاضي المنفرد الجزائي في بيروت باسم تقي الدين الملف وينطق بالحكم. لكن حصل ما لم تتمناه العائلة حينها، إذ فوجئت بقرار القاضي تقي الدين فتح المحاكمة من جديد مبرراً ذلك بأن مذكرة جديدة دخلت إلى القضية مقدّمة من وكيل الطبيب ع. م. المحامي صخر الهاشم. وبعد إصدار قراره، تنحّى القاضي تقي الدين عن الملف على خلفية احتجاج عائلة الطفلة عليه على وسائل التواصل الاجتماعي. وعليه، انتقل الملف إلى القاضية رلى صفير التي سرعان ما عاينت الملف وعقدت جلسة مرافعة في 10 كانون الأول 2019، وحددت موعد الحكم في 27 شباط الجاري. وفي حال صدور الحكم في موعده، تكون القضية قد استغرقت خمس سنوات، منها سنتان أمام قضاء التحقيق، وثلاث جلسات متتالية أمام محكمة الجزاء في بيروت.

يشار إلى أنّ العائلة تواجه في هذه القضية ستّة خصوم هم المستشفيات الثلاث: سيدة المعونات في جبيل، وأوتيل ديو والجامعة الأميركية في بيروت، وثلاثة أطباء. وبالطبع، لم تمرّ هذه القضية من دون سيناريوهات مماطلة، من الدفوع الشكلية إلى مذكرات تُسبب تأجيل الجلسات، مروراً بالعراقيل الناتجة عن تعذّر التبليغ أو غياب أحد الخصوم عن الجلسة. والحال أنّ روتين المحاكم والقوانين الناظمة لها سمحت بهذه المماطلة في هذا الملف. وهذا ما يعبّر عنه لـ"المفكرة القانونية" والد الطفلة حسّان طنّوس الذي سمحت له خبرته في هذه القضية استكشاف "الثغرات التي تعتري النظام القضائي اللبناني". ويلفت الوالد إلى أنّ "استخدام المذكّرات والدفوع الشكليّة بهذا الشكل لا يصبّ في صالح العدالة". ويُضيف: "نحن أمام مواجهة قضائية فيها ستة خصوم، والمماطلة التي نشهدها غير منطقية". ويعتبر طنّوس أنّ على القضاء "التمييز بين الحالات التي ينظر فيها"، فبرأيه، "حالة الأخطاء الطبية ليست مثل النزاع على قطعة أرض". ويُضيف متسائلاً: "هل من المعقول أن ينتظر ضحايا الأخطاء الطبية عقوداً من الزمن ليصلوا إلى حكم يُنصفهم؟ فيكون الطبيب المدّعى عليه قد تقاعد من العمل والحكم لم يصدر بعد".

ورغم التجربة المُرّة التي مرّت بها عائلة إيلا مع قرار فتح المحاكمة مجدداً، يأمل الوالد خيراً: "عندي ثقة بأنّ القضاء سينصف إيلا"، ويُضيف، "ابنتي خسرت أطرافها الأربعة، فإنْ لم تأخذ حقّها يعني أنّه لا يوجد عدالة في لبنان، لكنني متأكّد من وجود العدالة في القضاء".

ويتابع طنوس: "قضية إيلا ليست موضوعاً شخصياً، ولو كانت كذلك لكنت قبلت بالمصالحة مع الخصوم وانتهى الملف في عامه الأول، لكن الحكم الذي سيصدر قريباً سيشكل حفظاً معنوياً لإيلا ولكل ضحايا الأخطاء الطبية في لبنان". ويختم بالقول: "هناك الكثير من القضاة النزيهين، إنما النظام القضائي لا يُساعدهم على العمل، نُريد القضاء الذي يضرب بيد من حديد، واليوم لديّ شعور أن القضاء سيكون عادلاً ومنصفاً لي ولكل المواطنين".

وبانتظار الحكم، يجدر التذكير بأمور ثلاثة:

أولاً، أنّ قضية الطفلة إيلا باتت تشكل مع قضية طفلة أخرى تدعى صوفي مشلب قضايا شأن عام تحظى بتعاطف شعبي كبير، كما يظهر من متابعة الإعلام المتواصلة لهما. وفي القضيتين، ثمة طفلة ستعاني كل عمرها وأهل يكافحون ويصارعون من أجل انتزاع قرارات قضائية بإدانة المتسبب بذلك ومعاقبته، في مواجهة تنكّر أطباء ومستشفيات.

ثانياً، إنّ ما عانته وتعانيه عائلة إيلا هو نموذج لما تعانيه عائلات عدّة في القضاء في مسعى للوصول إلى حكم عادل، لا سيما في قضايا الأخطاء الطبية كخطأ التشخيص والعمليات الجراحية غير الدقيقة، عدا عن "جرائم عدم الإغاثة" التي ترتكبها مستشفيات عدة. وقد وثقت "المفكرة" قبل سنوات إصدار حكم في قضية عدم إغاثة رجل في مستشفى المعونات مما أدى إلى وفاته، والملفت أنّ الحكم صدر بعد 10 أعوام من وفاة الرجل.

ثالثاً، إنّ تولّي القاضية رلى صفير النظر في القضية يزيد من آمال انتهائها بحكم عادل. فهي التي أصدرت في كانون الأول 2018 قراراً اعتبرته "المفكرة" رائداً في قضايا الشأن العام، وذلك هي قضية نقابيي "سبينس"، أدان الشركة المالكة ومديرها التنفيذي مايكل رايت جزائياً على أساس المادة 329 من قانون العقوبات التي تعاقب كل فعل من شأنه أن يعوق اللبناني عن ممارسة حقوقه المدنية بالحبس من شهر حتى سنة إذا اقترف بالتهديد والشدة وبأية وسيلة أخرى من وسائل الإكراه المادي أو المعنوي.  

 

 

مقالات ذات صلة بقضية إيلا:

قضيتا إيلا وصوفي تنتظران التقارير: لا آليات رقابة فاعلة على عمل المستشفيات

قضية الصغيرة إيلا على عتبة القرار الظني: سنتان من العناء والانتظار

قضية إيلا طنوس: القرار الظني صدر، والعائلة راضية

جلسة استجواب الأطباء في قضية الطفلة إيلا… روايات لا تلغي الضرر

تقارير طبية جديدة في قضية الطفلة إيلا طنوس: والدعوى تتجه لإكمال سنتها الرابعة

والدة إيلا طنوس تنفعل وتضعها على مكتب القاضي: انظروا بعين الإنسانية إلى ابنتي

تأجيل دعوى إيلا طنوس: تشديد على حضور شهود من اللجنة الطبية

"إيلا" و"صوفي" في معركة واحدة: مرافعة في قضية الخطأ الطبي

مرافعة مؤثرّة في قضية بتر أطراف الطفلة إيلا أمام محكمة بيروت: "ابنتي تقول إنها ستكبر وسيكون لها يدان ورجلان"

العدالة مؤجلة في قضية إيلا طنوس.. القاضي يفتح المحاكمة من جديد ويتنحى

 بعد تنحي القاضي تقي الدين، القاضية صفير تتولى النظر في قضية إيلا طنوس

انشر المقال

متوفر من خلال:

المرصد القضائي ، استقلال القضاء ، لبنان ، مقالات ، الحق في الصحة والتعليم



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني