ملاحظات نقابة القضاة في الجزائر حول مسودّة مشروع تعديل الدستور


2020-11-02    |   

ملاحظات نقابة القضاة في الجزائر حول مسودّة مشروع تعديل الدستور

أعلن رئيس نقابة القضاة في الجزائر القاضي يسعد مبروك في حوار اعلامي عن موقف النقابة من مسودّة الدستور الجديد الذي عرض أمس على الاستفتاء الشعبي، شارحاً قرار النقابة بتأييد هذا الدستور، على الرغم من تسجيله جملةً من التحفظات عليه. وتعهد رئيس نقابة القضاة في حواره، بأن القضاة لن يكونوا في خدمة أيّ طرف في المرحلة المقبلة، مشيراً إلى أن الانقسام الذي حصل داخل الحراك الشعبي بين أنصار المسار الدستوري ودعاة المسار التأسيسي بلغ حدود التطرف، وحال دون توفير مناخٍ لحوار سياسي هادئ في البلاد.

وكانت نقابة القضاة بالجزائر قد قدمت في وقت سابق مذكرة مفصلة حول مسودة مشروع مراجعة الدستور، في إطار تعزيز القوة الاقتراحية للجمعيات والنقابات القضائية ودورها في الدفاع عن استقلال القضاء وحماية الحقوق والحريات.

وفيما يلي تسلط المفكرة القانونية الضوء على أهم مضامين مذكرة نقابة القضاة حول مسودة الدستور الجديد المعروضة على الاستفتاء الشعبي.

 

تقوية مكانة السلطة القضائية

انطلقت مذكرة نقابة القضاة من أهمية تقوية مكانة السلطة القضائية داخل مسودة الدستور، منتقدة إغفال المسودة التنصيص في الديباجة إلى القضاء كسلطة مستقلة، والاكتفاء باستعمال مصطلح “العدالة”، معتبرة أنه “مصطلح اجتماعي وفلسفي وتتغير بعض جوانبه على حسب الايديولوجيات”، ودعت المذكرة إلى تعزيز استقلالية القضاء كسلطة ثالثة، لا بتغيير التسمية بشكل يوحي “وكأن السلطة القضائية على الهامش بالنسبة لباقي سلطات الدولة”، رغم ما لها من تأثير قوي على حماية وصون الحقوق والحريات.

 

انتخاب رئيس المجلس الأعلى للقضاء والاكتفاء برئاسة شرفية لرئيس الجمهورية

اقترحت مذكرة النقابة إدخال عدة تعديلات على مؤسسة المجلس الأعلى للقضاء، من خلال التنصيص على ضمان استقلالها المالي والاداري، واستبعاد وزير العدل من رئاسته، وأن يكون رئيس الجمهورية رئيسا شرفيا للمجلس، على أن يرأسه قاضٍ ينتخبه كافة قضاة الجمهورية لعهدة مدتها ست سنوات غير قابلة للتجديد، ويختار هذا الأخير نائبا أو اثنين من بين الأعضاء المنتخبين أدناه.

وقدمت النقابة تفصيلا لاختيار أعضاء المجلس الأعلى للقضاء الذي يتكون من الرئيس الأول المحكمة العليا، رئيس مجلس الدولة، و15 قاضيا ينتخبون من طرف زملائهم وأربع شخصيات يختارون بحكم كفاءتهم خارج سلك القضاء يعينهم رئيس الجمهورية، ورئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان.

 

تقوية استقلال القضاة ومنع التدخل

انتقدت نقابة القضاة الاكتفاء بمبدأ عدم جواز عزل قضاة الحكم وتجاهل قضاة النيابة رغم أنهم تحت مظلة واحدة وجزء لا يتجزأ من السلطة القضائية.

طالب النقابة بتقديم بدائل لحماية القضاة من النقل والعزل والإيقاف من العمل، حيث ينبغي أن يضمن القانون عدم نقل القاضي أو عزله أو إيقافه عن العمل أو إعفاءه أو تسليط عقوبة تأديبية عليه أو متابعته جزائيا إلا في الحالات وطبق الضمانات التي يحددها القانون العضوي، وبقرار معلل من المجلس الأعلى للقضاء دون سواه، واقترحت في ذات السياق أن يتدرج قضاة النيابة في وظائفهم القضائية تحت سلطة النائب العام لدى المحكمة العليا ولهم كامل الاستقلالية في تحريك الدعوى العمومية.

في نفس السياق، انتقدت النقابة ما ورد في مسودة الدستور من كون “رئيس الجمهورية يضمن استقلالية القضاء”، مقترحة صياغة بديلة، قوامها أن “القضاء مستقل ويضمن الدستور هذه الاستقلالية، ويتمتع القضاة بالاستقلالية عند ممارسة اختصاصاتهم الموكلة إليهم بموجب القانون”.

كما اقترحت إضافة فقرة جديدة تنص أن “القاضي محمي من كل أشكال الضغوط والتدخلات والمناورات التي تضر بأداء مهمته أو تمس نزاهة حكمه، ويحظر أي تدخل في سير السلطة القضائية”.

واعتبرت النقابة أن حماية استقلالية القضاة لا ينبغي أن تقتصر على المهام القضائية للقضاة فحسب، بل يجب أن تشمل كذلك مهامهم الأخرى التي نصت عليها مختلف القوانين، وعلى رأسها الإشراف على اللجان (كالانتخابات، لجان المسح،…. الخ) .

 

تعزيز دور القضاء في حماية الحقوق والحريات

اقترحت نقابة القضاة تغيير صياغة المادة 170 لتصبح وفق التالي:

“تضمن السلطة القضائية حماية المجتمع والحريات والحقوق المعترف بها بموجب قوانين الجمهورية”، معللة هذا المقترح بأهمية استحضار الدور الأساسي للقضاة وللسلطة القضائية في حماية حقوق وحريات الأفراد والجماعات، سواء تعلق الأمر بحقوق أساسية وحريات عامة، وليس فقط الحقوق الأساسية.

 

تعزيز ضمانات المحاكمة العادلة وتحديد مفهوم “التعسف”

قدمت نقابة القضاة عدة مقترحات لتعديل وتغيير بعض المواد الواردة في مسودة الدستور التي تخص تحقيق المحاكمة العادلة.

وهكذا اقترحت إعادة صياغة المادة 171 من المسودة لتصبح وفق التالي: “يقوم القضاء على أساس مبادئ الشرعية والمساواة والمحاكمة العادلة”، وأضاف فقرة تنص على أن “التقاضي حق مكفول للجميع”.

من جهة أخرى طالبت نقابة القضاة بضرورة إلغاء المادة التي تنص على أن “القانون يحمي المتقاضي من أي تعسف يصدر من القاضي”، معتبرة أنها تنطوي على “سوء ظنّ” مسبق بالقاضي الذي يفترض فيه السمو والرفعة التي تليق بمقام القضاء والسلطة القضائية، كما أن مصطلح “تعسف” يكتنف مدلوله الغموض، ولا توجد مادة مماثلة تجاه أعضاء السلطات العامة في الدولة بهذا الخصوص وبهذه الصياغة التي فيها مساس بالاعتبار.

 

مواضيع ذات صلة:

 قضاة الجزائر يكسرون واجب التحفظ: التحفظ خيانة حينما يتعلق الأمر بمصير الشعب الذي نحكم باسمه

استقلال القضاء عنوانا بارزا في حراك الجزائر: قضاة يجاهرون في رفض تعليمات وزارة العدل

نقابة القضاة بالجزائر تعقد مجلسها الوطني الأول: مطالبة بالتعديل الفوري لقوانين السلطة القضائية

نقابة القضاة بالجزائر تنتخب قياداتها الجديدة: انتصار قضاة الحراك ووعود بخدمة الشعب

نقابة القضاة بالجزائر تطالب وزارة العدل باحترام القانون

نقابة القضاة بالجزائر ترفض التعليمات الفوقية

نقابة القضاة تجدد هيئتها الإدارية: مؤتمر انتخابي ناجح لعهدة بتحديات كبرى

نقابة القضاة بالجزائر ترفض التدخل في استقلال القضاء

إضراب مفتوح لقضاة الجزائر: حركة قضائية تشمل 3000 قاض خلافا لمبدأ عدم نقل القاضي إلا برضاه

النقابة الوطنية للقضاة بالجزائر تشكل مجموعة عمل مع وزارة العدل لدراسة ملفها المطلبي

انشر المقال

متوفر من خلال:

قضاء ، المرصد القضائي ، استقلال القضاء ، الجزائر



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني