(بيروت) – قالت “هيومن رايتس ووتش” و”المؤسسة العربية للحريات والمساواة” (المؤسسة العربية)، و”المفكرة القانونية” اليوم إن “الأمن العام اللبناني” منع مجموعة من النشطاء والأكاديميين من الدخول مجددا إلى لبنان بعد مشاركتهم بمؤتمر حول الجندر والجنسانية (الحقوق الجنسية) في سبتمبر/أيلول 2018. عناصر الأمن العام حاولوا بشكل غير قانوني إغلاق المؤتمر وأخذوا أسماء جميع المشاركين من سجلات الفندق، بما في ذلك الأشخاص الآتون من بلدان شديدة القمع. يبدو أن الأمن العام استخدم المعلومات لوضع لائحة بالأشخاص غير المرحب فيهم في لبنان. يبدو أن هذه المرة الأولى التي يفرض فيها لبنان حظرا جماعيا على أشخاص بسبب مشاركتهم في مؤتمر.
حاول ستة من المشاركين في مؤتمر “ندوى” الذي نظمته المؤسسة العربية زيارة لبنان في مناسبات مختلفة في أواخر 2018 و2019 لكنهم قالوا للمؤسسة العربية إن عناصر الأمن العام في “مطار رفيق الحريري الدولي” منعوهم من دخول البلد، وإن العناصر لم يعطوهم أي سبب للمنع في حينه. يُشرِف الأمن العام هو الجهاز الأمني على دخول الأجانب وخروجهم ويراقب المنظمات غير الحكومية.
قالت لما فقيه، مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالإنابة في هيومن رايتس ووتش: “تصرفات السلطات اللبنانية ضد المؤتمر هي محاولة صارخة لتقييد مساحة حرية التعبير والتجمع. هذه العقوبات الجماعية تقوّض حقوق المناصرين الملتزمين بالنهوض بالمساواة في لبنان والمنطقة”.
رفع ثلاثة من الذين مُنعوا من الدخول – ومن ضمنهم أشخاص من تونس وكندا – دعاوى قانونية ضد وزارة الداخلية بمساعدة المؤسسة العربية والمفكرة القانونية. طلبوا أن يرفع “مجلس شورى الدولة” – أعلى محكمة إدارية في لبنان – حظر الدخول ضدهم. ردت وزارة الداخلية والأمن العام على الدعاوى الثلاث بالإبقاء على الحظر مؤكدين أنه جاء بسبب مشاركة هؤلاء في مؤتمر ندوى وأن الحظر يطال آخرين لنفس السبب.
في رسالة الرد على المدعين، برر الأمن العام قراره بأنه كان على أساس “اعتبارات أمن الدولة” و”حماية المجتمع من الآفات المستوردة” التي “تزعزع أمن واستقرار المجتمع”. زعم الأمن العام بشكل خاطئ أن هدف المؤتمر كان “مناقشة زواج المثليين” وأن المؤسسة العربية خالفت “الانتظام العام اللبناني”.
قال جورج قزي، المدير التنفيذي للمؤسسة العربية: “لطالما كان مؤتمر ندوى مساحة للنشطاء، بما في ذلك الأقليات الجندرية والجنسانية، لمناقشة القضايا المهمة، مثل الصحة الجنسية والعقلية وحقوق الإنسان. خاب أملنا لأن قوات الأمن الموجودة أصلا لحماية الناس تنشغل عوضا عن ذلك بتقييد الحقوق الأساسية للنشطاء على خلفية مزاعم خاطئة”.
تنص قواعد سلوك الأمن العام على أن رسالته تقضي بـ “عدم التمييز على أساس العرق أو اللون أو الدين أو اللغة أو النوع الاجتماعي أو الرأي السياسي أو الأصل الوطني أو على أي أساس آخر”.
في 17 ديسمبر/كانون الأول، طلبت هيومن رايتس ووتش اجتماعا مع المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم لمناقشة حظر الدخول.رفض. في 5 أبريل/نيسان 2019، طلبت هيومن رايتس ووتش والمؤسسة العربية والمفكرة القانونية اجتماعا مع وزيرة الداخلية ريا الحسن لمناقشة الحظر، لكن المنظمات ما زالت تنتظر الرد.
قالت غيدة فرنجية، محامية ورئيسة المفكرة القانونية: “تدابير الأمن العام ضد المشاركين بالمؤتمر هي عقاب جماعي تعسفي ليس له أي أساس قانوني. ما يبرهن مرة جديدة أن السلطات اللبنانية تحاول تقييد النقاشات حول قضايا متعلقة بالحقوق الجنسية بدل القيام بواجبها وحماية حرية التعبير. نطلب من وزارة الداخلية والأمن العام رفع هكذا عقوبات فورا”.
تطبيق معايير أخلاقية غير معرفة بشكل واضح لقمع الفعاليات الحقوقية المتعلقة بالحقوق الجنسية (الجندر والجنسانية) ينتهك التزامات لبنان بموجب القانون الدولي.
بصفته طرفا في “العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية”، على لبنان حماية حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع لجميع الناس بغض النظر عن توجههم الجنسي أو هويتهم الجندرية أو دفاعهم لصالح الأقليات الجنسية والجندرية.
تنصّ مبادئ يوغياكارتا، حول تطبيق القانون الدولي لحقوق الإنسان فيما يتعلق بالتوجه الجنسي والهوية الجندرية، على أن الدول يجب أن تكفل “ألا تُستخدَم مفاهيم النظام العام، والأخلاق العامة … من أجل الحد من أية ممارسة لحقوق التجمع السلمي وتكوين الجمعيات، بالاعتماد فقط على كونها تؤكد على توجهات جنسية وهويات جندرية متنوعة”. يفوّض قرار الأمم المتحدة 21/15 الدول الأعضاء ضمان “تعزيز وحماية الحق بحرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات بجميع مظاهرهما”.
على وزارة الداخلية العمل فورا مع الوزيرة، والمدعي العام، والمدير العام للأمن العام لحماية الحق بحرية التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات وضمان أن تتمكن المجموعات من تنظيم نفسها حول حماية حقوق الأشخاص متنوعي التوجهات الجنسية والهويات الجندرية بدون تدخل أو ترهيب رسمي، حسبما قالت المجموعات. على السلطات أن ترفع فورا أي حظر دخول يمّيز على أساس معايير تمييزية.
خلفية
“المؤسسة العربية للحريات والمساواة” منظمة غير حكومية مسجلة رسميا، تعمل على النهوض بالحقوق المتعلقة بالجندر والجنسانية، بما في ذلك المتعلقة بمجتمع الميم.
منذ 2013، تنظّم المؤسسة سنويا مؤتمر “ندوى” على مدى أربعة أيام في لبنان. تضمّن المؤتمر – ويرمز اسمه بالإنغليزية إلى التواصل، تبادل المعارف والخبرات، وضع الاستراتيجيات، العافية، والإنجازات –ورش عمل حول الصحة، وحقوق الإنسان، والمناصرة، وبناء الحركات والفنون ويستقطب أشخاصا من توجهات جنسية وهويات جندرية متنوعة. شارك ممثلون عن هيومن رايتس ووتش في المؤتمر بانتظام منذ 2016.
في ظل جو القمع الذي يسود المنطقة حيث تُقيَّد بشدة الحريات الفردية وحقوق الأقليات الجندرية والجنسانية، عُرف لبنان بأنه نموذج عالمي كملاذ آمن للنشطاء من الدول الناطقة بالعربية يمكنهم التنظيم فيه بحرية وبدون رقابة. شكّل مؤتمر ندوى السنوي محورا للمناصرة الشاملة خلال السنوات الخمس الأخيرة. بسبب مداهمة الأمن العام في 2018 للمؤتمر وحظر الدخول على المشاركين، اضطرت المؤسسة العربية إلى إقامته مؤتمر ندوى 2019 خارج لبنان. يشير هذا إلى التدهور المستمر للمساحات الآمنة في لبنان المتاحة للتشبيك والتجمع حول حقوق الأقليات الجندرية والجنسانية في العالم العربي