قضية عنف ضد المرأة أمام القاضي الجزائي في صور، والعقوبة: شهران حبس


2013-05-31    |   

قضية عنف ضد المرأة أمام القاضي الجزائي في صور، والعقوبة: شهران حبس

في 23-5-2013، أصدر القاضي المنفرد الجزائي في صور بلال بدر قرارا لافتا بإدانة زوج بإيذاء زوجته والقدح بها. وهذا الحكم يستدعي الملاحظات الآتية:
1-أنه تثبت من وقائع ذات دلالة على ماهية العنف المستخدم وطابعه الذكوري. فبعدما نص الحكم على أن المدعى عليه “اعتاد في حياته الزوجية إيذاء زوجته من خلال ضربها بيديه ورجليه على وجهها أحيانا وأحيانا أخرى برمي الأجسام الصلبة عليها، كما ويكيل مختلف أنواع الشتائم والإهانات لها، ونعتها بأبشع النعوت، ووصفها بأحقر العبارات والألفاظ”، تطرق الى حادثتين بالغتي الدلالة: الأولى حصلت في المخفر أمام رتيب التحقيق حيث لم يجد الزوج حرجا في الهجوم باتجاه زوجته لضربها أمام أعين رجال الفصيلة لأنها رفضت الادلاء بشهادتها، كما أنه لم يجد حرجا بالتهجم عليها لفظيا في محضر القاضي نفسه. فاذ سألته المدعية “ألم تضربني لترغمني على توقيع سند دين؟”، أجابها المدعى عليه أمام رئاسة المحكمة والحاضرين “كلي خرى كلي خرى”، كما جاء في متن الحكم. ويسجل هنا أن القاضي أصر على تدوين العبارات المسيئة في الحكم نفسه على بشاعتها من دون أي تحوير.كما أن الوقائع تثبت توجه الزوج الى استخدام سلطته لاستغلال زوجته اقتصاديا، بحيث لم يجد حرجا في تعنيفها لرفضها التوقيع على تعهد بتسديد بدلات الاجارة. وقد بلغت الذكورية أوجها في تصريح المدعى عليه بأنه لو سُمِعَ لكل زوجة تدعي بأن زوجها قد ضربها لما اتسعت سجون لبنان لهؤلاء الأزواج، وهو يدل وفق ما جاء في الحكم على “درجة استخفافه بفعلته، ويؤشر إلى إصراره على مخالفة القانون، فضلاً عن أنه يبين مكانة زوجته بالنسبة إليه”. والى ذلك، تضمن الحكم من جهة أخرى ميل المرأة الى السكوت عن هذا العنف حفظا لأسرتها، بحيث تحاول تلطيف الجو مع زوجها المدعى عليه، حفاظا على نفسية أولادها، دون أن يبدي الأخير أي اكتراث أو ندم لما كان يقدم عليه،
2-أنه كشف عن توجه الى تعسف في استخدام بعض القواعد الشرعية كأداة لتبرير العنف. فقد ورد في الحكم اشارتين الى تصريحه بأن زوجته “ناشز”، مما يؤشر الى إمكانية تحول هذه الذريعة الى ذريعة دفاعية دائمة، تماما كما حصل مع مفهوم الشرف في جرائم القتل الحاصلة ضد النساء. وما زاد من أهمية ذلك هو أن المدعى عليه يدعي حسبما جاء في الحكم “بأنه رجل دين ويلبس الرداء المخصص لرجال الدين”. وإذ عد الحكم هذا الدفع غير صحيح ومجرد محاولة للتهرب من المسؤولية، فانه ذهب أبعد من ذلك حسما للجدل حين صرح بأنه ليس في القانون ما يجيز للمدعى عليه ضرب زوجته واهانتها بالشكل المبين في هذه الدعوى.
3-أخيرا، تجدر الإشارة الى أن الحكم قد انتهى الى ادانة المدعى عليه بجرمي الايذاء والقدح وبالحكم عليه بعقوبة شهرين حبس وهي عقوبة زاجرة بالطبع. بالمقابل، لم تطلب المدعية تعويضا شخصيا انما آلت مطالبها الى تطليقها وإلزام المدعى عليه بالتعهد بعدم التعرض لها، وهي مطالب ردها القاضي لخروجها عن صلاحياته.

نُشر في العدد التاسع من مجلة المفكرة القانونية

لقراءة الحكم، إضغط/ي هنا

انشر المقال



متوفر من خلال:

قضاء ، جندر ، المرصد القضائي ، قرارات قضائية ، الحق في الحياة ، فئات مهمشة ، مجلة لبنان ، جندر وحقوق المرأة والحقوق الجنسانية



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني