معركة تطبيق قانون المياه تبدأ من محافظة بعلبك-الهرمل: مصلحة الليطاني تلزم “ألبان لبنان” بتنظيف النهر


2020-11-03    |   

معركة تطبيق قانون المياه تبدأ من محافظة بعلبك-الهرمل: مصلحة الليطاني تلزم “ألبان لبنان” بتنظيف النهر
صورة لمجرى نهر الليطاني من فيديو نشرته المصلحة الوطنية لنهر الليطاني على فايسبوك

سارعت المصلحة الوطنية لنهر الليطاني إلى الإفادة من صفتها كضابطة عدلية لتفرض على معمل “ألبان لبنان” تنظيف 6 كليومترات من مجرى نهر الليطاني سبق ولوّثتها بروث أبقار مزرعتها الواقعة غربي بعلبك في قضاء بعلبك الهرمل. ومباشرة، وعلى الفور، وإثر تسلّمه إحالة المصلحة، أصدر محافظ بعلبك الهرمل بشير خضر قراراً أحاله إلى قائد منطقة البقاع الإقليميّة في قوى الأمن الداخلي، طالباً منه التنفيذ “بصورة عاجلة جدّاً وقبل حلول فصل الشتاء”. وتأتي خطوة المصلحة بعد 19 يوماً على منح مجلس النواب بتاريخ 16 تشرين أول 2020 عبر قانون المياه المعدّل، الصلاحيّة للمؤسّسات العامّة الاستثماريّة سلطة الضابطة العدليّة لوقف المخالفات واتخاذ بعض التدابير.

ووفق التعديل، يمكن للمصلحة إصدار القرار مباشرة عبر سلوك طريق القاضي المنفرد الجزائي في بعلبك، لكن التنسيق مع المحافظ خضر يختصر الوقت والطريق إلى التنفيذ مباشرة.

ويقضي القرار بـ”إلزام شركة ألبان لبنان ش.م.ل بتنظيف مجرى نهر الليطاني في نطاق بلدات حوش سنيد، حوش الغنم، حوش الرافقة، وحوش النبي من روث الأبقار ومخلّفات المزارع والمعامل العائدة لها بطول 6 كلم تحت إشراف المصلحة الوطنيّة لنهر الليطاني”.

ومن شأن القرار أن يضع المؤسّسات الرسمية والعامّة أمام مسؤولياتها التي منحها إيّاها تعديل قانون المياه مؤخّراً، وأن يختصر الطريق الطويلة التي كان عليها سلوكها عبر القضاء في حال تقاعس الوزارات المعنيّة عن القيام بدورها.

ورغم أهمية الخطوة، إلاّ أنّ مدير عام مصلحة الليطاني الدكتور سامي علوية رأى أنّ ممارسة المصلحة للصلاحيات الجديدة الممنوحة لها “لن يجدي إلاّ إذا تكامل مع جدّية القضاء والأجهزة الأمنية لا سيما تجاوب مختلف الجهات والوزارات والأجهزة مع المراسلات التي أرسلناها لها كمصلحة نطلب بموجبها مواكبة التعديلات التشريعية الجديدة”. ورأى علوية “أننا أمام فرصة ستمكّننا في حال التعاون الجدي والإفادة من تعديل القانون من إنقاذ ما تبقّى من مواردنا المائية والبيئية”.

وجاء القرار إثر إصدار الفرق الفنيّة التابعة للمصلحة الوطنيّة لنهر الليطاني تقريرها الفنيّ عن روث الأبقار المجمّع في مجرى نهر الليطانيّ في مناطق حوش الرافقة وحوش سنيد وحوش النبي في منطقة بعلبك-الهرمل. ووفقاً للتقرير، فإنّ التأثير البيئيّ والصحيّ يتجاوز عشرات الكيلومترات إلّا أنّ الروث يتركّز في 6 كيلومترات. ويقدّر الفنيّون أنّ طول مجرى نهر الليطانيّ الذي يتكدّس فيه روث الأبقار يمتد لحوالي 2 كلم. وأضاف التقرير أنّ “صرف النفايات الناتجة عن المزارع يؤدّي إلى زيادة الملوّثات في نهر الليطاني “كالمضادات الحيويّة واستنفاذ مستويات الأوكسجين الذائب في المياه”، ممّا يؤدّي إلى جعل النهر منطقة ميتة. ويشير الخبراء الفنيّون إلى أنّ القولونيات المتحملة للحرارة والصادرة عن المخلفات الحيوانيّة “هي مركّبة أكثر بـ 10 إلى 100 مرّة” من تلك الصادرة عن المخلّفات البشريّة. وتسبّب هذه القولونيات بقتل الأسماك والحياة المائيّة، عدا عن جعل المياه “ذات نوعيّة ردئية وغير صالحة”.

وتسمح المادة 25 من قانون المياه، لكلّ من “الوزارة والمؤسّسات العامّة الاستثماريّة للمياه المختصّة” أن تتخذّ بحقّ كلّ من يسبّب أضراراً للمياه، تدابير بـ”منع نشاط معيّن يسبّب أخطاراً جسيمة للنظم البيئيّة المائيّة أو منع متابعة تنفيذ هذا النشاط”، وكما “بتنفيذ أعمال الإصلاح كإزالة التلوّث وصيانة الأماكن على نفقة مسبّب الضرر”. واستندت مصلحة الليطاني إلى هذه المادّة بشكل أساسيّ لفرض تنظيف مجرى النهر الملوّث من قبل شركة “ألبان لبنان” منذ ما قبل العام 2019. ويشكّل ذلك خطوة أولى على طريق الاستناد إلى قانون المياه المعدّل في ردع المخالفات التي تشكّل خطراً وضرراً على مياه الليطاني، عبر قرارات إداريّة، من دون انتظار انتهاء المحاكمات التي تطول عادة في قصور العدل. وتمنح المادّة 94 من قانون المياه موظّفي الوزارة والمؤسّسات العامّة الاستثماريّة للمياه، “كلّ ضمن نطاقها، صلاحيّات الضابطة العدليّة” في كلّ ما يتعلّق بالجرائم الناشئة عن قانون المياه.

وقال المحافظ بشير خضر لـ”المفكرة القانونية”، إنّه حوّل المراسلة إلى قيادة المنطقة في قوى الأمن الداخليّ لتقوم بالإشراف على تطبيق القرار الإداريّ المرسل من قبل مصلحة الليطانيّ. وكذلك، ستحوّل المراسلة إلى مصلحة الصحّة في محافظة بعلبك-الهرمل، لأنّها المسؤولة عن التطبيق التقنيّ للقرار الصادر، ولديها الخبرة والتخصّص اللازميّن للكشف على حسن سير التطبيق، “على أن يحصل التنسيق بينها وبين القوى الأمنيّة التي سترسل بدورها للمحافظة تقريراً بنتيجة تطبيق القرار”. وأكد أنّ عدم التزام شركة “ألبان لبنان” بتنظيف مجرى نهر الليطانيّ “سيعني مخالفتها للقانون مجدّداً”.

وبهذا، تكون بعلبك-الهرمل المنطقة الأولى التي يطرح فيها تطبيق قانون المياه الجديد، وبخاصّة في قضيّة تلويث نهر الليطاني المستمرة منذ عشرات السنوات، من دون إيجاد حلّ جذريّ لها. ويقول المحافظ خضر لـ”المفكّرة” إنّ تطبيق القانون في بعلبك-الهرمل سيؤكّد أكثر أنّ هذه المنطقة “ملتزمة بالقانون وكلّ ما يُحكى عن معارضة سير النظام العام وتطبيق القوانين في المنطقة هو غير صحيح”. وأشاد خضر بهذا القانون، معتبراً أنّه “خطوة مهمّة ستسهّل العمل على المحافظة في تنفيذ القرارات بحقّ المخالفين، لأنّها ستكون مسلّحة بالقانون الجديد”.

ويعتبر علويّة أنّ القرار الذي أرسله إلى محافظة بعلبك-الهرمل، هو الحلّ الأفضل كخطوة أولى، ويشدد أنّه على الشركة الملوّثة أن تقوم بتنظيف ملوّثاتها، وإن كان الروث المكتشف قبل أيّام هو من مخلّفات السنوات الماضية. وفي حال لم تلتزم “ألبان لبنان” بالقرار، “سيحوّل الموضوع عند النيابة العامّة”. ولكن المسألة الأساس اليوم، بنظر علويّة، هي “المضي بتطبيق قانون المياه الجديد”.

وردّ وكيل “ألبان لبنان” المحامي رامز حمّود في اتصال مع “المفكّرة” على القرار بأنّه “لا علاقة للشركة لا من قريب ولا من بعيد بروث الأبقار موضوع القرار، ولكنّها ستلتزم باتخاذ أيّة تدابير تصب في مصلحة الصالح العام”.

وعلى المستوى القانونيّ، تقول الباحثة من فريق “المفكّرة القانونيّة” ميريام مهنّا إنّه بحسب التعديل الجديد لقانون المياه الذي أقرّ في الشهر الماضي، أصبح لدى المؤسّسات العامّة الاستثمارية للمياه دور صريح بحماية البيئة كلّ حسب اختصاصها ولم يعد الأمر منوطاً بوزارة الطاقة فحسب. ولفتت إلى أنّ التعديل الجديد وضّح بعض الموادّ التي استندت إليها مصلحة الليطانيّ في قرارها الإداريّ اليوم. ففي القانون الأساسيّ، أعطيت الصلاحية للمؤسّسات العامّة الاستثماريّة بتوجيه الضابطة العدليّة بتوقيف المخالفات واتخاذ بعض التدابير (المادّة 27)، في حين أنّ التعديل وضّح أنّ لموظّفي هذه المؤسّسات الصلاحيّة في لعب دور الضابطة العدليّة واتخاذ قرارات بحقّ الملوّثين (المادّة 25). وتضيف مهنّا أنّ الأرضيّة الموجودة لدور المؤسّسات الاستثماريّة للمياه ومنها المصلحة الوطنية لنهر الليطانيّ في القانون الأساسيّ، أصبحت واضحة وصريحة في التعديل، بحيث أقرّ صراحة بإمكانيّة المؤسّسات بلعب دور الضابطة العدليّة مباشرة.

ولناحية العقوبات المترتّبة على التخلّف عن تطبيق القرارات الإداريّة المتّخذة، ينص قانون المياه في المادّة 38، على إعطاء الحقّ لوزارة الطاقّة والمياه، إضافة إلى الملاحقة الجزائية، باتخاذ تدابير إداريّة محدّدة بحقّ من يخالف أحكام نظام التراخيص بموجب أحكام المادة 36 من القانون نفسه والمواد 745 إلى 749 من قانون العقوبات (المتعلّقة بتلويث البيئة) من ضمنها توجيه إنذار للمخالف بالتقيّد بالأحكام والتعليمات المتعلقة بموضوع المخالفة. كما تحدد الإجراءات التي يتوجّب على المخالف القيام بها لإزالة الضرر الذي أحدثه، وفي حال وجود خطر بالتلوّث أو بتردّي التظم البيئية المائية أو ضرر للصحّة العامّة تهديد يطال التغذية بمياه الشفّة، اتخاذ التدابير الفورية على نفقة ومسؤولية المخالفين لمنع التلويث الحاصل والحد منه. ويمكن للوزارة “تعليق الترخيص وسحبه، وتنظيم محضر ضبط بحقّ المخالف وإحالته إلى النيابة العامّة البيئيّة أو إلى القاضي المنفرد الجزائيّ المختصّ”. وبحسب المادة نفسها، “يتوجّب على الوزارة واللمؤسّسات العامّة الاستثماريّة للمياه كلّ ضمن صلاحيّاته، عند معرفتها بحصول ضرر على النظام البيئي المبادرة فوراً إلى معالجة أسباب الضرر”.

انشر المقال

متوفر من خلال:

مسائل ، مساواة ، الحق في الصحة ، قضايا ، أملاك عامة ، بيئة ومدينة ، لبنان ، سياسات عامة ، لا مساواة وتمييز وتهميش ، تحقيقات ، بيئة وتنظيم مدني وسكن ، أطراف معنية ، الحق في الصحة والتعليم ، مؤسسات عامة ، دولة القانون والمحاسبة ومكافحة الفساد ، قطاع خاص ، اقتصاد وصناعة وزراعة ، أنواع القرار ، قرارات قضائية



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني