نقابة المحامين الأردنية تعلن الحرب على المنظمات التي تقدم المساعدة القانونية


2015-02-25    |   

نقابة المحامين الأردنية تعلن الحرب على المنظمات التي تقدم المساعدة القانونية

بتاريخ 17 شباط 2015، أصدرت نقابة المحامين في الأردن قرارا بملاحقة الجهات والأفراد الذين يقومون بأعمال مهنة المحاماة والمساعدة القانونية خلافا لأحكام القانون على اعتبار ان المساعدة القانونية حق حصري لنقابة المحامين[1]. وفي 18 شباط 2015 قامت وزارة العدل بتوقيع اتفاقية مع نقابة المحامين باستحداث قسم لدى الوزارة يتولى عملية استقبال طلبات المساعدة القانونية ودراستها واحالة الحالات المستحقة منها للنقابة، لتقديم خدمات المساعدة القانونية عن طريق محامي النقابة.

وقد برر بعض المحامين هذا التوجه لدى النقابة بقولهم إن النقابة هي الجهة المخولة قانونا وحصريا بتقديم المساعدة والعون القضائي للأشخاص المحتاجين لهذه الجهود وبالمجان، وان هذه المراكز تتلقى الدعم والتمويل من قبل منظمات وجهات خارجية منها منظمات صهيونية تتخذ من السويد وسويسرا مراكز لها وتقوم بتمويل هذه المراكز لغايات التجسس على الوضع الاجتماعي والتأثير على قيم  مجتمعنا الاردني ومعتقداته.كما ان القائمين على هذه المراكز هم أشخاص متنفذون وأصحاب مكاتب وشركات محاماة تحتكر جزءاً مهماً من السوق وتستحوذ على عدد من المستثمرين وتمارس هذا النشاط لتغطية جانب غير معلوم من ممارساتها الخارجة عن الأهداف المعلنة. وطالب هؤلاء بضرورة فرض الرقابة على هذه المراكز ومأسسة عملها تحت مظلة نقابة المحامين لوضع حد لتغولها على مهنة المحاماة وتغطية نشاطها الربحي والتجاري تحت عنوان مساعدة الضعفاء والفقراء[2].

التصريحات السابقة تبدو مستغربة خاصة وانها أخذت الطابع الحكومي الأمني باستخدامها العبارات التي غالبا ما تستخدمها الحكومة ضد المنظمات الحقوقية التي تبرز انتهاكات الحقوق والحريات[3].
وينص قانون نقابة المحامين على أنه لنقيب المحامين أن يكلف أي محامِ بخدمة مهنية مجانية يقدمها للنقابة مرة واحدة في كل سنة، ومن ضمن هذه الخدمات الدفاع عن النقابة وعن أي شخص ثبت للنقيب فقره وعدم استطاعته دفع أي أجور للمحامي وللنقيب أو من يفوضه تنظيم اتفاقية بين المحامين المعين وطالب المساعدة لتقدير الأتعاب في حال كسب طالب المساعدة دعواه (مادة 100)[4]. وبحسب نقيب المحامين، النقابة دافعت عن الاف الفقراء على أساس هذا النص[5]. إلا أنه في ظل غياب إحصائيات استراتيجية واضحة أو خطوات فعالة، يصعب تقييم هذا الجهد. كما ألزمت المادة 78/ز من قانون النقابة مجلس الوزراء بإصدار نظام للمساعدة القانونية[6]، إلا أن هذا النظام لم يصدر لغاية الآن.

وبالرغم من أن حق الوصول للعدالة هو حق اساسي من حقوق الانسان ومكفول بالدساتير والمواثيق والاتفاقيات الدولية، إلا أن التشريعات الوطنية لم تكفل الحق بالتمثيل القانوني إلا عندما يكون الشخص متهما بجريمة معاقب عليها بالإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة أو الاعتقال المؤبد بحسب المادة 208 من قانون اصول المحاكمات الجزائية. وبحسب قانون محاكم الصلح، فانه لا يجوز للمتداعين ان يحضروا امام قاضي الصلح الذي في الدعوى الحقوقية الا بواسطة محامين يمثلونهم بموجب سند توكيل وذلك في الدعاوى التي تزيد قيمتها على الف دينار.
الجهل بأحكام القانون والفقر يجعل من وجود المساعدة القانونية ضرورة ملحة، خاصة بالنسبة للفئات المستضعفة مثل العمال الأجانب خاصة مع تزايد التقارير الدولية التي تؤكد تراجع الأردن في مواجهة أشكال العبودية الحديثة.

المنظمات الحقوقية أخذت على عاتقها توفير المساعدة القانونية لمن يستحقها، في ظل القصور التشريعي وغياب المبادرة من الجهات المعنية، وقد عملت بحرفية عالية؛ فالبعض منها قدم  ما يزيد عن خمسة عشر ألف خدمة قانونية ما بين استشارات وتمثيل قانوني أمام المحاكم[7]، في حين تخصص البعض الآخر بحماية الفئات المستضعفة ليتم تكريمه في أكثر من مناسبة لجهوده بهذا الخصوص[8]. من المؤسف تاليا أن تعلن النقابة عن "ملاحقتها" لهذه المنظمات بدلا من دعمها، وأن تجعل من المساعدة القانونية "حقا حصريا" لها دون مسوغ شرعي أو سند قانوني.



[1] للاطلاع على النص الكامل للقرار، انظر:
[http://www.jba.org.jo/CMS/UploadedFiles/Document/58e19d06-16c6-4f0e-bff6-405272675a8a.jpg]
[2] موقع عمون الاخباري، "المحامين" تحرم الفئات الضعيفة من المساعدة القانونية.. ازمقنا: تتلقى التمويل من منظمات صهيونية، 24 شياط 2015
[http://www.ammonnews.net/article.aspx?articleno=221902]
[3] سبق وان صرّح رئيس الوزراء الأردني "ان الكثير من مؤسسات المجتمع المدني أنشئت بهدف الفساد، وقال "هنالك جمعيات إنسانية لا يوجد فيها فساد، ولكن قناعتي أن عددا كبيرا لم تخلق إلا للفساد".للمزيد انظر النسور: مؤسسات مجتمع مدني لم تخلق إلا للفساد، جريدة الغد، 23/9/2014
[http://goo.gl/qkB1L7]
[4] تم إضافة هذه الفقرة بموجب القانون المعدل لقانون نقابة المحامين رقم 25 لسنة 2014.
[5] جريدة الرأي، مؤتمر لمركز العدل يؤكد حق الأفراد بالمساعدة القانونية، 23/6/2013
[http://www.alrai.com/article/592565.html]
[6] تم إضافة هذه الفقرة بموجب القانون المعدل لقانون نقابة المحامين رقم 25 لسنة 2014.
[7] الدستور، (العدل للمساعدة القانونية) يضع مدونة قواعد سلوك لمحامي المركز، 27/10/2014
[www.addustour.com/17381/«العدل+للمساعدة+القانونية»+يضع+مدونة+قواعد+سلوك+لمحامي+المركز.html]
[8] انظر على سبيل المثال، السفارة الفرنسية: فرنسا في الأردن، مركز تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان يحصل على جائزة الجمهورية الفرنسية لحقوق الإنسان
[http://www.ambafrance-jo.org/%D9%85%D8%B1%D9%83%D8%B2-%D8%AA%D9%85%D9%83%D9%8A%D9%86]
انشر المقال

متوفر من خلال:

مقالات ، لا مساواة وتمييز وتهميش ، الأردن



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني