20 سبباً لقانون جديد حول القضاء الإداري في لبنان


2020-07-03    |   

20 سبباً لقانون جديد حول القضاء الإداري في لبنان

كما سبق بيانه في مقدّمة هذا العدد، أنجزت المفكرة مسوّدة قانون أسمته قانون استقلال القضاء العدلي وشفافيته، وقد تبنّتها مجموعة من الكتل النيابية وهو يخضع حاليّاً لمناقشة لجنة الإدارة والعدل. وفي 2020، تهمّ المفكّرة لإنجاز اقتراح حول قانون استقلال القضاء الإداري وشفافيته، في مسعى منها لمعالجة مجمل الإشكاليات في تنظيم مجلس شورى الدولة أو آليات عمله. ويأتي هذا المقترح الجديد ليتكامل مع المقترح السابق بهدف ضمان إصلاح نظام العدالة في لبنان في اتجاه تكريس استقلال القضاء، بعدما أصبح هذا الهدف على رأس مطالب ثورة 17 تشرين. وفي الحقيقة، برز هذا المطلب في الوعي الشعبيّ، بعدما أدرك المواطنون أنّ الفساد أنهك الدولة وطال حتى أموالهم الخاصة وقد يحوّل لبنان من بلد مزدهر إلى بلد فقير وأنّ الفساد ما كان ليصل إلى هذه الدرجة لو كان القضاء مستقلاً وقادراً على جبه السلطة السياسية ووضع حدود لها. وفيما يعوّل على تفعيل النيابات العامة والقضاء الجزائي في ملاحقة جرائم الفساد والإثراء غير المشروع وردعها، يعوّل على القضاء الإداري في صدّ القرارات المخالفة للقانون بما قد تحتويه من فساد واستغلال أو تحوير للسلطة وبكلمة في ضمان التزام الإدارة العامة للقانون والشرعية. 

ولكن، لماذا هذا المشروع؟ هل يتطلّب إصلاح القضاء الإداري قانوناً شاملاً؟ وما هي أهمّ الفوائد المنتظرة منه؟ والجواب هو نعم، طالما أنّ القانون يبقى منقوصاً بشكل كبير، فلا تتوفّر فيه ضمانات إستقلالية القضاء وتشوبه ثغرات كثيرة. وإثباتاً لذلك، نعدّد هنا 20 منها نصنّفها ضمن 4 أبواب:

مواءمة تنظيم القضاء الإداري مع مبادئ استقلال القضاء

هنا، يعمد الإقتراح إلى معالجة المسائل التنظيمية للقضاء الإداري وأوضاع القضاة الإداريين في اتجاه ضمان إنسجامها مع معايير استقلال القضاء. ومن أبرز الإصلاحات في هذا المجال:

1- تكوين هيئة ناظمة للقضاء الإداري (المجلس الأعلى للقضاء الإداري) تتمتع بالإستقلالية وفق المعايير الدولية. وهذا ما يتحصّل من انتخاب غالبية الأعضاء من القضاة أنفسهم وعلى أن يشارك في هذا الإنتخاب جميع القضاة ترشيحاً وانتخاباً، وأيضاً من إنتخاب أعضاء من غير القضاة من بين المحامين والأساتذة الجامعيين،

2- إناطة الصلاحيات الأساسية في إدارة المسار القضائي بهذه الهيئة مجتمعة. وهذا يقتضي نقل العديد من الصلاحيات العائدة في ظل القانون الحالي لرئيس المجلس إلى الهيئة بما يخفف من حدة الهرمية السائدة فيه، فضلاً عن إقصاء وزارة العدل والسلطة التنفيذية عن التدخل في هذا المسار،

3- ضمان الشفافية الداخلية والخارجية للمجلس الأعلى للقضاء الإداري. وهذا يعني وضع نظام داخلي للمجلس وأيضاً إلتزامه الكلّي بقانون الوصول للمعلومات، فضلاً عن ضمان نشر الأحكام الصادرة عن القضاء الإداري ضمن مهل قصيرة بعد صدورها،

4- اعتماد المساواة والشفافية في التعيينات القضائية. وهذا يعني ضمان حظوظ جميع المواطنين في الدخول إلى معهد الدروس القضائية على أساس الكفاءة، من دون أن يقلّل من حظوظ هؤلاء أيّ اعتبارات غير موضوعية أو غير مبررة بمقتضيات وظيفة القاضي الإداري،

5- تنظيم مباراة سنوية للدخول إلى معهد الدروس القضائية، وذلك على أمل التوصّل إلى ملء الشغور في ملاك القضاء، خلال فترة زمنية معقولة،

6- تحصين القضاة بمجموعة من الضمانات القانونية، أبرزها عدم جواز عزل أيّ قاضٍ عن ملف قضائي، والتمتع بحرية التعبير وإنشاء جمعيات والحق في المحاكمة العادلة والحق في الطعن في جميع القرارات الفردية المتّصلة بمساراتهم المهنية،

7- منع التدابير التمييزية بين القضاة الإداريين عملاً بمبدأ المساواة فيما بينهم. وعليه، يحظّر تماماً تكليف القضاة الإداريين بأعمال استشارية لدى الإدارات العامة، حفظاً لمبدأ الفصل بين السلطات ومنعاً للمحاباة والتمييز فيما بينهم،

8- إلغاء التراتبية بين القضاة. فحالياً يتكوّن مجلس شورى الدولة من رؤساء غرف ومستشارين ومستشارين معاونين. ومن شأن ذلك أن يولّد علاقات هرمية بين القضاة، وبخاصة بين رؤساء الغرف والآخرين، بما يخالف هنا أيضاً مبدأ المساواة،

9- اعتماد ملف لكل قاض وإدخال نظام التقييم الدوري لأداء القضاة، حيث لا يوجد حالياً أي نظام تقييمي للقضاة،

10- تصنيف المخالفات المسلكية ضمن فئات تكون كل منها خاضعة لعقوبات تتناسب مع مدى خطورتها،

11- حصر التحقيق في المخالفات المسلكية للقضاة بهيئة التفتيش القضائي، على أن يتولّى مجلس القضاء الأعلى الإداري المحاكمة التأديبية، ضمانا لمبدأ الفصل بين كلّ من سلطات الملاحقة والتحقيق والحكم،

ضمانات للجوء إلى القضاء

12- إرساء نظام للمعونة القضائية وتوسيع حالات الدعاوى التي يمكن تقديمها من دون وساطة محامٍ،

13- ضمان مبدأ قرب المحاكم من المتقاضين وذلك من خلال إنشاء محاكم إدارية في المحافظات. وهذا ما يعالج إشكالية تمركز القضاء الإداري في مجلس شورى الدولة حصراً،

14- وضع آليات تسمح بالتصدّي للقضايا المستعجلة بطبيعتها، حيث تنتفي هذه الآليات حالياً مما يمنع المواطنين من الطعن في القرارات الإدارية على نحو مجدٍ. ومن أبرز أشكال القضاء المستعجل المغيبة والتي نضمنها في مسودّة القانون، عجلة وقف تنفيذ وعجلة الحريات والعجلة في الشؤون التعاقدية ضماناً لقواعد الشفافية والإعلان والمنافسة والعجلة في إجراء التحقيقات،

15- توسيع مفهوم الصفة والمصلحة للمداعاة أمام مجلس شورى الدولة ضماناً للشرعية. من المعلوم أن الإجتهاد الحالي لمجلس شورى الدولة يختلف بين غرفة وغرفة، ويميل إلى تضييق الصفة والمصلحة إلى درجة تؤدّي في حالات كثيرة إلى تحصين قرارات إدارية تعاني من شوائب قانونية فاقعة، لعدم توفر أشخاص لديهم الصفة والمصلحة للطعن. ويذهب الإقتراح تالياً على العكس من ذلك إلى وضع نصوص قانونية من شأنها ضمان الشرعية وحماية المصلحة العامة عبر توسيع أبواب القضاء أمام المتقاضين في هذا المجال من دون تحويل المراجعة إلى دعوى شعبية.

مواءمة أصول المحاكمة مع مبادئ المحاكمة العادلة

16- إدخال مبدأ القاضي الطبيعي، بحيث يتم تعيين قضاة الهيئة الحاكمة على أساس معايير محددة بالقانون والإعلان عن أسمائهم عند تقديم الدعوى. ومن شأن هذا الأمر أن يمنع تغيير هيئة الحكم وفق إرادة رئيس الغرفة أو تجهيل أعضاء هيئة الحكم كما هو الوضع حالياً،

17- تقصير مهل تبادل اللوائح بما يؤدي إلى تسريع المحاكمات الإدارية،

18- إدخال مبدأ المحاكمة على درجتين مع تكريس حق التمييز توحيداً للإجتهاد، حيث يبقى مجلس شورى الدولة حتى اليوم المحكمة الإدارية التي غالباً ما تنظر في الدرجة الأولى والأخيرة، ولا تخضع أحكامه للتمييز. 

19- تكريس علانية المناقشات وطابعها الشفهي، ولو جزئياً، من خلال دعوة يوجّهها الرئيس إلى الأطراف لجلسة علنية يتم فيها اختتام مرحلة التحقيق فعلياً. ومن شأن هذا الأمر أن يكرّس مبدأ الجلسات العلنية والشفهية على غرار المنازعات المدنية والجزائية، ويعزز مبدأ الوجاهية وحقوق الدفاع في مرافعات شفهية تتم أمام الهيئة الحاكمة ومعها تالياً شروط المحاكمة العادلة. فعلانية الجلسات مبدأ أساسي يقود إلى حماية المتقاضين من عدالة سرّية. وهذا شرط ديمقراطي رئيسي وضروري لشفافية العدالة،

ضمانات لفعالية الأحكام وتنفيذها

20- منح القاضي الإداري سلطة توجيه الأوامر للإدارة خلافاً للقانون الحالي. وفي هذه الحالة، تقتصر سلطة القاضي على إلزام الإدارة باتخاذ تدبير معيّن في الاتجاه الذي ينطوي عليه قراره، وذلك على غرار القانون الفرنسي، وتجنباً لحلول القاضي محلّ الإدارة. كما يعطي الاقتراح القاضي في هذه الحالة سلطة فرض غرامة إكراهية في حال التقاعس في تنفيذ القرار.

  • نشر هذا المقال في العدد | 65 | حزيران 2020، من مجلة المفكرة القانونية | لبنان |. لقراءة العدد اضغطوا على الرابط أدناه:

القضاء الإداري: من يحمي الدولة ومن يدافع عنها؟

لقراءة النسخة المترجمة إلى اللغة الإنليكزية

انشر المقال

متوفر من خلال:

المرصد القضائي ، استقلال القضاء ، مجلة لبنان ، لبنان ، دولة القانون والمحاسبة ومكافحة الفساد



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني