لجنة تصحيح الجنس تعود للعمل في مصر: إنفراجة لأوضاع العابرات والعابرين جنسياً


2017-09-19    |   

لجنة تصحيح الجنس تعود للعمل في مصر: إنفراجة لأوضاع العابرات والعابرين جنسياً

في نوفمبر 2014، توقفت لجنة تصحيح الجنس بنقابة الاطباء عن العمل. وهذه اللجنة التي تخضع للإشراف المباشر للجنة آداب المهنة في نقابة الاطباء هي التي تصدر تصاريح لإجراء عمليات التحول الجنسي للعابرين والعابرات جنسياً في مصر. وكانت توقفت عن العمل بسبب امتناع العضو المنتدب من دار الإفتاء عن حضور اجتماعاتها واعتراضه على إيراد اسمه على التصاريح التى تصدرها. وبتاريخ 28 أغسطس 2017، صرح الدكتور أسامة عبد الحي رئيس اللجنة، أنه تم التوصل للاتفاق مع د. مجدى عاشور، مدير مكتب مفتي الجمهورية، على عدم حضور ممثل دار الإفتاء اجتماعات اللجنة، على أن تقوم هذه الأخيرة بإرسال كل ملف على حدة لأخذ الموافقة عليه بعد مراجعة التقارير وحالة الشخص. وكان عبد الحي كشف سابقا أن اللجنة منحت منذ شهر مايو 2013 وحتى نوفمبر 2014 أكثر من 76 موافقة، وأن أكثر من طلب قدّم إلى اللجنة بعد ذلك التاريخ وبقيت من دون بتّ، ومنها طلبات تخص أطفالا يخضعون لإجراء جراحات تصحيح الجنس لهم.

 

إجراءات تغير الهوية الجنسية

تعد مصر من الدول التى تسمح للعابر/ة باختيار هويته الجنسية وتغيير نوعه الاجتماعي وتعديل وثائقه الرسمية ولكنها تضع شروطاً عليه/ا استيفاؤها وهي تشمل الحصول على موافقة طبية ودينية مسبقة والتقييم النفسي وفترات انتظار طويلة. وفيما أوضح عبد الحي أن تغيير الأعضاء التناسلية والذي هو آخر مراحل العلاج، يتطلب إجراءات طويلة. فبعد تقديم ورقة في نقابة الأطباء، يقوم الطالب/ة بعمل تحاليل وفحوصات، ثم يعرض على دكتور مسالك وأمراض تناسلية، وبعدها على دكتور للطب النفسي. ويستمر العلاج النفسي مدة لا تقل عن سنتين بدون انقطاع، لكي يتعايش ويتصالح مع جسده. وخلال السنتين يعيش حياته الطبيعية، وإذا لم يتأقلم مع جسده يقوم بإجراء العملية، ثم يخضع العابر للعلاج هرمونياً، لكي تتغير طبيعة الجسم وتتفق مع هويته. وبعد ذلك يتم تأهيله لإجراء العملية الجراحية لتغيير الأعضاء التناسلية.

 

الآثار المترتبة على توقف عمل لجنة تصحيح الجنس

يعاني العابرون والعابرات جنسيًا في مصر من مشكلات عدة، تتنوع بين الدولة والمجتمع. ورغم مرور أكثر من عقدين على أول قضية تصحيح جنسي في بداية تسعينيات القرن الماضي، إلا أن هؤلاء لم يحظوا بالقبول في المجتمع والدولة إلا بشكل محدود. وقد أدى توقف عمل اللجنة إلى تردي الأوضاع الصحية والاجتماعية للعديد منهم. فالتصريح الصادر عن اللجنة يشكل بداية نحو الحصول على الاعتراف القانوني بالتغير، على الرغم من غياب قانون خاص للاعتراف بالهوية الجنسية. وبمكّن هذا التصريح العابر/ة من اللجوء للمستشفيات الحكومية لإجراء العمليات الجراحية، ثم التوجه لوزارة الداخلية لاستخراج أوراق الهوية المعترفة بهويتهم الجنسية الجديدة. بالمقابل، وفي ظل تعطيل اللجنة، لم يكن أمام هؤلاء إلا اللجوء للمستشفيات الخاصة التى ترفض إعطاءهم تقارير طبية بعد إجراء العمليات الجراحية، فترفض من ثم وزارة الداخلية تغير الهوية بالجنس الجديد. ومن شأن هذا الأمر أن يسبب لهم صعوبات جمة في ظلّ اختلاف شكل جنس الشخص عن هويته.

ورغم صدور فتاوى دينية بالسماح للعابر/ة بإجراء العملية المذكورة، فإن هذا الأمر  لم يساعد على تغيير النظرة المحافظة ضد حقوق العابرين والعابرات جنسيا، وهو ما قد يعرضهم للنقد المجتمعي اللاذع وينظر بريبة إليهم، كما يعرضهم لتعسف الشرطة والتى عادة ما توجه لهم تهما ملفقة ومطاطة كممارسة الرذيلة ونشر الفجور والتحريض عليهما في المجتمع.

 

تسلط السلطة

في ظل تدهور أوضاع حقوق الإنسان بشكل عام، يكون اضطهاد العابرين والعابرات جنسياً شيئاً ثانوياً لا يلقى اهتماماً كبيراً. ومن جانب آخر، يترك خبر إلقاء القبض على عابرة جنسياً تعمل بالجنس التجاري صدى واسعا، يستخدمه النظام الحاكم حالياً لإظهار أن السلطة الحالية تعمل على الحفاظ على"قيم المجتمع"، تلك القيم والأخلاق النابعة من وجهة نظر وفكر أبوي بحت، يضطهد كل من هو مختلف معه، ومن ثم تأتي الملاحقات الشرطية للعابرين والعابرات جنسياً.

وبحسب داليا عبد الحميد مسؤولة ملف النوع الاجتماعي في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية ، أن مباحث الآداب لا تفرق بين المثليين والمتحولين جنسياً في حملاتها. ورغم عدم وجود عقوبة على ممارسة المثلية الجنسية، تنسب الشرطة لهم محاضر بممارسة الرذيلة وإشاعة الفجور، مشيرة إلى أن الشرطة ألقت القبض على200 شاب بين 2013 و2016 في حملات متفرقة. و تتراوح الأحكام الأولية لمثل هذه  الاتهامات بين الحبس لمدة عام إلى ثلاثة أعوام.

واعتقد البعض أن ما شهده المجتمع من تغييرات بعد 25 يناير سيحرر فئات مجتمعية عديدة من عبء التهميش. إلا ان ذلك يتعارض مع حقيقة واقع العابرين والعابرات جنسيًا وما يواجهونه من الدولة والمجتمع، والتحديات التي يواجهونها في المطالبة بأبسط الحقوق وأهمها حق الحياة والحرية الجسدية. وقد يكون الاتفاق بين نقابة الأطباء ودار الإفتاء على عودة لجنة تصحيح الجنس للعمل مرة أخرى بداية الطريق لحصولهم/ن على الحق في الحرية الجسدية والجنسية.

 

– تصريح رئيس لجنة تصحيح الجنس بنقابة الأطباء بجريدة المصري اليوم بتاريخ 28/8/2017 ، http://www.almasryalyoum.com/news/details/1183931

– تقرير" معاناة العبور الجنسي في مصر ،بين رحى المجتمع والدولة " صادر عن مركز هردو لدعم التعبير الرقمى  http://hrdoegypt.org/wp-content/uploads/2017/07/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D9%86%D8%B3%D8%AC%D9%86%D8%AF%D8%B1.pdf

انشر المقال

متوفر من خلال:

مقالات ، جندر وحقوق المرأة والحقوق الجنسانية ، مصر



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني