مع هذا العدد، تؤسس المفكرة القانونية لعمل دوري من نوع مختلف، من نوع جديد، يتماشى مع الأسباب التي انوجدت لأجلها. وهو سعي إلى تقييم الأعمال القانونية وإلى تعريتها والغوص في أعماقها في اتجاه فهم أبعادها وتأثيراتها الاجتماعية. وأهمية هذا العمل تكمن في ثلاثة أمور:

أولا، لجهة موضوعه: فلمن القانون في تونس؟ وما هي المحاور التي يقوم عليها القانون أو المصالح والاعتبارات التي يخدمها؟ وما هي المصالح التي تؤخذ بعين الاعتبار في أعمال القضاء أو البرلمان أو الحكومة أو أيضا في الحراك الاجتماعي حول القانون؟ وبالطبع، نحاول في هذا المجال من باب الموضوعية قياس هذه الاعتبارات وتقييمها بعيدا عن أي إسقاطات أو رؤية مانيكية.

وثانيا، لجهة شموليته: ففيما سعت المفكرة القانونية في السنوات السابقة إلى رصد مجتزأ للأعمال التشريعية أو القضائية، تحاول الآن بجهود ما تزال متواضعة إلى توسيع إطار عملها ليشمل إضافة إليها الحراكات الاجتماعية ذات المنطلقات الحقوقية.

وثالثا، لجهة طابعه السنوي: فأن يكون بحثنا هذا دوريا يسمح لنا من جهة بمراكمة الخبرة وتطوير المنهجية سنة فسنة، كما يسمح لنا بإجراء المقارنة اللازمة بين حصيلة السنوات المتلاحقة. فهل زادت مكانة الإعتبارات السياسية في السنة موضع الرصد عن السنة السابقة أم هي تضاءلت؟ وهل هنالك تحول في اتجاه واحد أم أن الأمور تشهد مدا وجذرا، فتتسع مساحة هذه الاعتبارات في مجالات لتضيق في مجالات أخرى؟    

ولا تدعي المفكرة أن عملها هذا يلبي طموحها أو تطلعاتها أو حتى أهدافها المعلنة في هذه المقدمة. فهذا العدد بما يحتويه لا يتعدى كونه محاولة أولى تحتاج إلى أعوام من التطوير والتحسين. ولتطوير حظوظها في النجاح، هي تأمل ليس فقط أن تنجح في تطوير مواردها البشرية على نحو يمكنها من أداء هذا الدور، إنما أيضا أن تنجح في إقناع عدد كبير من الباحثين والاعلاميين والناشطين ومجمل المعنيين بالشأن العام على أهمية هذا العمل التقييمي/التقويمي، بحيث يصبح تدريجيا عملا تشاركيا ومناسبة يلتقي فيها جميع هؤلاء لإجراء نقد وطني شامل للنتاج القانوني على اختلافه، من زاوية السلطة ولكن أيضا من زاوية القوى الاجتماعية بما تصبو إليه من قوانين. 

نشر في العدد 10 من مجلة المفكرة القانونية في تونس

للاطلاع على العدد انقر/ي هنا http://bit.ly/2nZEMo7