استهدفت غارة إسرائيلية، أمس الأربعاء في 25 أيلول، منزلًا في بلدة المعيصرة في قضاء جبيل، أدّت إلى استشهاد 16 شخصًا، 7 منهم من عائلات من آل حسين وقاسم وقطيش من بلدة حولا الجنوبية كانوا قد نزحوا من حولا إلى المعيصرة بحثًا عن الأمان والأمل بالنجاة لكنهم لم يعلموا أنهم ذاهبون إلى حتفهم. رحلوا تاركين قصصهم التي لن تغيب، كما لم تغب قصص الشهداء ممن سبقوهم.
وأصيب في الغارة 15 شخصًا بعضهم في حالة حرجة، إضافة إلى الطفل أمير الذي ما زال مفقودًا حتى كتابة هذه السطور.
تقول رلى حسين الفخورة بانتمائها إلى حولا عن مجزرة المعيصرة وشهدائها النازحين:
“استشهدت في الغارة أمس، سعدى أيوب (أم وحيد) شقيقة خليل أيوب فارس (أبو أيوب) الذي استهدفته قذائف إسرائيلية في حرب نيسان 1996 (عناقيد الغضب) في حولا وكان يحرث أرضه وحوّلته مع بقراته إلى أشلاء، واستشهدت ابنتا الشهيدة ناصيفة مزرعاني التي قتلتها إسرائيل مع ابنها في كانون الأوّل 2023 باستهداف مباشر لمنزلها في حولا، وهما سماح مزرعاني التي أصيب ولداها بجروح فيما لا يزال ابنها أمير مفقودًا، ومريم مزرعاني التي أصيب زوجها وولداها بجروح ويخضعون للعلاج في المستشفى. كما قتلت خالها الشهيد موسى مزرعاني يوم الاثنين الماضي ولم يدفن حتى اليوم، ومن المصابات أيضًا مهى بدرالدين التي استشهد أولادها، وسبق أن استشهد أهلها في غارات يوم الاثنين، ومن بين الشهداء محمد حسين الذي استهدفت إسرائيل الرابيد الذي كان يقوده في وادي الحجير قبل أشهر، ونجا ولكن بترت أطرافه، ليكمل بأطراف اصطناعية حياته التي انتهت أمس في المعيصرة، وأخته سميرة الصبية الكادحة، التي تعمل في الزراعة في بلدتها حولا وأولاد أخيه وبنت أختها”.
عارفو هذه العائلات حكوا لـ “المفكرة القانونية” بعضًا من رحلة نزوحها ومعاناة حتى استشهاد أفراد منها وإصابات آخرين منهم، ووثقوا مدنيّة هذه العائلات وصلة القرابة بينهم وبين العائلة التي استضافتهم في المعيصرة.
فأشاروا إلى أنّ النازح الأوّل، منذ بداية الحرب، هو سهاد علي قطيش مع زوجته زهراء وأولاده الأربعة الذين أصيبوا في الغارة ويخضعون لعمليات في المستشفى. وكان خيار النزوح الى المعيصرة، كون أخوال زوجته من هذه البلدة. ثم لحقت به والدته سعدى أيوب التي استشهدت في غارة أمس.
نزحت بعدها نزيهة ديب التي أصيبت إصابة بالغة، فيما لم تنجُ ابنتها سميرة، وكانتا قد نزحت بداية من حولا إلى قرى أخرى في الجنوب، وبعد التهديدات الإسرائيلية، نزحتا إلى المعيصرة، لأنّ كنّتها هي شقيقة زوجة سهاد، ما يعني أن أخوالها من المعيصرة أيضًا. واستشهد ابن نزيهة، محمد وزوجته مها بدر الدين، التي استشهد أهلها في غارات الإثنين الماضي في بلدة شقرا. وأصيب ابن نزيهة الآخر غسان مع زوجته ريان نصر الله، واستشهدت ابنتهما.
أمّا من جانب العائلة المضيفة فقط استشهدت شاهيناز شيران عمرو مع زوجها حسين عمرو وطفلتيها ريحانة مصطفى عمرو (3 سنوات) ورقيّة (10 سنوات)، وأصيبت طفلتها الثالثة زهراء (7 سنوات) التي تخضع للعلاج وحيدة في مستشفى البوار، بعد أن نجت لأنّها كانت تلعب خارج المنزل وحيدة بدون شقيقتيها، تبكي عالمها الذي تهدم أمام عينيها.
يقول الزميل المصوّر علي شيران، شقيق الشهيدة شاهيناز، إنّ العدوّ أراد من جريمته هذه أن يثبت أن لا مكان آمنًا في لبنان وأنّ بإمكانه أن يطال النازحين الهاربين من وحشيّته أينما حلّوا، أو ربما اختار بلدة المعيصرة المتواجدة في عمق كسروان وأغلب سكانها من الطائفة المسيحية، ليلعب على الوتر الطائفي الذي يؤدي إلى تقاتل داخلي.
ويستغرب علي في حديث مع “المفكرة القانونية” “ما ذكرته بعض وسائل الإعلام عن وجود أسلحة ومسؤولين في المقاومة، كتبرير لهذا العمل العدواني ضدّ مدنيين ونساء وأطفال وآباء وكبار في السنّ”، ليقول إنّ “عائلة عمرو لديها مبنيين سكنيين يقطن فيهما الأخوة والأهل، وعند حصول الغارة كان الأطفال يلهون في باحة المبنى”. ليسأل: “ألم تمسح طائرات العدو بكاميراتها المكان أثناء إغارتها عليه؟ ألم تشاهد الأطفال والعائلات المتواجدة في المكان؟ ألم تشاهد تكدّس العائلات فيه؟ إنه عدوان مقصود ليكون وقعه مجزرة بالمعنى الحقيقي الفعلي”.
This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.
Strictly Necessary Cookies
Strictly Necessary Cookie should be enabled at all times so that we can save your preferences for cookie settings.
If you disable this cookie, we will not be able to save your preferences. This means that every time you visit this website you will need to enable or disable cookies again.