مباراة لبنان – كوريا في ساحة النور: شبابٌ يتحسّرون على مواهبهم


2019-11-20    |   

مباراة لبنان – كوريا في ساحة النور: شبابٌ يتحسّرون على مواهبهم

يقف خضر السبع (13 عاماً) مُسنداً ظهره إلى أحد الحواجز الحديدية في ساحة عبد كرامي (النور) في طرابلس. يبدو الحديث معه تطفّلاً سَمِجاً. اللحظةُ الآن هي للتركيز في الربع ساعة الأخيرة من مباراة المنتخب اللبناني الوطني أمام منتخب كوريا الشمالية في إطار التصفيات الآسيوية المؤهّلة لكأس العالم لكرة القدم 2022.

شاشةٌ عملاقة كانت قد وضعت قبل حوالى أسبوع في الساحة ليتابع المتظاهرون مجريات الأحداث في سائر المناطق اللبنانية. مساء الثلاثاء استعملت الشاشة لنقل المباراة. الحماس في أوجه ومع ذلك “يُسايرنا” خضر ببعض الإجابات السريعة من دون الإشاحة بنظره عن الشاشة. يخبرنا عن شغفه بلعبة كرة القدم وطموحه بأن يصبح يوماً ما لاعباً مهماً. “لن أتمكّن من تحقيق هذا الحلم في لبنان، سأسعى للسفر والانضمام إلى أنديةٍ شهيرة مثل برشلونة”. بهذه الإجابة الحاسمة، يضع الشابُ إصبعه على واحدٍ من جراحٍ عديدة يعاني منها اللبناني. فالدعم شبه المعدوم للرياضة والفساد المستشري في هذا القطاع والمتصلة خيوطه بالتركيبة السياسية والطائفية في لبنان يقف حجر عثرة في وجه طاقاتِ كثيرة. “الرياضة ما بتطعمي خبز”، فكرة أرغمت العديد من الشابات والشبان على اعتبار الألعاب الرياضية مجرّد هواية. لماذا لا يوجد دعم لكرة القدم في لبنان؟ يقول خضر: “لأنّو سارقين المصاري كيف بدهم يدعموها”.

ولكنّ هذا الواقع لا يمنع خضر وأصدقاءه من استئجار أحد الملاعب أسبوعياً في منطقة القبّة (إحدى ضواحي طرابلس) لممارسة هوايتهم. يذهبون إلى هناك من مكان سكنهم في سوق الدهب بعدما يدّخرون ثلاثة آلاف ليرة أسبوعياً من “خرجيّاتهم” ليدفعوا ما يترتّب عليهم ويشاركوا في اللعب.

يسمع الحاج علي محمد حمّود تعليقات خضر وأصدقائه على المباراة ويوافقهم على أنّ لاعبي الفريق الكوري الشمالي “بيوقعوا كتير وبيعملوا حالهم تعوّروا مشان يضيعوا وقت”.

لكنّ تركيز الحاج الثمانيني على المباراة أقل من الشبان، وحماسته للتحدّث إلينا أكبر: “موّتونا! لا أطيق أحداً من الوجوه السياسية الموجودة حالياً، أنزل من منزلي للمشاركة في التظاهرة كل يوم لأنّنا نريد تغييرهم جميعاً والإتيان بأشخاص جُدد”. يختصر أبو محمد الوضع اليوم قائلاً: “أصبح عمري ستة وثمانين عاماً، مررنا بحروب كثيرة ولكن لم نمر بظروف معيشية سيئة كالتي نعيشها الآن”. ينتقد إبن قرية نمرين في الضنية، التوريث السياسي لاسيّما تجربة النائب السابق عن المنطقة لعقود أحمد فتفت الذي تنحّى لصالح إبنه النائب الحالي سامي فتفت “عاملينا ورتة!”.

أبو محمد، المحافظ على الزي القروي التقليدي بارتدائه “العقال”، لا يتحدثُ عن وجع شخصي “أنا عندي خير الله”، ويلخّصُ مفهموم المصلحة العام على طريقته “إذا كنتُ مرتاحاً وباقي الناس في بلدي لا يعيشون كما يجب، هذا يعني أنني لستُ بخير”.

يعلو التصفيق في ساحة النور بين الحين والآخر كلّما منع حارس مرمى منتخب الأرز هدفاً لكوريا الشمالية. يلف أحمد نشابة (27 عاماً) رأسه بالعلم اللبناني ويقف على مقربة من مقهى يتابع روّاده المباراة. ذاع صيت الشاب بعدما نشر فيديو ساخراً على صفحته ينتقد فيه الحديث عن تكليف الوزير السابق محمد الصفدي بتأليف الحكومة الجديدة. حصل الفيديو على أكثر من مئتي ألف مشاهدة. ويتحدث أحمد لـ”المفكرة القانونية” عن تجربته بتأييد اللواء أشرف ريفي في فترة سابقة ويقول إنه كان رئيس قطاع الشباب المؤيد له. ولكن بعدما فازت اللائحة المدعومة من ريفي في الانتخابات البلدية في طرابلس عام 2016 وفشل المجلس البلدي ورئيسه بالعمل من أجل مصلحة المدينة، قرّر أحمد التوقف عن تأييد أي من الزعامات السياسية. ويؤكد البقاء في الساحة لحين تشكيل حكومة تحصل على ثقة الشعب وتضع خطة على رأس أولويّاتها إجراء إنتخابات نيابية على أساس قانون خارج القيد الطائفي. يشددُ أحمد على ضرورة أن يتوقّف المواطن على تحصيل حقوقه على شكل خدمات شخصية من السياسيين “هكذا يمكن لحركة الوعي أن تنطلق بشكل جدي طالما أنّ الأرضية أصبحت جاهزة بعد انتفاضة اللبنانيين”.

إعتصام أمام مكتب “الوطني الحر”

على مقلب آخر وبعد ورود أخبار من ساحة رياض الصلح الليلة الماضية عن تعرّض المتظاهرين لاعتداءات على يد القوى الأمنية وتوقيف عدد منهم، انطلقت مسيرات دراجات نارية في طرابلس تضامناً مع المعتدى عليهم والموقوفين. وتجمّعت مجموعة من المتظاهرين أمام مبنى يضم مكتباً للتيار الوطني الحر، وأطلقوا الهتافات وهددوا بإحراق المكتب. حاول المتظاهرون التفاوض مع عناصر الجيش اللبناني لإزالة علم التيار الوطني الحر عن شرفة المكتب واللافتة، مؤكدين بقاءهم في الحي إلى حين تنفيذ مطلبهم. وبعد مدة فشلت المفاوضات وغادر المتظاهرون من دون إزالة العلم واللافتة.

انشر المقال

متوفر من خلال:

لبنان ، مقالات ، حراكات اجتماعية



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني