ناشطو النبطية يتمسكون بحماية الجيش بعد الإعتداء عليهم


2020-01-20    |   

ناشطو النبطية يتمسكون بحماية الجيش بعد الإعتداء عليهم

خطفت المواجهات التي شهدتها منطقة وسط بيروت، ليل السبت 18 كانون الثاني 2020، كل الإهتمامات والمتابعات مما خطف الأضواء، وعن غير عمد، عن الأحداث التي حصلت في مناطق الأطراف، برغم أهميتها. وعليه، لم تأخذ التطورات في بعض الساحات حصتها في المتابعة الإعلامية، الأمر الذي استغله المتربصون بالحراك الشعبي، فانقضّوا على عدد من الناشطين، ومن بينها ساحة حراك النبطية.

فقد شهدت ساحة حراك النبطية، يوم السبت، اعتداء جديدا، من قبل وجوه معروفة، أدى إلى إصابة ثلاثة أشخاص بينهم امرأة، بجروح ورضوض، استدعت نقلهم إلى مستشفيات المنطقة.

وكان اليوم الثوري في النبطية قد بدأ باكرا، حين تسلل الشابان علي بيطار (يعمل في الطباعة) وحسين جفال (طالب جامعي)، مع خيوط الفجر الأولى، نحو مصارف المدينة، ملثميّن، يحملان "عدة الشغل"، عبوات – بخاخات للكتابة على الجدران، فقصدا أولا مصرف "فرنسبنك" قرب السراي الحكومي، ثم بنك "الاعتماد اللبناني" على طريق الجزاير، ثم مصرف "فيرست ناشيونال بنك" على طريق حبوش.

وشرعا على الفور في تنفيذ مهمتهما، فكتبا على واجهة المصارف شعارات ضد حاكم مصرف لبنان والنظام المصرفي، منها: المصرف حرامي، يسقط حكم المصرف، برسم التأميم، رياض سلامة عرص، حرامي، لكنهما لم يكملا عملهما، إذ تفاجآ نحو الرابعة فجرا، وهما يهمان بالتوجه إلى باقي المصارف، بقوة من مخابرات الجيش، تحاصرهما وتعتقلهما، ثم تسلمهما، لاحقا، إلى الضابطة العدلية في النبطية، بتهمة القيام بأعمال شغب وتعاطي المخدرات!

كيف رصدت مخابرات الجيش، خروج جفال وبيطار الباكر نحو المصارف، وتمكنت من اعتقالهما متلبسين بالجرم المشهود؟ تشرح ناشطة في حراك النبطية – تمنت عدم ذكر اسمها- ل "المفكرة" أن الناشطين في حراك النبطية "يناقشون الخطط الثورية عبر واتساب، ضمن مجموعة باسم الحراك، تضم شبانا وصبايا من المدينة والجوار، ويحددون بشكل شبه يومي، الأشخاص الموكلين بالتنفيذ، ويبدو مما حصل أمس ومن خلال أحداث سابقة، أن مجموعتنا مخترقة، وهناك من سرّب خبر عزمنا على كتابة شعارات على واجهات المصارف، إلى مخابرات الجيش، فتتبع عناصرها مسير علي وحسين واعتقلوهما متلبسيّن".

ومتابعة لقضية الشابين بيطار وجفال، تواصل المحامي حسن بزي مع النيابة العامة في النبطية، وتبين أنه تم نقلهما إلى الضابطة العدلية في المدينة، مع برقية من مخابرات الجيش، تتضمن تهمتين موجهتين لهما. الأولى، القيام بأعمال شغب، والثانية، تعاطي المخدرات.

وعليه أشار المدعي العام في النبطية، بإطلاق سراحمها لقاء سند إقامة في ما يخص التهمة الأولى، أما بالنسبة للتهمة الثانية، فسيخضع الشابان لفحص خاص، يتحدد على أساسه مسألة إطلاق سراحهما.

وفي معلومات نقلها ناشطون عن والد حسين جفال، أكد أن ابنه خضع للفحص وكان "نظيفا"، وسوف يطلق سراحه اليوم (الأحد) كما وعدوه، فيما تحدث ناشطون آخرون عن "محاولات تلفيق تهمة التعاطي للشابين، وتزوير نتائج فحصيهما، خصوصا علي بيطار".

 وعند الصباح استقيظت النبطية على خبر اعتقال الشابيّن، فتجمع الناشطون تباعا في ساحة الحراك قرب السراي الحكومي، وعقدوا اجتماعا مستعجلا، خرجوا منه بدعوة عامة إلى وقفة احتجاجية، عند الثالثة والنصف عصرا، في ساحة الحراك وإغلاق الطريق أمام السراي، للضغط على الجهات المعنية من أجل إطلاق سراح الشابين المعتقلين.

وبحسب عدد من الناشطين، تحدثوا إلى "المفكرة"، أنه أثناء الوقفة الاحتجاجية "تم رصد تحركات غير بريئة، لناشطين متذبذبين، ولوحظ أن مجموعة منهم، كانت تعمل على خط ساحة الحراك – مكتب مخابرات الجيش، الموجود في مبنى السراي الحكومي، الملاصق لساحة الحراك، وتكفلت هذه المجموعة من دون أن تكلّف، بالتفاوض مع عناصر المخابرات، لإقناع الناشطين بفتح الطريق أمام السراي، ونقلت وعودا بإطلاق سراح الشابين بيطار وجفال خلال ربع ساعة من الوقت، إذا استجاب الناشطون للمطلب، إلا أن الناشطين رفضوا هذه المساومة، واستمروا في وقفتهم، وصاروا يطلقون الهتافات المطالبة بإطلاق سراح الشابين المحتجزين، مثل: "رح منحرر الشباب وتكرم عينك علي شعيب".

بعد مرور القليل من الوقت، بحسب شاهدة عيان "رفعت مخابرات الجيش عديدها بشكل لافت، مما جعلني أشك أن أمرا سيئا يحاك ضدنا، في هذه الأثناء، ومن دون سابق إنذار، ونحن في غمرة احتجاجنا وهتافاتنا، وصلت سيارة تاكسي يقودها رجل معروف الانتماء بالنسبة لنا، وأصر على اختراق الاعتصام بسيارته، ثم ترجل منها، وصار يرفع صوته ويشتم ويهدد، فاقترب منه عناصر من المخابرات محاولين تهدئته، إلا أنه لم يتجاوب معهم، وظل مصرا على فتح الطريق، رغم أنه كما قال ردا على سؤال أحد المحتجين إنه من بلدة الدوير، مما يعني أن طريق السراي حيث يقطعها المحتجون ليست وجهة سير له، فالطريق المقطوعة هي عند مدخل النبطية الشمالي، أما وجهة سير سائق التاكسي نحو بلدته، فهي من جهة الغرب".

وفي اتصال آخر "للمفكرة" مع أحد المحتجين الذين شهدوا على الاعتداء، قال: "بعد عناد السائق على اختراق الحشد، وفشل التفاوض معه بالعدول عن رأيه، وإصرار المحتجين على إغلاق الطريق، من أجل زيادة الضغط على الجهة المعنية لاتخاذ قرار بإطلاق سراح الشابيّن المحتجزيّن فوراً، ارتفع منسوب الغضب لدى الأطراف الثلاثة على الأرض، السائق الذي أتاه دعم لا ندري من أين، المحتجون وعناصر المخابرات. السائق ومن معه مصرون على فتح الطريق بالقوة، المحتجون اشترطوا فتحها بتحرير الشابيّن، أما عناصر المخابرات فقد قرروا تأديب المحتجين، لكن من خلال السائق ومجموعته، فتنحوا جانبا، وتركوهم ينقضون عليهم بالعصي وأدوات حادة من حديد، وبالضرب والركل، مما أدى إلى سقوط ثلاثة جرحى، بينهم سيدة من كفررمان. وبعد مرور وقت على المعركة الدامية، تدخل عناصر المخابرات، لكن هذه المرة إلى جانب المعتدين، ومن خلال مقاطع الفيديو التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، يظهر بوضوح، اعتداء عناصر المخابرات علينا بدل حمايتنا من المعتدين".

وبذلك خُتم نهار النبطية الحافل – من دون تغطية إعلامية- باعتداء جديد على المحتجين، بمشاركة هذه المرة من جهة طالما كانت حامية لهم، منذ انطلاقة ثورة 17 تشرين، وبانضمام ثلاثة مواطنين إلى سجل جرحى الدفاع عن الوطن، وبصدمة معنوية، أصيب بها الناشطون، نتيجة شعورهم بالإنكشاف أمام "قوى الأمر الواقع" كما قالوا، والأهم من كل ما سبق، استمرار احتجاز الشابين علي بيطار وحسين جفال واحتمال تلفيق تهمة تعاطي المخدرات بحقهما.      

وعصر اليوم، جمع  ناشطو حراكي النبطية وكفررمان أنفسهم، ونفذوا وقفة أخرى، احتجاجا على ما تعرضوا له السبت،  وجهوا خلالها رسائل عتب إلى قيادة مخابرات الجيش وعناصر مكتب المخابرات في النبطية، معتبرين أنهم "تخلوا عن مهمة حمايتهم من المعتدين، بل سهلوا الاعتداء عليهم نوعا ما، الأمر الذي خيب آمالهم"، مؤكدين أنهم "لن يسمحوا أن يستخدم الإعتداء للايقاع بينهم وبين عناصر المخابرات"، وعل هامش الوقفة الاحتجاجية قام عدد من الشبان والشابات بتقديم الورود لعناصر مخابرات الجيش، المولجة بحماية ساحة الحراك.

من جهة أخرى، أفادت معلومات من قلب ساحة حراك النبطية، أن الشابين المحتجزين علي بيطار وحسين جفال قد تم إطلاق سراحهما أمس الأحد.

انشر المقال

متوفر من خلال:

لبنان ، مقالات ، حراكات اجتماعية ، حريات عامة والوصول الى المعلومات



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني